بعد تصديق البرلمان التركي، في يناير/ كانون الثاني الماضي، على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أصبحت تركيا في طريقها لتلقي 40 طائرة مقاتلة من طراز "إف-16" (F-16) أمريكية الصنع وتسعة وسبعين مجموعة من أدوات التحديث في صفقة بقيمة 23 مليار دولار، مما يثير تساؤلا بشأن إمكانية إحياء الشراكة بين البلدين.

تلك القراءة طرحها ألبير جوشكون، في تحليل بمؤسسة "كارنيجي" للسلام الدولي (Carnegie) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن "انعدام الثقة الكامن برز طوال المفاوضات، وتراجعت أنقرة وواشنطن مرارا قبل أن يتفقا". وقبل يومين، وافق الكونجرس الأمريكي على الصفقة.

وتابع: "في نهاية المطاف، تراجعت تركيا (بعد اتهامات من أنقرة لستوكهولم بالتساهل مع جماعات كردية معادية) ووافقت على المضي قدما في الصفقة، وبغض النظر عن مصارعة الذراعين في الخلفية، فإن النتيجة هي اختراق أظهر أنه لا يزال بإمكان أنقرة وواشنطن التوصل إلى نتيجة مقبولة للطرفين، ما يمثل تقاربا نادرا في عصر مضطرب في العلاقات الثنائية".

وأردف أن "علاقات تركيا والولايات المتحدة شهدت تاريخيا صعودا وهبوطا، لكن العقد الماضي كان سيئا بشكل خاص، واحتلت الخلافات حول السياسة تجاه سوريا واستحواذ تركيا على نظام الدفاع الجوي الروسي S-400 والعقوبات الأمريكية على تركيا، عناوين الأخبار".

اقرأ أيضاً

الكونجرس الأمريكي يوافق على طلب بيع طائرات إف-16 لتركيا

تحوط متبادل

"وترتكز النظرة العالمية التي توجه القيادة التركية على افتراض مفاده أن النظام العالمي الحالي، الذي يقوده الغرب، ينهار من الداخل"، كما زاد جوشكون.

واعتبر أن "هذا المنظور ليس فريدا، فهو سائد في (دول) الجنوب العالمي، لكن الفارق هو أن تركيا عضو في الناتو، وجزء لا يتجزأ من المؤسسات الغربية".

وأردف: "ومثلها مثل القوى الناشئة الأخرى، بدأت تركيا في التحوط في رهاناتها عبر اختيار المسار الأوسط من خلال سياسة خارجية مرنة بدلا من الاعتماد على تقاربها الافتراضي مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، مما أدى إلى النظر إلى أنقرة باعتبارها حليفا غير متشابه في التفكير".

و"في غضون ذلك، قامت الولايات المتحدة أيضا بالتحوط من خلال تعميق تعاونها مع الجهات الفاعلة الإقليمية البديلة مثل اليونان ورومانيا، وحدت إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن من مشاركتها رفيعة المستوى مع تركيا"، بحسب جوشكون.

اقرأ أيضاً

أردوغان: بريطانيا وأمريكا تحاولان تحويل البحر الأحمر لبركة دماء

تعاون دفاعي

جوشكون رجح أنه "بعد صفقة بيع طائرات F-16، يمكن أن تبدأ العلاقة في التغير نحو الأفضل. وإنهاء عرقلة تركيا لعضوية السويد في الناتو يعد انتصارا لإدارة بايدن وسيخفف بعض الضغوط السياسية على أنقرة".

وأضاف أن "الصفقة تعتبر استثمارا كبيرا لتركيا وفرصة مربحة للولايات المتحدة، وتحمل إمكانية إحياء التعاون الدفاعي الثنائي، وهو الأمر الذي كان بمثابة حافز تقليدي للشراكة وحمايتها من الصدمات".

وتابع أنه "بغض النظر عن مدى التباعد بينهما، فإن البلدين حليفين منذ فترة طويلة ولديهما مصلحة قصوى في منع حدوث قطيعة كاملة في علاقتهما (...) وينبغي على البلدين البناء على الزخم الحالي، مع الاعتراف منذ البداية بأن الأمر لن يكون سهلا لسببين".

والسبب الأول، وفقا لجوشكون، هو أنه "سيكون هناك مفسدون. فوسط هذه اللحظة المتفائلة، ظهرت أنباء من مصادر روسية عن زيارة رئيس روسيا (المنافس الاستراتجي للولايات المتحدة) فلاديمير بوتين المرتقبة إلى تركيا، لتذكير المتابعين  بالقوى المختلفة المؤثرة وشهية أنقرة لتحقيق التوازن في سياستها الخارجية والحفاظ على علاقات ثابتة مع موسكو (يُقال إن الزيارة تم تأجيلها)".

وزاد بقوله: "ثانيا، أي جهد لا يتضمن إعادة تصور الشراكة في ظل عقلية أكثر مرونة وتطلعا إلى المستقبل لن يكون كافيا، وستظل هذه العلاقة مليئة بالأزمات في المستقبل المنظور".

و"تحتاج تركيا والولايات المتحدة إلى تبني مستوى أقل من الطموح لشراكتهما التي تنطوي على قدر أقل من الانسجام والمطبات العرضية ولكن مسارها ثابت ومتبادل المنفعة"، كما ختم جوشكون.

اقرأ أيضاً

واشنطن بوست: أردوغان انتزع 3 تنازلات غربية لتمرير انضمام السويد للناتو

المصدر | ألبير جوشكون/ كارنيجي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا أمريكا مقاتلات إف 16 السويد الناتو شراكة

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن للتكنولوجيا إحياء المدن التاريخية

المواقع التاريخية غنية بالتراث المادي وغير المادي من الأشكال المبنية والفن والثقافة. وتضفي هذه الأصول قيمة اجتماعية وبيئية وثقافية كبيرة على البلدات والمدن.

من منظور اقتصادي، يمكن للإرث العميق للمدينة أن يجذب السياحة الثقافية، ويحفز الاقتصادات المحلية، ويوفر طرقًا للابتكار.

ومع ذلك، فإن الأحياء التراثية في جميع أنحاء العالم تتعرض للتهديد من التحديات العالمية التي تفرضها الكوارث الطبيعية وتغير المناخ والنمو السكاني والتوسع الحضري.

 

علاوة على ذلك، فإن تأثير هذه التحديات فريد من نوعه فيما يتعلق بالمدن التاريخية.

ويشكل النمو السياحي السريع، والافتقار إلى البنية التحتية، والقيود التنظيمية والاعتبارات المتعلقة بالحفاظ على الهوية الثقافية لمدننا التراثية، تحديات إضافية أمام سلطات تنمية المدن وصناع القرار.

في السنوات الأخيرة، بدأت دول الشرق الأوسط في تحديث المدن التاريخية والتراثية كعنصر حاسم في الحفاظ على الثقافة واستراتيجيات التنمية الاقتصادية.

نفذت الحكومات مبادرات التصميم الحضري والتدابير الإصلاحية، والاستثمار في التقنيات لتوثيق وحفظ وعرض التراث التاريخي الغني للمدن وجعلها في متناول الجمهور العالمي.

وتهدف المملكة العربية السعودية إلى تحويل بعض مدنها التاريخية وأحيائها التراثية إلى وجهات ثقافية وسياحية رئيسية، كجزء من برنامج التحول الوطني، بينما تستخدم الإمارات العربية المتحدة الأدوات الرقمية للحفاظ على أحيائها الثقافية وتقديمها.

وتجسد هذه الجهود التزام المنطقة بالابتكار مع الحفاظ على التقاليد، وبالتالي حماية التراث الثقافي للمنطقة، وتحفيز السياحة وتعليم الأجيال القادمة.


الفن الصخري القديم يجذب السياح المعاصرين إلى المملكة العربية السعودية
وتتعاون مدن مثل الدرعية في السعودية، ولوسيل في قطر، ومسقط في عمان مع اليونسكو، الذراع التربوي والعلمي والثقافي للأمم المتحدة، لمتابعة المبادرات التي تمزج بين التراث الغني والتحديث.

ركزت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي على تقنيات مثل المسح ثلاثي الأبعاد والأرشفة الرقمية للممارسات المستدامة في مجال التراث.

نجحت دبي المجاورة في دمج حي الفهيدي التاريخي والسوق القديم والعديد من المناطق التاريخية في مبادراتها الذكية.

وسط اتجاهات التحضر السريعة، تلعب التكنولوجيا دورًا حيويًا متزايدًا في تسليط الضوء على احتياجات الحفاظ على البيئة، والترويج الثقافي، والوعي العام، والتكامل المحلي، وتطوير الأصول للسكان المحليين والزوار.

تلعب الأساليب الذكية مثل إدارة حركة المرور الذكية وأنظمة إدارة مواقف السيارات والتحليلات المدمجة وأدوات التعرف على الوجه دورًا في تحقيق التنقل الذكي والسلامة للأصول التراثية.

ويمكن للشبكات الذكية والقياسات الذكية والتحكم الإشرافي والحصول على البيانات أن تساعد في تحقيق إدارة أفضل للمياه والطاقة، في حين يمكن استخدام الصناديق الذكية وأجهزة التتبع المعتمدة على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وكشف الروائح لإدارة النفايات.


يمكن استخدام أجهزة استشعار إشغال الغرفة، ومنظم الحرارة الذكي، والإضاءة التكيفية، والتحكم في المناخ لأتمتة المباني التاريخية. ويمكن استخدام أجهزة إنترنت الأشياء - أجهزة استشعار لجودة الهواء والمواد الكيميائية والضوضاء ودرجة الحرارة والرطوبة - لمراقبة الظروف المناخية الدقيقة.

ويمكن استخدام منصات التجارب الشخصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي في السياحة الذكية، وأنظمة التصاريح الذكية للخدمات الحكومية. ويمكن لهذه التقنيات أن تساهم بشكل كبير في الإحياء المعرفي للمدن التاريخية والأحياء التراثية.

إن تنسيق الحلول التكنولوجية يمكن أن يعزز بيئة حضرية مستدامة وفعالة وغنية، ويحافظ على الجوهر الثقافي للمدن التاريخية مع تلبية متطلبات الحياة الحضرية الحديثة.

يمكن للمنصات المعرفية أن تعزز عملية صنع القرار من خلال توفير المعلومات الشاملةرؤى شاملة وفي الوقت الحقيقي حول الصحة الهيكلية للمباني التاريخية، واحتياجات التخطيط الحضري وفعالية جهود الحفظ.

فهو يتيح تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة - مما يضمن أن تكون التدخلات في الوقت المناسب ومتوافقة مع أهداف الحفظ.

علاوة على ذلك، تعمل المنصة الموحدة على تسهيل مشاركة المجتمع والتخطيط التشاركي من خلال إتاحة المعلومات لجمهور أوسع، وبالتالي المساهمة في إحياء المدن التاريخية.

إن التعاون بين الحكومات وسلطات الحفاظ على التراث ومنظمات التنمية الدولية ومجموعات المواطنين، إلى جانب التقنيات المعرفية، أمر مهم في تشكيل الهوية المرنة لمدننا التراثية.

مقالات مشابهة

  • أنقرة تكشف عن عدد السورين العائدين من تركيا إلى بلدهم
  • واشنطن تتوعد كل من يستهدف قوافل المساعدات التي تمر من الضفة إلى غزة
  • 18 مليار دولار من البنك الدولي لتمويل تركيا
  • تركيا على أبواب بريكس.. هل تقطع أنقرة حبلها الرفيع بين الشرق والغرب؟
  • تركيا تكشف عن توقيع صفقة مقاتلات إف-16 مع الولايات المتحدة
  • لماذا أرسلت روسيا سفنها إلى البحر الكاريبي؟
  • كيف يمكن للتكنولوجيا إحياء المدن التاريخية
  • السفيرة الأمريكية بالقاهرة تؤكد إلتزام بلادها بخلق فرص إقتصادية في مصر
  • تركيا تعلن توقيع صفقة مقاتلات إف-16 مع الولايات المتحدة
  • تركيا توقع مع الولايات المتحدة عقدا لتوريد مقاتلات “إف-16”