ابن جرير.. المشاركون في أسبوع العلوم يبرزون الإسهامات القيمة للذكاء الاصطناعي في السياقات الراهنة
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
أبرز المشاركون في جلسة عقدت اليوم الثلاثاء، في إطار الدورة الرابعة من “أسبوع العلوم” بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، الإسهامات القي مة للذكاء الاصطناعي في السياقات الراهنة، لاسيما في ما يتصل بالتجاوب مع الأزمات والكوارث، على غرار التغير المناخي.
وأكد الطلبة المشاركون في هذه الجلسة، التي تمحورت حول المكانة التي يتبوؤها الشباب المغاربة في عوالم الذكاء الاصطناعي، أهمية استثمار هذه الطفرة التكنولوجية خدمة للإنسانية ومن أجل تحقيق الرفاه، مستعرضين جملة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تدعم هذه المساعي من قبيل “غوغل أسيسنتنت، وريبليكا، وفايس آي دي، وسيري”.
وفي هذا الصدد، توقفت الطالبة بمعهد مونريال للذكاء الاصطناعي “ميلا”، لينا نهال الزين، عند المساهمات القي مة للذكاء الاصطناعي في عدة مجالات، ولاسيما في مجال الطب، مبرزة في الآن نفسه الكلفة المرتفعة لاستثمارات من هذا القبيل.
وأوضحت الطالبة التي تعمل في منصة «ميلا»، وهي أكبر مركز أكاديمي لبحوث التعلم العميق في العالم، أن اللجوء إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التطبيقات الطبية سيساعد مثلا في تحديد مدى تركز البروتينات السيئة في الدم، مسلطة الضوء أيضا على الإمكانيات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في التخلص من عدد من السرطانات بواسطة تقنيات مستجدة ومتطورة.
من جهته، تطرق الطالب بمعهد مونريال للذكاء الاصطناعي “ميلا”، أسامة بوسيف، لمزايا الذكاء الاصطناعي في مجال الأرصاد الجوية، وذلك من خلال استعمال صيغ ومعادلات رياضية.
وأوضح أن غاية تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا المجال تتجلى في التفاعل مع تمظهرات التغير المناخي، وحسن استيعابها من أجل اعتماد مقاربة استباقية ت جاهها، لاسيما في ما يتصل بعدم انتظام التساقطات المطرية، وندرة الموارد المائية، وتشجيع اللجوء إلى تقنية “الاستمطار”. من جانبه، قال الطالب بالمدرسة الوطنية للإحصائيات والإدارة الاقتصادية بفرنسا، زياد بنعمر، إن الذكاء الاصطناعي يوفر إمكانات هامة لصنع القرار افتراضيا، مشيرا إلى دور الخوارزميات في “تحقيق التنبؤات التي ي عتد بها”.
غير أنه أكد في المقابل صعوبة إنجاز تطبيقات في هذا الشأن “تتوخى تحقيق اليقين الم طلق، خصوصا أنه لا ضمانات تكتنف هذه التنبؤات والاستشرافات”، مسجلا الحاجة إلى التجاوب مع المخاطر التي ترتسم في هذا المجال. ودعا في هذا الصدد، إلى الرقي بالتنبؤات لتجويد عمليات صنع القرارات، مضيفا أن جودة التنبؤ رهينة ببلورة خوارزميات متينة بمستطاعها الصمود زمنيا.
وبخصوص المكانة التي يحتلها الطلبة المغاربة في مجالات الذكاء الاصطناعي على الصعيد العالمي، أبرز رئيس لجنة القيادة بمعهد الحوسبة التابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، رشيد الكراوي، أنها تأتي تتويجا لمتابعة دراساتهم في كبريات الجامعات المرموقة، مضيفا أن طلبة آخرين “انطلقوا من هذه الجامعة، ويعودون إليها دائما لتقديم محاضرات في مجالات بحوثهم”. ونوه في تصريح للصحافة، باختيار موضوع “الانتقالات” محورا لهذه النسخة من “أسبوع العلوم”، مبرزا أن الغاية تكمن في رصد الانتقالات التي تطال مجالات الذكاء الاصطناعي أيضا. وسلط السيد الكراوي الضوء على تمظهرات الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن، مسجلا الحاجة إلى “إضفاء صبغة أخلاقية على نطاقات تدخله، حتى يثمر المرجو منه دون تبعات سلبية”.
وخلص إلى أن المداخلات التي ن ظمت في إطار جلسة اليوم شكلت مناسبة لإبراز تطبيقات التعلم عبر الآلة في مجالات رئيسية هي التنبؤ بأحوال الطقس، وتصنيع الأدوية، وإنتاج الطاقة الشمسية، وأخرى تتعلق بتسهيل المعيش اليومي للفرد.
وتعتبر النسخة الرابعة من “أسبوع العلوم”، الذي تنظمه جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، مناسبة لاستعراض آخر التطورات والمعارف العلمية في مجال “الانتقالات”، وتسليط الضوء على مواضيع حيوية، من قبيل الانتقال الطاقي والطب، إضافة إلى التحولات الاقتصادية والمالية والمناخية.
كما يتيح هذا الموعد العلمي السنوي فرصة للالتقاء والتفاعل والاحتفاء الجماعي بالتقدم المحرز في مجالات محددة، على غرار الدورات السابقة التي تناولت مواضيع مختلفة، من قبيل “ما بعد الإنسانية”، و”التعقيد”.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی للذکاء الاصطناعی أسبوع العلوم فی مجالات فی هذا
إقرأ أيضاً:
هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
منذ آلاف السنين، لم يكن النمو الاقتصادي العالمي سوى زحف بطيء يُلاحظ بالكاد. فحتى عام 1700، لم يتجاوز متوسط نمو الناتج العالمي نسبة 0.1% سنويًا، أي ما يعني أن الاقتصاد كان يحتاج نحو ألف عام ليتضاعف، لكن الثورة الصناعية غيّرت ذلك المسار، وتوالت القفزات في معدلات النمو حتى بلغ متوسطه 2.8% في القرن العشرين.
واليوم، يقف العالم أمام وعود جديدة -وربما مخيفة- بانفجار اقتصادي يفوق كل ما عرفه التاريخ، مدفوعًا بما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام، وفقًا لتقرير موسّع نشرته مجلة إيكونوميست.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسبانيا تعلّق شراء صواريخ إسرائيلية بـ327 مليون دولارlist 2 of 2الذكاء الاصطناعي لتحديد قيمة للعقارات في تركياend of list نمو سنوي يصل إلى 30%؟وفقًا لمتفائلين من أمثال سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي قادر في المستقبل القريب على أداء معظم المهام المكتبية بكفاءة أعلى من البشر.
هؤلاء يرون أن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي العالمي قد يقفز إلى ما بين 20% و30%، وهي نسب غير مسبوقة تاريخيًا، لكنها من وجهة نظرهم ليست أكثر جنونًا من فكرة "النمو الاقتصادي" التي كانت نفسها مرفوضة في معظم تاريخ البشرية.
ومع تسارع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، لم يعد التهديد الأكبر يكمن فقط في إحلالها مكان العاملين، بل في احتمال أن تقود انفجارًا إنتاجيًا شاملًا، يبدّل ليس فقط سوق العمل، بل أسواق السلع والخدمات والأصول المالية أيضًا.
من نمو السكان إلى نمو الأفكار.. والآن نمو الآلاتويعتمد جوهر نظرية النمو الكلاسيكية على زيادة السكان، التي كانت تسمح بإنتاج أكبر، لكن دون تحسن جوهري في مستوى المعيشة. ومع الثورة الصناعية، تغير هذا النمط، حيث أظهرت الأفكار -لا الأجساد- أنها قادرة على توليد الثروة، وفق ما أوضحه الاقتصادي مالتوس ثم دحضه الواقع لاحقًا.
وبحسب ما نقله التقرير عن "أنسون هو" من مركز "إيبوخ إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي العام قد يحقق قفزة شبيهة، حيث لا تعود الإنتاجية مرتبطة بزيادة السكان، بل بسرعة تحسين التقنية ذاتها. فحين تصبح الآلات قادرة على تطوير نفسها ومضاعفة قدراتها، فإن النمو يصبح نظريًا غير محدود.
لكن بعض الباحثين -مثل فيليب تراميل وأنتون كورينيك -يشيرون إلى أن أتمتة الإنتاج وحدها لا تكفي لإحداث نمو متسارع ما لم تُستخدم لتسريع الابتكار ذاته، وهو ما قد يُحقق عبر مختبرات ذكاء اصطناعي مؤتمتة بالكامل بحلول 2027، وفقًا لتوقعات "إيه آي فيوتشرز بروجكت".
إعلان الانفجار الاستثماري ومفارقة الفائدة المرتفعةوإذا صدقت هذه النماذج، فإن العالم سيشهد طلبًا هائلًا على رأس المال للاستثمار في الطاقة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية. فمشروع "ستارغيت" من أوبن إيه آي الذي يُقدّر بـ500 مليار دولار، قد يُعتبر مجرد بداية.
ووفقًا لنموذج "إيبوك إيه آي"، فإن الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي لعام 2025 وحده يجب أن يبلغ 25 تريليون دولار.
لكن هذه الوتيرة ستؤدي أيضًا إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة الحقيقية. فمع توقع ارتفاع الدخول المستقبلية، قد يفضّل الأفراد الإنفاق بدل الادخار، مما يتطلب رفع العوائد على الادخار لجذب الأموال مجددًا. وهذا ما أشار إليه الاقتصادي فرانك رامزي منذ أوائل القرن العشرين، وأكدته النماذج الحديثة التي حللها التقرير.
وفي ظل هذه الديناميكيات، تبقى الآثار على أسعار الأصول غير محسومة. فرغم النمو السريع في أرباح الشركات، فإن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، مما يخلق صراعًا بين عاملَي النمو والعائد.
أين يقف العامل البشري في كل ذلك؟لكن ماذا عن العمال؟ وهنا، يبرز التحدي الحقيقي، فالذكاء الاصطناعي قد يجعل من التوظيف البشري خيارًا ثانويًا، إذ تضعف الحاجة للعمالة إذا باتت الآلة أرخص وأكثر كفاءة. ومع تقدم التقنية، تنخفض كلفة تشغيل الذكاء الاصطناعي، مما يُضعف الحد الأعلى للأجور التي يمكن دفعها للبشر.
وبحسب دراسة ويليام نوردهاوس الحائز جائزة نوبل، فإن جميع العوائد ستتجه في النهاية إلى مالكي رأس المال، وليس إلى العمال. لذا، فإن من لا يمتلك أصولًا رأسمالية -شركات، أرضا، بيانات، بنية تحتية- سيكون في وضع هش، اقتصاديًا.
رغم ذلك، لا يعني هذا أن الجميع سيخسر. إذ من الممكن أن تنشأ "أمراض باومول المعكوسة" -وهي ظاهرة اقتصادية تشير إلى ارتفاع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، رغم بطء نمو إنتاجيتها-، حيث ترتفع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، مثل التعليم، الطهي، ورعاية الأطفال، فقط لأنها تتطلب تفاعلًا بشريًا لا يمكن تعويضه بالكامل.
لكن بالمقابل، فإن أي شخص ينتقل من وظيفة مكتبية تقليدية إلى قطاع يدوي مكثف بالعمل قد يجد أن قوته الشرائية تنخفض، رغم ارتفاع أجره، لأن كلفة هذه الخدمات سترتفع أكثر من أسعار السلع المؤتمتة بالكامل.
هل يتحرك العالم فعلًا نحو "التفرّد الاقتصادي"؟"التفرّد" -أو لحظة التحول حين تصبح المعلومات تُنتج المعلومات بلا قيود مادية- يبقى مفهومًا جدليًا، لكنه، بحسب نوردهاوس، يمثل الحد النظري النهائي لمسار الذكاء الاصطناعي.
وبعض الاقتصاديين يرون هذا المفهوم دليلا على أن النماذج نفسها ستثبت خطأها، لأن اللانهاية في النمو مستحيلة نظريًا. لكن الوصول إلى مجرد نمو بنسبة 20% سنويًا، وفقًا لإيبوك إيه آي، سيكون حدثًا مفصليًا غير مسبوق في تاريخ البشرية.
مع ذلك، تشير المجلة إلى أن الأسواق لم تُسعّر بعد هذا السيناريو بالكامل. فعلى الرغم من تقييمات التكنولوجيا المرتفعة، فإن عوائد السندات تنخفض غالبًا عقب الإعلان عن نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، كما وجدت دراسة لباحثين من معهد ماساتشوستس. بكلمات أوضح: وادي السيليكون لم يُقنع العالم بعد.
إعلان ماذا على الأفراد فعله إذا وقع الانفجار؟التوصية التي تتكرر في جميع النماذج بسيطة، امتلك رأس المال. ومع ذلك، يبقى من الصعب تحديد أي نوع من الأصول هو الأفضل. الأسهم؟ الأراضي؟ النقد؟ كلها تواجه مفارقات في ظل مزيج من الفائدة المرتفعة، والتضخم المحتمل، والانفجار الاستثماري.
وفي ختام التقرير، تستحضر إيكونوميست قول روبرت لوكاس، أحد أبرز منظّري النمو: "بمجرد أن تبدأ في التفكير في آثار النمو على الرفاه البشري، يصعب التفكير في أي شيء آخر". ومع الذكاء الاصطناعي العام، تضاعف هذا الشعور، وازداد إلحاحه.