تحليل: احتجاجات مزارعي أوروبا ضد سياسات خفض الانبعاثات الى 90% بحلول 2040
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
(إي إن آر) بروكسل "د ب أ": في خضم ثورة مزارعي الاتحاد الأوروبي ضد الإصلاحات البيئية، وقبل نحو أربعة أشهر من انتخابات البرلمان الأوروبي، كشفت المفوضية الأوروبية النقاب عن أهدافها فيما يتعلق بالتغير المناخي حتى عام 2040، وعن خارطة طريق للمرحلة المقبلة في مسار تحول التكتل للحياد الكربوني. كانت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد تعهدت بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ووضعت هدفا أوليا مؤقتا لعام 2030 بخفض الانبعاثات بواقع 55% مقارنة بمستويات عام 1990.
وأعلنت المفوضية الأوروبية مؤخرا هدفها المهم، المتمثل في الوصول إلى خفض الانبعاثات بواقع 90%، بحلول عام 2024.
وجاء إعلان المفوضية-الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- في الوقت الذي ألقت فيه احتجاجات المزارعين بظلالها على مساعي تحول التكتل إلى مستقبل أكثر صداقة للبيئة.
ونظم المزارعون احتجاجات خارج مقر البرلمان الأوروبي، للتعبير عن غضبهم إزاء تراجع الدخل، وارتفاع التكاليف، وما وصفوه بـ "اللوائح الخضراء المجحفة".
وأوضح مفوض المناخ لدى الاتحاد الأوروبي ووبكي هوكسترا، أن التكتل سوف يسعى جاهدا من أجل "تحول عادل" لمستقبل أخضر، من شأنه أن يسمح للشركات بالازدهار، وضمان عدم تخلف "أي شخص عن الركب".
وفي إشارة إلى حجم التوتر السياسي الذي وصلت إليه مسألة البيئة في ظل احتجاجات المزارعين، أظهرت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين تراجعا في وقت سابق يوم الثلاثاء الماضي، حيث وجهت ضربة قاضية لمشروع قانون كان يرمي إلى الحد من استخدام المبيدات الحشرية بواقع النصف بحلول العقد الجاري، وأعلنت سحبه.
وأقرت فون دير لاين بأن المقترح "صار رمزا للاستقطاب"، بعدما تعثر في ظل انقسامات بين نواب الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء.
ومن الممكن أن يؤدي السخط المتصاعد إلى محاولات تبني هدف خفض الانبعاثات الكربونية بواقع 90% بحلول عام 2024.
وذكرت المفوضية الأوروبية أن الهدف الجديد-مقترح 90%- من شأنه أن يخفض حالات الوفاة في سن مبكرة، بسبب رداءة جودة الهواء، من 466 ألفا في 2015، إلى 196000 في 2024.
كما ترى المفوضية أن المقترح يبعث بـ "إشارات واضحة"، وأن سوق التكنولوجيا النظيفة سوف يزداد إلى قرابة 600 مليار يورو (646 مليار) بحلول عام 2023.
وقالت المفوضية إن الاتحاد الأوروبي يخصص في الوقت الحالي 4% من إجمالي الناتج المحلي للتكتل لاستيراد المواد الهيدروكربونية (النفط والغاز الطبيعي والفحم)، وأشارت إلى أنه خلال الفترة بين عامي 2030 و2025، سوف يتعين على الاتحاد الأوروبي استثمار 5ر1% إضافية سنويا على التحول في مجال الطاقة.
ولذلك تقترح المفوضية تحرير الموارد، بإبعادها "عن الاستخدامات الأقل استدامة، مثل تقديم الدعم للوقود الأحفوري".
ويتعين أن توافق الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والبرلمان الأوروبي، على المقترح الذي من شأنه أن يؤجج الجدل خلال فترة ما قبل انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في يونيو.
وينزل المقترح الجديد بمستوى الطموح، مقارنة بمشروعات قوانين سابقة، ويسقط الإشارات المباشرة إلى الجهود التي يتعين على القطاع الزراعي أن يبذلها.
وانضمت الأحزاب اليمينية المتطرفة، والمناهضة للاتحاد الأوروبي، لحركة المزارعين، ويتوقع أن تحقق مكاسب واسعة في انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة.
ولاقت سياسات المناخ في الاتحاد الأوروبي رد فعل عنيف على نحو متزايد من بعض الصناعات، ويدعو العديد من زعماء التكتل حاليا إلى "توقف" بعض القواعد البيئية الجديدة.
وبناء على مبادرة من الدنمارك، أرسلت 11 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خطابا مشتركا للمفوضية الأوروبية ذكرت فيه أن عملية التحول لتحقيق هدف عام 2040 "الطموح" يجب أن تكون "نزيهة وعادلة" وأن تضمن "عدم تخلف أحد عن الركب، وخاصة المواطنين الأكثر عرضة للخطر".
وبالنسبة للجماعات المعنية بالبيئة، يعد طموح المفوضية الأوروبية أقل بكثير مما هو مطلوب، وعلى سبيل المثال، غياب موعد مستهدف للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، وأوجه الدعم الخاصة به.
وقالت الناشطة لدى منظمة "جرينبيس" (السلام الأخضر) سيلفيا باستوريلي: "'يماثل هذا المعنى وضع هدف للوقاية من مرض سرطان الرئة، دون وجود خطة للتوقف عن التدخين".
وفي ظل دعوة الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بما لا يتجاوز 5ر1 درجة مئوية زيادة عن مستويات ما قبل عصر الصناعة، و"بالنظر لمسؤولية الاتحاد الأوروبي عن الانبعاثات التاريخية، سيكون الأمر أكثر إنصافا استهداف تحقيق صافي انبعاثات صفر بحلول عام 2040"، بحسب ما ذكره الصندوق العالمي للطبيعة (سابقا الصندوق العالمي للحياة البرية).
وأعرب الصندوق عن أسفه لقرار المفوضية بالتخلي عن الخفض المستهدف للانبعاثات في مجال الزراعة بواقع 30%، والذي كان متضمنا في مسودة سابقة. ويمثل القطاع الزراعي 11% من إجمالي انبعاثات الاتحاد الأوروبي.
وقالت المنظمة الأوروبية لحماية المستهلك: "رغم المحاولات المضنية التي تقوم بها المفوضية الأوروبية للتعامل مع المزارعين برفق وعناية، تقف الحقائق مستعصية: إذ تسهم أنظمتنا الغذائية والزراعية بقسط كبير من التأثيرات المناخية في الاتحاد الأوروبي."
وشددت المفوضية الأوروبية على أنه في حين أن الهدف هو خفض غازات الدفيئة، بنحو 90% بحلول عام 2040، مقارنة بمستويات عام 1990، يتعين ضمان القدرة التنافسية للزراعة الأوروبية وإجراء حوار استراتيجي مع دوائرها المختلفة ومع المزارعين.
يشار إلى أن هدف تحقيق خفض بواقع 90% بحلول 2040، ليس مقترحا تشريعيا، بل توصية أولية.
وفي نهاية المطاف، من شأن الهدف الجديد أن يمثل خارطة طريق للمفوضية الأوروبية، بتشكيلها الجديد بعد انتخابات البرلمان الأوروبي، لتوجيه استثمارات طويلة الأجل في السباق نحو التكنولوجيا الخضراء، وهو هدف انغمست فيه بقوة الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، وغير ذلك من الاقتصادات المتقدمة.
وفي نفس الوقت، يواصل المزارعون في أنحاء الاتحاد الأوروبي احتجاجاتهم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: انتخابات البرلمان الأوروبی فی الاتحاد الأوروبی المفوضیة الأوروبیة خفض الانبعاثات بحلول عام عام 2040
إقرأ أيضاً:
ترامب في أسكتلندا لإبرام اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي
تلتقي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأحد لإبرام اتفاق تجاري، ومن المرجح أن يشمل فرض رسوم جمركية أساسية بنسبة 15% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، لكنه سينهي شهورا من حالة عدم اليقين التي سادت شركات الاتحاد الأوروبي.
وقال ترامب -الذي يزور أسكتلندا لبضعة أيام لممارسة رياضة الغولف وإجراء اجتماعات ثنائية- للصحفيين لدى وصوله مساء الجمعة، إن فون دير لاين قائدة تحظى باحترام كبير، وإنه يتطلع إلى لقائها في ملعب الغولف الخاص به في تيرنبيري.
احتمال 50%وقال إن ثمة احتمالا بنسبة 50% لتتوصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي -المكون من 27 دولة- إلى اتفاق تجاري إطاري، مضيفًا أن بروكسل "تسعى جاهدة لإبرام اتفاق".
ويواجه الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية أميركية على أكثر من 70% من صادراته، منها 50% على الصلب والألمنيوم، و25% على السيارات وقطع غيارها، و10% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي الأخرى. وقال ترامب إنه سيرفع النسبة إلى 30% في أول أغسطس/آب، وهو مستوى صرّح مسؤولون في الاتحاد الأوروبي بأنه سيقضي على قطاعات كاملة من التجارة عبر الأطلسي.
وتلوح في الأفق رسوم جمركية إضافية على النحاس والأدوية.
وسينظر كثيرون في أوروبا إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، على أنها نتيجة سيئة مقارنة بالطموح الأوروبي الأولي المتمثل باتفاقية جمركية صفرية على جميع السلع الصناعية.
لكنها ستكون أفضل من 30%، وستزيل حالة عدم اليقين بشأن ظروف العمل التي أثرت بالفعل في أرباح الشركات الأوروبية. وبالنسبة لترامب، ستكون الصفقة مع الاتحاد الأوروبي أكبر اتفاقية تجارية، متجاوزة الاتفاقية البالغة 550 مليار دولار التي توصل إليها مع اليابان في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ونجح ترامب -الذي يسعى لإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي وتقليص العجز التجاري الأميركي المستمر منذ عقود- في إبرام اتفاقيات مع بريطانيا واليابان وإندونيسيا وفيتنام، على الرغم من أن إدارته لم تف بوعدها بإبرام "90 اتفاقية خلال 90 يوما".
إعلان جائزة ضخمةوستكون اتفاقية الاتحاد الأوروبي بمثابة جائزة ضخمة، نظرًا إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يُعدّان أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض بفارق كبير، ويمثلان ثلث التجارة العالمية.
وعلى الرغم من قرب التوصل إلى اتفاق، فإنه لا يزال يتطلب بعض المفاوضات النهائية. وغادر الممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير ووزير التجارة هوارد لوتنيك واشنطن إلى أسكتلندا أمس السبت لإجراء محادثات مع مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش، الذي سيسافر كذلك إلى أسكتلندا قبل اجتماع ترامب وفون دير لاين.
ونقلت رويترز عن مسؤول في إدارة ترامب لم تسمه، قوله: "نحن متفائلون بحذر بشأن التوصل إلى اتفاق. لكنّ الأمر لن ينتهي إلا بعد انتهائه".
وإذا لم يحصل التوصل إلى اتفاق وفرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية بنسبة 30% اعتبارا من أول أغسطس/آب، سيجهّز الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية مضادة على سلع أميركية بقيمة 93 مليار يورو (109 مليارات دولار).
وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إن الاتفاق المحتمل سيشمل على الأرجح فرض رسوم جمركية واسعة بنسبة 15% على سلع الاتحاد الأوروبي المستوردة إلى الولايات المتحدة، على غرار الاتفاق الأميركي الياباني، إلى جانب رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الصلب والألمنيوم الأوروبية.
وقال ترامب للصحفيين إنه "لا يوجد مجال كبير" للمناورة بشأن الرسوم الجمركية البالغة 50% التي تفرضها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألمنيوم، مضيفًا: "لأنني إذا فرضتها على دولة واحدة فعليّ فرضها على الجميع".
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستعفي واردات الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية القطاعية الأخرى على السيارات والأدوية وغيرها من السلع التي أُعلن عنها بالفعل أو لا تزال قيد التنفيذ، على الرغم من أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي يأملون في أن تُطبق الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 15% أيضًا على السيارات والأدوية.