واشنطن «د. ب. ا»: يرى المحلل الأمريكي جيمس برزيستوب أن حرب روسيا مع أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير عام 2022، تحدى النظام الدولي القائم في المجتمع الأوروأطلسي، وسلط الضوء على التحديات الأمنية التي كانت موجودة سابقًا في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وزادت المخاوف الأمنية في جميع أنحاء المنطقة واكتسبت تحديدا أكبر في مضيق تايوان وشبه الجزيرة الكورية.

وقال برزيستوب، من معهد هدسون الأمريكي في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية: إن الحرب الروسية أثارت تساؤلات بشأن القدرة على الاحتفاظ بنظام دولي قائم على القواعد بينما يعزز الاعتراف بطبيعته المتأصلة والمترابطة في منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا.

وفي الثالث من شهر مارس عام 2022، اجتمع قادة مجموعة دول «الحوار الأمني الرباعي» (كواد)، وهي أستراليا واليابان والولايات المتحدة والهند، لبحث تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا والتأثيرات المحتملة للأزمة الأوروبية على منطقة المحيطين الهندي والهادي.

وأكد البيان المشترك لمجموعة كواد مجددًا على التزامها بأن تكون منطقة المحيطين الهندي والهادي حرة ومفتوحة، تتميز بهدفها بأن تكون الدول متحررة من «الإكراه العسكري والاقتصادي والسياسي».

وأكد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا على أنه «يتعين عدم السماح بأي تغيرات من جانب واحد لوضع راهن مثل هذا في منطقة المحيطين الهندي والهادي»، إضافة إلى أهمية تحقيق منطقة المحيطين الهندي والهادي الحرة والمفتوحة.

وتم في وقت لاحق إدراج تصريحاته في وثائق سياسية متعددة أصدرتها الحكومات الديمقراطية تشير إلى أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وفي انعكاس لتقارب استراتيجي ناشئ بين الديمقراطيات الغربية، أكدت وزيرة الخارجية البريطانية في ذلك الوقت ليز تروس للمجلس الأطلسي أهمية استدامة الوحدة الغربية في وجه التحديات للنظام الدولي في أوروبا وآسيا.

وأضافت: «الصراع في أي مكان يهدد الأمن في كل مكان». ثم دعت تروس الديمقراطيات الغربية للتكاتف لدحر العدوان حول العالم - من بحر الصين الجنوبي وحتى أوروبا الشرقية».

ومنذ ذلك الوقت، أصدرت الولايات المتحدة واليابان وأستراليا وجمهورية كوريا الجنوبية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وكندا ومنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي وثائق تتعلق بالسياسة الاستراتيجية، تتناول التحديات للنظام في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وتعتبر على نحو مستمر الصين المتحدي الاستراتيجي الرئيسي للمنطقة وللنظام الدولي القائم على القواعد.

وفي منطقة المحيطين الهندي والهادي تتضمن ردود الفعل بناء إطار الردع وتعزيزه وانتهاج دبلوماسية هادفة لتعزيز التحالفات القائمة، ودفع التعاون الأمني متعدد الأطراف وتعزيز الشراكات الاستراتيجية ما يمثل تطويرًا مستمرًا للهيكل الأمني في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

وأضاف برزيستوب أنه بينما يظل هيكل التحالف الثنائي للولايات المتحدة هو العنصر الأساسي للأمن الإقليمي، اتسع الهيكل الأمني الحديث إلى ما وراء محور الحرب الباردة ليشمل تعاونًا أمنيًا ثنائيًا وثلاثيًا بين حلفاء الولايات المتحدة.

ويشمل هذا زيادة الروابط الأمنية بين حلفاء مستقلين عن الولايات المتحدة والشراكات الاستراتيجية، مثل اتفاقيات الوصول المتبادلة لليابان مع أستراليا والمملكة المتحدة لتسهيل التعاون الدفاعي، الذي من شأنه أن ينشئ هيكلًا أمنيًا مرنًا ومتداخلًا وشاملًا.

وتم أيضا تعزيز التحالفات الثنائية، حيث وصلت شراكات الولايات المتحدة مع اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية والفلبين إلى مستوى عال في التعاون الدفاعي.

وتحركت أيضا الدول الأعضاء في مجموعة كواد (الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند) لتعزيز روابطها الثنائية وعلاقاتها الدفاعية والأمنية التي أبرزتها تدريبات مالابار البحرية المشتركة.

وعززت هذه التدريبات العسكرية القائمة على التحالف في غرب المحيط الهادي الدبلوماسية، التي تتسع من حيث عدد المشاركين فيها، وتهدف لزيادة توافق التشغيل البيني. وقد تكثف أيضا التعاون الأمني الثلاثي، بصفة خاصة في علاقات الولايات المتحدة الثلاثية بين اليابان وكوريا الجنوبية، وأستراليا واليابان، واليابان والفلبين.

وواصلت الشراكة بين أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعزيز التعاون الأمني في قطاع الغواصات وفي الأبحاث المتقدمة بما في ذلك تكنولوجيات الكم المهمة والذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية والقدرات السيبرانية والقدرات التي تفوق سرعة الصوت، والقدرات المضادة التي تفوق سرعة الصوت.

وفي إطار البناء على اهتمام أوروبا المتنامي بمنطقة المحيطين الهندي والهادي، شجعت أستراليا واليابان والولايات المتحدة الانخراط المتزايد في المنطقة. ويتم الآن تنظيم حوارات وزارية بصيغة 2+2 بين أستراليا والمملكة المتحدة وبين اليابان وأستراليا وفرنسا وألمانيا.

وتشمل كل حالة التزامًا يتم إعادة التأكيد عليه بمنطقة المحيطين الهندي والهادي الحرة والمفتوحة، وبمعارضة استخدام القوة أو الإكراه لتغير الوضع الراهن، مع تسليط الضوء على أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان.

ورغم أن أوروبا سوف تركز على روسيا في المستقبل المنظور، وأنه لن يكون أي وجود أمني في منطقة المحيطين الهندي والهادي مهما، فإنه لا يجب التقليل من قيمة المشاركة الأوروبية.

وإضافة إلى ذلك، عززت الديمقراطيات في منطقة المحيطين الهندي والهادي، ويعني هذا اليابان وأستراليا وجمهورية كوريا الجنوبية، مقاومة أوكرانيا للحرب الروسية ماليا وماديا. واعترف البيان المشترك لقمة اليابان الناتو في يناير عام 2023، بأن النظام العالمي الحر والمفتوح القائم على سيادة القانون عرضة للخطر الآن. وأوضح برزيستوب أن خلاصة القول هي أن رد فعل الديمقراطيات الغربية إزاء التحديات الأمنية في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادي يشير إلى تقارب استراتيجي متزايد ودبلوماسية ردع جديدة يدعمها التعاون الدفاعي والأمني المتنامي داخل المنطقة مع حلفاء أوروبيين.

ورغم أن سياسات الديمقراطيات الغربية ليست متطابقة، فإنها متوافقة بشكل كبير وتتعزز على نحو متبادل صوب الحفاظ على نظام دولي قائم على القواعد في منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا، ما يعكس قيما عالمية، ويدعم توازنا للنفوذ قائم على توازن القوة.

وسوف يتطلب الحفاظ على هذا التقارب الاستراتيجي وجود قيادة. ومع ذلك فإن الواقع الذي لا يرحم هو أن الحلفاء والشركاء الاستراتيجيين في كل من منطقة المحيطين الهندي والهادي وأوروبا يتطلعون إلى واشنطن.

واختتم برزيستوب تقريره بالقول إن فشلا للقيادة الآن سوف يكون نقطة تحول استراتيجية مع تراجع إلى ما كانت عليه أمريكا في وقت سابق عندما ساعدت الرسوم الجمركية العالية على تصدع الاقتصاد العالمي، ولم يؤد عدم اكتراث بالأزمة الناشئة في أوروبا وآسيا إلا إلى تشجيع المعتدين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الیابان وأسترالیا الولایات المتحدة والمملکة المتحدة

إقرأ أيضاً:

هولندا تحظر دخول بن غفير وسموتريتش وتدعو إسرائيل لـ تغيير مسارها

في أول رد فعل، علّق إيتمار بن غفير، على القرار الهولندي قائلًا إنه سيواصل العمل من أجل إسرائيل "حتى لو مُنعت من دخول كل أوروبا"، على حد وصفه. اعلان

أعلنت الحكومة الهولندية، مساء الإثنين، حظر دخول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى أراضيها، على خلفية مواقفهما بشأن الاستيطان وتصريحاتهما المتعلقة بقطاع غزة، وفق ما نقلته وسائل إعلام هولندية وإسرائيلية، من بينها صحيفة "جيروزاليم بوست".

وفي بيان رسمي، قال وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب إن مجلس الوزراء قرر تصنيف الوزيرين الإسرائيليين "شخصيتين غير مرغوب فيهما"، والبدء بإجراءات إدراجهما في نظام شنغن للممنوعين من الدخول.

وأوضح فيلدكامب أن القرار يعود إلى "تحريضهما المتكرر على عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، ودعوتهما المستمرة لتوسيع المستوطنات غير القانونية، فضلًا عن التصريحات التي تضمنت دعوات للتطهير العرقي في غزة"، بحسب تعبيره.

استدعاء السفير الإسرائيلي

وأضاف الوزير أن سفير إسرائيل لدى لاهاي سيتم استدعاؤه رسميًا، لإبلاغه بضرورة "دعوة حكومة نتنياهو إلى تغيير مسارها الحالي في غزة"، واصفًا الوضع القائم بأنه "لا يُحتمل ولا يمكن الدفاع عنه". كما أشار إلى توافق أوروبي على "مواصلة الضغط على حركة حماس من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار".

Related خليل الحية ينتقد انسحاب إسرائيل من مفاوضات الدوحة رغم التقدم الذي تحقق ويدعو العرب للزحف نحو فلسطينبين التجويع والإنكار: إسرائيل تصعّد تهديداتها وتنفي حدوث مجاعة في غزةبسبب الوضع الكارثي في غزة.. المفوضية الأوروبية تقترح تعليق تمويل الشركات الإسرائيلية الناشئة

رد بن غفير

وفي أول رد فعل، علّق إيتمار بن غفير، صباح الثلاثاء، على القرار الهولندي قائلًا إنه سيواصل العمل من أجل إسرائيل "حتى لو مُنعت من دخول كل أوروبا"، على حد وصفه.

وكتب بن غفير: "سأواصل المطالبة بتفكيك حماس ودعم جنودنا. القتلة والمغتصبون هم أعداؤنا، ولكن في أوروبا، كما هو معتاد، يُلقى اللوم على الضحية". وأضاف في منشور على وسائل التواصل: "في مكان يُستقبل فيه الإرهابيون بحرارة، يُمنع وزير يهودي من إسرائيل من الدخول، بينما يُطلق سراح الإرهابيين ويُقاطع اليهود".

بدوره، قال سموتريتش تعليقًا على القرار: "أوروبا لم توفر الأمان لليهود في الماضي ولن تفعل ذلك مستقبلًا".

توتر بين هرتسوغ ورئيس وزراء هولندا

وفي سياق متصل، شهدت العلاقات بين الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ورئيس الوزراء الهولندي ديك شوف توترًا علنيًا، بعد نشر الأخير بيانًا حادًا حول الوضع الإنساني في غزة وتلويحه بإجراءات أوروبية ضد إسرائيل.

وقال شوف، في منشور عبر منصات التواصل، إنه عقد اجتماعًا طارئًا مع نائبيه ووزيري الخارجية والدفاع لمناقشة "الوضع الكارثي في غزة"، مؤكدًا دعم بلاده لتقديم مساعدات إنسانية فورية ودون قيود للقطاع.

وأشار رئيس الوزراء الهولندي إلى أن بلاده ستدعم تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج "أفق أوروبا" للبحث والابتكار، إذا خلص الاتحاد الأوروبي إلى أن إسرائيل تنتهك الاتفاقات الإنسانية. كما لمّح إلى إمكانية فرض إجراءات تجارية إضافية أو خطوات وطنية مستقلة "لتعزيز الضغط".

وردّ الرئيس هرتسوغ على التصريحات بتغريدة قال فيها: "عذرًا، دولة الرئيس، مع كامل الاحترام، هذه التغريدة لا تعكس روح أو مضمون مكالمتنا الهاتفية"، مضيفًا: "كما أنها لا تعكس موقفي الواضح تمامًا: سيكون خطأ جسيمًا أن يتخذ الاتحاد الأوروبي مثل هذه الإجراءات، خاصة في ظل الجهود الإنسانية التي تبذلها إسرائيل وتعمل على تعزيزها".

وكانت حكومة سلوفينيا قد أعلنت، في وقت سابق من هذا الشهر، اتخاذ إجراءات لمنع بن غفير وسموتريتش من دخول أراضيها.

وبحسب البيان الصادر عن الحكومة حينها، فإن الويزيرين الإسرائيليين سيعلنان شخصين "غير مرغوب فيهما" بسبب "تصريحاتهما الداعية إلى الإبادة والتي تشجع عنفا متطرفا وانتهاكات خطيرة للحقوق الإنسانية للفلسطينيين".

ونددت الحكومة السلوفينية بتأييد الوزيرَين لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية وتشجيعهما على "التطهير العرقي" هناك، كما يحدث في قطاع غزة، بحسب البيان.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • نائب وزير الداخلية يرأس اجتماعاً موسعا لمناقشة الوضع الأمني
  • الحرب الروسية الأوكرانية: كتاب لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات يفوز بجائزة ثقافية لعام 2025
  • خسائر القوات الأوكرانية في منطقة عمليات الشمال بلغت نحو 190 عسكريًا
  • الدفاع الروسية: السيطرة على بلدتين في دونيتسك وزابوريجيا
  • من المحيط الهندي إلى باريس وروما… فيروس «شيكونغونيا» يتجاوز الحدود ويهدد المليارات
  • بعد تفلت الوضع الأمنيّ... دعوة للتجمّع في المعاملتين
  • استقرار الوضع الأمني على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا
  • 16 قتيلاً وعشرات الجرحى في قصف روسي عنيف يستهدف منطقة زابوريجيا الأوكرانية
  • هولندا تحظر دخول بن غفير وسموتريتش وتدعو إسرائيل لـ تغيير مسارها
  • ترامب يدرس تقليص مهلة التوصل لوقف الحرب الروسية الأوكرانية