صدى البلد:
2025-05-11@03:46:28 GMT

نسرين حجاج تكتب: البابطين ومد جسور السلام العادل

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

على أرض مصر الكنانة، وتحت عنوان "السلام العادل من أجل التنمية"، عُقد المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل، الذي أقامته مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين، واجتمع فيه أدباء ومثقفون وشعراء وسياسيون وإعلاميون وباحثون ، ليكون عرسًا ثقافيًّا، وساحة للنقاش والحوار البنّاء، ومسرحاً يتوج عليه إسم الشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين 


وعلى مدى أيام ثلاثة، شهد المنتدى جلسات حوارية، وجلسات بحثية على مستوى الأكاديميين في إطار المحور الرئيسي للمنتدى.

 


وإذا كان واجبًا علينا الحديث عن المنتدى وفعالياته، فحريٌ بنا الحديث عن مؤسس ذلك المنتدى، وتلك المؤسسة، وهو الشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين، الذي رحل عن عالمنا منتصف ديسمبر من العام الماضي، غير أن الحديث عن الشاعر الراحل يطول وتضيق به تلك المساحة الصغيرة، فقد كان رائدًا من رواد الحركة الثقافية العربية، وكانت له أيادٍ بيضاء على الثقافة العربية، فقد كان نجمًا ساطعًا في سماء الثقافة، وأضاء العالم العربي والإسلامي بنور حبه للغة العربية، وكان ساعيًا دائمًا إلى إعلاء  السلام بين الشعوب، وكان مؤمنًا بأن ما تفسده السياسة تصلحه الثقافة.


وكان اهتمامه بالتعليم واضحًا، فقد أسس  ٢٦ مدرسة من قرقيزاستات عاصمة بشكيك إلى مراكش وسلمها إلى الحكومات، ولم يشترط فيها سوى تعليم اللغة العربية ومبادئ الشريعة الإسلامية، وقد منحته عدة جامعات عربية وأجنبية شهادة الدكتوراة الفخرية؛ لقاء أعماله، وتقديرًا منها لمنجزه الثقافي، والإنساني، والخيري. 


ومؤسسة البابطين إحدى أهم المؤسسات العربية المعنية بالشأن الثقافي، وتحالف الحضارات، والتقارب بين الشعوب، ونشر السلام، والاعتناء بمراكز الترجمة، وتعد حاضنة للشعراء واللغة العربية.


يقول الشاعر عبد العزيز سعود البابطين في قصيدته "رحيل" : "تقول بحسرة فاقت هديلا/ شجيًا يوجع الحزن المريرا/ أباقٍ عندنا حينًا لنهنا/ أم أنك راحل عنا شهورا/ حياتي بعدكم أمست حبيبي/ بلا طعم ولا معنى يسيرا/ فقلت لها وفي نفسي وقلبي/ بلاء زادني وهنًا ظهيرا"..


بهذه الأبيات أتذكر "العم عبد العزيز"، وهذا هو الاسم المقرب  لكل مقرب من الشاعر الراحل، وأرى أن أبياته تلك قد عبَّرت عن حال كل من رثوه خلال كلماتهم في حفل افتتاح المنتدى، إذ جاءت كلماتهم مؤثرة، حزينة، وكل منهم يتذكر مواقفه مع الشاعر الراحل، فجاءت كلمات رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم بصوت شاحب، يكسوه حزن شديد، وقد انهمر بالبكاء وهو يتحدث عن الفقيد، وكذلك جاءت كلمة الدكتور نبيل عياد، وكلمة العم عبد الله البابطين المؤثرة في ختام اليوم الثالث.


تضمن حفل افتتاح المنتدى، الذي شهد حضور عدد من رؤساء الدول والحكومات ورؤساء البرلمانات والوزراء، مقتطفات لعدد من الكلمات الافتتاحية السابقة للشاعر الراحل عبد العزيز البابطين، التي تؤكد حرصه وإيمانه الشديد بقضايا نشر ثقافة السلام، وإعلاء القيم الإنسانية، لتحقيق التعايش السلمي بين شعوب العالم، كما شهد كلمات لكل من الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسي، ووزيرة الثقافة المصريةد.نيفين الكيلاني، ووزير الإعلام والثقافة الكويتي عبد الرحمن المطيري، والرئيس التركي السابق عبد الله غول، ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، والرئيس الألباني الأسبق إلير ميتا، وغيرهم.


أما جلسات المنتدى فقد تضمنت عددًا من الأوراق البحثية المهمة، وكانت المناقشات فيها مثمرة جدًّا؛ ففي الجلسة الأولى، التي كانت بعنوان "السلام والتنمية السياسية"، قدم د. محمد الرميحي (من الكويت) في بحثه "كفاءة الإدارة الحكومية والتنمية"، شكل المجتمع، وأهدافه العامة، والمنهجية المتبعة. 


وفي الجلسة الثالثة التي حملت عنوان " السلام والتنمية الاجتماعية"، جاءت مشاركة د. نيفين مسعد (من مصر) التي استعرضت ورقتها د. نهلة محمود، فقالت إن المواطنة الكاملة حق لكل المواطنين بدون استثناء بغض النظر عن اختلافاتهم،  وحللت الورقة البحثية بعض الإشكاليات التي تكتنف الحديث عن التنوع والمواطنة.


أما الجلسة الرابعة، التي كانت بعنوان "السلام والتنمية الثقافية"، وترأسها د. هشام عزمي، فتحدث فيها د. كارستين شويرب (من مالطا)، وقد تحدث عن "جدلية التراث والتحديث.. السلام والتنمية الثقافية في منطقة البحر الأبيض المتوسط"، وقدم تحليلًا للتوترات الرئيسية المتأصلة في العلاقة بين هذين التعبيرين عن الإنسانية، وتكلم عن جوانب التحديث التي تشكل فهمنا للتراث، وذلك بالرجوع إلى أمثلة من الفكر الشرقي والأوروبي في القرن العشرين، كما تطرق إلى عدد من القضايا التي تكمن في جذور الصراع الثقافي والفجوات في التفاهم ضمن إطار عدد من المؤلفات والدراسات العامة.
وفي تلك الجلسة تحدث أيضًا د. جوردون ساموت، الذي قال: "لكي تنجح مبادرات التنمية يجب أن تتماشى الممارسات والعادات المتغيرة مع الحس الثقافي السائد للمجتمع المستهدف في ذاته".
وأكد د. زهير توفيق (من الأردن) في كلمته أنه "لا قطيعة، ولا نفي متبادلًا بين التراث والتحديث؛ وإنما تواصل واتصال". 


أما في "إشكالية مفهوم الدولة الوطنية"، فتحدث د. عبد الرحمن طنكول، وهو مقدم ورقة د. خوان بيدرو (من إسبانيا)، وقال إن ما يهمنا في هذا البحث هو معرفة ما إذا كان ما تمثله الأندلس حقًّا نموذجًا للاندماج الفكري والثقافي بشكل عام أكثر من أن تكون نموذجًا للتكامل الاجتماعي، حيث كانت اللغة العربية هي الأداة الأقوى التي جعلت التواصل وتبادل الأفكار وتحقيق حالة التفاهم بين المثقفين ممكنًا، ثم أردف أنه "في عالم من التقدم المستمر والمادية الساحقة، تخلينا عن أفضل ما يمكن أن يقدمه الإنسان؛ وهو التفاهم، والتعاون، والرغبة في مساعدة الآخرين".


كلمات المشاركين كانت صادقة ومعبرة عما يجيش في صدور أغلبنا، كمتابعين وحاضرين لهذا العرس الثقافي، الذي أتمنى أن يكون منهجا وأداة لنهضة ثقافية عربية بعد  منطوق التوصيات التي أختتم بها هذا المنتدى وكانت كالتالي: أولًا: توجيه برقية شكر إلى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية على رعايته الكريمة للمنتدى بما يعكس تقديره للجهود الخيرة التي تبذلها مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية في إطار ثقافة السلام العادل.


ثانيًا: تثمين أعمال المرحوم عبدالعزيز سعود البابطين الذي نذر نفسه ووقته وماله للدفاع عن القضايا العربية من خلال ثقافة مستنيرة جامعة وغير مفرّقة، وتثمين جهود أبنائه البررة في الاستمرار لخدمة المشروع الحضاري الذي بدأه والدهم الراحل رحمه الله.


ثالثًا: إن السلام العادل يحتاج إلى تنمية سياسية حقيقية وإرادة معاصرة وتسخير التقنية الحديثة  في خدمة الجمهور العام.


رابعًا: إن رأس الحربة في السلام العادل هو التعليم النوعي المستنير الذي يتوجب أن يكون مسايرًا للعصر، ولذلك فإن الاهتمام بالأجيال وتقديم تعليم نوعي بمنهج منفتح هو بمثابة (فرض عين).
خامسًا: إن الاقتصاد قائد للتنمية ودور القطاع الخاص في النهوض  به دور حيوي، لذلك فإن العناية بالتشريعات الاقتصادية المحفزة لهذا التنوع وضبطها من خلال تعزيز ثقافة الادخار والاستثمار وتسخيرها لخدمة الجمهور العام من الأولويات.


سادسًا: الثقافة لها دور محوري في ظلّ الأجواء السائدة اليوم والتي يتغشاها تضليل للرأي العام والزج به في صراعات تفتت المجتمع وتحرض على التعصب والكراهية ووليدهما التطرف والعنف، لذلك ينبغي الحض على ثقافة منفتحة ومتسامحة تتقبل الآخر وتؤمن بالحوار.


سابعًا: تعتبر القضية الفلسطينية المسألة المحورية في وعي الأمة العربية ونصرتها من الواجبات الوطنية من خلال الدفع باتجاه توحيد البيت الفلسطيني وتحرير الخطاب الفلسطيني من التأثيرات الإقليمية التي تضر بالقضية مع تشديد إدانتنا لحرب الإبادة بحق الشعب العربي الفلسطيني التي تجري في الأشهر الأخيرة أمام العالم بقطاع غزة.


ثامنًا: توجيه التحية للجهد الذي تبذله جمهورية مصر العربية على موقفها العربي متضامنين معها فيما تعانيه من ضيق اقتصادي وأعباء سياسية ودولية جراء الوضع العربي والإقليمي الشائك.
جلسات هذا المنتدى أعطتني شعوراً بأنه مازال هناك أمل في أمة كان كتابُها عربياً 
وأختم مقالي هذا بهذه الآية الكريمة ؛ {إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: عبدالعزیز سعود البابطین العزیز سعود البابطین السلام والتنمیة الشاعر الراحل السلام العادل عبد العزیز الحدیث عن عدد من

إقرأ أيضاً:

مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان

انعقدت صباح اليوم الجلسة الطارئة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة مندوب المملكة الأردنية الهاشمية السفير / امجد عضايلة – رئيس الدورة ١٦٣ لمجلس جامعة الدول العربية ، بمشاركة أصحاب السعادة السفراء المندوبين الدائمين للدول العربية .وقد ترأس وفد السودان السفير الفريق اول ركن مهندس / عماد الدين مصطفى عدوي- سفير جمهورية السودان لدى جمهورية مصر العربية والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية.واطلع مندوب السودان المجلس على تطورات الأوضاع جراء الاستهداف الذي لحق بعدد من المنشآت الحيوية بولايتي البحر الأحمر وكسلا . واستعرض السفير جملة الخسائر التي لحقت بالمنشآت جراء الهجمات الصاروخية المُنظمة بالمسيرات الاستراتيجية سريعة الحركة وطويلة المدى، مؤكدا أنها استهدفت مرافق الخدمات الأساسية من مياه شرب وطاقة وكهرباء ومنشآت نفطية، وعدد من الموانىء الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر، وفي مقدمتها ميناء بورتسودان. وشمل الاستهداف منشآت عسكرية كقاعدة عثمان دقنة الجوية ومحطة الراداد فلامنغو، كما اطلع المجلس على القرارات التي اتخذها مجلس الامن والدفاع الوطني مؤخرا .وصرح السفير عماد عدوي بأن استهداف المنشات الحيوية والاقتصادية في البلاد من قبل دولة العدوان، يعكس خدمتها لأجندة ضيقة الأفق وسعيها لاشعال حرب إقليمية جديدة يكون السودان مركزها ومن ثم تمتد لمنطقتي الساحل والبحر الأحمر والقرن الافريقي، مشيرا إلى ارتباط امن تلك المناطق بالعمق العربي ودوله الشقيقة.واكد السفير عماد عدوي ان تلك الهجمات الإرهابية من دولة العدوان تشكل إحراجاً كبيراً لمنظومة العمل الدولي وآليات عملها، بما فيها آليات العدالة الدولية، وتشكل إختباراً حقيقياً حول مدى الرغبة في التخلص من مبدأ الإزدواجية في المعايير الذي ينشط في أماكن جيوسياسية ويصمت في السودان.وجدد السفير عماد عدوي تمسك السودان بكافة مقررات القمم العربية وآخرها ما أقرته الدورة 33 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة والتي استضافتها مملكة البحرين الشقيقة، وما أرسته من قواعد في ضرورة الحفاظ على سيادة السودان واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه ورفض كافة أشكال التدخل الأجنبي ، والتأكيد على الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية وفي طليعتها القوات المسلحة ومنع إنهيارها والحيلولة دون أي تدخل خارجي في الشأن السوداني، وإعادة التأكيد على أن أي دعم خارجي – سواء كان سياسياً أو بالتمويل أو بالمد بالسلاح أو بالمجندين – يقدم لميليشيا متمردة غير نظامية، وليس لديها أي وضع دستوري وتعمل بشكل مواز للقوات النظامية داخل السودان يعتبر ، إتساقاً مع قرارات الجامعة العربية ذات الصلة ، بمكافحة الإرهاب، بمثابة دعم للإرهاب يجب العمل على إدانته ووقفه فوراً.واكد السفير عدوي أن الدولة السودانية بمؤسساتها الوطنية وبمساندة شعبها الكريم قد حسمت معركتها مع ميليشيا الدعم السريع ، مبينا ان دولة العدوان قد إنتقلت من مرحلة التغطية السياسية و دعم الميليشيا بالمرتزقة والأسلحة إلى القتال نيابة عنها بعد هزيمتها.وأوضح السفير عدوي انه اطلع المجلس على قرار مجلس الامن والدفاع الأخير ، وحرص حكومة السودان على مد جسور من الصبر لسنوات منعا لتعميق الجراح العربية، مبينا أن دولة العدوان تعتقد أن بتعقبها للسودان وشعبه في مختلف المحافل الإقليمية والدولية ومالها السياسي الذي سخرته لقتل المواطنين السودانيين الأبرياء، يمكن أن تغير قواعد العمل العربي المشترك الراسخ والضارب في القدم، مؤكدا ان في مسعاها هذا تفكيك وتقليل من البيت العربي الجامع.وعبر السفير عدوي عن تقدير السودان حكومة وشعبا لمواقف الدول العربية المشرفة ووقوفها بجانب الشعب السوداني ومؤسساته الوطنية ، مشيرا إلى ان قرار مجلس الجامعة الصادر اليوم يعكس روح التضامن العربي والثوابت العربية في احترام سيادة الدول ومؤسساتها الوطنية وأحقيتها في حماية امنها القومي .سفارة جمهورية السودان في القاهرة إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الرياض تحتضن أعمال النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية بمشاركة قيادات بلدية وتنموية عالمية
  • الرياض تحتضن أعمال النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية
  • غدا.. الرياض تحتضن حوار المدن العربية الأوروبية بمشاركة عالمية
  • في ذكرى ميلاده.. الراحل صلاح أبو سيف موظف غزل المحلة الذي أصبح رائد الواقعية بالسينما المصرية
  • منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" في الرياض بمشاركة المغرب
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • العباس يدعو البابا الجديد لمواصلة جهود السلام التي بدأها سلفه فرنسيس
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان
  • مجمع الملك سلمان يتسلم جائزة عبد العزيز البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية
  • بعد فشل كل المسارات التي اتبعها السودان، يكون قطع العلاقات هو بداية للحل