وفد البرلمان الأوروبي يزور الجرحي الفلسطينيين بمستشفى العريش
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
زار وفد من اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي الجرحي الفلسطينيين في مستشفي العريش العام بمحافظة شمال سيناء،اليوم/الأحد/، حيث استمع الوفد إلى شرح مفصل من الفريق الطبي حول كيفية استقبال الجرحي الفلسطينيين ونوعية الإصابات التي لحقت بهم والجهود التي يقوم بها الفريق الطبي في علاجهم.
وقام الوفد الأوروبي - خلال الزيارة التى استمرت لعدة ساعات - بتفقد مخازن المساعدات اللوجستية بالعريش، واستمع إلي شرح مفصل من أعضاء الهلال الأحمر المصري حول كيفية استقبال المساعدات وتخزينها وتكويدها وإرسالها إلي قطاع غزة، وحجم المساعدات والدول التي قدمت المساعدات وأنواعها.
كما قام الوفد بزيارة المنطقة اللوجستية في مدينة رفح والتي قامت المحافظة بإنشائها لاستيعاب شاحنات المساعدات خلال فترة انتظارها تمهيدا لدخولها إلي قطاع غزة، بجانب تفقد ميناء رفح البري.
ويضم الوفد الأوروبي كلا من: رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي أودو بولمان، و رئيسة وحدة اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي ميشيل ريو، ورئيس القسم السياسي أنطونيا زفيري،ورئيسة التعاون صوفي فانهايفيربيك، ومنسق الاستجابة الإنسانية ويم فرانسين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البرلمان الأوروبی
إقرأ أيضاً:
خطاب الملك أمام البرلمان الأوروبي: مرافعة دولة في وجه انحلال العالم
صراحة نيوز- النائب الكابتن زهير محمد الخشمان
حين يفقد العالم أدوات التمييز بين الجريمة والموقف، ويصبح الحق وجهة نظر، وتُستبدل القيم بالمصالح، لا يعود الحديث عن حياد أو توازن، بل عن عطبٍ عميق في النظام الدولي ذاته. في هذه اللحظة، وفي قلب أوروبا، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني، لا ليجامل ولا ليهادن، بل ليواجه. لم يكن خطابه أمام البرلمان الأوروبي مجاملة دبلوماسية، بل مواجهة صريحة مع ما وصفه جلالته بأنه “فقدان للبوصلة الأخلاقية” في نظام عالمي بات يتعايش مع المجازر كما يتعايش مع مؤشرات الأسواق. هذا ليس خطابًا تقليديًا لدولة صغيرة تُطالب بالتضامن، بل مرافعة استثنائية لقائدٍ يُعلن من موقعه أن انهيار القيم ليس أزمة خطاب، بل تهديد مباشر لبقاء العالم الذي نعرفه.
في لحظة انكشاف عجز المجتمع الدولي عن مواجهة آلة القتل في غزة، لم يتردد جلالة الملك في تسمية الأشياء بمسمياتها، وتوصيف حالة الانحطاط الأخلاقي الذي تشهده المنظومة الدولية. استدعى جلالته تسلسل الانهيارات التي عصفت بالعالم خلال السنوات الأخيرة، من جائحة كورونا إلى الحرب في أوكرانيا، ومن فوضى المعلومات المضللة إلى المجازر المفتوحة في غزة، وصولًا إلى التصعيد الإقليمي مع إيران. لكنه لم يتوقف عند حدود السرد، بل قفز إلى قلب المعادلة، ليقول إن هذا التراكم لم يُنتج فقط اضطرابًا سياسيًا، بل أزمة في القيم ذاتها. لقد أصبح العالم، كما قال جلالته، بلا بوصلة، حيث تتبدل الحقيقة كل ساعة، وتتآكل القواعد، ويزدهر التطرف تحت غطاء العجز الدولي.
وفي مشهد غير مسبوق في صدقه ومباشرته، وضع الملك الجميع أمام سؤال أخلاقي مُحرج: كيف أصبح ما كان يُعتبر وحشيًا قبل عشرين شهرًا أمرًا اعتياديًا بالكاد يُذكر؟ كيف أصبحت المجازر في غزة، واستهداف الأطفال، وتجويع السكان، وقصف المستشفيات، تفاصيل هامشية في نشرات الأخبار؟ لم يكن هذا تساؤلًا بل اتهامًا، لا لمجرم واحد، بل لمنظومة دولية كاملة قررت أن تتواطأ بالصمت، أو بالإنكار، أو بالتبرير. لقد قالها الملك بوضوح: ما يجري في غزة ليس مأساة محلية، بل فضيحة أخلاقية عالمية، واختبارٌ فشلت فيه الإنسانية مجتمعة.
لكن الخطاب لم يكتفِ بإدانة الواقع، بل قدم صياغة بديلة للقيادة السياسية الحديثة، حين أعاد جلالته تعريف مفاهيم الأمن والاستقرار والشرعية. قالها صراحة: السلام الحقيقي لا يُبنى على الخوف، والأمن لا يُصنع بالترسانات، بل بالقيم المشتركة. هذه ليست مثالية، بل استراتيجية سياسية تُعيد الاعتبار لمعنى الدولة، ومعنى النظام العالمي، بعد أن كادت تختطفه القوة الغاشمة والمصالح العارية. هذا النوع من الخطاب لا يصدر عن دولة تبحث عن التموضع، بل عن دولة تعرف موقعها، وتدرك وزنها، وتُدافع عن المعنى لا عن الدور فقط.
ومن هذه الرؤية العميقة، كانت عودة الملك إلى قضية القدس، لا من زاوية الانتماء الديني فقط، بل من منظور السيادة والشرعية القانونية والسياسية. حين تحدث جلالته عن الوصاية الهاشمية، لم يُقدّمها بوصفها إرثًا هاشميًا وحسب، بل تعهّدًا قانونيًا وأخلاقيًا مرتبطًا بالعهدة العمرية وباتفاقيات جنيف، وبحماية هوية مدينة تتعرض للطمس الممنهج. لقد كانت هذه الفقرة من الخطاب إعادة تثبيت علني لدور الأردن كحامٍ للقدس، لا بوصفه طرفًا في نزاع، بل بصفته دولة تحمل تكليفًا تاريخيًا لا تُفرّط به مهما تخلّى الآخرون.
ثم عاد الملك ليُواجه العالم، لا فقط بوصف الواقع، بل بتحديه: إن لم يتحرك العالم لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإن كل حديث عن القيم والقانون الدولي يصبح محض هراء. وإذا استمرت الجرافات الإسرائيلية بهدم المنازل والبساتين، فإنها لا تهدم الحجر فقط، بل تهدم “الحدود الأخلاقية” ذاتها، وتُعيد تعريف الإنسانية بعبارات لا تشبه العدالة ولا تمتّ لها بصلة.
في الخاتمة، رسم جلالته ملامح الخيار الاستراتيجي المتاح: إمّا أن نُعيد بناء العالم على أساس القانون والتعاون والمبادئ، أو أن نواصل الانحدار نحو نظام دولي بلا مرجعية، وبلا كوابح، وبلا مستقبل. ولم يكن حديثه عن “شراكة الأردن مع أوروبا” عرضًا للمساعدة، بل إعلانًا عن موقع سياسي لأردنٍ لا يزال يرفض أن يكون شاهد زور على سقوط المعنى، ولا يزال يؤمن أن القيادة في هذا العصر تبدأ بامتلاك الشجاعة لقول ما لا يجرؤ الآخرون على قوله.
هكذا، جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في البرلمان الأوروبي مختلفًا عن كل ما قيل في تلك القاعة من قبل. لم يكن خطاب مناسبة، بل موقف دولة. لم يكن دعوة للسلام فقط، بل مواجهة صريحة مع نظام دولي بدأ يتعفن أخلاقيًا. وفي زمن تمتلئ فيه القاعات بالخطب، قلّما تجد قائدًا يملأ الفراغ بمعنى. الملك فعلها. باسم الأردن… وباسم الضمير الإنساني.