سواليف:
2025-07-29@10:15:30 GMT

موقف عمومي

تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT

#موقف_عمومي

د. #هاشم_غرايبه

من قصص العرب، يحكى أنه كان هنالك رجل شهم كريم من بني عجل بن لجيم يدعى “أبو دلف”، وكان له جارٌ جارَ الزمان عليه وتراكمت ديونه حتى بلغت عشرة آلاف درهم، فقال لدائنه: ليس لدي غير هذا البيت أتأخذه مقابل دينك؟، فرد عليه: لكن بيتك هذا لا يساوي أكثر من خمسة آلاف، فقال: صحيح لكن جيرة أبي دلف بالخمسة آلاف الأخرى، فرفض المشتري، ولما سمع أبودلف بذلك تأثر كثيرا، وقال وأنا لا أفرط في جيرة من جعل جيرتي عدل ماله، فدفع عنه ديْنه وأبقاه في بيته.


فيما مضى، كانت قصص الشهامة والمروءة والكرم، سيرة معتادة، وأعرافاً جاريةً، لدرجة أن الناس كانت تخشى أن تعرف بغيرها، وتتجنب الأفعال التي تصف الفاعل بنقيضها، مهما بلغت الكلفة وغلت التضحيات.
فهذا المتنبي وقد عرض له في الطريق عصابة قاطعون لها، لما رأى كثرتهم وأيقن أنه لا حيله له بهم، نوى الهرب بجلده، فقال له خادمه: ألست القائل “الخيل والليل والبيداء تعرفني..”، فقال : قتلتني قاتلك الله، وعاد يقاتلهم حتى قتل.
وظل الحرص على بقاء قيم الشهامة وإغاثة الملهوف، مهما كان الثمن، فهذا الذي وجد في الصحراء رجلا متمددا في طريقه حسبه جريحا أو مريضا، فتوقف وأركبه فرسه وسار الى جانبه، لكنه ما أن تمكن من اللجام حتى وكز الفرس وانطلق بها، فإذ به لص مخادع، لكن المخدوع إذ أيقن استحالة اللحاق به، صرخ به لا ليستعطفه فقد أيقن بالهلاك في بطن الصحراء وحيدا، بعد إذ فقد الراحلة والزاد، بل مستحلفا إياه أن لا يذكر هذا الحدث للناس، مخافة أن تنقطع المروءة بينهم.
لم تنقرض هذه القيم في عصرنا هذا كما يعتقد من حرصوا على (تطوير) ثقافتنا الجمعية باتجاه العلمنة، بدعوى التخلص من القيم (التي يدعونها بالية ولا تناسب العصر)، وما ذاك إلا لأنها قيم يفتقدها الغرب الذي يريدون اتباعه شبرا بشبر، والدليل هو ما نراه في القطاع المستهدف يوميا بالتدمير، فدائما ما يهب الشباب فور تعرض بيت للقصف الى محاولة انقاذ من هم تحت الركام، أو لإطفاء الحريق، غير عابئين بخطر استهدافهم هم أيضا، وغير منتظرين حضور الدفاع المدني والمسعفين، الذين قد لا تستطيع آلياتهم الوصول.
في الغرب أقصى ما يفعله الناس في مثل هذه الحالة الإتصال بالدفاع المدني، ثم ينشغلون بتصوير المشاهد المؤلمة لبيعها كسبق صحفي مثير.
قبل فترة أقدم لص تحت تهديد السلاح على سرقة محل للذهب في عمان، وركض صاحب المحل خلف السارق عبثا، وشاهده رقيب للسير فجازف بحياته وأمسك بالسارق رغم أن ذلك ليس من وظيفته، في أمريكا ينصح الناس بعدم اعتراض اللص والإبتعاد عن طريقه حفاظا على حياتهم.
بر الوالدين.. المروءة.. إغاثة المكروب.. إصلاح ذات البين.. مساعدة المحتاج.. مواساة أهل الميت.. عيادة المريض.. اكرام الضيف..الإحسان الى الجار.. مودة ذي القربى، كل هذه المفاهيم لم تعد موجودة في الغرب، لأنها في نظر النظام العالمي الليبرالي قيما بالية، إذ لا قيمة فيه إلا لما يحقق ربحا، لكنها في مجتمعاتنا ما زالت قيما عليا، نعتز بالإنتماء لها، ونتمسك بها، ليس لأنها مجرد عادات اجتماعية متوارثة، بل لأنها جزء من عقيدتنا الإيمانية، فعلها فيه أجر، وتركها فيه وزر، فبيت العزاء للمتوفى يسمى عندنا بيت الأجر، وكل عمل خير نسعد به الآخرين يسعدنا لأننا نعتبره في سبيل مرضاة الله.
هذه البقية الباقية من قيمنا التليدة، ما زالت في النفوس، نتمسك بها لأنها من صلب عقيدتنا، ونلوذ بها احتماء، تحمي نفوسنا التي أتعبها الكد والشقاء في الركض وراء لقمة العيش، فتواسينا في هذا الزمان الصعب، الذي ما جعله صعبا إلا فساد الفاسدين الذين هم أيدي الطغاة الناهبين المستترة، أكلوا السنبلات الخضر واليابسات، فجعلوا السنين كلها علينا عجافا، وفاقمه جورهم واستبدادهم، وماهم في حقيقتهم إلا أيدي المستعمرين المستترة.
نعتز بكل ما ورثناه من حميد السجايا ونبل الطوايا، لأن تسيّد القيم العليا هي السمة التي تعلي من شأن الحضارة، فهذا هو الرقي الحضاري، وليس التطاول بالبنيان ولا التكاثر في الأموال والاختراعات.

مقالات ذات صلة كلام حساس عن الحملات ضد الأردن 2024/03/04

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

إسرائيل.. حريق في موقف حافلات قرب تل أبيب والعثور على جـ.ـثة محترقة

أفادت القناة 12 العبرية بأن حريقا اندلع في موقف للحافلات بمدينة بات يام، القريبة من تل أبيب، أسفر عن العثور على جثة شخص داخل إحدى الحافلات، في حادث ما تزال خلفياته غير واضحة حتى الآن.

وذكرت مصادر في الشرطة أن طواقم الإطفاء هرعت إلى المكان فور تلقي بلاغ بوجود حريق في حافلة متوقفة، وتمكنت من السيطرة على النيران. وبعد إخماد الحريق، تم اكتشاف الجثة داخل الحافلة المحترقة.

بيرس مورجان ينتقد إسرائيل: تمنعون الإعلام من دخول غزة وتدّعون الشفافيةشهادة ضابط الأمريكي تفضح "جرائم حرب" ترتكبها إسرائيل في غزةترامب يدمر أهم جامعات أمريكا .. تدخلات لم تحدث من قبل لحماية إسرائيلحرائق الغابات في إسرائيل خارج السيطرة.. والدفع بطائرات للإطفاء

وأشار المحققون إلى أن أسباب الحريق لا تزال مجهولة، مؤكدين أن تحقيقا واسعا فتح لتحديد ملابسات الحادث وما إذا كان ناجمًا عن حادث عرضي أو بفعل فاعل.

وفي سياق متصل، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة من تفاقم الأوضاع الإنسانية، معلنا عن ارتفاع حاد في حالات الوفاة جراء سوء التغذية الحادة، حيث باتت أعداد الضحايا تصل إلى المئات يوميًا، في ظل انهيار شبه تام للقطاع الصحي وعدم القدرة على تقديم العلاج اللازم.

وأشار البيان إلى أن أكثر من 100 ألف طفل في غزة يواجهون خطر الموت الجماعي خلال أيام قليلة، محذرا من أن القطاع يعيش على وقع مجزرة جماعية بطيئة تستهدف الأطفال الرضع، في ظل اضطرار أمهاتهم لإرضاعهم الماء بدلاً من حليب الأطفال بسبب النقص الحاد في الغذاء والدواء.

طباعة شارك بات يام تل أبيب إسرائيل حريق تل أبيب حريق إسرائيل

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: الخطأ من شيم النفس البشرية وعلى المسلم أن يتوب ويتسامح مع نفسه والآخرين
  • أحمد الأشعل يكتب: لماذا مصر؟ ولماذا الآن؟
  • "العز الإسلامي" يتعاون مع "فتية للصغار" لتثقيف الأطفال عن القيم العُمانية
  • كيف تعطرين جسمك من الداخل والخارج؟
  • د. نزار قبيلات يكتب: فلسفة القيم
  • النيابة العامة: إحالة متهم للمحاكمة لتعديه على القيم الأسرية للمجتمع
  • النيابة تحيل متهم لمحكمة الاقتصادية لتعديه على القيم الأسرية.. وصدور حكم بحبسه سنة
  • نشأت الديهي: موقف مصر من القضية الفلسطينية كان ولا يزال حاسمًا وشريفًا
  • إسرائيل.. حريق في موقف حافلات قرب تل أبيب والعثور على جـ.ـثة محترقة
  • مصطفى بكري يشارك في احتفالية المنتدى المصري لتنمية القيم بذكرى ثورة 23 يوليو