كشفت صحيفة أمريكية عن تحركات في "الكونغرس" لتمديد الحرب في اليمن، على إثر تصعيد جماعة الحوثي واستهدافها لسفن الشحن في البحر الأحمر، منذ 19 نوفمبر الماضي.

 

ونقلت صحيفة " foreign policy in focus" تصريحات لأعضاء في الكونغرس ترجمها للعربية "الموقع بوست"  بأن المشرعون يتحركون لتمديد استخدام القوة العسكرية باليمن، رغم المخاطر مع اعترافهم بأن ذلك قد يؤدي إلى إطالة أمد المعاناة في الشرق الأوسط.

 

وقالت الصحيفة "مع مواجهة إدارة بايدن موعدًا نهائيًا ملزمًا قانونًا في 12 مارس لإنهاء أعمالها الحربية في اليمن، يستعد المسؤولون في الكونجرس لمنح الإدارة التفويض القانوني لمواصلة شن الحرب في المستقبل القريب".

 

وأضافت "في جلسة استماع بمجلس الشيوخ يوم 27 فبراير/شباط، أشار المشرعون الأمريكيون إلى أنهم يعملون على مشروع قانون للترخيص باستخدام القوة العسكرية، والذي من شأنه أن يوفر لإدارة بايدن السلطة القانونية لمواصلة الضربات الجوية ضد الحوثيين، وهي جماعة مسلحة في اليمن تنشط في اليمن. وتهاجم السفن التجارية في البحر الأحمر منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة".

 

وأوضح السيناتور كريستوفر ميرفي (ديمقراطي من ولاية كونيتيكت) أن "الدستور يتطلب من الكونجرس تفويض أعمال الحرب".

 

وأشار إلى تفضيله "لتفويض محدد ومحدد زمنيا من الكونجرس"، قائلا "سأجري مناقشات مع زملائي في الأيام المقبلة لتقديم مثل هذا التفويض".

 

وذكرت أن إدارة بايدن أخطرت الكونجرس ببعض إجراءاتها، لكنها لم تطلب تفويضًا عسكريًا. وزعم مسؤولو الإدارة أن الرئيس لديه سلطة توجيه العمليات العسكرية على أساس أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تشكل تهديدًا للولايات المتحدة وشركائها.

 

وقال دانييل شابيرو، المسؤول بوزارة الدفاع، أمام لجنة مجلس الشيوخ: "إن هذا الأمر يقع بالكامل ضمن سلطة الرئيس باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة".

 

وبحسب الصحيفة "يختلف العديد من أعضاء الكونجرس. وتساءل البعض عما إذا كانت هجمات الحوثيين على السفن التجارية تشكل تهديدًا وشيكًا للولايات المتحدة، بينما أصر الكثيرون على أن إدارة بايدن تحتاج إلى تفويض من الكونجرس".

 

وقال السيناتور الأمريكي تيم كين (ديمقراطي من فرجينيا) "أعتقد أننا جميعا اعترفنا بأنه لا يوجد تفويض من الكونجرس لهذه الأعمال العدائية"، قبل أن يعلق قائلا إنه "أمر مثير للضحك" أن تشن إدارة بايدن هجمات نيابة عن الدول الشريكة. باسم الدفاع عن النفس.

 

والآن بعد أن بدأت إدارة بايدن الأعمال العدائية ضد الحوثيين، أصبح مطلوبًا منها اتباع قرار سلطات الحرب، الذي يحد من استخدام القوة لمدة 60 يومًا. ومع اقتراب الموعد النهائي في 12 مارس/آذار، فإن خيارات الإدارة لمواصلة عملياتها العسكرية بشكل قانوني هي أن يمنحها الكونجرس التفويض أو أن يستغل الرئيس خيارًا بموجب القرار لمواصلة الأعمال العدائية لمدة 30 يومًا أخرى.

 

ومع تحرك أعضاء الكونجرس لتزويد الإدارة بالتفويض، يتساءل البعض عن منطق شن الحرب ضد الحوثيين. ويحذرون من أن الضربات العسكرية الأمريكية المستمرة ضد الحوثيين قد تفشل في ردع الهجمات المستقبلية ويمكن أن تثير حربًا أوسع في الشرق الأوسط.

 

وأشار السيناتور كين إلى أن "الرئيس بايدن نفسه قال إن الإجراءات التي نتخذها ليس من المرجح أن تردع التصعيد الحوثي"، في إشارة إلى التعليقات التي أدلى بها الرئيس بأن الضربات الجوية لا تعمل.

 

وحتى أعضاء مجلس الشيوخ الذين يتحركون لمنح إدارة بايدن السلطة القانونية أعربوا عن شكوكهم. وكما أشار السيناتور ميرفي، فإن التدخل العسكري لإدارة بايدن يأتي بعد سنوات من الجهود الفاشلة التي بذلها تحالف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية وبدعم من الولايات المتحدة لمهاجمة الحوثيين بضربات جوية.

 

وفي الفترة من 2015 إلى 2022، شن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ما يقدر بنحو 23 ألف غارة جوية ضد الحوثيين. عندما بدأت القوات الأمريكية والبريطانية غاراتها الجوية في يناير/كانون الثاني، استهدفت المواقع التي ضربها التحالف العسكري الذي تقوده السعودية مئات المرات.

 

نقلاً عن هذه الأرقام، تساءل السيناتور ميرفي كيف أن "حملتنا من الضربات الجوية ستكون لها نتائج مختلفة".

 

وأِشار إلى أن هناك عامل آخر يثير الشكوك في واشنطن وهو عدم وجود معلومات استخباراتية عسكرية أمريكية عن الحوثيين. وكما اعترف المسؤولون الأمريكيون، فإنهم لا يعرفون سوى القليل عن القدرات العسكرية للحوثيين، والتي لم تقضي وكالات الاستخبارات الغربية وقتًا طويلاً في تتبعها في السنوات الأخيرة.

 

وقال شابيرو، المسؤول في البنتاغون، أمام لجنة مجلس الشيوخ: "لدينا نوعاً ما فكرة جيدة عن البسط"، في إشارة إلى "ما تمكنا من إزالته وما استخدموه". وأضاف: "ما زلنا لا نعرف القاسم بالكامل"، في إشارة إلى الأصول والقدرات العسكرية المتبقية للحوثيين.

 

وأشار العديد من المسؤولين الأمريكيين إلى أن الحرب الأمريكية في اليمن تشكل أيضًا خطرًا كبيرًا على الشعب اليمني. ومن خلال خوض الحرب ضد الحوثيين، قد تعيد الولايات المتحدة إشعال حرب أسفرت بالفعل عن مقتل أكثر من 377 ألف شخص. فقط الهدنة غير الرسمية بين الحوثيين والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، والتي صمدت منذ أبريل/نيسان 2022، هي التي تمنع العودة إلى صراع أكثر دموية.

 

وقال المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيموثي ليندركينغ أمام لجنة مجلس الشيوخ: "ليس هناك شك في أن التصعيد الأوسع أو استمرار الوضع الراهن يقوض جهود السلام". وكلاهما من شأنه أن "يقلل من مصالحنا في المنطقة، التي تقف بقوة وراء رؤية جهود السلام في اليمن".

 

ومع ذلك، فإن العامل الأكثر إثارة للخلاف في واشنطن يتعلق بالارتباط بين هجمات الحوثيين في البحر الأحمر والهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة. وكما يدرك المسؤولون الأمريكيون جيدًا، فإن الحوثيين يهاجمون السفن التجارية كوسيلة للضغط على المجتمع الدولي لإنهاء الحصار الإسرائيلي على غزة.

 

وعلى الرغم من أن إدارة بايدن قللت من أهمية هذا الارتباط، إلا أن بعض أقرب مؤيديها في الكونجرس رفضوا موقفها من خلال الإشارة إلى أن الحوثيين أثبتوا نواياهم من خلال أقوالهم وأفعالهم.

 

وقال السيناتور كين: "توقيت ذلك كان مرتبطا بغزة، وهم يقولون إنه مرتبط بغزة، والفترة الوحيدة من التهدئة التي شهدناها كانت خلال إطلاق سراح الرهائن الأول"، في إشارة إلى انخفاض هجمات الحوثيين خلال الفترة. هدنة إنسانية مؤقتة في نوفمبر.

 

وفي نفس الموقف، دعا السيناتور كريس فان هولين (ديمقراطي من ولاية ماريلاند) إدارة بايدن إلى “الاعتراف بأن عمل الحوثيين كان ردًا على الحرب على غزة”.

 

ومع ذلك، لم يفعل المشرعون الأمريكيون أي شيء من شأنه أن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة. وكل ما فعلوه هو الاعتراف بأن وقف إطلاق النار من شأنه أن يقوض موقف الحوثيين، ويوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة، ويجعل من الممكن أن تؤدي المفاوضات إلى إطلاق سراح الرهائن.

 

وفي الواقع، لم يدعو أي من أعضاء مجلس الشيوخ إلى وقف دائم لإطلاق النار، على الرغم من قدرته على إرساء أساس لخفض التصعيد في المنطقة بأكملها.

 

وصرخ أحد المتظاهرين، قبل أن يتم إخراجه بالقوة من الجلسة: “ما عليك فعله هو الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة”.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا البحر الأحمر الحوثي بايدن فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین فی إشارة إلى مجلس الشیوخ ضد الحوثیین إدارة بایدن من الکونجرس فی الیمن على غزة بایدن ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحولات العقيدة العسكرية الإسرائيلية.. من الردع إلى الحرب الدائمة

عقدت قيادة الجيش الإسرائيلي، برئاسة الجنرال إيال زامير، أول وأهم منتدى فكري لمناقشة العقيدة الأمنية للدولة العبرية في عهد ما بعد 7 أكتوبر. وبدا أن الهدف الأساس من هذا المنتدى هو التكيف مع تعليمات القيادة السياسية اليمينية المتطلعة إلى "الحرب الدائمة" أولا، وتطوير القدرات العسكرية لاحقا، وفقا لذلك وبما يتناسب مع الواقع. وكان أبرز استخلاص للمنتدى هو وجوب العمل على وقف إطلاق النار ومنح الجيش فرصة لإعادة تشكيل نفسه وقدراته وفق الرؤية الجديدة.

وطبيعي أنه لا يمكن استيعاب ما يراد من تغييرات في العقيدة العسكرية الإسرائيلية من دون عودة ولو موجزة إلى أصولها. ويعتبر أول رئيس حكومة ووزير للدفاع في إسرائيل، ديفيد بن غوريون، واضع أسس العقيدة العسكرية الأولى. وقد انطلقت أساسا من واقع أن إسرائيل قليلة المساحة وتحيط بها دول عربية معادية تريد تدميرها. لذلك كانت أول مبادئ هذه العقيدة هي الضربة الاستباقية ونقل الحرب إلى أراضي العدو وتوفير قدرات عسكرية واستخبارية لهزيمة الدول العربية المحيطة مجتمعة أو متفرقة. وبني الجيش الإسرائيلي وفقا لذلك على أساس جيش نظامي قوي وجيش احتياطي هائل. وتلخصت هذه العقيدة التي أثبتت نفسها في حربي 1956 و1967 بمبادئ الردع والإنذار والحسم.

لكن احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء وهضبة الجولان بعد هزيمة الجيوش العربية، وفر لإسرائيل عمقا لم يكن يتوافر لها، كما أنه عمق التحالف مع أميركا بما لا يستدعي البحث عن حلول سياسية. وبدأ منطق التوسع عبر مشروع ألون في الضفة، والاستيطان في سيناء، ما قاد موشي ديان لإعلان أن إسرائيل مع شرم الشيخ من دون سلام أفضل من سلام من دون شرم الشيخ. وقد تضعضعت ثقة إسرائيل بذلك بعد حرب 1973 واتفاقيات فصل القوات وبدء تراجع الاحتلال. وجاءت اتفاقيات كامب ديفيد وإبرام سلام مع مصر بتغيير البيئة الإستراتيجية لمحيط إسرائيل. ووفقا للعقيدة العسكرية التي صارت تتبلور، لم يعد الجيش فقط للدفاع عن إسرائيل، وإنما أيضا عامل لتغيير محيطها. وهكذا كانت حرب لبنان، وصولا إلى احتلال عاصمة عربية لأول مرة.

دبابات إسرائيلية من طراز سنتوريون تتحرك في جبهة الجولان في حرب 1973 (الفرنسية-أرشيفية) تغيير العقيدة

فالسلام مع مصر، الذي أتاح إبعاد خطر أكبر وأقوى دولة عربية، فتح الباب واسعا لتغيير جوهري في العقيدة العسكرية الإسرائيلية. وقد ترافق ذلك مع تطورات تكنولوجية وتسليحية هامة تمثلت في امتلاك قدرات لم تكن إسرائيل تحلم بها في الماضي. صحيح أن إسرائيل أدخلت السلاح النووي في عقيدتها، كعنصر ردع قيل إنها فكرت في استخدامه العام 1973، لكن ذلك لم يغير جوهر عقيدتها. لكن امتلاك إسرائيل أقمار تجسسية من طراز "أفق" من ناحية، وامتلاك غواصات دولفين ألمانية قادرة على حمل سلاح نووي، وفرت أهم أساس لتغيير العقيدة. فلم يعد الأمن القومي الإسرائيلي يقاس ببعدي المساحة، وإنما بثلاثة أبعاد الحجم. وهذا ما أنشأ نظرية حدود الأمن القومي من مراكش إلى بنغلاديش، والذراع الطويلة للجيش الإسرائيلي.

وفي هذا الوقت بالذات صارت العقيدة العسكرية تستند إلى التكنولوجيا، أكثر من أي وقت مضى. ولهذا السبب وفي عهد رئاسة إيهود باراك لأركان الجيش تبلورت نظرية "جيش صغير وذكي"، وهي النظرية التي قادت إلى تقليص عديد الجيش النظامي والقوات الاحتياطية. وحسب قائد عسكري إسرائيلي كان يخدم في العام 1984 فإن عديد القوات النظامية حاليا يكاد يبلغ ثلث عديد القوات حينما كان في الخدمة. وتأكيدا على ذلك يدور الجدل واسعا هذه الأيام عن حاجة الجيش إلى كثير من المجندين، لتقليص أعباء الخدمة على القوات الاحتياطية.

عموما في هذه الفترة نشأت مفاهيم جديدة جوهرها الاحتواء، خصوصا بعد تطوير وسائل دفاعية ضد الصواريخ، وكذلك خوض ما سمي بمعارك ما بين الحربين ونظرية "جز العشب". وقامت هذه المفاهيم الجديدة في جوهرها على نظرية ردع تستند إلى أن العداء دائم والهدنة مؤقتة. ولكن بسبب اتفاقيات السلام وتوسعها صارت تتبلور نظرية تعاون، ولو أمني، مع الدول العربية التي أبرمت معها هذه الاتفاقيات. وبسبب تطوير نظريات عسكرية منها "نظرية الضاحية" التي بلورها الجنرال غادي آيزنكوت في الحرب على لبنان عام 2006، وتقضي بتدمير حي بكامله مقابل أي إضرار ببناية في إسرائيل، صار الركون أكثر إلى نظرية الردع. ولذلك كان تعبير "حماس مرتدعة" أكثر التعابير استخداما في وصف الفشل الاستخباري الإسرائيلي في 7 أكتوبر.

دمار الضاحية الجنوبية لبيروت خلال عدوان تموز 2006 (الجزيرة) رد فعل انتقامي

وهذا بالذات ما قاد القيادة السياسية والأمنية بعد صدمة 7 أكتوبر إلى الانتقال بنوع من رد الفعل الانتقامي إلى المطالبة بعقيدة عسكرية تستند إلى مبدأ الحرب الدائمة. وبرر هؤلاء هذا الانتقال بالقول إن الاستناد إلى مبدأ الردع، يعتمد أساسا على نوايا العدو التي يمكن أن نخطئ في قراءتها. لذلك ينبغي على إسرائيل أن تلاحق كل احتمال للخطر يقع في محيط أمنها القومي، وتزيله. وبعدما كانت هذه الفكرة جوهر "عقيدة بيغن" وتبلورت لمنع أي دولة عربية من إنشاء مشروع نووي خاص بها، كما حدث مع العراق وبعدها مع سوريا، ثم بتعاون أميركا على ليبيا، صارت هذه نظرية واسعة تغطي أي خطر. وواضح أن هذه النظرية تنسف من أساسها العقيدة، التي كانت تقول بمراقبة الخطر أثناء تبلوره ثم ضربه عندما يتحول إلى خطر فعلي.

إعلان

في كل حال، ومع أن الجنرال زامير وصل إلى رئاسة أركان الجيش في نوع من التوافق السياسي بين قوى اليمين، فإنه اضطر لمكاشفة هذه القوى بالواقع. والواقع يقول، إن جيش إسرائيل، ورغم التكنولوجيا المتقدمة التي يمتلكها في سلاحي الاستخبارات والجو، فإنه جيش يحتاج إلى إعادة بناء حتى يتوافق مع العقيدة الجديدة المطلوبة. وهذا يعني زيادة عديد الجيش، خصوصا قواته البرية والمدرعة بعد أن ثبت أنه ومهما بلغت قدرات سلاح الجو، فإنه أعجز عن حسم الحروب.

وهكذا، وعلى مدى أيام، عقد في قاعدة غليلوت منتدى القيادة العليا في الجيش الذي يضم كل من يحمل رتبة عميد فما فوق، لمناقشة التعديلات والمتطلبات اللازمة للتعامل مع الوضع الجديد. وأعلن زامير أن عام 2026 سيكون عام الاستقرار وإعادة بناء قوة الجيش حيث "سنعود إلى الكفاءة والأساسيات خلال عام مع تعظيم إنجازاتنا واستغلال الفرص العملياتية ". واعتبر زامير أن مسرح العمليات انطلق من غزة، وهو يعود إليها في إشارة للتحدي الذي تمثله غزة باعتبارها ساحة رئيسية. وللمرة الأولى يتحدث رئيس أركان عن مبادئ مثل الدفاع من خلال الهجوم، وأحزمة أمنية على طول الحدود في أراضي العدو، وجيش يواجه التحديات ولا يهمل النوايا والقدرات. ويوضح أن ساحات القتال ليست متشابهة وعلى الجيش أخذ التغييرات الجيوسياسية في المحيط بالحسبان.

رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير (وسط) أثناء زيارته مواقع في الجولان السوري المحتل (الصحافة الإسرائيلية) شفافية زامير

وأشار زامير أساسا إلى ما فعله القتال في غزة في المجتمع والجيش عموما. وقال إنه في ظل غياب الدعم الشعبي الواسع للقتال في غزة، وعلى النقيض من الوضع بعد 7 أكتوبر يجب على الجيش، أن يظل شفافًا تجاه الجمهور الذي يرسل أبناءَه للقتال. وقصد كل ما يتعلق بأساليب القتال في غزة والأهداف الحقيقية للقتال في قطاع غزة.. وشدد على وجوب "أن نكون متواضعين ومتشككين في تقييماتنا، وعلى القادة أن يأخذوا ما يُقال في الاعتبار عند اتخاذ القرارات".

عموما وعلى مستوى هيئة الأركان العامة، فإن إعادة بناء قوة الجيش الإسرائيلي، بإنشاء المزيد من الألوية والوحدات التي يطالب رئيس الأركان بتشكيلها، يتطلب ليس فقط جنودا جددا، وإنما أيضا سعي لتشكيل "جيش إسرائيلي جديد". وهذا الجيش سيكون أقوى وأكبر، وأشد حرصا على تحقيق الأهداف المرصودة له. وفي نظر زامير فإن أي دفاع عن الحدود سيكون من خلال عمليات هجومية داخل أراضي العدو وخارجها، مع تمركز الجنود بعيدًا عن المدنيين، مُلمّحًا بذلك إلى استمرار وجود جيش الدفاع الإسرائيلي في الأحزمة الأمنية المُقامة في ثلاث مناطق معادية حول إسرائيل: في خمسة مواقع في جنوب لبنان؛ وفي تسعة مواقع في الجولان السوري؛ وفي أكثر من عشرة مواقع قيد الإنشاء في قطاع غزة.

وأكد زامير: "لم نعد نتجاهل نوايا وقدرات العدو"، بعد أن تبيّن "أن التغييرات الهائلة التي يشهدها الأعداء في كل مكان وفي جميع الساحات تتطلب المزيد من الاستثمار والموارد للاستخبارات وأدوات جديدة". ولذلك أمر بتشكيل إدارة تدريب جديدة تابعة للكليات العسكرية، والتي ستستوعب دروس القتال الطويل في العامين الماضيين في جميع أنحاء الجيش. ومعروف أن الجيش أنشأ أخيرا قيادة مركزية جديدة تسمى "قيادة جبهة العمق" وهي تختلف عن قيادات الجبهات الشمالية والجنوبية والوسطى والداخلية وأن تركيزها سيكون على عمق محيط الأمن القومي الإسرائيلي.

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي تظهر جنودا يتوغلون في تل السلطان برفح (رويترز) نتائج صعبة

وفي نظر معلقين عسكريين بدت كلمات زامير أقرب إلى عناوين غامضًة، لكنها تعبر عن قلق بشأن العواقب الإشكالية لمثل هذا القتال المطول في أراضي العدو، لأكثر من 20 شهرًا، دون تحقيق أهداف الحرب. بل إن قادة القوات جادلوا أثناء المناقشات، بأن القتال المتواصل والنظرة إلى الجنود كمورد لا ينضب ولا ينضب يؤديان إلى… نتائج ميدانية صعبة.

إعلان

وفي هذا السياق حذر البروفيسور بوعز أتزيلي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بواشنطن، متخصص في الدراسات الأمنية والنزاعات الحدودية، من مخاطر تغيير العقيدة العسكرية. ونشر مقالا في موقع "زمان إسرائيل" رأى فيه أن حكومة إسرائيل وجيشها غيّرا من أكتوبر 2023 وجذريا العقيدة العسكرية للدولة، ولاحظ أنه "مع قلة الوعي العام، وضعف الوعي داخل المؤسسة الأمنية على ما يبدو، تم التخلي تمامًا عن أحد ركائز السياسة الأمنية الإسرائيلية -الردع التقليدي- ووُضع على الرف ليتراكم عليه الغبار. انتهى الأمر، كما هو الحال في حالات أخرى كثيرة في عالم الارتجال و"كل شيء سيكون على ما يرام"، دون أي تفكير مسبق. هذا التغيير الحاسم خطِر للغاية على مستقبل البلاد، ويستحق نقاشًا معمقًا وشاملًا، وهو ما لم يُناقش حتى الآن".

واعتبر أن "المشكلة هي أنه لم يكن هناك، ولن يكون هناك، تفكير منهجي وعميق في آثار التغيير -في مزاياه وعيوبه الإستراتيجية. لطالما اتجهت الثقافة الإستراتيجية لجيش الدفاع الإسرائيلي، منذ القدم، إلى تجاهل التفكير المتعمق والاعتبارات طويلة الأمد. جيش الدفاع الإسرائيلي ممتاز في التكتيكات وضعيف جداً في الإستراتيجية. والحكومة الإسرائيلية، التي تولت هذا الدور أحيانًا، منشغلة باعتبارات انتخابية ومسيحانية، لا باعتبارات عقلانية تتعلق بمصالح الدولة".

 

مقالات مشابهة

  • السيناتور غراهام: إسرائيل ستفعل بغزة ما فعلناه في طوكيو وبرلين (شاهد)
  • مستنقع اليمن.. لماذا لا تنتصر القوة الأمريكية على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • تحليل أمريكي: السعودية تدرك فشل حربها ضد الحوثيين باليمن
  • جنرال أمريكي: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ساهمت في تطوير التكتيكات العسكرية الأمريكية
  • الحرب على غزة ترفع عدد المصابين في جيش الاحتلال لـ100 ألف
  • حاج رجم: “نسعى لمواصلة حصد الألقاب وتشريف شعار النادي”
  • تحولات العقيدة العسكرية الإسرائيلية.. من الردع إلى الحرب الدائمة
  • تحليل أمريكي: العقوبات والعمل العسكري يفشلان في وقف هجمات الحوثيين (ترجمة خاصة)
  • تحقيق إسرائيلي: ما هي شركات الطيران التي لا تزال تحلق فوق اليمن وإيران؟ (ترجمة خاصة)
  • زيلينسكي: نحتاج 65 مليار دولار سنويا لمواصلة الحرب ضد روسيا