جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-29@07:50:07 GMT

مصر.. والخيارات الصعبة

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT

مصر.. والخيارات الصعبة

 

مسعود أحمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

 

مُنذُ سنوات طويلة ومصر تتعرض لمؤامرة كبرى، وهي على الدوام مستهدفة من قبل قوى إقليمية ودولية وتعد في عرف الإمبريالية والصهيونية "الكعكة الكبرى"، التي لا بُد من التهامها؛ سواءً بإخراجها من دائرة الفعل الاستراتيجي وتقليص دورها، أو تدميرها كما حصل مع بلدان عربية محورية.

ولا يزال مطروح في الدوائر الإمبريالية والصهيونية: هل تكون مصر البداية أم النهاية؟ ولعل من أسس لهذا التوجه في العقل الغربي المعاصر، هو ديفيد بن غريون رئيس وزراء الكيان الصهيوني الذي قال سنة 1957 إن ضمان وجود كيانه المسخ المزعوم يتطلب تدمير ثلاثة بلدان عربية هي: مصر وسوريا والعراق، وقد تحققت رغبته فيما يتعلق بالبلدين الأخيرين، وقد انتبه جمال عبد الناصر لهذا المخطط حين أكد أن "البادي بسوريا سوف يُثنِّي بمصر". تلك هي المنطلقات الاستراتيجية للفكر الإمبريالي والصهيوني تجاه الأمة العربية، وعدم إدراكها أو تجاهلها مسألة أخرى.

بيد أن الأزمة المصرية المتراكمة في جانبها الذاتي، تعد ذات منشأ طبقي وهي جزء من حالة عربية مأزومة وعاجزة عن الخروج من مأزقها التكويني رغم محاولات التكيف مع المستجدات المتواترة. ولعقود خلت يحكم فعلها الانسجام والتنافر بين قطبي اليمين الرجعي بشقيه العلماني والديني بتطلعاتهما وارتباطاتهما التحالفية المشبوهة مع شبكات الرأسمالية العالمية وأجهزتها المتعددة الأوجه والمسارات. لقد أطلت القوى اليمينة برأسها بعد الردة الساداتية ضد التوجه الاشتراكي؛ حيث تم ضرب التحالف الوطني العريض الذي يشكل مرتكز الموقف الوطني والقومي والسطو على مكتسباته الاجتماعية. والتأسيس لهذا الإطار العام بدأ بإشاعة مناخات الإحباط واليأس وضرورة الالتفات للمصالح الخاصة، وهو ما عبر عنه أنور السادات بالقول "من لم يغتنِ في عهدي لن يغتني"، وذلك في محاولة إحياء الأوهام ودغدة أحلام الفقراء، وإنعاش غريزة التملك والنزعة الفردية، وتحميل التمسك بالثوابت الوطنية والقومية مسؤولية تردي أوضاعهم الحياتية. وهذا الإعلان حمل في مضمونه ما يكفي من الدلالات المعبرة عن كُنه التوجهات الجديدة حينها.غير أن ذلك مجرد مدخل مبسط لتخديرهم في تسهيل سيطرة تحالف الإقطاع ورأس المال وطبقة الـ5 بالمئة القائمة قبل ثورة يوليو وتمكينها من الاستيلاء على القطاع العام الذي أُهمل لتبرير تخصيصه، وهي سياسة ما زال معمول بها في العديد من الأقطار العربية التي أجهضت المد الثوري بالإصلاحات الاجتماعية والخدمات المجانية وغيرها، ثم بدأت برفع اليد التدريجي وإفساح المجال أمام شرائح البرجوازية الكمبرادورية الطُفيلية للاستحواذ على القطاع العام، تحت مضامين الشعار المضلل بأن "البقرة التي يملكها الفرد تدر أكثر من تلك التي تملكها الدولة".

هذه التحولات الطبقية والفكرية مهدت لاتفاقية كامب ديفيد وفك الارتباط بالقوى المناهضة للإمبريالية عربيًا ودوليًا، ومنها تفشي التِيه السياسي؛ حيث تحولت بموجبها من دولة قائدة في المحيط العربي والأفريقي إلى دولة هامشية ملحقة وتابعة للإمبريالية العالمية وأدواتها الإقليمية الصهيونية والرجعية، وحيث النظر للقضايا الداخلية والخارجية بمنظار المصالح الإمبريالية في تأمين وجود دائم للكيان الصهيوني على جوارها وعلى حساب الحقوق العربية من الناحية العملية.

غياب النظرة الشمولية لطبيعة الصراع التاريخي بين الأمة العربية والقوى الاستعمارية الإمبريالية والصهيونية باعتباره صراعًا تناحريًا قائمًا على نفي أحد أطرافه أو إخضاعه كليًا، أفقدها الى حد كبير اليقظة والنباهة المطلوبة؛ الأمر الذي جعلها تتعاطى مع الظواهر السلبية التي يفرزها الجدل اليومي باعتبارها مسلمات، دون إمكانية التأثير الفعلي في مجريات تشكلها. غير أن ما يطفو على السطح مجرد مظهر خارجي لتوليفة هجينة غير مستقرة تولد باستمرار نقيضها، وأن المعاهدات الاستسلامية التي يراد الاحتماء بها لا تغير من طبيعة العدو وأهدافه البعيدة، ولا تحد من شراهته العدوانية التوسعية، وبالتأكيد لن تخرج الجماهير المصرية والعربية من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

والنموذج المصري القابل للتكرار يستحق تقييمه ليس قوميًا فحسب؛ بل وطنيًا؛ حيث يكشف مستقبل المتهافتين نحو التطبيع، وها هي بعد نصف قرن تراوح مكانها وعرضة للاهتزازات ومحاطة ببؤر ساخنة من جميع الاتجاهات وجلها معادية. وما يجري حاليا في فلسطين المحتلة؛ حيث يراد تفريغها من أهلها بقوة الإرهاب والتجويع وإشراكها في جريمة العصر التي لا تليق بمكانتها التاريخية، تتويج لمنحى خاطئ، وإن كانت الى الآن رغم كل الضغوطات والإغراءات، تُعاند الإملاءات الغربية والإسرائيلية. وبعيدًا عن تقديراتها ومحاذيرها الخاصة المعروفة، تعد وفق كل الحسابات المتضرر الأكبر مما يجري في عموم المنطقة. ويبقى السؤال الذي يرهق العقل: ماذا تريد مصر وكيف؟

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

نور أعرج لـ سانا: حرصنا في هذا العام على رفع كفاءة الخدمات التنظيمية والطبية والإدارية، سواء في فنادق البعثة السورية أو في المشاعر المقدسة في عرفات ومنى، وعززنا التواصل مع الشركات الناقلة والمزودين لتقديم الخدمة في المملكة العربية السعودية، لضمان تقديم أف

2025-05-29alineسابق نور أعرج لـ سانا: جرى توزيع الحجاج على دفعات قادمة من دمشق، وإسطنبول، وغازي عينتاب، وأربيل، إضافة إلى دول الخليج، وهي تصل تدريجياً بسلام إلى الديار المقدسة دون تسجيل أي حالات طارئة تُذكرالتالي نور أعرج لـ سانا: جرى تطوير آليات المتابعة الرقمية للحجاج من خلال بطاقاتهم الشخصية، إضافة إلى توزيعهم على أبراج سكنية مجهّزة بشكل أفضل وبمواقع وخدمات جيدة جداً، مع تفعيل فرق الدعم والإرشاد في كل مراحل الحج، وقسمنا العمل إلى أربع بعثات رئيسية، هي: الإدارية، والدينية، والصحية، والإعلامية، مهمتها الرئيسية خدمة حجاج بيت الله الحرام انظر ايضاًنور أعرج لـ سانا: نتوجه بالشكر الجزيل إلى المملكة العربية السعودية قيادةً وشعباً، على ما قدموه من تسهيلات واسعة هذا العام، فلم نلمس أي تمييز أو اختلاف في المعاملة، بل على العكس، لمسنا روح التعاون والترحاب من جميع الجهات المعنية

آخر الأخبار 2025-05-29مدير الحج السوري نور أعرج لـ سانا: وصول ما يقارب أربعة عشر ألف حاج سوري حتى اليوم من الحجاج السوريين إلى مكة المكرمة، وسيستمر وصول الحجاج حتى تاريخ الـ 2 من حزيران من الشهر القادم، وعدد حجاج سوريا لهذا العام 22,500 حاجاً 2025-05-29إخماد حريق في معملٍ ومستودعٍ للورق المقوى في ريف دمشق 2025-05-29وزير الثقافة: افتتاح المركز الثقافي في إدلب الأحد القادم 2025-05-29وزارة الثقافة توفد لجنة أثرية لتوثيق اكتشاف بيزنطي في معرة النعمان 2025-05-28الأول من نوعه في سوريا.. افتتاح مركز الابتكار الرقمي ‌‏(ديجت) بدمشق 2025-05-28بعثة تقنية من وزارة الخارجية المغربية تزور سوريا لإعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق 2025-05-28بحث آفاق التعاون بين مؤسسة مياه اللاذقية ومنظمتي الصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري في دعم محطة نبع السن 2025-05-28في عيدها السنوي الثامن عشر.. مؤسسة إدارة الموارد البشرية تعرض إنجازاتها في تنمية قطاع الموارد البشرية 2025-05-28سوريا وألمانيا تبحثان التعاون في المجال التربوي 2025-05-28الصفدي وباراك يبحثان تطورات الأوضاع في سوريا وجهود دعمها في عملية إعادة الإعمار

صور من سورية منوعات العالم على موعد مع أخطر 5 أعوام مناخياً في التاريخ 2025-05-28 سرطان الجلد واختلاف مناطق الإصابة بين الرجال والنساء 2025-05-26فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • نور أعرج لـ سانا: نحرص على أن تكون رحلة الحج فرصة لترسيخ قيم التواضع، ونظافة المخيمات في المشاعر، فقد كنا من أوائل البعثات العربية والإسلامية التي قمنا بتبني مشروع نظافة الخيم في عرفات ومنى، إضافة إلى الصحة المستدامة لدى حجاجنا من خلال التوعية الصحية التي
  • نور أعرج لـ سانا: نتوجه بالشكر الجزيل إلى المملكة العربية السعودية قيادةً وشعباً، على ما قدموه من تسهيلات واسعة هذا العام، فلم نلمس أي تمييز أو اختلاف في المعاملة، بل على العكس، لمسنا روح التعاون والترحاب من جميع الجهات المعنية
  • نور أعرج لـ سانا: حرصنا في هذا العام على رفع كفاءة الخدمات التنظيمية والطبية والإدارية، سواء في فنادق البعثة السورية أو في المشاعر المقدسة في عرفات ومنى، وعززنا التواصل مع الشركات الناقلة والمزودين لتقديم الخدمة في المملكة العربية السعودية، لضمان تقديم أف
  • مدير الحج السوري نور أعرج لـ سانا: وصول ما يقارب أربعة عشر ألف حاج سوري حتى اليوم من الحجاج السوريين إلى مكة المكرمة، وسيستمر وصول الحجاج حتى تاريخ الـ 2 من حزيران من الشهر القادم، وعدد حجاج سوريا لهذا العام 22,500 حاجاً
  • الدوري الممتاز| أشرف داري: لقب الدوري هديتنا للجماهير
  • لازريني: لو أن جزءا ضئيلا من التريليونات التي حصل عليها ترامب تذهب للأونروا
  • أبو توتة: من يتحمل مرتبات ونفقات موظفي البعثة الأممية بالعملة الصعبة؟
  • عيتاني: مرفأ بيروت في جهوزية تامة للانضمام إلى خطوط النقل العربية
  • المحكمة العليا: اليوم غرة ذي الحجة والوقوف بعرفة 5 يونيو
  • في ختام امتحانات الترم الثاني.. الأسئلة الخاطئة والنماذج الصعبة أبرز الشكاوى