يثير مشروع قانون "المساعدة على الموت"، الذي أعلنه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الاثنين، ردود فعل واسعة بالأوساط الفرنسية، بين مدافعين يشددون على أهمية التشريع في إنهاء معاناة المرضى الذين يختارون ذلك، ورافضين يرون فيه "تقنينا للانتحار".

وأعقب تقديم ماكرون للمشروع الجديد، إعلان من رئيس الوزراء، غابرييل أتال، كشف فيه أن التشريع الذي يفتح باب "المساعدة على الموت" في ظل "شروط صارمة"، يجب تقديمه إلى مجلس الوزراء، في أبريل، على أن تتم دراسته في قراءة أولى  في 27 مايو بالجمعية الوطنية (البرلمان)، وقد يتم تبني القانون العام المقبل، في ظل معارضة كبيرة يواجهها.

ما هو مشروع "المساعدة على الموت"؟

ويشمل مشروع القانون الجديد بعض العناصر، ومنها تطوير الرعاية الداعمة أو التلطيفية، التي تعرفها منظمة الصحة العالمية، بأنها طريقة لتحسين نوعية حياة المرضى وعائلاتهم في مواجهة الأمراض التي تهدد حياتهم، بالإضافة إلى تعزيز حقوق المرضى ومقدمي الرعاية، وفقا لموقع "ويست فرانس".

وينص القانون على أن المرضى البالغين، "القادرين على التمييز الكامل والشامل"، الذين يعانون من "مرض عضال" لا علاج له ويسبّب لهم معاناة، من حقهم أن "يطلبوا المساعدة على الموت".

ولا يحدد القانون الجديد قائمة بالأمراض التي تشملها إمكانية الوصول إلى المساعدة على الموت، غير أنه يضع معايير خاصة تحدد حالات اللجوء إلى التقدم بالطلب، وتخص فقط البالغين القادرين على اتخاذ القرار والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب مرض لا علاج له.

وكشف الرئيس الفرنسي، في حوار مع صحيفتي "لاكروا" و"ليبراسيون،" أن المرضى البالغين "الذين يستطيعون التمييز بشكل تام وكامل"، ويعانون من "مرض عضال غير قابل للشفاء على المدى القصير أو المتوسط ولا مجال للتخفيف من آلامهم" سيتمكنون من "طلب المساعدة بهدف الموت".

وبالتالي سيتم استبعاد القاصرين والاشخاص المصابين باضطرابات نفسية أو عصبية تؤثر في القدرة على التمييز مثل مرض الزهايمر. وسيكون الأمر متروكا للفريق الطبي للنظر في الطلب في غضون خمسة عشر يوما.

وفي حال التوصل إلى رأي جماعي إيجابي من فريق طبي، سيتم وصف مادة قاتلة للشخص المعني الذي سيتمكن من تناولها بنفسه أو بمساعدة شخص آخر إذا "كان عاجزا جسديا".

ويسمح القانون الحالي الذي تعود أحدث نسخة عنه إلى عام 2016، "بالتخدير العميق والمستمر" للمرضى الذين لا أمل لهم بالشفاء على المدى القصير ويعانون من آلام لا يمكن تخفيفها، لكنه لا يسمح بالانتحار بمساعدة شخص أو بـ"الموت الرحيم".

ولكن العديد من الحالات التي قام بها أقارب أو أطباء بالاستجابة لرغبة المريض ومساعدته بتطبيق "الموت الرحيم"، أدت بهؤلاء للمحاسبة أمام القضاء وذهب العديد منهم إلى السجن، وفقا لموقع إذاعة مونت كارلو الدولية.

وأقرت سويسرا وبلجيكا وهولندا المجاورة لفرنسا قوانين تسمح باتخاذ إجراءات طبية لإنهاء حياة بعض الحالات. لكن فرنسا تعارض هذه الخطوة لعدة أسباب منها الضغط الذي تمارسه الكنيسة الكاثوليكية، وفقا لرويترز.

وفي مقابلة مع صحيفة ليبراسيون، قال ماكرون إنه لا يريد أن يطلق على التشريع الجديد اسم القتل الرحيم أو المساعدة على الانتحار، وإنما "المساعدة على الموت".

وأضاف "إنه (التشريع) لا يتمخض عنه حق جديد أو حرية جديدة، لكنه يرسم مسارا غير موجود حتى الآن ويفتح المجال لطلب المساعدة في الموت في ظروف معينة صارمة".

وأوضح ماكرون، أنه يتعين استيفاء بعض الشروط على أن يضطلع فريق طبي بتقييم الحالة، والتأكد من صحة انطباق المعايير عليها.

معارضة دينية

وأثار الإعلان عن المشروع الجديد الذي قدمه الرئيس الفرنسي، سخط مؤسسات وتيارات دينية بفرنسا، التي نددت بالخطوة.

وانتقدت الكنيسة الفرنسية بشدة، الاثنين، مشروع قانون "المساعدة على الموت" والذي يأتي بعد رفضها الأسبوع الماضي لدسترة الإجهاض. 

وقال رئيس مؤتمر أساقفة فرنسا، إيريك دي مولان بوفورت، "إن القانون يفتح الباب أمام الانتحار بمساعدة طبية"، وفقا لما نقله موقع "لوباريزيان".

من جهته، قال إمام المسجد الكبير في باريس، شمس الدين حافظ، إنه "قلق للغاية"، موضحا أن "الحديث عن المساعدة على الموت أمر شنيع". 

ورأى أن "هناك الكثير من الغموض حول الانتحار بمساعدة طبية، والقتل الرحيم..."، متحدثا عن دفع المرضى نحو "الموت".

غضب مقدمي الرعاية 

من جهتها، عبرت العديد من جمعيات مقدمي الرعاية، بما في ذلك الجمعية الفرنسية للدعم والرعاية التلطيفية،  عن غضبها العارم من مشروع القرار.

وأفادت 15 منظمة للرعاية الطبية في بيان مشترك، أن "مشروع القانون بعيد  كل البعد عن احتياجات المرضى والواقع اليومي لمقدمي الرعاية، مع عواقب وخيمة على منظومة الرعاية والتطبيب".

دفاع عن "الموت بكرامة"

وفي المقابل، تدافع مجموعة من المنظمات الطبية عن مشروع القانون، مستندة على تقرير للجنة الوطنية الاستشارية للأخلاقيات، والتي أشارت إلى أن مشروع القانون الحالي لا يأخذ بعين الاعتبار "بعض المواقف الإنسانية الصعبة للغاية".

وهذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للمرضى الذين يعانون من مرض شاركو، وهو مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تُسبب تلف الأعصاب، والذي يموت المصابون به، بسبب الاختناق بعد شلل جميع أطرافهم.

في هذا الجانب، قال الصحفي، تشارلز بيتري، الذي يعاني من مرض شاركو: "هذا القانون، خطوة أولى، يمكن أن يوفر لنا الحرية والكرامة".

كما يلفت المدافعون عن مشروع القانون الجديد، إلى الضرر البالغ الذي كان يثيره التخدير العميق والمستمر حتى الموت، الجاري العمل به، والذي يستغرق عدة أيام، قبل موت المريض، على عكس الإجراء الجديد الذي يكون فيه الموت بالحقنة المميتة فوريا.

وقالت جمعية "الحق في الموت بكرامة"، "أخيرا، فرنسا تخرج من التردد الذي شهدته في الأشهر الأخيرة"، حسبما نقل موقع "فرانس بلو".

ورحب رئيس الجمعية، جوناثان دينيس، بـ"الخطوة الأولى نحو الأمام"، معربا عن سعادته برؤية أن "رئيس الجمهورية يقدم أخيرا مشروع قانون ويعطي جدولا زمنيا".

ومع ذلك، يرى أن النص، بصيغته الحالية، "لا يذهب بعيدا بما فيه الكفاية" لأنه، حسب قوله، "لا تزال هناك أشياء كثيرة غير مناسبة"، منتقدا  "غياب حرية الاختيار بين الموت بمساعدة طبية، أي عندما يطلب الشخص المعني ذلك بنفسه، والقتل الرحيم، حيث يقوم مقدم رعاية تابع لطرف ثالث باتخاذ القرار مكان المصاب غير القادر على طلب ذلك".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المساعدة على الموت مشروع القانون

إقرأ أيضاً:

نقابة العاملين بالبترول تنظم ندوة تثقيفية حول قانون العمل الجديد

نظّمت النقابة العامة للعاملين بقطاع البترول برئاسة المحاسب عباس صابر، ندوة تثقيفية بعنوان: “قانون العمل الجديد”، وذلك في إطار جهودها لرفع الوعي القانوني لدى العاملين وتعزيز فهمهم لحقوقهم وواجباتهم في ضوء التشريعات الحديثة.

أشاد المحاسب عباس صابر رئيس نقابة البترول في كلمته بجهود الدولة ووزارتي العمل والبترول في تطوير بيئة العمل ومعالجة الملفات العمالية المهمة، مؤكدًا أهمية القانون الجديد في تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل.

كما أكد الأمين العام للنقابة، المحاسب أحمد السروجي، على دور العمل النقابي في دعم حقوق العمال ومواكبة التطورات القانونية بما يخدم الصالح العام، مشددًا على أهمية التكاتف النقابي لمواجهة التحديات.

وقدّم الدكتور نيازي مصطفى، الخبير في التشريعات العمالية، عرضًا تفصيليًا حول القانون الجديد، موضحًا الفروق بينه وبين القانون السابق، وناقش أبرز بنوده المتعلقة بالأجور، والعقود، والعقوبات، وأجاب عن استفسارات الحاضرين.

واختتم الندوة المستشار محمد عيسى، خبير التشريعات العمالية و الإدارية بدار الخبرة للتطوير الإداري ، بالتأكيد على دور النقابات في تفعيل مواد القانون، ودعم العمال في مواجهة التحديات، معتبرًا أن وعي العامل بالقانون هو الضامن الحقيقي لحقوقه.

وشهدت الندوة تفاعلًا إيجابيًا من المشاركين الذين طالبوا باستمرار تنظيم مثل هذه الفعاليات التوعوية، واختُتمت بالتقاط صورة جماعية للمشاركين.

طباعة شارك قانون العمل الجديد النقابة العامة للعاملين بقطاع البترول نقابة البترول التشريعات العمالية النقابات

مقالات مشابهة

  • انتهاء مهلة الـ30 يوم غدا..موعد تطبيق قانون الإيجار القديم وزيادة 250 جنيها
  • موعد تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم الجديدة
  • 38 محكمة عمالية ومكاتب مساعدة قانونية لتطبيق قانون العمل الجديد أول سبتمبر
  • نقابة العاملين بالبترول تنظم ندوة تثقيفية حول قانون العمل الجديد
  • "شباب الشورى" تواصل مناقشة مشروع قانون الهيئات الرياضية
  • شبابية الشورى تناقش قانون الهيئات الرياضية مع رؤساء الأندية
  • كم سيدفع مستأجرو المناطق المتميزة في أول شهر من تطبيق الإيجار القديم؟
  • البناء والأخشاب تعقد دورات تثقيفية عن قانون العمل الجديد
  • حالات وقف صرف الدعم النقدي في قانون الضمان الاجتماعي الجديد.. والتظلم خلال 60 يومًا
  • تسلسل زمني.. حسم مصير قانون الإيجار القديم يقترب|تفاصيل