من أقوال الإمام علي بن أبي طالب : (حين سكت أهل الحقِّ عن الباطل ، ظنّ أهل الباطل أنهم على حق!)
إثنان وثلاثون عاماً ونيف من الإستبداد والبطش وسجون الخفاء والعلن ، والجوع والتشريد ، هي حصيلة ما قدّمه الأخوان المسلمون لشعب السودان المسالم بعد أن أجهزوا بانقلابهم العسكري المشئوم في يونيو 1989م على حكومة مدنية باختيار الشعب.

إثنتان وثلاثون سنة من سرقة ثروات البلاد ، وتحويل العائد لجيوب أقلية هي عضوية تنظيمهم .. يحدث ذلك تحت مسمّى "التمكين". إثنان وثلاثون عاماً من تدمير المؤسسات الوطنية، بما في ذلك المشاريع الإقتصادية ومؤسسات التربية والتعليم والجيش والشرطة.. وتحويل أجهزة الشرطة والأمن إلى عيون تحصي أنفاس وحركة كل من ظنوه في غير صفهم. حروب وموت ومجاعات وتشريد للمواطنين وحرق قراهم ومزارعهم – ذاك كان مشروعهم الحضاري !!
جرى كل ذلك وأهل الحق- وهم جل شعبنا المغلوب على أمره - يتم إسكات صوتهم بالبندقية. وأهل الباطل (القلة الإسلاموية ) التي في يدها المال والسلطة والسلاح قد حسبت نفسها على حق! ولأنه لكل أجل كتاب ، ولكل بداية نهاية ، فقد ثار الشارع الأعزل .. شباب وشابات - ولد معظمهم إبان حقبة نظام الإسلامويين الدموي - فقلبوا ظهر المجن على الطغيان والإستبداد وهم يملأون الشوارع والأزقة في مدن وقرى السودان ، في واحدة من أكبر ثورات القرن الواحد والعشرين - ثورة 19 ديسمبر 2018م وهي إعلان أهل الحق أن يعلو صوتهم هذه المرة حتى يسقط صوت أهل الباطل! لكن الأخوان المسلمين أصروا أن يبقوا على أكتاف أهل السودان بالقوة. إنقلبوا على حكومة الثورة بقيادة الدكتور حمدوك ، التي نجحت في عامين فقط - رغم العراقيل في ما عجزوا هم في تقديمه للوطن والمواطن خلال 32 سنة.
منذ إنقلاب الجنرال البرهان وعصبته على حكومة حمدوك في اكتوبر 2022م وعسكر الكيزان يقودون البلاد بجنون نحو الهاوية! وآخر جنونهم الحرب الأخيرة ضد الدعم السريع والتي يعرف القاصي والداني أنهم من أشعل فتيلها! ولأنهم قاموا - عبر حروبهم التي لا تنتهي - بإضعاف الجيش حد الخراب ، فقد خسروا الحرب التي سعوا للحشد لها في موائد إفطار شهر الصوم قبل عام. جاءت قراءتهم لكل شيء بالمقلوب. لقد كسب الكيزان حربهم الحالية ضد غريمهم الدعم السريع في ميدان واحد فقط ، مواقع التواصل الإجتماعي: فيس بوك وواتساب. عدا ذلك فإن الشاهد على خسارتهم المهول للحرب جاء على لسان الفريق ياسر العطا في كسلا قبل يومين حين عدد مواقع سيطرة الدعم السريع - بوعي أو دون وعي منه - طالباً منهم أن ينسحبوا منها ، وتشمل دار فور كلها وكردفان والخرطوم والجزيرة. هذه أول مرة أرى فيها مهزوماً يحاول أن يملي شروطه على من لم يترك له مساحة يمشي عليها في أمان !
وما زال صوت أهل الباطل عالياً لأن أهل الحق سكتوا عن الكلام المباح .. إما جبناً وإما لأنّ ضجيج الحرب الجارية أحدث تشويشاً لرؤية البعض، رغم أنّ نشر الأكاذيب في مواقع الكيزان التي لا تحصى لم يعد يصدقه حتى مناصروهم والسذج الذين انقادوا لأكذوبة (جيش واحد ، شعب واحد.) !!
نقولها اليوم بملء الفم: خلاص شعبنا من هذا الكابوس أن يتداعى الجميع للإنضواء تحت الجبهة المدنية الديموقراطية العريضة (تقدم). وهذا المسعى ليس جديداً على شعبنا. كان التكاتف الوطني شارة نجاح منذ مؤتمر الخريجين عام 1934م مروراً بانتفاضتي أكتوبر 1964 وأبريل 1985م وانتهاءاً بثورة 19 ديسمبر 2018م. ولكي تحقق الثورة شعاراتها الثلاث: حرية سلام وعدالة فإنّ تآلف قوس القزح السوداني في حده الأدنى سيقلب الطاولة على مخطط أهل الباطل (الكيزان) وقد أعلنوه وما زالوا: الحرب ودمار هذا البلد على جثث رجاله ونسائه وفتيانه وفتياته وأطفاله إن لم يسمح لهم بالعودة للسلطة أوالمشاركة .. وهو ما يعني أن ننسى لهم بحار الدم التي أراقوها، وسرقة موارد البلاد جهراً ، وأن نلغي ذاكرة شعبنا ونعود إلى المثل الخايب (عفا الله عما سلف)!! من منا له الحق أن يعفو عن سفاحين سرقوا شباب الدكتور علي فضل والتاية وقصي حمدتو، وصلاح السنهوري وآلاف الشباب؟ بل من يجرؤ ليقول لأهل دار فور إنسوا رقم الإبادة الذي بلغ فوق ال300000 (ثلاثمائة ألف) مواطن حصد جيش الكيزان ومليشياته أرواحهم؟
كاتب هذه السطور لا يدعو للإنتقام ، إذ لا ينتقم إلا الجبناء. لكنّ كاتب المقال يرى أن السير في الطريق السوي يأتي عبر العمل لتحقيق حلم السودانيين بقيام دولة العدالة والقانون. ولأن جرائم بعينها لا يمحوها تقادم الوقت ، فإن اللصوص والقتلة تزعجهم أصوات من ينادون بعبارة (لا للحرب)! يحسبون أن استمرار الحرب فيه خلط الكيمان ودمار السودان .. وبالتالي نجاتهم من الحساب. لذا فإنّ صعود الجبهة الوطنية الديموقراطية (تقدم) في فترة وجيزة جداً أدخل الهلع في قلوب عسكر الكيزان وفلولهم. ولو لم يفعل رئيس الوزراء السابق الدكتور عبدالله حمدوك وزملاؤه من السياسيين الوطنيين شيئاً خلال هذه المرحلة سوى العمل الدؤوب على قيام الجبهة المدنية الديموقراطية (تقدم) وبرامجها المعلنة وفي مقدمتها إيقاف الحرب الحالية القذرة - أقول لو لم يفعلوا غير هذا لكفاهم فخراً.
من المهم في السياسة مراعاة موازين القوى ، أين كانت ؟ وأين هي اليوم؟ والدكتور عبد الله حمدوك الذي حاول خصومه - ليس عسكر الكيزان وحدهم - شيطنته واتهامه بكل ما يبرع فيه الكيزان وفلولهم وآخرون بقتل الشخصية .. عبدالله حمدوك الذي استطاع قيادة سفين هذا البلد رغم كل الأنواء ورغم فترة إدارته القصيرة ، التي ازدحمت بالعراقيل ، لم يقف مكتوف اليدين حين دعا الداعي للتصدي لصوت البوم والدمار. قاد تنسيقية تقدم بتلبية الدعوة الرسمية من الجارة مصر. وتلك ضربة معلم أعطت الكثيرين في هذا الوقت الصعب بصيصاً من الأمل.
ولقد رأينا في اليومين الماضيين كيف أعطت مؤسسات مصر الرسمية والشعبية أهمية للزيارة عبر إعلامها المقروء والمتلفز. ومصر - وهي دولة لها ثقلها وحضورها إقليمياً وفي قارتنا - لا تعطي هذا القدر من الأهمية لهذه الزيارة إن لم تكن قد رأت بوضوح تغير موازين القوى .. وهو قطعاً ليس تغيراً في مصلحة حليفها الذي طالما راهنت عليه ودعمته في السر والعلن. نقول للإخوة في مصر :إنّ رهان شعب السودان على قيام دولة مدنية – دولة الحقوق والعدالة ، دولة بها جيش عقيدته الوطن ، وليس الجيش الذي يملي أوامره على قادته تنظيم من خارج الحدود، إن هذا الرهان الذي تقوده تقدم اليوم يمثل خيار شعب السودان وثورته التي ما زال فتيلها مشتعلا..وسينتصر شعبنا! والأفضل باعتقادنا هو الرهان على الشعوب! ومصر بعلمائها ومؤسساتها الكبرى وبتاريخها العريق تفهم ذلك جيداً.

فضيلي جماع
12- مارس- 2024

fjamma16@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أهل الحق

إقرأ أيضاً:

العقوبات الأميركية على «سلطة بورتسودان» تدخل حيز التنفيذ

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة ترامب: إيران ترغب في عقد لقاء دعوات لإعادة إحياء المسار الدبلوماسي في ملف إيران النووي

دخلت العقوبات الأميركية على «سلطة بورتسودان» حيز التنفيذ، أمس، بعد أن اتهمت وزارة الخارجية الأميركية «سلطة بورتسودان» باستخدام أسلحة كيميائية خلال الصراع في السودان.
وأدرج الموقع الرسمي «للسجل الاتحادي» الأميركي إخطاراً عاماً بشأن سريان العقوبات، وتاريخ نشره أمس.
وقال الإخطار الذي جاء بتوقيع المسؤول الرفيع الذي يؤدي مهام وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الحد من التسلح والأمن الدولي، إن «السلطات في السودان انتهكت القانون الدولي باستخدام هذه الأسلحة، وذلك بموجب المادة 306 (أ) من قانون مكافحة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء على الحرب لعام 1991».
وتشمل العقوبات المفروضة قيوداً على الصادرات الأميركية إلى السودان، بالإضافة إلى منع وصوله إلى خطوط الائتمان الحكومية الأميركية.
وكشف خبراء ومحللون سودانيون، في تصريحات لـ «الاتحاد»، عن أن «سلطة بورتسودان» تهدف من وراء إطالة أمد الحرب إلى خلق بيئة فاسدة تسمح بتشكيل «مافيات» قادرة على التهرب من العقوبات الدولية وإعادة إنتاج نفسها، وتسعى إلى تلميع صورتها وتحسين سمعتها من خلال «تحقيقات شكلية» لا تتعدى كونها مسرحية سياسية تهدف إلى تخفيف الضغوط الدولية.
ويعاني ملايين السودانيين من المجاعة ويصارعون للبقاء على قيد الحياة، في ظل اقتصاد منهار، وبنية تحتية مدمرة، وأوضاع إنسانية بالغة السوء. 
وفي المقابل تصر «سلطة بورتسودان» على ممارسات مشبوهة وسياسات فاسدة تستنزف ثروات البلاد، في حرب تخدم مصالح مجموعات من المنتفعين، على رأسها جماعة «الإخوان».
وقال السياسي السوداني، مصعب يوسف، إن الموارد الوطنية تُبدّد في حرب عبثية لا تخدم سوى مصالح ضيقة، حيث تُستنزف ثروات السودان لشراء السلاح، وتغذية خطوط الإمداد العسكري، بينما يعاني ملايين السودانيين الفقر والجوع والتشرد.
وأضاف يوسف، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن «سلطة بورتسودان» تهدف من وراء إطالة أمد الحرب إلى خلق بيئة فاسدة تسمح بتشكيل مافيات قادرة على التهرب من العقوبات الدولية، وإعادة إنتاج نفسها، موضحاً أن استمرار النزاع المسلح يخدم مصالح المجموعات المحسوبة على جماعة «الإخوان»، التي ترى في الحرب وسيلة لتوسع نفوذها السياسي والاقتصادي.
وأشار إلى أن استمرار الحرب يعني مزيداً من القتل، ومزيداً من الإنهاك للاقتصاد، داعياً إلى وقف فوري للعمليات العسكرية، وتحكيم صوت العقل من أجل إنقاذ ما تبقى من مقدرات السودان.
ونوه السياسي السوداني، بأن الإنفاق العسكري لا يتوقف لحظة، ويكلف البلاد مبالغ طائلة شهرياً تُحوّل من خزائن الدولة أو من موارد تُنهب من السكان، ليُعاد توجيهها من أجل استمرار القتال، بدلاً من دعم الخدمات والقطاعات الحيوية أو تأمين الغذاء والدواء.
بدوره، أوضح الكاتب الصحفي، فداء الحلبي، أن «سلطة بورتسودان» تُمعن في إهدار ثروات السودانيين، عبر تمويل آلة الحرب بدلاً من الإنفاق على الغذاء والدواء والاحتياجات الإنسانية العاجلة، مما يفاقم معاناة ملايين المدنيين، موضحاً أن «سلطة الأمر الواقع في بورتسودان لم تعد تمثل أي شكل من أشكال الدولة، بل تحوّلت إلى عبء إضافي على كاهل السكان، بانسحابها المتواصل من مسؤولياتها الأساسية».
وأكد الحلبي، في تصريح لـ«الاتحاد» أن تغليب «سلطة بورتسودان» للإنفاق العسكري على حساب الاحتياجات الإنسانية لا يعكس فقط فشلاً إدارياً، بل يرقى إلى مستوى الجريمة بحق الشعب، لكونه يفاقم الانهيار الاقتصادي، ويضاعف معاناة ملايين المدنيين.

مقالات مشابهة

  • العقوبات الأميركية على «سلطة بورتسودان» تدخل حيز التنفيذ
  • وزير الأوقاف ينعى ضحايا حادث تصادم الطريق الإقليمي الذي أسفر عن عدد من الوفيات والإصابات
  • ضربة إيران.. أهم الأسئلة التي بقيت بلا إجابة بعد كشف البنتاغون تفاصيل جديدة
  • "تشمل غزة".. صفقة كبرى تُرسم بعد "ضربة إيران"؟
  • بعد وقف حرب إيران وإسرائيل.. ترامب: نحقق تقدمًا بشأن غزة
  • ???? حمدوك يثني على الامارات ولكنه قال أن السعودية طردت السودانيين والكويت أيضا !
  • الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلال الحرب
  • الما عندو حمدوك يشتريلو حمدوك!
  • ترامب يحذر إيران من ضربة جديدة
  • ترامب يُشبّه ضربة إيران بـ "هيروشيما" ويؤكد: أخبار جيدة عن غزة قريباً