الإذاعة والتلفزيون مسار أمة للصعود
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
منذ بدأت الحرب في السودان كان كل السودانيون يسمعون من عناصر الميليشيا الذين تستضيفهم القنوات التلفزيونية القول (أن الميليشيا تسيطر على 95% من العاصمة، و يبدأوا بذكر المقار بالإذاعة و التلفزيون ثم القصر الجمهورية) بهذا القول يريدوا التأكيد على مقولتهم، كان الإصرار من قبل قادة الميليشيا على إحتلال مقر الإذاعة و التلفزيون، و التي كانوا يحرسونها قبل الحرب، لأنهم يعلمون أن الإذاعة و التلفزيون ذات أثر وجداني و ثقافي بليغ عند السودانيين جميعا حتى هم أنفسهم.
أن المكان نفسه تعود على هذا الإبداع و لا يقبل غيره.. و الداخل للمكان يجبر أن يتفاعل مع مكوناته الجمالية.. الحوش مكان ثقافة و تهذيب للنفس الوامة، أن ريحة عبق اللغة و محمولاتها الوطنية و التاريخية التي تعزز قيم الجمال هي التي أوحت لعماد الدين إبراهيم أحد رموز هذا المكان عليه الرحمة أن يصور هذا الجمال المكاني و الوطني بالقول ( جينا نخت أيدينا الخضراء .. فوقك يارض الطيبين- يابنوت الحلة العامرة .. ابشري بينا عديلة و زين – افتحن البيبان و الطاقة.. أمسحن الدمعة الحراقة – نحن البنحقق أمانينا ... نزح الوجع المتحدينا – نشق الواطا نبل أشواقا) هو نفس المكان الذي جعل صلاح الدين الفاضل يكتب كتابه " الرؤية من خلال الأذن" هو المكان الذي غرس داخل كل سوداني خيالا موارا و ذائقة جمالية من خلال متابعة الدراما و البرامج الصباحية و المنوعات و الثقافة.. أن الذين دخلوا هذا المكان بالسلاح ظلوا معزولين عنه طوال فترة مكوثهم فيه، لأنهم يجهلون لغته و ثقافته،، أن الدمار الذي حدث في المكان رغم قلته، لكنه يؤكد تماما؛ كان نتيجة جهل هؤلاء به، قد وصلوا لقناعة أنه لن يتجاوب معهم لذلك كان غضبهم و التعبير عن ذلك بالقوة ضد المواد الموجودة فيه.
أن فرحت الشعب السوداني بتحرير الإذاعة و التلفزيون من قبضة الميليشيا جاءت للمكانة التي يحتلها المكان في وجدان كل سوداني، يمثل لهم رمزا للوطنية و التنوع الثقافي، و الدين و التاريخ و الجغرافيا و الهجات و السحنات... كانت عناصر الميليشيا عندما تذكر المقار تقدم الإذاعة و التلفزيون على القصر الجمهوري... و التقديم في القول له دلالة تاريخية و معنوية، القصر الجمهوري كان سراية الحاكم العام الانجليزي ثم أماكن الحاكم الذي يختلف عليه الناس بين مؤيد و رافض له، الحاكم ليس مكان إجماع إذا جاء بالانتخابات أو على ظهر دبابة، أو بثورة أو انتفاضة.. لكن الإذاعة و التلفزيون مكان إجماع للكل فهي التي تنقل عصارة الإبداع من لكل الفنون من حاستي السمع و البصر إلي القلب مباشرة لكي تجد لها موطنا لا تفارغه أبداً.. أن فرحة الشعب بعودة هذا الصرح الإبداعي يمثل 75% من مشوار النصر الكامل على الميليشيا في كل بقاع السودان... " هنا أم درمان" ليست تذكير بالمكان أو بالمؤسسة، أنما هي مفتاح القلب الذي ييقظ أغلبية الشعب السوداني في الحقول و المصانع و الوديان و السارحين بمرحانهم بحثا عن الكلا و الماء و الفرقان و القرى و الأرياف... " هنا أم درمان " ليست كلمتين تقال للتنبيه أنما هي حمولات تاريخية و ثقافية و إبداعية لأجيال تعاقبت على هذه المؤسسة في تطورها منذ 1940 إلي اليوم.. " هنا أم درمان" هي المعنى الثاني الذي يعيه المولد في السودان بعد أن يؤأذن له في آذنيه، هي بصمة الثقافة الأولى التي يبني عليه المولد معارفه و ثقافته في السودان، لذلك تحريرها كان ذو معنى و قيمة أكبر، لآن الكل يشعر بعودة ذاكرته و تاريخه و الغناء في تطوره الذي رعته هذه المؤسسة..
أن التحية للقوات المسلحة التي استطاعت أن تحاصر المكان، و رفضت قيادته السماح بقصفه من قبل الطيران، لأنها كانت تعلم يقينا ماذا يمثل هذا المكان و المواد التي فيه للشعب و لأجياله، أن القوات المسلحة التي تمثل العمود الفقري لهذا الوطن، بدأت تحرير مؤسسات الدولة بالإذاعة و التلفزيون لرمزية المكان و كانت متأكدة أن تحرير هذا المكان سوف يرفع الروح المعنوية ليست فقط وسط المقاتلين و لكل السودانيين في جميع البلاد و خارجها.. أن معركة الكارمة التي تخوضها القوات المسلحة، و يقف معها الشعب السوداني إلا من أبا، و اعتقد أن الميليشيا هي التي سوف تصنع له سودان مغاير.... يجب على الكل أن يكون تحت راية القوات المسلحة و يجب أن لا تكون الانتصارات متعددة الريات حتى لا نجعل منها فرقة و تشتت. فالراية الواحدة هي الطريق إلي النصر أما الرآيات التي تشير للحزبية و غيرها لا اعتقد أن هذا وقتا مناسبا لها.
أن سماع " هنا أم درمان" آذن لعودة الحياة الطبيعية في السودان، هي بداية مشوار الاستيقاظ من الثبات و إعمال العقل من أجل البناء، و تقديم الرؤى لإعادة الإعمار. عندما تبدأ الإذاعة و ترسل انغامها سو يشعر السودانيون نفسيا أن الواقع بدأ يتشكل مرة أخرى و يدفع الأمل في المجتمع... خالص التهنئة لكل الأجيال التي مرت على هذه المؤسسة، و حافظت على سموها و مكانتها عند آهل السودان... نسأل الله التوفيق و السداد و الحمد الله على نعمة الفرح وسط سماع طلاقات المعركة..
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الإذاعة و التلفزیون هذا المکان فی السودان
إقرأ أيضاً:
محافظ الغربية:الإذاعة شريك وطني فاعل في دعم الوعي المجتمعي والتنمية
استقبل اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية، الدكتور ياسر غياتي مدير إذاعة وسط الدلتا، بمناسبة مرور 43 عامًا على انطلاق بث الإذاعة من مدينة طنطا، والتي تُعد واحدة من أقدم وأهم الإذاعات الإقليمية التابعة للهيئة الوطنية للإعلام، في إطار دعم محافظة الغربية للمنصات الإعلامية الوطنية، جاء ذلك بحضور الكاتب الصحفي محمد عوف .
دعم محافظ الغربيةوأكد محافظ الغربية خلال اللقاء أهمية الدور الذي تقوم به إذاعة وسط الدلتا في خدمة قضايا المجتمع، مشددًا على أن الإعلام المحلي يُمثل أحد الروافد الحيوية في ترسيخ الوعي الوطني وتعزيز التواصل بين المواطن ومؤسسات الدولة، كما يُعد شريكًا فاعلًا في دعم جهود التنمية وتسليط الضوء على المبادرات والبرامج التي تستهدف تحسين جودة الحياة في المحافظات.
وأعرب اللواء أشرف الجندي عن تقديره العميق للتاريخ العريق الذي تحمله إذاعة وسط الدلتا، ولما قدمته من محتوى إعلامي هادف ومتنوع على مدار أكثر من أربعة عقود، مؤكداً أنها كانت ولا تزال منبرًا يعكس نبض الشارع في دلتا مصر، ويسهم بفاعلية في تشكيل الرأي العام المحلي من خلال معالجات إعلامية تراعي خصوصية البيئة الثقافية والاجتماعية للمواطنين.
الإذاعة والتلفزيونوشدد محافظ الغربية على حرص المحافظة على تعزيز التعاون مع المؤسسات الإعلامية الوطنية، بما يسهم في دعم الرسالة الإعلامية الإيجابية، ويُعزز من الارتباط بين المواطن والإعلام القريب من واقعه.
كما أشاد بالدور التنموي والتوعوي الذي تضطلع به الإذاعة من خلال برامجها المتخصصة، مؤكدًا أن رسالتها الإعلامية تتكامل مع توجه الدولة نحو بناء الإنسان المصري وتعزيز الانتماء والهوية.
وفي ختام اللقاء، نقل الدكتور ياسر غياتي شكر وتقدير رئيس الإذاعة المصرية للواء أشرف الجندي محافظ الغربية، مشيدًا بدعمه المتواصل لوسائل الإعلام المحلية وتقديره لدورها المجتمعي، وقام بإهدائه درع إذاعة وسط الدلتا تكريمًا لجهوده في دعم الإعلام الإقليمي وتواصله المستمر مع قضايا المواطن.
البث الرسميجدير بالذكر أن إذاعة وسط الدلتا بدأت بثها الرسمي في يوليو عام 1982 من مقرها بمدينة طنطا، وتغطي محافظات الغربية، كفر الشيخ، المنوفية، الدقهلية، دمياط، والشرقية، وقد تميزت على مدار تاريخها بتقديم محتوى محلي متخصص يعكس احتياجات المواطنين ويُبرز الجهود التنموية في قلب الدلتا، كما أسهمت في تخريج نخبة من كبار الإعلاميين المصريين.