سودانايل:
2025-06-01@12:03:51 GMT

الإذاعة والتلفزيون مسار أمة للصعود

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
منذ بدأت الحرب في السودان كان كل السودانيون يسمعون من عناصر الميليشيا الذين تستضيفهم القنوات التلفزيونية القول (أن الميليشيا تسيطر على 95% من العاصمة، و يبدأوا بذكر المقار بالإذاعة و التلفزيون ثم القصر الجمهورية) بهذا القول يريدوا التأكيد على مقولتهم، كان الإصرار من قبل قادة الميليشيا على إحتلال مقر الإذاعة و التلفزيون، و التي كانوا يحرسونها قبل الحرب، لأنهم يعلمون أن الإذاعة و التلفزيون ذات أثر وجداني و ثقافي بليغ عند السودانيين جميعا حتى هم أنفسهم.

. هذا الحوش الكبير الذي بدأ بالإذاعة التي نقلت من مقرها بقرب حوش الخليفة إلي هذا المكان الحالي في خمسينيات القرن الماضي في عهد الرئيس إبراهيم عبود، ثم كان المسرح القومي و التلفزيون ثم الإنتاج السينمائي، هذا التداخل بين مكوناته يشكل اللوحة الفنية الجمالية للسودان.. هذا المكان في تاريخه لم يرتبط بحزب سياسي و لا بنظام سياسي بعينه و لا بجهوية و مناطقية و عشائرية، بل كان لوحة فنية تجد فيها بصمة كل هؤلاء، الإبداع هو اللغة الوحيدة المعتمدة في هذا الحوش الكبير، تتشكل من كل أنواع السرديات و الغناء و الموسيقي و الصور الجماعية و الرقص الشعبي و تعابير الجسد في المسرح و المؤثرات الصوتية و المديكير و البدكيرو الديكور... ألخ... أهل هذا الحوش ليس بطعانين و لا لعانين و لا فاحشي القول، انما صفوة جمعتهم رؤى سحر الإبداع في ضروبه المختلفة..
أن المكان نفسه تعود على هذا الإبداع و لا يقبل غيره.. و الداخل للمكان يجبر أن يتفاعل مع مكوناته الجمالية.. الحوش مكان ثقافة و تهذيب للنفس الوامة، أن ريحة عبق اللغة و محمولاتها الوطنية و التاريخية التي تعزز قيم الجمال هي التي أوحت لعماد الدين إبراهيم أحد رموز هذا المكان عليه الرحمة أن يصور هذا الجمال المكاني و الوطني بالقول ( جينا نخت أيدينا الخضراء .. فوقك يارض الطيبين- يابنوت الحلة العامرة .. ابشري بينا عديلة و زين – افتحن البيبان و الطاقة.. أمسحن الدمعة الحراقة – نحن البنحقق أمانينا ... نزح الوجع المتحدينا – نشق الواطا نبل أشواقا) هو نفس المكان الذي جعل صلاح الدين الفاضل يكتب كتابه " الرؤية من خلال الأذن" هو المكان الذي غرس داخل كل سوداني خيالا موارا و ذائقة جمالية من خلال متابعة الدراما و البرامج الصباحية و المنوعات و الثقافة.. أن الذين دخلوا هذا المكان بالسلاح ظلوا معزولين عنه طوال فترة مكوثهم فيه، لأنهم يجهلون لغته و ثقافته،، أن الدمار الذي حدث في المكان رغم قلته، لكنه يؤكد تماما؛ كان نتيجة جهل هؤلاء به، قد وصلوا لقناعة أنه لن يتجاوب معهم لذلك كان غضبهم و التعبير عن ذلك بالقوة ضد المواد الموجودة فيه.
أن فرحت الشعب السوداني بتحرير الإذاعة و التلفزيون من قبضة الميليشيا جاءت للمكانة التي يحتلها المكان في وجدان كل سوداني، يمثل لهم رمزا للوطنية و التنوع الثقافي، و الدين و التاريخ و الجغرافيا و الهجات و السحنات... كانت عناصر الميليشيا عندما تذكر المقار تقدم الإذاعة و التلفزيون على القصر الجمهوري... و التقديم في القول له دلالة تاريخية و معنوية، القصر الجمهوري كان سراية الحاكم العام الانجليزي ثم أماكن الحاكم الذي يختلف عليه الناس بين مؤيد و رافض له، الحاكم ليس مكان إجماع إذا جاء بالانتخابات أو على ظهر دبابة، أو بثورة أو انتفاضة.. لكن الإذاعة و التلفزيون مكان إجماع للكل فهي التي تنقل عصارة الإبداع من لكل الفنون من حاستي السمع و البصر إلي القلب مباشرة لكي تجد لها موطنا لا تفارغه أبداً.. أن فرحة الشعب بعودة هذا الصرح الإبداعي يمثل 75% من مشوار النصر الكامل على الميليشيا في كل بقاع السودان... " هنا أم درمان" ليست تذكير بالمكان أو بالمؤسسة، أنما هي مفتاح القلب الذي ييقظ أغلبية الشعب السوداني في الحقول و المصانع و الوديان و السارحين بمرحانهم بحثا عن الكلا و الماء و الفرقان و القرى و الأرياف... " هنا أم درمان " ليست كلمتين تقال للتنبيه أنما هي حمولات تاريخية و ثقافية و إبداعية لأجيال تعاقبت على هذه المؤسسة في تطورها منذ 1940 إلي اليوم.. " هنا أم درمان" هي المعنى الثاني الذي يعيه المولد في السودان بعد أن يؤأذن له في آذنيه، هي بصمة الثقافة الأولى التي يبني عليه المولد معارفه و ثقافته في السودان، لذلك تحريرها كان ذو معنى و قيمة أكبر، لآن الكل يشعر بعودة ذاكرته و تاريخه و الغناء في تطوره الذي رعته هذه المؤسسة..
أن التحية للقوات المسلحة التي استطاعت أن تحاصر المكان، و رفضت قيادته السماح بقصفه من قبل الطيران، لأنها كانت تعلم يقينا ماذا يمثل هذا المكان و المواد التي فيه للشعب و لأجياله، أن القوات المسلحة التي تمثل العمود الفقري لهذا الوطن، بدأت تحرير مؤسسات الدولة بالإذاعة و التلفزيون لرمزية المكان و كانت متأكدة أن تحرير هذا المكان سوف يرفع الروح المعنوية ليست فقط وسط المقاتلين و لكل السودانيين في جميع البلاد و خارجها.. أن معركة الكارمة التي تخوضها القوات المسلحة، و يقف معها الشعب السوداني إلا من أبا، و اعتقد أن الميليشيا هي التي سوف تصنع له سودان مغاير.... يجب على الكل أن يكون تحت راية القوات المسلحة و يجب أن لا تكون الانتصارات متعددة الريات حتى لا نجعل منها فرقة و تشتت. فالراية الواحدة هي الطريق إلي النصر أما الرآيات التي تشير للحزبية و غيرها لا اعتقد أن هذا وقتا مناسبا لها.
أن سماع " هنا أم درمان" آذن لعودة الحياة الطبيعية في السودان، هي بداية مشوار الاستيقاظ من الثبات و إعمال العقل من أجل البناء، و تقديم الرؤى لإعادة الإعمار. عندما تبدأ الإذاعة و ترسل انغامها سو يشعر السودانيون نفسيا أن الواقع بدأ يتشكل مرة أخرى و يدفع الأمل في المجتمع... خالص التهنئة لكل الأجيال التي مرت على هذه المؤسسة، و حافظت على سموها و مكانتها عند آهل السودان... نسأل الله التوفيق و السداد و الحمد الله على نعمة الفرح وسط سماع طلاقات المعركة..


zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإذاعة و التلفزیون هذا المکان فی السودان

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: غزة المكان الأكثر جوعاً في العالم

غزة (الاتحاد)

أخبار ذات صلة غارات إسرائيلية تستهدف مواقع في جنوب وشرق لبنان إسرائيل تنذر بإخلاء 5 مناطق في شمال غزة «فوراً»

اعتبر المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، أنّ غزة هي المكان الأكثر جوعاً في العالم، حيث 100 في المئة من السكان معرّضون لخطر المجاعة.
وقال ينس لاركه في مؤتمر صحفي دوري للأمم المتحدة في جنيف، «إنها المنطقة المحددة الوحيدة، البلد أو القطاع المحدد الوحيد داخل بلد، حيث كل السكان معرّضون لخطر المجاعة، 100 في المئة من السكان معرّضون لخطر المجاعة».
وتحدّث لاركه عن الصعوبات التي تواجهها الأمم المتحدة في توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة والتي لا تسمح إسرائيل بإدخالها إلا بكميات قليلة بعد حصار مطبق بدأته مطلع مارس قبل استئناف هجومها العسكري في القطاع الفلسطيني.
وأشار إلى أن إسرائيل سمحت بدخول 900 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية منذ رفع الحصار جزئياً، لكن حتى الآن لم تدخل إلا 600 شاحنة إلى منطقة التفريغ في غزة، لكن حمولة عدد منها فقط هي التي تمّ نقلها إلى داخل القطاع، وذلك يعود أساسا إلى اعتبارات أمنية.
واعتبر أن هذا العدد المحدود من الشاحنات «هو مجرد قطرة في محيط»، قائلاً إن مهمة توزيع المساعدات واجهت قيوداً تشغيلية جعلتها إحدى أكثر عمليات المساعدة المعوّقة ليس فقط في عالم اليوم، بل في التاريخ الحديث.
وأوضح أنه بمجرد دخول الشحنات إلى غزة، يقتحم السكان المستودعات التي تخزن فيها في ما اعتبر أنه «غريزة بقاء، عمل يقوم به أشخاص يائسون يريدون إطعام أسرهم وأطفالهم».
وتابع: «كذلك، فإن المساعدات الموجودة في هذه الشاحنات موّلها مانحون لتوصيلها إلى هؤلاء الأشخاص، لذلك لا ألومهم»، مشيراً إلى أن هذه المساعدة مخصصة لسكان قطاع غزة «لكنها لا توزّع بالطريقة التي نريدها».
وفي سؤال حول عمليات «مؤسسة غزة الإنسانية»، وهي منظمة جديدة مدعومة أميركيا وإسرائيليا وضعت نظاماً جديداً لتوزيع الإعانات اعتبرته الأمم المتحدة مخالفاً للمبادئ الإنسانية، في بعض المراكز منذ أيام، قال إن ذلك «ليس فعالاً».
بدورها، دعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إلى السماح بتدفق الإمدادات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون عوائق أو انقطاع، إثر تفاقم الكارثة الإنسانية.
وقالت الوكالة في بيان أمس: إن «مستودعها في العاصمة الأردنية عمّان يحتوي على مساعدات تكفي لأكثر من 200 ألف شخص لمدة شهر كامل وتشمل دقيقاً وطروداً غذائية ومستلزمات نظافة وبطانيات وأدوية، وإنها جاهزة للإرسال الفوري».
وأوضحت أن «المستودع لا يبعد سوى ثلاث ساعات بالسيارة عن غزة».
وشددت «الأونروا» على أن الاحتياجات الإنسانية في غزة هائلة وتتطلب تدخلًا عاجلًا، داعية إلى فتح المعابر وضمان تدفق المساعدات بشكل منتظم ومستمر لإنقاذ الأرواح.
ويواجه قطاع غزة أزمة إنسانية وإغاثية كارثية تفاقمت بعد إغلاق إسرائيل المعابر في 2 مارس الماضي، مانعة دخول الغذاء والدواء والمساعدات والوقود في ظل قصف متواصل على كافة مناطق القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.
وفي السياق، حذّر الفريق القطري للعمل الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، من تضاءل الفرصة لمنع المجاعة في غزة، مشيراً إلى أن السلطات الإسرائيلية تُقوّض قدرة الفريق على إيصال مساعدات إنسانية حقيقية للفئات الأشد ضعفاً.
وأوضح الفريق في بيان صحفي أن الوضع الإنساني بلغ ذروته، مع استمرار القصف والتهجير الجماعي وتجويع السكان وحرمانهم من أساسيات البقاء.
وأشار البيان إلى أن المساعدات يجب ألا تُستخدم كسلاح، مشدداً على أهمية السماح للمنظمات الإنسانية بأداء عملها وإنقاذ الأرواح من خلال تدفق منتظم للمساعدات عبر معابر متعددة.
يُذكر أن الفريق يضم منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ورؤساء هيئات أممية وأكثر من 200 منظمة غير حكومية.

مقالات مشابهة

  • في عيد ميلادها.. عزة لبيب وعلاقتها بليلى طاهر ومسيرتها بين المسرح والتلفزيون
  • هيئة الإذاعة والتلفزيون تستعرض جهود تغطيتها الاستثنائية لموسم حج 1446هـ
  • هيئة الإذاعة والتلفزيون تستعرض جهود تغطيتها الاستثنائية لموسم حج
  • ملف المخدرات في السودان يُعد من أخطر الملفات التي واجهت البلاد
  • الأمم المتحدة: غزة المكان الأكثر جوعاً في العالم
  • هيئة الإذاعة والتلفزيون تباشر تغطية موسم حج 1446هـ بخطة إعلامية متكاملة
  • التلفزيون الأردني ينشر فيديو من كواليس تصوير الفيلم الوثائقي “نشمي”
  • إنهم الآن يذوقون من الكأس ذاتها التي أرادوا أن يذيقوها للسودان
  • نعم الوضع في السودان ليس ذلك الوضع الذي يصل حد الرفاهية
  • نسب مشاهدة قياسية لـيوروفيجن عبر التلفزيون والشبكات الاجتماعية