شوهدت قبالة شاطئ مدينة غزة صباح الجمعة سفينة المساعدات الأولى المتجهة الى القطاع المحاصر الذي تهدّده المجاعة وتمزقّه الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، بينما يسود التوتر في القدس الشرقية ومحيط المسجد الأقصى في أول يوم جمعة من شهر رمضان.

وأعلنت الشرطة أنها نشرت نحو ثلاثة آلاف من عناصرها في البلدة القديمة في القدس الشرقية قبل صلاة الجمعة.

وأفاد صحافيون في وكالة فرانس برس في المكان عن عمليات تفتيش مشدّدة تُخضع القوات الإسرائيلية لها الواصلين الى باحة المسجد الأقصى.

وقتل 20 شخصا كانوا ينتظرون وصول مساعدات في مدينة غزة مساء الخميس. واتهم الجيش الإسرائيلي الجمعة "مسلحين فلسطينيين" بإطلاق النار عليهم، بعد أن كانت حركة حماس اتهمت الجيش بإطلاق النار.

وتزداد الأوضاع الإنسانية تدهورا في قطاع غزة بعد أكثر من خمسة اشهر على بدء الحرب، من دون أن يلوح أي حلّ في الأفق، في وقت أفاد مصدر مطلع أن حركة حماس قدّمت مقترحًا جديدًا إلى الوسطاء الذين يعملون على التوصل إلى هدنة.

وقال مراسل لوكالة فرانس برس إن السفينة التابعة لمنظمة "أوبن آرمز" الخيرية الإسبانية تقترب من ساحل غزة، وصار في الإمكان مشاهدتها.

وتنقل السفينة مئتي طن من المواد الغذائية، وقد سلكت ممّرًا بحريا من قبرص إلى القطاع الذي يرزح تحت حصار مطبق منذ اندلاع الحرب، وحيث تخشى الأمم المتحدة مجاعة وشيكة واسعة النطاق لا سيما في المناطق الشمالية التي يصعب الوصول إليها. ويوجد أكثر من 300 ألف شخص في هذه المناطق التي نزع العدد الأكبر من سكانها.

وقالت إيرين غور، مديرة منظمة "وورلد سنترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالمي) الخيرية التي تشارك مع "أوبن آرمز" في العملية، لوكالة فرانس برس الخميس " نعلم جميعا أن هذا ليس كافيا.. ولهذا علينا فتح هذا الممر لضمان التدفق المستمر للسفن".

وأضافت "نأمل تفريغ المساعدات في أقرب وقت، ولكن هناك عوامل كثيرة تلعب دوراً في هذه العملية المعقّدة".

ويتضّور سكان القطاع جوعا. ويهرعون في كل مرة لملاقاة المساعدات كلما وصلت شاحنة منها الى أي منطقة. كما تعرضت قوافل مساعدات عدة للنهب.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس مقتل 20 شخصا وإصابة 155 آخرين بجروح ليل الخميس بنيران إسرائيلية أثناء انتظارهم شاحنات أغذية عند دوار الكويت في جنوب مدينة غزة، الأمر الذي نفاه الجيش الإسرائيلي واتهم "مسلحين فلسطينيين" بإطلاق النار.

وقالت الوزارة في بيان "وصل الى مجمّع الشفاء الطبّي 20 شهيداً و155 إصابة حتى اللحظة ... جرّاء استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لتجمّع مواطنين ينتظرون المساعدات الانسانية لسدّ رمقهم عند دوّار الكويت".

وأفاد مكتب الإعلام الحكومي بغزة أن الجيش "استهدف بالدبّابات والمروحيات منتظري الطحين عند دوار الكويت".

إسرائيل تنفي

لكنّ جيش الإحتلال نفى إطلاق النار على منتظري المساعدات، واصفًا تلك الاتهامات بأنها "كاذبة".

وقال في بيان الجمعة "لم يتمّ إطلاق نيران الدبابات أو الغارات الجوية أو إطلاق النار تجاه المدنيين في غزة". وأضاف أن "الجيش قام بتيسير مرور قافلة من 31 شاحنة تنقل مواد غذائية وإمدادات لتوزيعها في شمال قطاع غزة. وقبل ساعة تقريبًا من وصول القافلة، أطلق مسلحون فلسطينيون النار بينما كان المدنيون في غزة ينتظرونها".

وأكد الطبيب محمد غراب في قسم الطوارئ في مستشفى الشفاء أنّ "معظم الإصابات في البطن والأجزاء العلوية". وأفاد مصوّر متعاون مع فرانس برس أنّه شاهد في المستشفى عددا من القتلى والجرحى، بعضهم بُترت أطرافهم وآخرون أصيبوا بالرصاص.

في 29 فبراير، لقي أكثر من مئة فلسطيني حتفهم عند دوار النابلسي في مدينة غزة، بحسب حماس، خلال عملية توزيع مساعدات غذائية. واتهمت حماس إسرائيل التي نفت إطلاق النار في اتجاه القافلة، مشيرة الى أنها أطلقت النار على مجموعة في المنطقة اقتربت من جنود "شعروا بالخطر"، وتحدثت عن قتلى سقطوا في "التدافع".

وحصلت حوادث أخرى قتل فيها مدنيون خلال عمليات تسليم مساعدات.

وتحذّر الأمم المتحدة من أنّ 2,2 مليون شخص مهدّدون بالمجاعة في قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه 2,4 مليون.

لا تلبّي الحدّ الأدنى

وتقول وكالات الإغاثة إن الشاحنات الداخلة إلى القطاع لا تلبّي الحدّ الأدنى من الاحتياجات وإنّ إسرائيل تعيقها بسبب عمليات التفتيش المرهقة وحصارها المطبق. وتسعى دول عدة لاعتماد آليات ومسارات جديدة لإيصال المساعدات تشمل إلقاء المساعدات جواً.

وتنفي إسرائيل العرقلة، وتقول إن الأمم المتحدة لا ترسل عددًا كافيًا من الشاحنات إلى الشمال حيث توزيع المساعدات صعب وخطر جرّاء الدمار الهائل والانفلات الأمني وفقدان السيطرة على الوضع.

ويُشاهد في شمال القطاع السكان وهم يحدقون في البحر أو في السماء في انتظار إلقاء مساعدات. وما إن تقترب المظلات من الأرض، يندفعون وسط الأنقاض، على أمل الظفر بما يسد الرمق.

مئة قتيل

في هذا الوقت، تتواصل المعارك والقصف في قطاع غزة.

وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة عن الليل الفائت "وصل الى المستشفيات 100 شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، جراء ارتكاب الاحتلال مجازر بحق المدنيين، وما زال عشرات مفقودين تحت الأنقاض".

وقال مكتب الإعلام الحكومي إن الجيش قصف بالمدفعية وشنّ عشرات الغارات الجوية في الشمال على البريج وبيت حانون وحي الزيتون في مدينة غزة، وفي الوسط على النصيرات ودير البلح وفي الجنوب على خان يونس ورفح.

كما دارت وفق الجيش الإسرائيلي وشهود اشتباكات عنيفة في خان يونس وحي الزيتون.

وتواصل الولايات المتّحدة ومصر وقطر، الدول الثلاث التي تتوسط بين طرفي القتال، مساعيها الرامية للتوصل إلى اتّفاق على وقف لإطلاق النار يستمر ستة أسابيع ويتخلّله إطلاق الحركة سراح قسم من الرهائن الذين تحتجزهم في غزة منذ هجومها على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مقابل إفراج إسرائيل عن معتقلين فلسطينيين في سجونها.

ومساء الخميس، قال مصدر مطّلع في حماس لفرانس برس إنّ الحركة قدّمت للوسيطين المصري والقطري ردّاً "سيقومان بإطلاع الإدارة الأمريكية عليه".

وأوضح أنّ "الردّ يراعي مرونة كبيرة في سبيل التوصّل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وهناك مرونة في موقف الحركة خصوصا في ما يتعلّق بملف تبادل الأسرى من حيث الأعداد والفئات بما يحقّق صفقة تبادل مشرّفة".

وأضاف "في ما يتعلّق بملف الانسحاب العسكري، يقترح الردّ أن تنسحب القوات الإسرائيلية من كافة المناطق المأهولة والمدن، وتمكين عودة النازحين دون قيود في المرحلة الأولى".

وبحسب المصدر فإنّ "التوصّل لاتفاق رهن بموقف الاحتلال ومدى الضغط الأمريكي على (بنيامين) نتانياهو وحكومته للموافقة على هذه النقاط والشروط التي تحقّق الاتفاق".

وقال مكتب الحكومة الإسرائيلية في بيان مقتضب إنّ حماس "تواصل التمسّك بمطالبها غير الواقعية" وإنّه سيتم إطلاع المجلس الوزاري الحربي على المستجدات.

إقتراح هدنة

قال مسؤول في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لوكالة فرانس برس الجمعة، إن الحركة قدّمت الى الوسطاء مقترحا للتهدئة في قطاع غزة، يقوم على مرحلتين ويفضي في النهاية الى وقف دائم لإطلاق النار في الحرب مع إسرائيل.

وتتضمن المرحلة الأولى بشكل خاص، بحسب المصدر، هدنة لستة اسابيع والإفراج عن 42 رهينة إسرائيليين من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، لقاء إطلاق معتقلين فلسطينيين. ويجب أن تفضي المرحلة الثانية إلى الانسحاب الكامل من قطاع غزة والإفراج عن جميع الرهائن لدى الحركة مقابل عدد متفق عليه من السجناء الفلسطينيين.

إرتفاع الحصيلة

أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة الى 31490 قتيلًا و73439 جريحًا، منذ بدء الحرب بين إسرائيل والحركة في السابع من أكتوبر.

وأكدت الوزارة في بيان أن 149 شخصًا قتلوا وأصيب 300 بجروح خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية جراء الغارات والقصف الإسرائيلي، وهي أعلى حصيلة يومية تسجّلها خلال الشهر الحالي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إطلاق النار فی قطاع غزة فرانس برس مدینة غزة

إقرأ أيضاً:

السيسي: يجب إلزام إسرائيل بالتوقف عن استخدام الجوع سلاحا

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، الدول إلى إلزام إسرائيل بالتوقف عن استخدام الجوع سلاحا، وإزالة العراقيل أمام إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وجاء في كلمة السيسي خلال مؤتمر الاستجابة الإنسانية في غزة، الذي عقد في الأردن، أنه يطالب "بإلزام إسرائيل بإنهاء حالة الحصار، والتوقف عن استخدام سلاح التجويع في عقاب أبناء القطاع، وإلزامها بإزالة كافة العراقيل أمام النفاذ الفوري والمستدام والكافي للمساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من كافة المعابر، وتأمين الظروف اللازمة لتسليم وتوزيع هذه المساعدات إلى أبناء القطاع في مختلف مناطقه".

كما أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أن "أهل غزة لا يتطلعون إلينا من أجل الكلام المنمق والخطابات، بل إنهم يريدون إجراءات فعلية على أرض الواقع، وهم بحاجة لذلك الآن".

وأضاف أن "الاستجابة الإنسانية الدولية في غزة دون المطلوب بدرجة كبيرة، إذ يواجه إيصال المساعدات عقبات على جميع المستويات، ولا يمكن لعملية إيصال المساعدات الإنسانية أن تنتظر وقف إطلاق النار، كما لا يمكنها أن تخضع للأجندات السياسية لأي طرف".
وأوضح الملك أنه "يجب أن نكون مستعدين الآن لنشر عدد كاف من الشاحنات لتوصيل المساعدات بشكل يومي، وهناك حاجة إلى مئات الشاحنات داخل غزة، والمزيد من المساعدات لضمان تدفقها المستمر بشكل فاعل عبر الطرق البرية إلى غزة، ولا يمكننا أن ننتظر شهورا لحشد هذه الموارد، فما لدينا اليوم هو ببساطة بعيد كل البعد عما نحتاجه".

وأكد أن "الأردن سيواصل أيضا عمليات الإنزال الجوي، وسينظر في إمكانية استخدام طائرات عمودية ثقيلة لتأمين المساعدات على المدى القصير، وبمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار".

وخلص: "لا يمكننا أن نتخلى عن غزة، فيجب أن تكون أولوية الجميع. التاريخ سيحكم علينا من خلال أفعالنا. إنه اختبار لإنسانيتنا وإخلاصنا".

وفي السياق ذاته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف إطلاق النار في غزة، معربا عن ترحيبه بمبادرة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن.

وقال غوتيريش: "آن أوان وقف إطلاق النار والإفراج غير المشروط عن الرهائن. يجب أن تتوقف هذه الفظاعات".
وأضاف: "أرحب بمبادرة السلام التي عرض الرئيس بايدن مؤخرا خطوطها العريضة وأحث جميع الأطراف على اغتنام هذه الفرصة والتوصل إلى إتفاق".

ويمتد تنفيذ المقترح الذي عرضه بايدن على 3 مراحل، تبدأ بمرحلة أولى من وقف إطلاق النار لـ6 أسابيع، تنسحب خلالها إسرائيل من المناطق المأهولة وتفرج حماس عن عدد من الرهائن.

وقال غوتيريش إن "المجازر وأعمال القتل المرتكبة في غزة لا تضاهي من حيث سرعة وتيرتها وحجمها أي أعمال ارتكبت خلال السنوات التي قضيتها كأمين عام".

ورأى غوتيريش أن "السبيل الوحيد للمضي قدما يكمن في إيجاد تسوية سياسية تمهد الطريق أمام السلام المستدام، على أساس حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، على أساس خطوط ما قبل عام 1967، على أن تكون القدس عاصمة للدولتين".
 

مقالات مشابهة

  • «الخارجية» تعلن وصول رد حماس بشأن وقف إطلاق النار في غزة
  • واشنطن تعلن عن مساعدات إضافية للفلسطينيين بملايين الدولارات
  • السيسي: يجب إلزام إسرائيل بالتوقف عن استخدام الجوع سلاحا
  • مقتل 4 جنود إسرائيليين خلال معارك في رفح
  • وزير الخارجية الأمريكي: حماس الطرف الوحيد الرافض لاتفاق وقف النار (فيديو)
  • غزة خلال 24 ساعة.. انتحار جندي إسرائيلي وتهديد مباحثات وقف إطلاق النار
  • هام: اشتعال النار في سفينتين قبالة سواحل عدن
  • اشتعال النار في سفينتين قبالة سواحل عدن
  • اشتعال النار في سفينتين بعد إصابتهما بصواريخ قبالة سواحل عدن
  • إثر إصابتهما بصواريخ.. اشتعال النار في سفينتين قبالة سواحل عدن