نشر موقع "ناشونال إنترست" الأميركي مقالا للأستاذة المساعدة في السياسة بجامعة طومسون ريفرز الكندية سايرا بانو تتوقع فيها فترة صعبة ستواجه الحكومة الباكستانية برئاسة رئيس الوزراء الجديد شهباز شريف.

وقالت بانو إن حكومة شهباز الجديدة وُلدت من ائتلاف هش يتكون من 6 أحزاب يعتبره كثير من الباكستانيين غير شرعي، وتعيش في وسط سياسي مضطرب، واستقطاب قوي ومزاعم تزوير الانتخابات، والمشاركة العسكرية المتزايدة في السياسة، والمشاكل الاقتصادية، والمخاوف الأمنية، ومن غير المرجح أن تمتلك الحكومة الجديدة القدرة على التصدي بفعالية لهذه العقبات الهائلة.

وأضافت أنه "علاوة على أن الحكومة الجديدة عرضة لتعقيدات سياسات الائتلاف، التي تقتضي بذل جهود متواصلة لتلبية طلبات الشركاء في الحكومة وتأمين دعمهم المستمر، فإنها تواجه تحديات في تنفيذ إصلاحات اقتصادية صارمة قد تنفر حلفاء التحالف، الذين يترددون في تحمل وطأة الأزمة المالية، ويعطون الأولوية لجني فوائد تقاسم السلطة".

رهينة لسياسات حركة إنصاف التحريضية

كذلك ستكون هذه الحكومة رهينة للسياسة التحريضية لحزب "حركة إنصاف" الباكستاني المعارض، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق عمران خان، والذي يقول إن تفويضه "قد سُرق في انتخابات مزورة الشهر الماضي"، ويرفض الاعتراف بشرعية الحكومة الحالية.

وأشارت الكاتبة إلى قوة حزب "حركة إنصاف" وفوزه بمقاعد في البرلمان تتجاوز ما حصل عليه أي حزب في البلاد، رغم دعم الجيش الباكستاني القوي لأحد هذه الأحزاب، وهو حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، بزعامة نواز شريف.

وهناك عائق هائل آخر أمام هذه الحكومة، تقول الكاتبة، وهو الدور الضخم للجيش في السياسة. ويستعد الجيش المؤثر للحفاظ على نفوذه والاحتفاظ بدوره "صانع الملوك".

تدخل أقوى للجيش في السياسة

وذكرت بانو أن شهباز تنازل خلال حكومته الائتلافية الأولى، من بعض سلطاته للجيش، وهو اتجاه من غير المرجح أن ينعكس. ونتيجة لذلك، واصل الجيش تشكيل الأمن والسياسة الخارجية. وهذا يعني أن احتمالات تحسين العلاقات مع الهند وتعزيز التجارة لتحسين الوضع الاقتصادي المزري في باكستان ستظل ضئيلة.

وأوضحت أن باكستان تعاني حاليا من أزمة اقتصادية حادة، مما يستلزم اتخاذ قرارات صعبة من الحكومة لتأمين خطة إنقاذ لصندوق النقد الدولي مع اقتراب انتهاء الخطة الحالية (نهاية مارس/آذار الجاري).

وأشارت إلى أن عجز حكومة شهباز السابقة عن تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الضرورية، من المحتمل أن يتسبب في لجوء حكومته الحالية إلى زيادة الاقتراض، وعمليات الإنقاذ الإضافية، وتراكم المزيد من الديون، وهذا من شأنه أن يطيل أمد التضخم، وأزمة الطاقة المستمرة، والنمو المنخفض، وعبء الديون الخارجية الثقيل.

تدهور مؤشرات التنمية البشرية

وتناولت الكاتبة التوقعات في مجال التنمية البشرية، قائلة إنه سيعاني أيضا من التدهور وفقا لتقرير التنمية البشرية العالمية لعام 2022 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إذ تراجعت باكستان من المرتبة 161 إلى المرتبة 164 من أصل 192 في مؤشر التنمية البشرية.

وعلقت بأن من شأن هذا الاتجاه الهابط في مؤشرات التنمية البشرية: الأمية والتعليم والصحة والمساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية، أن يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار السياسي والتحديات الاقتصادية.

كما لا تزال البيئة الأمنية في باكستان محفوفة بالمخاطر، ويرجع ذلك أساسا إلى المخاوف بشأن الهجمات الإرهابية المحتملة من حركة طالبان باكستان، التي تحتفظ بملاذات آمنة في أفغانستان. وعلى الرغم من تحذيرات إسلام أباد العلنية لحكومة طالبان لاتخاذ إجراءات ضد حركة طالبان الباكستانية، لم يتم اتخاذ خطوات ذات مغزى، إما بسبب قيود القدرات أو عدم وجود استعداد من جانب طالبان.

وتزداد صعوبة التصدي لهذه التحديات في بيئة سياسية محفوفة بالمخاطر تحد فيها القيود المفروضة على سلطة الحكومة بشدة من قدرتها على تنفيذ تدابير سياسية مهمة. ونتيجة لذلك، تستعد باكستان للبقاء على مسار يتسم بالاضطرابات وعدم الاستقرار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات التنمیة البشریة فی السیاسة

إقرأ أيضاً:

في أفغانستان هل استأنف البنك الدولي تعاونه مع طالبان؟

كابل- بدأ البنك الدولي تسديد مستحقات مالية لشركات أفغانية كانت قد نفذت مشاريع ممولة منه قبل سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس/آب 2021، في خطوة أثارت تباينًا في التفسيرات بين المؤسسات الدولية والسلطات المحلية.

وبينما تصف الحكومة الأفغانية هذه الخطوة بأنها "تقدم مالي كبير" يؤكد البنك الدولي أنها مجرد تصفية لالتزامات سابقة، نُفذت عبر آليات رقابية مستقلة، من دون أي تنسيق مباشر مع الحكومة الحالية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الذهب يتراجع تحت ضغط الدولار والتوترات تدعم النفطlist 2 of 2استقرار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولارend of list

وتأتي الخطوة في ظل أزمة تمر بها أفغانستان بعد تراجع كبير في المساعدات الخارجية، وجمود مالي ناجم عن تجميد الأصول الأجنبية وغياب التمويل المستدام، وفق مراقبين.

التزامات قديمة أم دعم جديد؟

أوضح البنك الدولي، في بيان أصدره الشهر الماضي، أن المدفوعات الجارية لا تعني استئناف التعاون مع حكومة طالبان، بل تأتي لتصفية التزامات مالية مترتبة على عقود أُبرمت مع شركات محلية في عهد الحكومة السابقة.

وقد كان بيان البنك ردًا مباشرًا على إعلان وزارة المالية الأفغانية، الصادر في 19 مايو/ أيار الماضي، والذي تحدث عن دفعة مالية أولى قدرها 10.8 ملايين دولار، ضمن خطة لتسديد ما مجموعه 50 مليونا.

وذكر البنك أن العقود المعنية تعود إلى مشاريع في مجالات البنية التحتية والطاقة والتعليم، توقفت مدفوعاتها عقب الانسحاب الأميركي عام 2021، وما تبعه من قطع شبه تام للمساعدات الغربية. وأضاف أن تسديد هذه المستحقات يتم بعد عملية تدقيق صارمة تُشرف عليها جهة ثالثة مستقلة، لضمان الشفافية ومنع أي تعامل مباشر مع السلطات الحالية في كابل.

إعلان الشركات تتنفس بحذر

يقول عبد البصير سادات، مدير إحدى شركات البناء في كابل "كنا ننتظر هذا التسديد منذ أكثر من عامين. وقد أدى توقف الأموال إلى أزمة مالية خانقة جعلتنا غير قادرين على دفع رواتب الموظفين أو سداد الديون للموردين. وهذه الأموال ليست فقط تعويضًا عن الماضي بل هي شريان حياة لعشرات العائلات".

ويضيف في حديث للجزيرة نت "بعض الشركات أغلقت أبوابها تمامًا، وأخرى سرّحت غالبية موظفيها. واليوم، مع بدء التحويلات، هناك أمل، لكنه غير كافٍ بدون دعم مالي مستمر يمكننا من استئناف أعمالنا بشكل فعلي".

وحسب المالية الأفغانية، فإن المرحلة الأولى من التسديد بدأت بالفعل في 19 مايو/أيار الماضي، ويُنتظر تحويل 39 مليون دولار إضافية على 3 دفعات لاحقة، وصفتها الوزارة بأنها ستحفز استعادة المشاريع الإنمائية المتوقفة وتوجد فرص عمل جديدة.

الطرف المدين

بينما تصر الحكومة الأفغانية الحالية على أن البنك الدولي هو الجهة المدينة، فإن البنك أوضح أن العقود أبرمت بين الشركات والحكومة الأفغانية السابقة، وليس مع البنك نفسه.

وفي هذا السياق، قال الباحث الاقتصادي الأفغاني فضل الرحمن إحسان للجزيرة نت "البنك الدولي كان ممولًا فقط، وليس طرفًا مباشرًا في العقود. الآن، يُسدّد المستحقات من أجل حفظ سمعته، لكنه يستخدم آليات رقابية لتجنب الاعتراف بحكومة طالبان أو التعامل معها رسميًا".

ورغم ذلك، ترى السلطات الأفغانية أن هذه الخطوة تمثل اعترافًا ضمنيًا وتنسيقًا عمليًا مع الحكومة. إذ قالت المالية إن العملية تتم "بالتنسيق مع البنك الدولي" بل وذهب إلى أن الأخير أعاد فتح مكتبه بكابل. إلا أن البنك نفى هذا مؤكدًا أن مكتبه لا يزال مغلقًا وأن المدفوعات تُنفّذ عبر برنامج إشرافي خارج القنوات الحكومية.

لماذا الآن؟

تأتي الخطوة بعد نحو 3 سنوات من توقف التمويل الدولي، في ظل تراجع كبير في المساعدات الخارجية من 3.8 مليارات دولار عام 2022 إلى 1.9 مليار عام 2023، بحسب بيانات أممية، بالإضافة لارتفاع معدل البطالة لنحو 14%.

إعلان

وتهدف المدفوعات إلى دعم الشركات التي أكملت مشاريعها قبل 15 أغسطس/آب 2021، شرط استيفاء عمليات التحقق.

وقال مصدر حكومي أفغاني -للجزيرة نت- مفضلا عدم نشر هويته إن ثمة تنسيقا "غير معلن" مع مسؤولي البنك الدولي لتوفير المستندات المطلوبة، معربًا عن أمل الحكومة أن تُستأنف مشاريع البنك المتوقفة، وأن يُطلق تمويل جديد لدعم التنمية، غير أن البنك كان واضحًا في رفض هذه التوقعات، مؤكداً أن العملية تقتصر فقط على تصفية التزامات سابقة، ولا تمثل استئنافًا لأي تعاون مؤسسي أو اعتراف سياسي.

موقف البنك الدولي من طالبان

رغم تسديد المستحقات، يتمسك البنك الدولي بموقفه المعلن منذ عام 2021 بعدم الاعتراف بالحكومة الحالية. ففي شتاء 2023، أعلن البنك تقديم 300 مليون دولار لدعم الخدمات الأساسية عبر وكالات أممية، مثل الغذاء والصحة والمياه، بعيدًا عن مؤسسات الدولة.

وخلال مشاركته في المنتدى الإنساني الأوروبي، قال رئيس البنك الدولي بأفغانستان فارس حداد زيروس إن مؤسسته قدمت مساعدات بأكثر من 2.2 مليار دولار منذ عام 2021، كلها دون المرور عبر القنوات الحكومية.

ويؤكد زيروس أن هذا النهج يعكس توازنًا بين ما سماه الالتزام الأخلاقي تجاه الشعب الأفغاني، والحذر السياسي في التعامل مع حكومة غير معترف بها دوليًا، ويقول "التسديد الحالي قد يمنح القطاع الخاص دفعة موقتة، لكنه لا يعالج الجذور الاقتصادية العميقة، مثل غياب الاستثمار الأجنبي، وانعدام الثقة الدولية، وضعف السيولة النقدية".

الوجه الإنساني للأزمة

تكشف تجربة أورنكزيب رحيمي، وهو مهندس سابق بإحدى الشركات المتعاقدة مع مشاريع البنك الدولي، الأثر الإنساني المباشر للأزمة. ويقول للجزيرة نت "كنت أعمل في مشاريع بنية تحتية كبرى، لكن توقف التمويل أجبر شركتي على الاستغناء عني عام 2022. واضطررت للعمل في وظائف يومية مؤقتة لإعالة أسرتي. وهذا التسديد قد يفتح المجال لعودة بعض الموظفين لكنه لا يكفي لاستعادة الاستقرار الاقتصادي المفقود".

إعلان أزمة معقدة ومساعدات محدودة

في ظل الأزمة المعيشية، أعلنت المالية الأفغانية -في 16 سبتمبر/أيلول 2024- أنها سددت للبنك الدولي ديونًا بقيمة 2.7 مليار أفغاني (38.8 مليون دولار) من بينها 910 ملايين أفغاني (نحو 13 مليون دولار) رغم استمرار تجميد أكثر من 7 مليارات دولار من الأصول الأفغانية بالولايات المتحدة، وهو ما تعتبره الحكومة الحالية "عقوبة جماعية" تفاقم معاناة السكان.

ويمثل تسديد البنك الدولي نحو 50 مليون دولار من مستحقات الشركات الأفغانية خطوة إيجابية جزئيًا نحو دعم القطاع الخاص وإحياء الأمل في أوساط مهنية متضررة، غير أن غياب التنسيق الرسمي واستمرار موقف البنك الرافض للتعامل المباشر مع الحكومة الحالية يعكس واقعًا أكثر تعقيدًا بالساحة الاقتصادية الأفغانية التي لا تزال ترزح تحت وطأة عزلة دولية وتمويل متراجع، في انتظار حلول طويلة الأمد تتجاوز تسوية الالتزامات القديمة، كما يقول مراقبون.

مقالات مشابهة

  • في أفغانستان هل استأنف البنك الدولي تعاونه مع طالبان؟
  • مرغم: طالبان صنعت تقدما ونظاما في 4 سنوات بأفغانستان لم يحدث عند الآخرين في 100 عام
  • تحت ظروف صعبة.. تعويم القطعة الرابعة من النفق المغمور في ميناء الفاو
  • بالفيديو.. 3 سيناريوهات صعبة ينتظرها جنوب لبنان
  • وزير الخارجية السابق: البعثات الدبلوماسية يجب أن تخدم التنمية والاستثمار لا السياسة فقط
  • صحيفة تركية: تغييرات وزارية واسعة تنتظر الحكومة بعد العيد
  • تطبق لأول مرة.. قرارات صعبة تنتظر الطلاب في امتحانات الثانوية العامة 2025
  • الذكرى الخامسة لوفاة رجاء الجداوي .. نجلتها تروي مواقف صعبة لأول مرة
  • المنافذ البرية والبحرية تصدر تعميماً حول حركة العبور من المعابر الحدودية خلال أيام العيد
  • إجازة عيد الأضحى 3 أيام ولا 5 للقطاع الخاص؟.. الحكومة تحددها رسميًا