تحذير أميركي من عودة “المتشددين” للمشهد السوداني
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
الخرطوم- سكاي نيوز عربية
قال توم بيريلو المبعوث الخاص للولايات المتحدة للسودان إن الخيار الوحيد المتاح لوقف المأساة الإنسانية المتفاقمة في البلاد هو العمل على إسكات البنادق وتسليم السلطة للمدنيين، وحذر من خطورة عودة الفصائل المتطرفة لتصدر المشهد بعد اندلاع الحرب في البلاد في منتصف أبريل 2023.
وجاءت تصريحات المبعوث الأميركي، في ظل اتهامات عن وقوف تنظيم الإخوان وراء الرفض المتكرر للجيش بوقف الحرب، وبعد يوم واحد من حديث أدلى به ياسر العطا، مساعد قائد الجيش السوداني وأثار جدلا واسعا، قال فيه إن الجيش لن يسلم الحكم للقوى المدنية دون انتخابات، مشيرا إلى خطة للدخول في فترة انتقالية بعد الحرب يقودها عبد الفتاح البرهان.
مخاوف جدية
أشار بيريلو في مقابلة أجرتها معه محطة الإذاعة الوطنية الأميركية، إلى أن "جنرالات الحرب" وداعميهم من المتشددين يقودون السودان وسكانه إلى مصير "مروع" ستكون له تأثيرات بالغة الخطورة على المنطقة ككل.
وأضاف: "نشهد عودة الفصائل المتشددة التي رأينا السودان يقضي وقتا طويلا في القضاء عليها لاستعادة نوع الديمقراطية التي أرادها الناس".
وبعد سقوط نظامهم في أبريل 2019، استخدم الإخوان 3 أدوات لتهيئة المسرح لعودة حكمهم مجددا، مستندين إلى شبكة واسعة من مراكز النفوذ المالي والإعلامي والعسكري التي تمكنوا من بنائها خلال العقود الثلاثة الماضية.
ومنذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، توسع نفوذ الإخوان في الجيش بشكل كبير، عندما بدأوا في استخدام شعارات دينية ومتطرفة لدغدغة مشاعر الشباب وإشراكهم في الحرب الأهلية في جبال النوبة والنيل الأزرق والجنوب ذي الغالبية المسيحية والذي انفصل في العام 2011 وكوّن دولته المستقلة.
وتضغط كتائب الإخوان في اتجاه استمرار الحرب وعدم الرضوخ لأي حلول سلمية.
وفي هذا السياق قال المحلل السياسي محمد لطيف لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "الجيش مجرد أداة لتنفيذ برامجهم".
وظهر قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد، الأسبوع الماضي وهو يعلن "النصر" بعد لحظات من دخول الجيش للمقر الذي كان خاضعا لسيطرة قوات الدعم السريع منذ الأسابيع الأولى من اندلاع القتال في منتصف أبريل.
وفي الجانب الآخر نشطت منصات إعلامية تابعة للإخوان في تمجيد دور ما أسمته بـ "كوادر الحركة" في القتال، وذهبت بعض المنصات إلى أبعد من ذلك واعتبرت أن الخطوة شكلت بداية الطريق لعودة التنظيم للحكم ونهاية لأي دور للأحزاب السياسية التي قادت التغيير الذي أطاح في أبريل 2019 بحكم الإخوان الذي استمر ثلاثة عقود.
وتمثل الوجه الثالث للظهور العلني في التصريحات التي نقلت على لسان الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي والتي قطع فيها بعدم الرضوخ لأي هدنة أو حلول تفاوضية.
البعد الإنساني
يشكل البعد الإنساني واحدا من أكبر مخاوف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي حيث تتزايد تكلفة الحرب التي قُتل فيها نحو 14 ألف شخص وأدت إلى فرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم، في ظل تفاقم أزمة الجوع التي باتت تحاصر أكثر من 25 مليون شخص.
ووفق بيريلو فإن الأزمة الإنسانية باتت تهدد الملايين، وأضاف قائلا: "لقد أصبحت أزمة إنسانية مروعة، فنحن نتحدث عن الملايين والملايين من النازحين من منازلهم، ونتلقى تقارير تفيد بأن عشرات الأطفال يموتون من الجوع، وتصاعد القتال يجعل الوضع أسوأ بكثير".
وشدد على أن "السودانيين يطاردهم الموت المنبعث من كل مكان. هذه حرب لم تكن ضرورية".
وأكد بيريلو دعم الولايات المتحدة للمبادرات الإفريقية، قائلا "يجب علينا إسكات السلاح وأعتقد أن شركاءنا الأفارقة لديهم تأثير كبير".
وبحث بيريلو الأحد في جيبوتي مع السكرتير التنفيذي للهيئة المعنية بالتنمية في إفريقيا "إيغاد" ورقني قبيهو سبل حل النزاع والتوصل إلى سلام في السودان.
وذكر قبيهو على حسابه الرسمي بموقع إكس "شددنا على الحاجة إلى تنسيق الجهود والمساعدة في إيجاد حل للصراع".
ورغم تجميد الحكومة القائمة في السودان عضويتها فيها، إلا أن "إيغاد" أعلنت تصميمها على استخدام جميع الوسائل والقدرات لوقف الحرب في السودان بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي، وحشد دعم المجتمع الدولي لخطتها التي تشكل في نظر الكثير من المراقبين والعديد من الأطراف الدولية والإقليمية، إطارا عمليا لحل الأزمة المستفحلة في السودان.
وتتبنى المنظمة خارطة طريق مكونة من 6 نقاط تشمل:
■ وقف إطلاق النار الدائم وتحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح.
■ إخراج قوات طرفي القتال إلى مراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم.
■ نشر قوات إفريقية لحراسة المؤسسات الإستراتيجية في العاصمة.
■ معالجة الأوضاع الإنسانية السيئة الناجمة عن الحرب.
■ إشراك قوات الشرطة والأمن في عملية تأمين المرافق العامة.
■ البدء في عملية سياسية لتسوية الأزمة بشكل نهائي.
وتعتبر مسألة الحفاظ على الأمن الإقليمي من أبرز الدوافع التي قد تسند أي تدخلات محتملة سواء من الاتحاد الإفريقي أو "الإيغاد".
وحول ذلك، قال السفير نور الدين منان، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "الدول المجاورة للسودان لن تقف مكتوفة الأيدي بل ستتدخل بدعوى حماية حدودها وأمنها من المخاطر الأمنية المحتملة في حال تفكك الدولة وتشظيها".
وفي ذات السياق قال المحلل السياسي الأمين مختار إن وقف الحرب يتطلب الدخول في مفاوضات غير مشروطة تؤدي إلى إنهاء المظاهر العسكرية وخروج كل قوات الجيش والدعم السريع من المواقع المدنية بالعاصمة والولايات وإطلاق عملية شاملة بضمانات ورقابة دولية وإقليمية.
///////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية تنظم ندوة “تنظيم الإخوان المسلمين .. خطاب التطرف والتضليل”
نظمت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، اليوم بمقرها في أبوظبي ندوة بعنوان “تنظيم الإخوان المسلمين .. خطاب التطرف والتضليل”، ضمن ندواتها الفكرية الموجهة للمجتمع بهدف تعزيز الرؤى التي تتبناها دولة الإمارات، للحد من الأفكار الهدامة التي تتبناها التيارات المتطرفة، وتعزيز قيم التعايش والتسامح ونبذ الغلو والتطرف.
وسلطت الندوة التي شارك فيها نخبة من أساتذة الجامعة، الضوء على خطاب الإخوان المسلمين، وكشفت توظيفهم للدين في خدمة مشاريع سياسية تتجاوز حدود الدولة الوطنية، والرسائل المضللة التي ينتهجها تنظيم الإخوان المسلمين، وأوضحت أثر التنظيم في تهديد بنية الدولة الوطنية وتقويض مفاهيم المواطنة.
كما هدفت الندوة إلى تفكيك الأسس الفكرية التي يقوم عليها مشروع الإخوان من خلال تحليل مفاهيمه الدينية والسياسية، وتبيان مخاطر المشروع الإخواني على وحدة المجتمعات واستقرارها، إلى جانب دعم خطاب الاعتدال الديني والمؤسسات الدينية الرسمية في مواجهة الفكر المتطرف، كما كشفت عن الممارسات الخطيرة التي يعتمد عليها تنظيم الإخوان في المجتمعات المسلمة.
وتناولت الندوة عددا من الأوراق قدمها نخبة من أساتذة الجامعة، حيث جاءت الورقة الأولى بعنوان “الإخوان المسلمون وتحريف المفاهيم الدينية” قدمها سعادة الدكتور خليفة مبارك الظاهري مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، أكد فيها أن دولة الإمارات تواصل جهودها في تعزيز قيم التسامح والمواطنة وفي مجابهة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، من خلال تفكيك بنيتها التنظيمية وضرب الأسس الفكرية للحفاظ على قيم السلام والوئام، وتعزز وعي المجتمع بما يقيه من الجهل والأفكار المغلوطة والشعارات الزائفة.
وقال إن الإسلام ليس نظرية سياسية ولا مشروع حاكمية ولا منظومة حزبية، فالإسلام دين محبة ورحمة وأخلاق جاء لتكريم الإنسان ونشر قيم السلام والوفاء والمحبة، وأضاف : نشأ تنظيم الإخوان الإرهابي متأثراً بالحركات العنيفة، مقتبسا من النازية والسرية، فأسّس كتائب ومنظمات سرية، ونظَّر لفرض التغيير بالقوة تحت شعار “تغيير المنكر”.
وأشار إلى أن الإخوان شبكة أيديولوجية ممتدة تتلون وتتشكل، تتخفى حينًا وتظهر حينًا آخر، لكنها تحتفظ بثوابت التخريب والانقضاض على الدولة مستغلة أزمات الشعوب، ومروّجة لخطاب الضحية، تارة باسم المظلومية، وتارة باسم “الربيع”.
وأكد على أنه لا ينبغي أن ننخدع بأي تبدل في خطابها، أو ما يُظهر من مرونة ظاهرية توحي بأنها تصالحت مع الدولة الوطنية أو قبلت بأسسها الحديثة، فذلك ليس إلا مظهرًا من مظاهر الخداع السياسي، والمخاتلة الأيديولوجية، غايته كسب التعاطف، واختراق المجتمعات، وتهيئة الطريق للوصول إلى السلطة.
وعرض الأستاذ الدكتور رضوان السيد عميد كلية الدراسات العليا بالجامعة ورقة بعنوان” الدولة الوطنية ومواجهة التآمر الإخواني” لافتا إلى أن جماعة الإخوان سعت منذ نشأتها إلى استخدام العنف بشتى أنواعه لبناء “دولة الأمة” على أنقاض الدولة الوطنية التي كانت وماتزال خصمهم الرئيسي.
وقال إن الإخوان المسلمين تنظيم سياسي في جوهره يستغل المشاكل والتحديات الاقتصادية والاجتماعية في الدول، للوصول إلى السلطة وهدم الوطن تحت شعار “تطبيق الشريعة وتحسين الأوضاع”.
إلى ذلك قدم الدكتور عدنان إبراهيم مستشار مدير الجامعة ورقة “الإخوان المسلمون والتهديد الفكري”، أوضح فيها أن تنظيم الإخوان يرى الدولة بمنظور عقائدي عابر للحدود لا يعترف بالوطن وحدوده الجغرافية، وهذا خلط خطير يقوم عليه الفكر المتطرف الذي يهدف لزعزعة الأوطان وقيم المواطنة، وقال : يجب على العلماء دعم حكوماتهم ودولهم في تعزيز الأمن والاستقرار والبناء والنماء وليس العكس، وعليهم مسؤولية فضح أسس الفكر المتطرف وتفكيكه وتحصين المجتمع ضده.
وأشار إلى أن الفكر الإخواني المتطرف يفرض طاعةً عمياء تُفضي إلى سلب الحقوق، وإقصاء الآخر، ومصادرة الضمائر، وانتهاك حرمات الأوطان وتطبيق مبادئ الفكر الفاشي الإقصائي.
وفي ورقته بعنوان “مشروع الإخوان المسلمين التخريبي في المجتمعات المسلمة”، أوضح الدكتور خالد الإدريسي عضو الهيئة التدريسية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أن الاختراق الذي تتمكن من خلاله الجماعات الدينية المتطرفة من زعزعة أمن الدولة يكون بإثارة الفتن وتبخيس مؤشرات النجاح وممارسة الابتزاز السياسي لخلق اربتاك داخلي أو من خلال التسرب لقنوات التعليم وتشويه المفاهيم والخطاب الديني، وقال : إننا مطالبون بالانتقال من جيو- سياسة الرعب التي أرستها هذه المنظمات إلى جيو- سياسة التعارف الإنساني التي ينتظرها العالم أجمع.
وتناولت الورقة الأخيرة في الندوة “الحاكمية عند الإخوان خطاب التضليل” قدمها الدكتور يوسف حميتو عضو الهيئة التدريسية بالجامعة، أشار فيها إلى أن الفكر الإخواني يُخرج الدين من المرجعية الأخلاقية والتشريعية المرنة، إلى كونه مشروعًا سياسيا كليا لا يقبل التعدد.