يمن مونيتور/قسم الأخبار

تعد الأضرار التي لحقت بالعديد من كابلات الاتصالات تحت البحر هي سبب انقطاع الاتصال بعيد المدى الذي هز أجزاء من القارة الأفريقية الأسبوع الماضي، حيث حذر المشغلون ومجموعات مراقبة الإنترنت من أن الوضع قد يستغرق أسابيع إن لم يكن أشهر لإصلاحه، وفقًا لتقارير شرق أفريقيا.

وبحسب تقرير نشره موقع ” AllAfrica “: حتى نهاية يوم الجمعة، أبلغت ثماني دول على الأقل في القارة عن مشكلات كبيرة في الاتصال حتى مع بقاء التفاصيل المتعلقة بسبب أضرار الكابلات البحرية ضئيلة.

وفقًا لتقارير شبكات الإعلام العالمية، شملت خطوط الكابلات المتأثرة نظام كابلات غرب إفريقيا (WACS)، وMainOne، وSouth Atlantic 3، وACE sea Cables – والتي تعتبر جميعها شرايين قارية رئيسية لبيانات الاتصالات السلكية واللاسلكية.

ومع ذلك، قالت MTN Group Limited، وهي شركة اتصالات لاسلكية بارزة في أفريقيا، إن ACE وWACS قد بدأتا عملية الإصلاح بشكل مشترك، وفي نهاية يوم الجمعة، من المتوقع أن يرسلا سفينة لإصلاح الكابلات التالفة.

ومن بين البلدان التي تلقت الضربة الأكبر كوت ديفوار وليبيريا وبنين، في حين أبلغت غانا ونيجيريا والكاميرون وجنوب أفريقيا عن اضطرابات طفيفة.

ومن بين الدول المتضررة الأخرى بوركينا فاسو وغامبيا وغينيا والنيجر.

وفقًا لموقع Netblocks الذي يتتبع الأمن السيبراني والاتصال بالإنترنت، انخفض الاتصال في كوت ديفوار إلى حوالي 4% فقط صباح الخميس، في حين انخفض في ليبيريا في وقت ما إلى 17%، كما انخفض في بنين وغانا إلى 14% و25% على التوالي.

وقالت هيئة الاتصالات الوطنية في غانا إن انقطاعات في الكابلات حدثت أيضا في السنغال والبرتغال.

وقالت الهيئة: “أدى ذلك إلى تدهور كبير في خدمات البيانات في جميع أنحاء البلاد، حيث يعمل مشغلو شبكات الهاتف المحمول على مدار الساعة لاستعادة الخدمات الكاملة”.

نقلت وسائل الإعلام الدولية بلومبرج عن متحدث باسم شركة تحليلات الإنترنت Cloudflare، لم يذكر اسمه، قوله إن الفنيين سيحتاجون أولاً إلى تقييم مدى الضرر قبل البدء في أعمال الإصلاح، وهي عملية قد تستغرق فترة طويلة من الوقت.

ونقل عن المتحدث قوله: “قد تستغرق الإصلاحات من أسابيع إلى أشهر، اعتمادًا على مكان الضرر، وما يجب إصلاحه، والظروف الجوية المحلية. ويعتمد تعيين سفن الإصلاح على عدة عوامل، بما في ذلك ملكية الكابلات المتأثرة.

وبحلول نهاية الأسبوع، كانت هناك مخاوف واسعة النطاق من أنه إذا لم تتم السيطرة على هذه الاضطرابات، فقد تضر الخدمات الأساسية، خاصة في البلدان الأكثر تضررا مثل كوت ديفوار حيث كانت الآثار شديدة.

تتصدر أفريقيا حركة مرور الويب عبر الأجهزة المحمولة في العالم، حيث تعتمد العديد من الشركات في القارة على الإنترنت لتقديم الخدمات لعملائها، وهو مؤشر على التأثير المدمر الذي قد يؤدي إليه الانقطاع الكامل.

على سبيل المثال، أعلنت البورصة الرئيسية في غانا عن تمديد ساعات التداول بمقدار 60 دقيقة يومي الخميس والجمعة، في حين قيل إن ثاني أكبر شركة مصنعة للأسمنت في نيجيريا ألغت مكالمة مع المستثمرين لأن الأضرار التي لحقت بالكابلات أعاقت العمليات التجارية في دول متعددة.

ويتفاقم تأثير مثل هذه الأعطال في الكابلات عندما تحاول الشبكات الالتفاف حول الضرر، مما قد يؤدي إلى تقليل القدرة المتاحة للبلدان الأخرى.

ويأتي التعطيل الأخير بعد أقل من شهر من قطع ثلاث كابلات للاتصالات في البحر الأحمر، وهو طريق الاتصالات الأساسي الذي يربط أوروبا بإفريقيا وآسيا عبر مصر، مما يسلط الضوء على ضعف البنية التحتية الحيوية للاتصالات.

وأثر انقطاع الكابلات، الذي أثر على نحو 25 في المائة من حركة المرور بين آسيا وأوروبا وكذلك الشرق الأوسط، على أربع شبكات اتصالات رئيسية.

الكابلات تحت الماء هي القوة غير المرئية التي تحرك استخدام الإنترنت على مستوى العالم، حيث تم تمويل العديد منها في السنوات الأخيرة من قبل شركات التكنولوجيا العملاقة متعددة الجنسيات، بما في ذلك Google وMeta وMicrosoft وAmazon.

تعتمد معظم شركات الاتصالات الكبرى على أنظمة كابلات متعددة تحت البحر، مما يسمح لها بإعادة توجيه حركة المرور في حالة انقطاع الخدمة لضمان عدم انقطاع الخدمة.

ومن الأسباب الطبيعية التي يمكن أن تسبب ضرراً لهذه الشبكات الزلازل كما حدث في تايوان عام 2006.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الاضطرابات الانترنت

إقرأ أيضاً:

البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع

تخيل بلدا يقف على جرف هارٍ تدفعه حرب ضارية إلى الهاوية، وجيشا يقاتل على جبهات متشعبة، واقتصادا ينهار طبقة بعد أخرى، بينما تتنازع قوى عالمية على أرضه وموانئه وذهبه وموقعه الاستثنائي.

وفي قلب هذا المشهد يقف رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، محاولا أن يمسك بالعصا من وسطها: يلوح للغرب بإمكانية الشراكة، ويشد في الوقت نفسه خيوط الارتباط بالشرق الصاعد.

ليس ذلك تقلبا سياسيا ولا انتقالا عشوائيا بين المحاور، بل مناورة وجودية فرضتها الجغرافيا القاسية، وحرب أنهكت الدولة والمجتمع، وتوازنات دولية تجعل من السودان ساحة اختبار كبرى في صراع النفوذ على البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وفي هذا السياق تحديدا، برزت آخر رسائل البرهان إلى الغرب عبر مقاله الذي اختار له بعناية صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025؛ رسالة لم تكن مقال رأيٍ عابرا، بل مذكرة سياسية مشفرة، صيغت بقدر محسوب من الإيحاء لتصل مباشرة إلى دوائر صناعة القرار.

الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة والانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي، ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا

الرسالة السياسية والصفقة غير المعلنة

في مقاله المثير، حمل البرهان قوات مليشيا السريع مسؤولية الحرب، رافضا توصيف الصراع بأنه "صراع جنرالين"، ومؤكدا أنها حرب تمرد على الدولة.

لكنه لم يكتفِ بهذا التوصيف؛ بل بنى المقال كله على فكرة واحدة: إذا ساعدتموني على تفكيك مليشيا الدعم السريع وإنهاء التمرد، فسأكون جاهزا للمضي في مسار التطبيع، وتقديم صيغة حكم مدني ترضيكم.

لوح البرهان بالانتقال الديمقراطي، وذكر الغرب بأن الصراع يهدد مصالحه في البحر الأحمر، وفتح باب الشراكة الاقتصادية، مشيرا إلى دور للشركات الأميركية في إعادة الإعمار. بدا المقال أقرب إلى عرض تفاوضي مكتمل الأركان: دعم عسكري وسياسي مقابل شرعية واستقرار وتعاون أمني.

هذه الرسالة ليست معزولة؛ فهي تأتي في وقت تتنامى فيه تحركات البرهان على الساحة الدولية: خطابات في الأمم المتحدة، إشارات إيجابية في الملفات الإنسانية، وانفتاح محسوب على المؤسسات الغربية.

إعلان

لكن هذه الإشارات لا تعني انقلابا إستراتيجيا نحو الغرب، بل هي جزء من لعبة أكبر توازن فيها القيادة السودانية بين مكاسب اللحظة، ومخاطر الاصطفاف الحاد.

بين القيمة الجيوسياسية وكلفة الاصطفاف

يحتل السودان موقعا استثنائيا. فهو بوابة البحر الأحمر، وممر التجارة العالمية، وخزان ضخم للمعادن والأراضي الزراعية. ولهذا تتصارع عليه القوى الكبرى اليوم، كما لم تفعل من قبل.

الصين ترى في السودان امتدادا لطريقها التجاري نحو أفريقيا. استثماراتها الضخمة في الموانئ والبنية التحتية والزراعة، تجعلها تبحث عن طريقة لتفادي انهيار كامل قد يبتلع مصالحها. وبكين، رغم هدوئها المألوف، تدرك أن الفوضى في السودان تعني خسارة سنوات من العمل الاقتصادي والإستراتيجي، ولذلك تتحرك بدقة: دعم محدود للجيش، وضغط خلفي لتثبيت الاستقرار دون الاصطدام بالغرب مباشرة.

أما روسيا فقد استعادت أدواتها غير النظامية عبر "أفريكا كوربس"، البديل الجديد لفاغنر، بهدف ترسيخ وجود إستراتيجي دائم على البحر الأحمر. بالنسبة لموسكو، السودان ليس مجرد شريك إستراتيجي، بل هو مفتاح لدخول القرن الأفريقي بعمق، وتحقيق توازن مع الضغوط الغربية في أوكرانيا، وأوروبا.

الغرب من جهته يراقب بقلق تمدد الشرق. لكنّ لديه شرطا واحدا لم يتغير: لا دعم اقتصاديا حقيقيا دون التقدم في ملف التطبيع، وهندسة المسرح السياسي الداخلي، واستبعاد تيار بعينه.

هكذا يجد السودان نفسه أمام معادلة مستحيلة:

الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة. الانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي.

ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا، والمناورة بين الشرق والغرب أشبه بخيط نجاة رفيع، لكن لا بد من السير عليه.

عدم الانحياز الذكي ورهان الداخل

ضمن هذه الحسابات الدولية المعقدة، يبرز مسار ثالث يفرض نفسه بقوة:

عدم الانحياز الفعال، وهو ليس حيادا سلبيا كما في الستينيات، بل إستراتيجية قائمة على مزيج من الانفتاح الانتقائي، والمداورة الدبلوماسية.

هذا المسار يعني:

تعاونا اقتصاديا عميقا مع الصين، دون الارتهان لها. شراكة أمنية مع روسيا، دون التحول إلى بوابة لها على البحر الأحمر. انفتاحا على الغرب، دون الوقوع في فخ الشروط الثقيلة التي قد تشعل الداخل. بناء دور إقليمي يعتمد على الجغرافيا لا على الأيديولوجيا.

بهذه المقاربة، يتحول السودان من ساحة صراع إلى لاعب يجيد توظيف الصراع لصالحه.

بيد أن كل هذا لن ينجح إذا لم يتم حسم المعركة الأهم: معركة الداخل. فالرهان الحقيقي ليس على واشنطن ولا بكين ولا  موسكو، بل على قدرة القيادة السودانية على:

توحيد الجبهة الداخلية، إعادة بناء المؤسسات، وقف النزيف الاقتصادي، وفرض إرادتها على القوى الإقليمية المتدخلة.

فمن دون جبهة داخلية متماسكة، تصبح المناورة الخارجية مجرد لعبة خطرة قد تسقط عند أول هزة. ومن دون قرار وطني صارم، لن تستطيع الخرطوم تحويل ثقلها الجيوسياسي إلى قوة حقيقية.

الخلاصة: المناورة ليست خيارا.. بل قدرا سياسيا

ما يقوم به البرهان اليوم ليس استسلاما للغرب ولا انحيازا للشرق، بل مناورة إجبارية تهدف إلى جمع السلاح من منطقة، والشرعية من أخرى، والمساعدات من ثالثة، دون دفع الأثمان كاملة لأي طرف.

إعلان

هي محاولة لاستثمار موقع السودان الفريد في معركة الهيمنة على البحر الأحمر، وتحويل الأزمة إلى ورقة تفاوض كبرى. غير أن هذه اللعبة الخطرة لن تجدي نفعا إذا لم يُستعَد الداخل أولا.

ففي النهاية، لا تحدد الدول الكبرى مصائر الأمم بقدر ما تحددها إرادة أبنائها.

وقدرة السودان على الخروج من النفق لا تتوقف على لعبة التوازن الدولية فحسب، بل على قوة البيت الداخلي، وتمكن القيادة من فرض رؤيتها على من يحاولون تشكيل مستقبل السودان من الخارج.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • غوغل تعتزم مدّ كابلات تحت البحر في بابوا غينيا الجديدة
  • قبل أمم أفريقيا 2025.. أزمة مكافآت تهز معسكر «صقور الجديان » وتشعل الغضب
  • جوجل تعتزم مدّ كابلات تحت البحر في بابوا غينيا الجديدة
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • السوداني يمنح ترخيصا لشركة (ستارلينك) الأمريكية لخدمة الإنترنت الفضائي
  • درة تسعرض أناقتها في ختام مهرجان البحر الأحمر.. شاهد
  • البحر الأحمر يكشف المستور.. لماذا شيطن الغرب العمليات اليمنية المساندة لغزة؟
  • رئيسة مجموعة الأزمات: أميركا لم تعد واثقة في النظام الذي بنته وهناك أزمة مبادئ
  • جائزة عمر الشريف تُمنح لـ هند صبري في مهرجان البحر الأحمر السينمائي
  • تطل بالأبيض مي عمر تخطف الأضواء في مهرجان البحر الأحمر 2025