ما أصل مهنة «الداية» وتاريخها في مصر؟.. ظهرت في مسلسل حق عرب
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
يُسلط مسلسل حق عرب الضوء على مهنة «الداية» في المجتمع، ودورها في تقديم الدعم والمساعدة للمرأة خلال فترة الحمل والولادة، إذ تُجسد الفنانة عايدة فهمي ضمن أحداث المسلسل شخصية «الداية»، وهي المرأة التي ساعدت «صباح» وتجسد شخصيتها وفاء عامر، في إخفاء سرها الخطير عن زوجها «رياض الخولي»، وهو ما أعاد إلى الأذهان أصل وتاريخ مهنة الداية.
وتعبر مهنة القابلة أو المولدة أو «الداية» - كما هو معروف في قرى مصر وبعض المناطق العربية بهذا الاسم - التي ظهرت ضمن أحداث مسلسل حق عرب، من أهم المهن القديمة التي عرفت منذ ظهور البشرية، ولم تقتصر على بلد أو أمة بعينها، بل عرفها العالم أجمع، وظلت متماسكة إلى اليوم حتى مع التقدم والتطور إلى يومنا هذا، ورغم ضعف الإقبال عليها إلا إنها موجودة ولم تنقرض، بحسب كتاب «قطوف من الأنساب بأقلام نخبة من النسابين العرب» للكاتب وائل شاهين.
ففي كثير من القرى ما زالت «الداية» موجودة نظرًا لأهميتها في هذه البيئة، على كونها امرأة معروفة لديهم ويسمح لها بأن تعمل في مثل هذه المهنة الحساسة والحرجة، خاصة في المجتمع القبلي لدى القبائل العربية التي ترفض الاستغناء عن دور «الداية» وما تقدمه من تسهيلات للمرأة.
وتقوم «الداية» بالإشراف على حملهم من الوهلة الأولى، فهي التي ترجع لها المرأة للكشف عليها إذا كانت حامل أم لا، وهي التي تجري عملية الولادة، وهي التي تكتب الوصفات الطبية للنساء، وتتابع المولود منذ ولادته، فأهمية دور الداية من أهمية دور النساء في المجتمع القبلي كمصدر لنعمة الله بالولد.
ولم تكن وظيفة الداية مهنة أهلية بسيطة يمكن لأي شخص ممارستها، ولكن كانت لها شروط وضوابط وقوانين، ورخصة تمنح للداية من وزارة الصحة لتمارس هذه المهنة، مدتها أربع سنوات قابلة للتجديد، بناء علي نص المادة الثامنة من الأمر العالي الصادر في 8 فبراير سنة 1886م، وكانت هذه الرخصة تعطي حق للداية أن تقوم بعملية الولادة البسيطة وليست الجراحية منها، كما كانت لوزارة الصحة الأحقية في سحب الترخيص في حالة صدور حكم على صاحبتها أو في جناية بعقوبة من عقوبات الجنح أو في إسقاط الحوامل أو في هتك عرض أو إفشاء الأسرار أو النصب أو خطف الأطفال أو في القتل.
شروط مهنة الدايةويبدو أن الأمر لم يكن بسيطًا أو مجرد أن تتقدم أي امرأة لتشغل مثل هذه الوظيفة دون خبرة أو إجازة بالقدرة على الممارسة لها، ولكن كانت هناك في مصر مدرسة تسمى مدرسة «الدايات» تقوم بتدريب وتعليم هؤلاء النساء قبل خوضهم هذه المهنة الحساسة، وقد افتتحت أول مدرسة للقابلات في عام 1831م بمدرسة الطب بأبو زعبل، وألحق بها عشر فتيات سودانيات وحبشيات وذلك لصعوبة الحصول على مصريات يقبلن الالتحاق بالمدرسة، كون ذلك مخالفاً لعادات وتقاليد العائلات المصرية.
وكان من شروط «الداية» أن تكون من المقيمين بهذه الناحية التابعة لها، وتعرف بين نساء قريتها أو الحي القاطنة به بحسن سلوكها، ومن العادة دائما أن تتوارث بعدها المهنة إما ابنتها أو إحدى أخواتها أو أحد أقربائها، التي دائمًا تكون بمرافقتها، لتتعلم منها وترث هذه المهنة بعدها حتى لا تخرج المهنة من بيتها لبيت آخر، وكانت تتقاضى أجرة من الزوج أو الأب مقابل خدمة الحامل، أو عند إجراء عملية الولادة، أو في مراسم الاحتفال بسبوع المولود، كما كان للداية دور في دفاتر الصحة بالمجمعات الصحية القروية، إذ كان بجوار خانة المولود يوضع ختم الداية، فهو بمثابة إقرار وإخطار رسمي منها بولادة هذا المولود وصحة تاريخ ولادته.
اليوم العالمي للقابلات «الدايات»ونظرًا للدور المجتمعي الذي تلعبه «الداية»، يحتفل العالم في 5 مايو من كل عام باليوم العالمي للقابلات «الدايات» إذ تؤمن منظمة الصحة العالمية إيمانًا قويًا أنّ القابلات مبادرات وهنّ عناصر التمكين والتنظيم، وهمزة الوصل الرئيسية التي تجتذب المرأة إلى نظام الرعاية الصحية في أكثر الأوقات فعالية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دراما المتحدة مسلسلات رمضان رمضان 2024 دراما رمضان هذه المهنة
إقرأ أيضاً:
هل كانت الهدنة في غزة مجرد مقلب؟
حين تساءلنا هنا قبل أسابيع: "ما الذي دُبر لغزة في ليل شرم الشيخ؟"، اتهمنا البعض بالسوداوية وسوء الظن وبأننا من أنصار نظرية المؤامرة، فها هو سيد البيت الأبيض "يروج" لشعاراته العريضة حول "تحقيق السلام في الشرق الأوسط"، وعلى نفس النغمة يرقص "أتباعه" من الأنظمة العربية التي لا تتجاوز نطاق "التصديق" و"التأشير" على كل بريد يحمل طابع وخاتم الإدارة الأمريكية، دون تفكير ولا تدبير.
لكن دعونا نتناول الواقع على الأرض بالورقة والقلم وبعيدا عن الكلام المعلب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، ونحن على مشارف الخمسين يوما مما يسمى "الهدنة المزعومة"، فهل فعلا توقفت آلة القتل الصهيونية ليوم واحد فقط؟
المنظمات الإنسانية والحقوقية الموثوقة تؤكد أن عدد الشهداء تجاوز 374 حتى كتابة هذه الأسطر، ويجدر بنا ترك القوس مفتوحا لأن هؤلاء السفاحين شراهتهم للدم الفلسطيني لا تتوقف ولا تنضب، وبين هذا العدد السالف الذكر هناك 136 طفلا شهيدا في غارات جوية تشمل نسف المنازل واغتيالات ميدانية، مع تقييد شبه كامل لدخول المساعدات الإنسانية والغذاء والدواء والوقود، كل هذا وما زلنا نقرأ ونشاهد ونسمع عن "تبجيل" لاتفاق وقف إطلاق النار وهدنة برعاية عربية ودولية، على من يضحك هؤلاء يا ترى؟
ظل شعار "المرحلة الثانية" معلقا ومجهولا ويكتنفه الغموض من كل الأطراف؛ لأنه بالأساس الغرض الأصلي منها هو وهْم نزع سلاح المقاومة والبحث عن حلول للتخلص منها
من لبنان إلى غزة:
من الواضح أن السفاح نتنياهو وعصابته وبعد "التجربة الناجحة" في لبنان، حيث تتواصل الغارات نهارا جهارا ودون رادع، ولعل أوقحها ما حدث مؤخرا باستهداف القيادي اللامع في "حزب الله" هيثم علي الطبطبائي المعروف بـ"أبو علي" في حارة حريك بقلب الضاحية الجنوبية لبيروت.. كل هذه المؤشرات "الإيجابية" في بلاد الأرز دفعته لقبول خطوة "الهدنة" مؤقتا في غزة، وبالتالي امتصاص الغضب الشعبي العالمي العارم ضد الكيان الغاصب وممثليه، لكن على أرض الواقع لن يتغير الكثير، فمسلسل الإجرام متواصل، والفرصة الذهبية أن الأضواء تخفت وهو ما يستثمره جيدا لصالحه لتحقيق مكتسبات إضافية عجز عن الوصول إليها سابقا بفضل تماسك المقاومة وقوتها وأيضا للوعي الشديد لأبناء القطاع الصامد، مما أفشل العديد من المخططات الصهيونية، وتلك حقائق يقر بها إعلام وحتى بعض قيادات جيش العدو أيضا.
فخ شرم الشيخ:
اليوم لم يعد ممكنا الاختباء وراء مصطلحات منمقة للتغطية عن الحقيقة الساطعة؛ التي تقول بأن الكثيرين كانوا "متواطئين" في مسرحية شرم الشيخ التي كان الهدف الرئيس منها هو مصلحة أسرى العدو وضمان سلامتهم وتسليمهم، لذلك ظل شعار "المرحلة الثانية" معلقا ومجهولا ويكتنفه الغموض من كل الأطراف؛ لأنه بالأساس الغرض الأصلي منها هو وهْم نزع سلاح المقاومة والبحث عن حلول للتخلص منها، وهو ما لا تخفيه العديد من الأطراف العربية كذلك دون حياء ولا خجل.
ولعل آخر من انبرى لوضع النقط على الحروف دون مواربة هو وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الذي أكد أثناء زيارته إلى لبنان "دعم مصر الكامل لقرار الحكومة اللبنانية لحصر السلاح، ونقوم بجهد كبير لتجنيب لبنان أي مخاطر أو ميول عدوانية ضد أمنه وسلامته، وهذه الجهود لن تتوقف".
طبعا هذا الكلام "الرسمي" أمام الكاميرات ووسائل الإعلام، إلا أن هناك مصادر صحفية متعددة وصفت زيارة عبد العاطي لقصر بعبدا بأنها "رسالة إسرائيلية" مفادها أن عدم تسليم "حزب الله" لسلاحه وانسحابه من الجنوب يعني حربا إسرائيلية وشيكة على لبنان قبل نهاية العام الجاري، والملفت أن الاعلام الصهيوني احتفل وهلل بما جاء على لسان الوزير المصري.
المؤكد أن استمرار هذا العبث (الذي يسمى هدنة) وادعاء الحرص على عدم خرقه سواء في لبنان وقطاع غزة بات يتطلب تحركات مغايرة
طبعا من الضروري ربط الحديث بما يحدث في الجنوب اللبناني بغزة، لأن كل الخيوط متشابكة، والهدف واحد يتجلى في رفع الراية البيضاء على كل الساحات التي ما زالت تصر على صون الكرامة والوقوف ضد العدو الغاصب وجحافله، لكن الطامة الكبرى التي نحياها أن من يعبد الطريق أمام هذا الوحش المفترس لالتهام ما بقي من الأراضي العربية يدعي زورا وبهتانا أنه ينتمي لنفس الأمة ويردد ما تؤمن به.
ماذا عن القادم؟
لا بد أن للمقاومة التي قدمت دروسا على ساحات القتال وفي قاعات الديبلوماسية؛ أوراقها التي ستراهن عليها في قادم الأيام، وهي تدرك منذ اللحظة الأولى حقول الألغام المعدة للإيقاع بها على هيئة مؤتمرات "راقية" وشعارات جذابة، مثل إعادة الإعمار وإحلال السلام، وغيرها من الكلمات المتهالكة التي لم تعد تنطلي على طفل صغير، لكن المؤكد أن استمرار هذا العبث (الذي يسمى هدنة) وادعاء الحرص على عدم خرقه سواء في لبنان وقطاع غزة بات يتطلب تحركات مغايرة، وبالأخص من لدن الطرف اللبناني، ونقصد "حزب الله" تحديدا، الذي بات في مفترق طرق وأمام تحد مفصلي حاسم.
والمثير للسخرية حقا هو كم التصريحات المتناقضة الصادرة عن الرئاسة اللبنانية التي لا تخجل من رفع يافطة الاستسلام التام وعودة نتنياهو وزمرته لرفع العلم الإسرائيلي في ساحات بيروت، وهي نفس الأُمنية التي تنتاب العديد من الأنظمة العربية اليوم لإرضاء الإدارة الأمريكية وانتظار فرصة الاستفراد بها واحدا تلو الآخر، كما علّمتنا دروس التاريخ التي لا يملك أصحاب المشاريع الخرافية الوقت الكافي لقراءتها والتمعن في نتائجها..