تمثيلات الغرب فى أشعار بيرم التونسى وأحمد فؤاد نجم
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
يفاضل بيرم التونسى بين النساء فى فرنسا -التى عاش فيها لعقدين- والنساء المصريات فى زمنه، فيصف المرأة الفرنسية بأنها رشيقة ونشيطة:
ومشتيك فى السكة غزال
كداسلت ملت ما فيش خلخال
وتقوم بواجبها نحو وطنها، وتضفى البهجة
فى الحرب بتواسى المجاريح
وتقلبى الغم بتفريح
وقيافتك عال
وسخام ولطام
فوق الطراريح
والنار بغرام
ويظلم الزوجة المصرية ظلما بيّنا بهذه الابيات:
تركّبه الفقر العاجل
متجوزاه وعاملاه سلم
الضرب على صدغه يعلم
وتجيب له لجام
لو يتكلم
أكفف وأقلام
فى المقابل يرى نجم جمال وفضائل المصرية فى قصائد مثل «بلدى وحبيبتي» و«مصر يامّه يا بهيّة» والتى تتماهى فيها مصر مع الحبيبة.
شابة يام الشعر ليلى والجبين شقّ النهار
والعيون بحرين أمانى والخدود عسل ونار
واللوالى فى ابتسامتك يحكوا أسرار المحار
وعن عزة زوجته:
الغرام فى الدم سارح والهوى طارح معزة
والحنين للقرب بارح والنوى جارح يا عزة
أما الغرب فنجد أنّ نجم رسمه على شكل خواجة أمريكانى يتاجر فى الشرق ويزرع بين الشرقيين كل أنواع الفساد والرذائل ويحث مواطنيه على الانتباه، كما أنه يسخر من الغرب لمحاولته تغريب المصريين. وفى قصيدته «جيسكار ديستان» يرسم صورة ساخرة لمصر المتفرنجة، وتمثل القصيدة زيارة الرئيس الفرنسى السابق لمصر فى عام 1976:
فاليرى ديسكار ديستان والست بتاعه كمان
حيجيب الديب من ديله ويشبع كل جعان
يا سلملم يا جدعان ع الناس الجنتلمان
داحنا حنتمجه جدا
وحتبقى العيشة جنان
التلفزيون ح يلون
والجمعيات تتكون
والعربيات ح تمون
بدل البنزين بارفان.
وبعبارة أخرى، سينحرف المصريون عن أصالتهم، لأنهم بتقليد الغربيين سيفقدون سماتهم الثقافية المميزة. نعم، لقد تمكنوا من مقاومة حملة نابليون الفرنسى عام 1798، ولكن يبدو أن الزيارة السلمية التى قام بها رئيس فرنسى آخر (ديستان) بعد مايقرب من قرن من الزمان ترمز بالنسبة لنجم إلى تهديد لما يشكّل الخصوصية المصرية.
أمّا بيرم التونسى فيرى أنّ الغرب هو «الآخر» الذى يختلف عن «النحن» وغالبًا ما يكون أفضل: لدى الغرب جوانب إيجابية وأخرى سلبية، يمكننا أن نأخذ منها ما هو جيد ونرفض ما هو رديء. بالمقابل يرى نجم أن الغرب ليس فقط «الآخر» الذى يختلف عنّا بل أيضًا «الآخر» الذى يتناقض مع قيمنا الاصيلة. بالنسبة لنجم، الغرب والشرق كيانان كاملان ومنفصلان يخوضان صراعًا مميتًا؛ كلاهما يحمل فى ذاته صفات مميزة، إذا وجدت فى أحدهما، فهى غائبة فى الآخر: إذا كان أحدهما محبًا للسلام ومناضلًا من أجل الحرية، فإن الآخر داعية للحرب ومستعمر ومستغل. ولهذا السبب، على عكس التونسى، يرى نجم أن الشرق والغرب ليسا فقط التوأمين اللذين لن يلتقيا أبدًا، بل التوأمان اللذان لن يتوقفا أبدًا عن التصادم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فرنسا المرأة الفرنسية
إقرأ أيضاً:
«السيسى» وبناء الدولة
تستحق مصر برلماناً يليق بتاريخها النيابى، الذى يعود إلى قرابة قرنين من الزمان، وتحديداً منذ عام 1824، منذ إنشاء المجلس العالى بموجب الأمر الصادر فى 27 نوفمبر 1824، ثم إنشاء مجلس الثورة عام 1827، ومجلس شورى الدولة عام 1854، ومجلس شورى النواب عام 1866، ومجلس شورى القوانين عام 1883، والجمعية التشريعية عام 1913، التى فاز فيها سعد باشا زغلول فى دائرتين، وتوقفت الحياة النيابية فى مصر بسبب الحرب العالمية الأولى، لتعود بعدها بصدور دستور 1923، وقد خص المجلس النيابى بغرفتين «مجلس النواب» و«مجلس الشيوخ».
استحقاق مصر لهذا البرلمان القوى الذى نرنو إليه فى تمثيل الشعب المصرى تمثيلاً حقيقياً للقيام بسلطة التشريع وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ليس من باب الأمانى لأن مصر دولة كبيرة، أقدم دولة عرفها التاريخ، نشأت بها واحدة من أقدم الحضارات البشرية وقامت فيها أول دولة موحدة حوالى 3100 سنة قبل الميلاد، تمتلك أطول تاريخ مستمر لدولة فى العالم، وهى مهد الحضارات القديمة وملتقى القارات وأول دولة فى العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة، وابتدعت الحروف والعلامات الهيروغليفية، حكمت العالم القديم من الأناضول للجندل الرابع حين بدأ العالم يفتح عينيه على العلوم والتعليم، فقد جاءت مصر، ثم جاء التاريخ عندما قامت مصر حضارة قائمة بذاتها قبل أن يبدأ تدوين التاريخ بشكل منظم.
هى دى مصر التى تعرضت لموجات استعمارية عاتية، ثم عادت لحكم أبنائها، محافظة على لغتها العربية، حاربت وانتصرت فى أعظم حرب عرفها التاريخ، حرب أكتوبر، ثم تعرضت لمحنة كادت تعصف بها على يد جماعة إرهابية لا يعرفون قدرها، وتعاملوا معها على أنها حفنة تراب، وكادت تضيع لولا أن هيأ الله لها جنداً أخذوا بيدها إلى بر الأمان على يد أحد أبنائها المخلصين الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أخذ على عاتقه مهمة بنائها من جديد حتى تبوأت مكانتها المرموقة بين الدول المتقدمة التى يحسب لها ألف حساب، أنقذ «السيسى» مصر من حكم الظلام، ثم أنقذها من الإرهاب المدعوم من الداخل والخارج والذى أرهقها عدة سنوات، ولم يكن «السيسى» طامعاً فى السلطة، ولكنه نفذ أمر الشعب الذى نزل بالملايين إلى الميادين يطالبه باستكمال مسيرة البناء. قبل «السيسى» المهمة الصعبة رئيساً للبلاد، فى وقت صعب وانحاز للشعب الذى انحاز له، وجعل «السيسى» الشعب له ظهيراً، لم ينتم لحزب، ولم يكن له حزب من الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة، وطبق الدستور كما يجب، وعندما لاحظ ارتباك الأحزاب السياسية بسبب التخمة الموجودة هى الساحة قدم نصيحة كم ذهب لو أخذت بها الأحزاب لكانت أوضاعاً كثيرة تغيرت أقلها نشأة البرلمان القوى الذى ننشده وتستحقه مصر، عندما اقترح الرئيس السيسى على الأحزاب أن تندمج، وأن يبقى على الساحة السياسية ثلاثة أو أربعة أو خمسة أحزاب قوية يتنافسون فى الانتخابات البرلمانية ليظهر منها حرب الأغلبية، ولكن الأحزاب الى أصبحت تزيد على المائة فضلت المظاهر والمناصب الحزبية على العمل الحزبى الحقيقى.
انحياز «السيسى» للشعب عندما أصدر «ڤيتو» لأول مرة يتخذه حاكم مصرى منذ فجر التاريخ، وهو تصحيح مسار الانتخابات البرلمانية هو انحياز للدستور الذى أكد أن السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها وهو مصدر السلطات، والبرلمان هو الضلع الثالث فى مثلث الحكم مع السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والمسار الذى حدده «السيسى» هو ألا يدخل مجلس النواب إلا من يختاره الناخبون من خلال انتخابات حرة نزيهة، تحية لرئيس مصر الذى يبنى دولة الحضارة من جديد.