بوابة الوفد:
2025-05-09@05:58:58 GMT

تأملات

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

 

طرق الإيمان كلها فلاح وصلاح وقد هيأها الله لمن رام الوصول وذاب شوقا فى المعبود الذى أراد لاحبابه الالحاح فى الدعاء و التشوق إلى الوقوف فى العتبات والقرع للابواب حبا فى وصالهم وتودد فى المحبة لهم وصونا قلوبهم عن التعلق إلا به، فقد ذاق طعم الإيمان من أدام قرع الابواب وتمسح بالعتبات ولاذ بالواحد القهار الذى به يعز المؤمن وبذكره يأنس الذاكر وبالدعاء يقرب القانت، فقد قال عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه: قد أفلح من عصم عن الهوى والغضب والطمع.

وذلك لأن الثلاثة إذا كانت فى مؤمن أحالت حياته إلى بعد عن الله فيتبع هواه فيكون عبدا لشهواته ورغباته وتابعا لنزواته وفجرته فلن تنال منه إلا سفاهة وجهالة، فعندئذ ينحط انحطاط البهائم وسيهوى مهاوى الهلكة ولا عاصم يعصمه من ضمير أو دين أو وجل أو خوف من الله أو حتى من خلق، وكذلك إذا غضب لن يثمر نفعا ولن يجدى ثمرا وإنما سيكون نارا لا تبقى ولا تذر بل سيسفك الدماء ويقترف الحرمات ويفترى على خلق الله وسيورد نفسه فى أتون حروب تهلكه ولا يقل الغضب عن الطمع الذى سيجعله لا يرضى بشيء ولا يقنع الا بامتلاك كل ما حرم لأنه لن يكون عنده خط احمر لأمر من الأمور، فمن أجل الطمع يأكل أموال الناس بالباطل ويقترف ما حرم الله، ولذلك لن يفلح ولذلك كان أفلح الناس من أدب نفسه ورباها على طاعة الله واجتناب ما حرم الله ولا عاصم لمن رام الوصول إلى الله إلا بالبعد عن طريق الغواية والهلاك، فقد قال الحسن رضى الله عنه: أربع من كن فيه عصمه الله من الشيطان وحرمه على النار من ملك نفسه عند الرغبة والرهبة والشهوة والغضب، فهذه الأربع هى مبدأ الشر كله.

 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

أزمة منتصف العمر

في منتصف العمر بين الشباب والشيخوخة، أي بين الأربعين أو الخمسين، وحينما تتباطأ خطى الأيام، يجد الإنسان نفسه في مواجهة هادئة مع حياته، ذلك عندما تداهمه فجأة “أزمة منتصف العمر”، وهو مصطلح يقصد به في علم النفس مرحلة يمر بها بعض الأشخاص عادة بين سن الأربعين والخمسين، ويشعرون خلالها بمراجعة حياتهم وإنجازاتهم وأحلامهم الماضية، ويرافقها أيضًا شعورهم بمواجهة بعض مشاعر القلق، أو الندم، أو الخوف من التقدم في العمر، أو قد ترافقها رغبة في تغيير نمط الحياة، أو تحقيق أحلام مؤجلة، كتعدد الزواج مثلا، أو البحث عن وظيفة أفضل، أو غيرها.
“أزمة منتصف العمر”، ليست مرضًا نفسيًا، لكنها فترة طبيعية من التأمل وإعادة التقييم، ولا تأتي دائمًا في شكل صاخب أو مأساوي، بل قد تبدأ بهمسة عابرة أثناء صباحٍ عادي، أو نظرة طويلة في مرآة مزدحمة بالذكريات، وفي هذه اللحظة، يطرح الأنسان على نفسه سؤالًا يبدو بسيطًا في ظاهره، لكنه يحمل وزن العمر بأكمله: ماذا حققت؟ وأين ذهبت أحلامي القديمة؟
إنّ “أزمة منتصف العمر” لا تعني بالضرورة أزمة وجودية حادة كما تصفها الروايات أو الأفلام، بل هي في أحيان كثيرة عملية صامتة لإعادة تقييم المسار، وأبرز ما يمّيزها محاولة الإنسان التكيّف مع الأماني غير المحققة، كعدم الحصول على الوظيفة المناسبة، أو فتاة أو فارس الأحلام. وهنا يبدأ الإنسان في إعادة قراءة فصول حياته، ويستعرض محطات عبرها دون أن يتوقف طويلًا، وأحلامًا حملها يومًا ثم تركها تسقط، ربما بفعل الزمن، أو تغير ترتيب الأولويات، ثم يكتشف في لحظة مكاشفة صادقة، أن بعض الأحلام لم تُنجز، وأن سنوات العمر التي كان يراها سابقًا بلا نهاية، أصبحت معدودة ومحسوبة، ويرى نفسه بين طموحات شابة ما زالت تسكن داخله، وواقع عملي وأسري رسم معالمه بطريقة مختلفة تمامًا عمّا تخيله في بداية المشوار. وفي هذه المرحلة يشعر الإنسان أنه فجأة، تغيرت نظرته إلى حياته، فالوظيفة التي كانت يومًا مصدرا للفخر، باتت روتينية تستهلكه دون أن تمنحه شعور الرضا، والشغف القديم بمواهب مثل الكتابة أو الفن أو السفر صار هامشيًا، مؤجلًا دومًا لمستقبل قد لا يأتي، والأحلام الكبرى التي طالما خطط لها، أصبحت أحاديث مؤجلة مع النفس، بلا يقين بتحقيقها.
ومع هذا الشعور، تظهر الحاجة إلى التكيُّف مع واقع جديد، فكيف يمكن للإنسان أن يتعامل مع الأماني غير المحققة، دون أن يقع في فخ الإحباط أو جلد الذات؟ فمنهم، وهو الصنف الأول الذي يعترف دون قسوة أن بعض الأحلام كانت جزءًا من مرحلة عمرية معينة، وما كان يناسب طموحات الشاب المليء بالحماس، قد لا يناسب الشخص الناضج الذي تغيرت أولوياته، وأن الاعتراف بعدم تحقيق كل شيء، لا يعني الفشل، بل يعكس مسارًا طبيعيًا لتطور الإنسان وتجدد اهتماماته عبر السنين.
أما الصنف الثاني فهو الذي يحتفي بما تحقق بالفعل، كتكوين علاقات صادقة، أو خوض تجارب ناجحة في الحياة، أو تكوين أسرة مستقرة، أو حتى لحظات صبر وشجاعة، على اعتبار أنها إنجازات تستحق أن يحتفي بها الإنسان، بدلًا من أن يحتقرها مقارنة بأحلام مثالية رسمها في وقتٍ سابق.
أما الصنف الثالث، فيبدأ بإعادة صياغة أحلامه، على اعتبار أن الأحلام لا تموت، لكنها تتغير أحيانًا، فلربما لم يتحقق حلم السفر حول العالم، لكن أثري عالمه الداخلي بقراءة عن ثقافات جديدة، أو تعلم لغة أجنبية طالما كان يحبها، على اعتبار أن الأحلام ليست نصوصًا جامدة، بل يمكن تشكيلها لتناسب مراحل الحياة المختلفة، دون التخلي عن جوهر الشغف.
أما الصنف الرابع والأخير، فيفضل الرضا بالواقع دون الاستسلام، على اعتبار أن الرضا الحقيقي لا يعني أن يتخلى الإنسان عن الطموح، بل أن يتوقف عن معاقبة نفسه على كل فرصة ضاعت، والفرق بين الرضا والاستسلام هنا: أن الأول ينبع من قبول واعٍ للذات وما مرت به، والثاني يولد من اليأس، وبين الاثنين، تبنى حياة متزنة أكثر واقعية وإنسانية.
والحديث حول هذا الموضوع، أعتقده مهمًا لكل منهم يعيشون هذه المرحلة، أو من يتعامل مع أفراد يعيشون هذه المرحلة، لكن المساحة المتاحة هنا قد لا تسمح بالتوسع أكثر ممّا تم عرضه وتدوينه، ولكن خلاصة الأمر: أن أزمة منتصف العمر ليست نهاية الطريق، بل فرصة ثمينة لإعادة ترتيب الأولويات وتصحيح المسار، وهي دعوة للتصالح مع الذات، ولرؤية الماضي والحاضر بعين ناضجة لا ترهقها المثالية، ولا تجلدها الأخطاء، على اعتبارها لحظة يجب أن يعترف فيها الإنسان بأنه، رغم كل ما لم يتحقق، لا يزال قادرًا على أن يحيا بسعادة، ويتنفس بشغف، ويواصل رحلته وهو أكثر حكمة وواقعية، حتى لو لم يصعد  كل القمم التي حلم بها صغيرًا، لكنه بالتأكيد قطع مسافات لم يكن يظن أنه سيقطعها، وهذا وحده، في ميزان الحياة، كافٍ ليُقال له: “لقد عشت حياتك”.

al_mosaily@

مقالات مشابهة

  • بسبب ظروف طارئة.. إلغاء حفل مدحت صالح فى 6 أكتوبر قبل موعدها بيوم
  • السيد القائد يرسم معالم المرحلة: الإيمان محرك والإرادة سلاح والعزة هدف
  • تأملات قرآنية
  • د.حماد عبدالله يكتب: فاقد الشىء لا يعطيه !!
  • الإثنين المقبل.. ثقافة السويس تُطلق العرض المسرحي «كرنفال الأشباح»
  • بشرى سارة.. التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحي الشامل بأسوان أول يوليو القادم
  • تأملات في 7 أيار.. يوم خرج حزب الله لحماية شبكة اتصالاته فكادت تندلع حرب أهلية
  • شريف الكيلاني: نسعى بكل جدية إلى تحويل حزمة التسهيلات.. لواقع ضريبي ملموس
  • أزمة منتصف العمر
  • محافظ دمياط يشارك بتجربة للنحت على الخشب