قال الدكتور محمد سالم أبو عاصي، أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، إن الله عز وجل هو الذي يفصل بين الناس يوم القيامة ولا أحد غيره.

وأضاف "أبو عاصي" خلال حواره لبرنامج "أبواب القرآن" المُذاع على قناة "الحياة": "من يفعل عكس ذلك فهو جعل نفسه في مقام الله جعل نفسه هو الحكم والحكم لله فهو هنا أقام نفسه مقام ربنا سبحانه وتعالى".

سالم أبو عاصي: مرتكب الكبائر قد يدخل الجنة حتى بدون توبة سالم أبو عاصي: يمكن فقهيًا دخول غير المسلم المسجد الحرام


وتابع: "من ييقول إن هذا عاصي وهذا كذا وهذا كذا يأثم لأن هذا تعدي على حق الله، هذا حق لله انت بتشاركه فيه، تقول له انت تحكم بين الناس وأنا احكم بين الناس انت تفصل بين الناس وانا هفصل بين الناس".

وأكد أنه لن يحكم بين العباد إلا الله سبحانه وتعالى، مضيفا : "أي كلام بخلاف هذا ضلال مبين، نحن لا نستطيع أن نحكم بأن فلانًا في النار ولا فلان في الجنة حتى في الكفار، أنت لا تستطيع أن تقول فلان ده بعينه في النار".


وتابع: "إنما تقول إن ربنا حكم للكافرين بالنار، لكن الحكم على الشخص ده بعينه إن ده داخل الجنة أو ده داخل النار غير الذي حكم به النبي والقرآن هذا في تأليه وأنت نصبت نفسك مقام الله عز وجل".


واستكمل: "ربنا لما حكى عن اليهود وحكى عن النصارى وحكى عن المسلمين وحكى عن الصابئين قال إن الله يفصل بينهم يوم القيامة، نحن نتعايش في حدود مشتركة والاعتقادات والمذاهب هذا الذي يفصل فيه بين العباد يوم القيامة هو الله وحده".


وأردف: "هناك أمور الإيمان نفسه يعني مثلا لو جاء واحد يسألني أنا صليت صلاة مستوفية الأركان والشروط منطبقة تمامًا مع الشريعة الإسلامية يا مولانا صلاتي مقبولة؟ أقول له ما اعرفش، صلاتي صحيحة أقول له صحيحة فالحكم بالصحة والبطلان ده شأن العالم المجتهد، الحكم بالقبول وعدم القبول ده ليس من شأن العالم".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدكتور محمد سالم أبو عاصي أستاذ التفسير جامعة الأزهر أبواب القرآن مقام الله بین الناس سالم أبو أبو عاصی

إقرأ أيضاً:

الشورى من عندنا.. والديمقراطية من عندهم!

 

 

 

د. أحمد بن علي العمري

 

كثيرًا ما يخلط الناس بين الشورى والديمقراطية، وهناك من يعتبرهما وجهين لعملة واحدة، وحتى يوجد من يدمج بينهما ليتعامل معهما كخلطة لمنتج واحد يمكن تركيبه على أي مجتمع وتنفيذه في واقع حياة الناس ومصيرهم وشؤون أمورهم، ولكننا إذا بحثنا بشيء من التأمل والتركيز والإدراك فسوف نجد اختلافًا واسعًا إن لم تكن فجوة كبيرة.

وللتوضيح، يتوجب أن نعرف الآتي: أن الشورى والديمقراطية مفهومان سياسيان يتعلقان بمشاركة الناس في اتخاذ القرار، لكنهما يختلفان تمامًا في الجذور الفكرية والتطبيق، إذ إن الشورى منهج إسلامي يقوم على التشاور بين الحاكم والمحكوم أو حتى بين أفراد المجتمع لاتخاذ القرارات في الأمور العامة، حيث قال ربنا سبحانه وتعالى: "وشاورهم في الأمر" (آل عمران: 159)، وقال كذلك: "وأمرهم شورى بينهم" (الشورى: 38)، صدق الله العظيم.

فالشورى هنا لا تلزم الحاكم برأي الأغلبية دائمًا، وإنما هي استشارة يستفيد منها ولي الأمر، وقد توضح له بعض التوجهات غير الواضحة أو غير المدركة، وهي تقوم على القيم الإسلامية السمحة مثل العدل والمسؤولية أمام رب العالمين، وهي لا تشترط نظامًا انتخابيًا معينًا بحد ذاته، بل تختلف تطبيقاتها حسب الأوضاع، وتاريخيًا كما حدث في تشاور الخلفاء الراشدين مع الصحابة.

بينما نجد أن الديمقراطية نظام مستورد ودخيل على الأمة العربية والإسلامية، فهو نظام سياسي غربي يقوم على حكم الشعب عبر انتخابات حرة ومباشرة، وفيه فصل السلطات وحماية الحريات الفردية، حيث إن القرارات تتخذ عبر التصويت، وفي الغالب تكون على حساب الأقليات في المجتمع، كما أن السيادة هنا للشعب وليس للدين، ولا حتى للتقليد المعروف والمتفق عليه بين الناس عرفيًا، وغالبًا ما تقترن بالليبرالية، وهي حرية التعبير والمساواة والعلمانية.

ولمزيد من التوضيح، يجب أن نعرف التالي: المصدر في الشورى هو الوحي الإسلامي، بينما في الديمقراطية هو الفكر الغربي، ومن حيث الهدف، فالشورى تحاول تحقيق العدل الشرعي، وعند الديمقراطية هو حكم الأغلبية، أما عن الالتزام، فالشورى تلتزم بالشريعة الإسلامية أولًا، وعند الديمقراطية نجدها تعتمد على القوانين الوضعية في غالب الأحيان، وفي مجال الحرية، نرى أن الشورى تؤمن بها وتطبقها ضمن حدود الشرع، بينما عند الديمقراطية فهي مطلقة ولا مجال محدد لها غالبًا.

وعليه، فإنه يتضح لنا جليًا أن الشورى نطاق إسلامي مرن للتشاور مع الالتزام بالشرع، بينما الديمقراطية نظام غربي بحت يقوم على الأغلبية والعقد الاجتماعي، ولقد رأينا في الأحقاب الزمنية الأخيرة من حياة الناس أن بعض الدول تدمج بينهما، مثل ما يحصل في دول إسلامية عدة مع احتكامها للشريعة.

وعندما نقول إن الشورى إسلامية، فإننا نقصد الشورى المعتدلة، فلا غلو في الدين، والدين الإسلامي هو دين السلام والتسامح والتعايش والقبول بالغير، فلا يمكن أن يكون شخص جماعة من عشرة أفراد مثلًا وينصب نفسه أميرًا عليهم ويأمرهم بطاعته، فهذا ليس من الدين في شيء، وهؤلاء هم من كرهوا العالم في الإسلام وخلقوا مسمى لم تعرفه الإنسانية من قبل عبر التاريخ "الإسلاموفوبيا".

إنما الإسلام هو الدين السمح المعتدل الراقي الذي يبان عليه الوقار والاعتدال، ونحن في سلطنة عُمان، كما يقول النشيد الوطني العُماني: "يا عُمان نحن من عهد النبي". ومنذ أن دخل الإسلام مازن بن غضوبة، وهو أول من أسلم من أهل عُمان، فقد أسلم العُمانيون بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يروه، وعندما وفدوا لمقابلته، فقد رأى فيهم الوقار ونظافة الملبس وحسن الخلق والأخلاق، فسألهم: من أين أنتم؟ فقالوا له: من عُمان. والقصة المعروفة لدى الجميع، فقد أخذوا منه خمسًا واتفقوا على خمس، وباركهم على خمس من سجاياهم وتقاليدهم وأعرافهم.

ومنذ ذلك الحين، وعُمان تطبق نهج الشورى، سواء كان ذلك في البرزة التاريخية التي عرفت بها عُمان، وهي المجلس السياسي والاستشاري، أو السبلة، وهي المجلس الاجتماعي العُماني المعروف، والآن في مجلس الشورى المنتخب بكامله إلى يومنا هذا.

وإيمانًا بأن عُمان تعلم أن كلمة الدستور ليست عربية الأصل، فقد ارتأت أن يكون نظامها والمرجع الرئيسي لها هو النظام الأساسي للدولة وليس بأي مسمى مستحدث آخر، وهكذا هي عُمان في منهجها ودقة اختيار مراجعها وصائبها وصوابها، وحتى كلمة البرلمان الناشئة من الخلفية الفرنسية، فلم تستخدمها سلطنة عُمان في أي من مجلسيها، والتي أطلقت عليهما مجلس عُمان بضفتيه الدولة والشورى.

لقد رأينا ما فعله ما يسمى بـ"الربيع العربي" بالدول التي ترفع شعارات الديمقراطية الجوفاء المستوردة، بينما لم تتأثر به الدول التي تميل إلى الشورى في توجهاتها، وحتى من يدعون النظام الدستوري، نهمس في آذانهم بأن هذا النظام ليس عربيًا ولا حتى إسلاميًا، ويتوجب علينا جميعًا الحفاظ على المبدأ الإسلامي الأصيل؛ حيث قال الله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه".

ونبقى فيما اتفقنا عليه، الإسلام المعتدل المتسامح المتعايش المتصالح، وربنا يهدي الجميع.

وأخيرًا، فإنني على يقين تام بأنه لو أقيم استفتاء في سلطنة عُمان، فإن الأغلبية الساحقة سوف تتوجه للمنهج الشورَوِي، لأن هذه سجية العُمانيين وعادتهم وعاداتهم منذ الأزل.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • دعاء يوم التروية للميت .. ردده يجعل قبره في رياض الجنة
  • هل يصح حج من أكل أموال الناس بالباطل ؟
  • ما بين غزة وكربلاء.. البدايات نفسها والنهايات نفسها!!
  • دينا أبو الخير: من تختار تربية أبنائها بعد الانفصال أو وفاة الزوج تزاحم النبي عند باب الجنة
  • المستشار سامح عبد الحكم ينعى وفاة والدة عمرو الجنايني
  • ????هل تصالح المجتمع مع المتعاونين..؟
  • طفل ينقذ نفسه من هجوم الكلاب عن طريق الشهادتين .. فيديو
  • الشورى من عندنا.. والديمقراطية من عندهم!
  • هل تجوز صلاة عيد الأضحى قضاء لمن فاتته؟.. الإفتاء توضح الحكم
  • كيف أعرف أن الله قد عفا عني وسامحني؟.. الإفتاء تجيب