عبد الحكيم الرويضي تُعقد قمة المنتدى الاقتصادي والإنساني الروسي الأفريقي في سان بطرسبرج للمرة الثانية، يومي 27 و28 يوليو/ تموز الحالي، حيث تشارك 49  من دول القارة الإفريقية، من أصل 54،  في القمة على أعلى مستوى. في الحقيقة لا يمكن لهذه اللحظة إلا أن “تعكر مزاج” القادة الغربيين، وفقا للمعلومات التي أفصحت عنها الصحافة هذا الربيع، قيل أن الولايات المتحدة وأتباعها كانوا حريصين تعطيل القمة من خلال  “ممارسة الوصاية” على الأفارقة بعدم الحضور وبالتالي عزل روسيا.

كما هو الحال دائما، يهتم الغربيون فقط بمصالحهم، وبالفعل فإن العناية برفاهية الشعوب الأفريقية غير وارد البتة ضمن تقاليدهم. ومع ذلك، أصبحت أفريقيا قارة حرة منذ زمن طويل،  ولم تعد مقسمة بين القوى العالمية. حيث تقرر القارة بمفردها مع من تريد أن تتعاون، وهي تفعل ذلك في المقام الأول ليس ضد أحد، ولكن لصالح مواطنيها. في الواقع، فقدت العواصم السابقة تأثيرها بالكامل تقريبا هنا، إذ لا يتم الاستماع في الوقت الحالي إلى رأي القادة الأوروبيين في أفريقيا إلا إذا تم اعتبار هذا الرأي مفيدا للدول والشعوب الأفريقية. في الوقت الذي تواصل  الولايات المتحدة تخويف الجميع بالعقوبات في حالة العصيان، يتراجع موقفها القهقرى في القارة الإفريقية تراجع مؤخرا. على سبيل المثال، منذ وقت ليس ببعيد، أُجريت الانتخابات الرئاسية في نيجيريا، وفشلت خلالها محاولة واشنطن لتعيين رجلها مسؤولاً عن البلاد، الذي حصل على المركز الثالث. في المقابل، كان المرشح الفائز مدعوما على وجه التحديد من قبل القوى المحلية، التي تدعم النهضة الاقتصادية للبلاد وليس فقط استنزاف الموارد منها، كما حدث في القرون السابقة. يتفهم ممثلو النخب الأفريقية أصحاب المواقف الواضحة أهمية تعزيز العلاقات مع روسيا، إنهم يدركون أنه على الرغم من كل العقوبات الغربية، فإن البلاد ليست على قيد الحياة فحسب، بل إنها تتطور بنجاح. بالتالي فإن حضور القمة الروسية الأفريقية مهم لتعزيز التعاون المشترك متبادل المنفعة، فالحدث يشمل برنامجا مكثفا للغاية، أي أكثر من 30 جلسة نقاشية وفعاليات مواضيعية حول أهم قضايا التعاون بين روسيا والدول الأفريقية. القمة هي فرصة تاريخية لتعزيز العلاقات الإنسانية والاقتصادية القائمة، وابرام اتفاقيات جديدة، وطبعا لن يُحرم المجال الأمني من الاهتمام أيضا. في مختلف حلقات النقاش، سيناقش الخبراء قضايا الأمن الغذائي، والكفاح المشترك ضد الأوبئة وحالات الطوارئ الطبيعية، والتعاون في مجال التقنيات المتقدمة، مع  إيلاء اهتمام خاص للذرة السلمية. وفي إطار القمة، يعقد أيضا مؤتمر لرؤساء الجامعات، حيث ستتم مناقشة قضايا الدراسة في الجامعات الروسية للطلاب من إفريقيا. أما إذا خضعت للضغوط الغربية ورفضت المشاركة في القمة –وهو أمر مستحيل حدوثه- فسيترسخ لدى أمريكا  أوروبا أن النخب الأفريقية لا تزال مسيطر عليها، ولا تتخذ أي قرارات مستقلة، وبالتالي لا يمكن استخدامها إلا للمصلحة الخاصة.  في هذه الحالة، كوسيلة لتعطيل قمة دولية كبرى تكون مهمة وضرورية لروسيا، لذلك يعتبر الغرب الأفارقة جهازا يمكن بواسطته منع الاقتصاد الروسي من اكتساب السرعة، وعندما ينجح ذلك، يقومون برمي الجهاز الذي لم تعد له حاجة في مكان ما في زاوية مظلمة ومغبرة. والحقيقة أن ذلك لا يمكن أن يحصل مع شركاء أنداد ومتساويين، لكن لا يوجد مبدأ للمساواة ضمن أجندة عمل القادة الغربيين. إن دور روسيا في إفريقيا اليوم يشبه إلى حد ما دور الاتحاد السوفيتي، الذي ناصر الحركات التحررية من الاستعمار، وانخرط معها في التعاون الاقتصادي. والآن تلتزم موسكو بالتعاون متبادل المنفعة، فهي لا تستورد المواد الخام والموارد الطبيعية التي تعتبر القارة في أمس الحاجة لها الآن لتنمية الصناعة. ينظر سكان العديد من الدول الأفريقية إلى روسيا على أنها خليفة الاتحاد السوفيتي، الذي دعم ذات يوم استقلال وطنهم عن القوى الاستعمارية في أوروبا. واليوم ينظر السكان بتعاطف كبير إلى تعزيز العلاقات مع الاتحاد الروسي، فالمساعدة التي قدمتها الدولة الشمالية لهم ذات يوم ما زالت حية في ذاكرة الناس العاديين، ويشمل ذلك بناء المستشفيات والمدارس في مدنهم وقراهم، وبناء سد أسوان على النيل وغيرها من المشاريع الكبرى. وهذا يشمل مساعدات إنسانية مجانية على شكل أطنان من الحبوب والأسمدة بالفعل اليوم.  يرى الناس آفاقًا كبيرة في العلاقات الجيدة بين إفريقيا وروسيا. لذلك، في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، المتوقعة في العديد من الدول الأفريقية في المستقبل القريب، سيتعين على القادة الحاليين، المعتمدين على الولايات المتحدة وأتباعهم، التفكير فيما إذا كان الأمر يستحق ذلك. سيتعين عليهم في الدورة الانتخابية المقبلة، مرة أخرى، الرد على الناخبين الذين يمكنهم الإدلاء بأصواتهم لصالح مؤيد للتقارب الروسي الأفريقي، الذي يرفض أن يكون دمية بين يدي المستعمرين السابقين. *صحافي مغربي مقيم في روسيا

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

الذهب يخسر 2% والأونصة تحتفظ باتجاه صعودي على المدى الطويل

شهد الذهب العالمي انخفاض خلال الأسبوع الماضي ليقلص جزء كبير من مكاسبه الأسبوع السابق، ليستمر الاستقرار والتحركات العرضية في السيطرة على حركة أسعار الذهب خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يعكس حجم الاضطراب في السياسات الأمريكية ومدى تأثيرها على أسواق المعدن النفيس.


سجل سعر أونصة الذهب العالمي انخفاض خلال الأسبوع بنسبة 2% ليسجل أدنى مستوى عند 3245 دولار للأونصة بعد أن افتتح تداولات الأسبوع عند المستوى 3351 دولار للأونصة ليغلق تداولات الأسبوع عند 3289 دولار للأونصة.
خلال شهر مايو شهد الذهب تذبذب حاد لينهي التداولات بارتفاع طفيف بمقدار 0.1% حيث افتتح تداولات مايو عند 3285 دولار للأونصة وأغلق عند 3289 دولار للأونصة، وبهذا الارتفاع الطفيف على المستوى الشهري يكون الذهب قد سجل ارتفاع للشهر الخامس على التوالي، وفق تحليل جولد بيليون.

بشكل عام يحتفظ الذهب بأساسيات قوية على المدى الطويل تدعم اتجاهه الصاعد، إلا أن التقلبات قصيرة الأجل تضعف زخم الصعود وتدفعه حالياً إلى التحركات العرضية، وذلك في ظل الفوضى الحالية في سياسات الحكومة الأمريكية وعدم وضوح توجهات السياسة التجارية الأمريكية.

أوقفت محكمة تجارية أمريكية يوم الأربعاء تطبيق رسوم ترامب الجمركية، حيث قضت بأن الرئيس قد تجاوز صلاحياته بفرض رسوم جمركية شاملة على الواردات من الدول التي تتمتع بفائض تجاري مع الولايات المتحدة. وكان الرئيس الأمريكي قد فرض في الثاني من أبريل رسومًا جمركية متبادلة على عدة دول مما أثار مخاوف من ركود عالمي، ومع ذلك تم تعليق العديد من هذه الرسوم الجمركية الخاصة بكل دولة بعد أسبوع.

هذا وقد أعادت محكمة استئناف فيدرالية مؤقتًا فرض الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب يوم الخميس، بعد يوم من حكم المحكمة التجارية.
من جهة أخرى شهد الذهب ضغط سلبي خلال الأسبوع الماضي بعد اعلان ترامب عن تأجيل تطبيق الرسوم الجمركية التي فرضها على الاتحاد الأوروبي بنسبة 50% ليعيد العمل بموعد نهائي في 9 يوليو للسماح بإجراء محادثات بين واشنطن والاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة للتوصل إلى اتفاق.
وفرت هذه الخطوة بعض الراحة للأسواق التي كانت تخشى تدهور أوضاع التجارة العالمية، وشجعت على شراء الأصول التي تعتمد على المخاطرة على حساب الذهب. بالإضافة إلى التعافي الذي سجله الدولار الأمريكي خلال الأسبوع وزاد من الضغط السلبي على الذهب.
وعلى صعيد البيانات الاقتصادية شهد مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأمريكي ارتفاع سنوي بنسبة 2.1% في أبريل مقارنة بتوقعات 2.2%، وبعد صدور التقرير واصل المتداولون المراهنة على أن البنك الفيدرالي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة في سبتمبر.
كما صرحت ماري دالي رئيسة البنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو يوم الخميس أن صانعي السياسات ما زالوا قادرين على خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام، ولكن ينبغي أن تبقى الأسعار ثابتة في الوقت الحالي لضمان أن التضخم يسير على المسار الصحيح للوصول إلى هدف البنك المركزي البالغ 2%.

تقرير التزامات المتداولين المفصل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 27 مايو، أظهر انخفاض في عقود شراء الذهب الآجلة من قبل المتداولين الأفراد والصناديق والمؤسسات المالية بهدف المضاربة بمقدار - 3975 عقد مقارنة مع التقرير الماضي، كما انخفضت عقود البيع بمقدار - 14178 عقد.

ويعكس التقرير الذي يغطي الفترة السابقة انخفاض في ضعف الطلب على الاستثمار في الذهب بسبب التهدئة الأخيرة في أزمة الرسوم الجمركية، كما يظهر انتقال الاستثمارات من أسواق الذهب إلى الاستثمارات الأخرى.

طباعة شارك الذهب سعر الذهب اسعار الذهب

مقالات مشابهة

  • فوز أهلي حلب على الجيش في الجولة الأولى للدور ربع النهائي من دوري كرة السلة للرجال، وذلك في المباراة التي جمعتهما اليوم في صالة الفيحاء بدمشق
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • المعلم العُماني.. من صمته يولد القادة ومن ظله تُبنى الحضارات (1- 2)
  • قبل موقعة البصرة.. العراق يخسر 5 لاعبين وكوريا تبدي ارتياحها
  • بريطانيا تعلن استعدادها لمواجهة مسلحة مع روسيا
  • جوزيف كابيلا يظهر علنا في غوما شرق الكونغو ويلتقي الزعماء الدينيين
  • الذهب يخسر 2% والأونصة تحتفظ باتجاه صعودي على المدى الطويل
  • عاجل|أردوغان يجدد التزام تركيا بالسلام: جهود متواصلة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا
  • الذهب يخسر 2% في أسبوع
  • روسيا تكشف عن مناقشة مذكرتين روسية وأوكرانية في إسطنبول