سواليف:
2025-05-09@23:25:41 GMT

تأملات رمضانية

تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT

#تأملات_رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

تمر ذكرى معركة بدر هذا العام، ونحن في أمس الحاجة الى استذكار دروسها البليغة.
يذهب بعضنا الى القول بأن الحديث عن هذا الحدث بات مملا لكثرة التكرار، ويرى آخرون أن استذكار الأمجاد هو من باب التفاخر غير المنتج، لكنه إن كان بهدف استنباط العبر والانطلاق الى الأسمى فهو محمود.


هنا أنا أسعى الى نفض الران عن النفوس واستنهاض الهمم واسقاط حجج المتخاذلين المتعذرين عن مقارعة العدو بحجة أقبح من الذنب وهي عدم تكافؤ القوة، كما أرمي الى نقض ذريعتهم بالاستسلام لغطرسة القوة.
لو عدنا الى موازين القوى في زمن تلك الموقعة، لوجدنا أنها مائلة بشكل صارخ لصالح المشركين، بل وأكثر كثيرا مما هي بين الأقطار الإسلامية الحالية وعدوها الصهيو – غربي، فالمسلمون الآن لا يشكون من قلة في العدد ولا من نقص في الموارد، وأقطارنا الآن في وضع اقتصادي مريح، ويمكنها بناء قاعدة تصنيعية عسكرية لا يستهان بها، والدليل هو ما أنجزته المقاومة الإسلامية في القطاع من قدرات، والتي رغم تواضعها تقنيا إلا أنها أثبتت قدرتها على تحييد التقدم التقني الهائل للعدو، ورغم الحصار المحكم من جميع الجهات فقد تمكنت من تهريب المواد الأولية اللازمة، ومع الإفقار والتجويع وقطع المدد المالي فقد تدبرت المقاومة أمرها وصمدت طوال الشهور الستة التي انقضت.
كما أن بإمكانها توطين التقنية واستخدام الوسائل الحربية المعاصرة، فقد رأينا العقول المسلمة مبدعة، وبإمكانها ابتكار وسائل تبطل كيد الأعداء الإليكتروني، أو تذهب فاعلية قدراتهم الفائقة، فقد رأينا المركبات المعادية العالية التدريع والتحصين، والتي كلفتهم بالملايين، وظنوها مانعتهم حصونهم، تفجرها مقذوفات طورها المقاومون بكلفة ضئيلة.
لقد قدر الله حدوث موقعة بدر، وهو يعلم أنها لن تكون باختيار المسلمين لو أتاح لهم الاختيار، لأنهم بالحسابات المادية المنطقية كانوا موقنين أن نتيجة أي نزال عسكري مع المشركين، ستكون القضاء عليهم قضاء مبرما، لذلك أراد الله إغراءهم بالخروج للفوز بالمغنم السهل (القافلة)، فهم في أمس الحاجة للمال، خاصة وأن المهاجرين تركوا كل ما يملكون في مكة، ولا شك أن استيلاء المشركين عليها يشق على نفوسهم.
وقدر الله إنجاء القافلة، وأوقع الحمية في نفوس المشركين لإغرائهم مقاتلة المسلمين، وذلك لتقع المنازلة الأولى، فينتفع المسلمون بدروسها الى آخر الدهر.
وأهمها:
1 – القناعات الإيمانية النظرية لا تتعزز إلا بالممارسة العملية، فالأمة التي انتدبها الله لأداء المهمة الجليلة وهي دعوة العالمين جميعا الى منهجه، يعلم أنها ستتعرض الى صعوبات جسام، وستنالها المخاطر من قبل الطواغيت والناهبين اللذين يعلمون أن إقامة منهج الله يتعارض مع أطماعهم، لذلك أراد لمعدنهم أن يكون صلبا عالي المقاومة، ومثلما أن الحديد لا يصبح فولاذا صلدا إلا بالطرق والصهر والسقي، فكذلك المؤمن الحق، لا بد له من مجابهة الظلم ومقارعته.
وفعلا رأينا النتيجة تحققت، وبات المسلمون بعد بدر أعز شأنا وأرفع مكانة، فتتالت بعدها الانجازات.
2 – هنالك جملة من السنن الكونية التي اختص الله بها عباده المؤمنين، ليعتبروها من الحقائق الإيمانية، جاءت في كتاب الله، يصدقها المؤمن لأنه يعلم صدق كلام الله، مثل: إن وعد الله المؤمنين بالنصر حق: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ” [الروم:47]، وأن الكثرة ليست شرطا لتحقيق الغلبة: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ” [البقرة:249]، “وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا” [التوبة:25]، لكنه لا يوقن بها كحقيقة واقعة إلا بالتطبيق الحي، فكان لا بد لله من حدوث معارك، تثبت نتائجها مصداقية هذه السنن.
3 – في المنازلات تثبت حقيقة أن كل ما في هذا الكون جنود لله، يحقق بهم مراداته، فقوى الباطل يسخرها الله للعدوان على المؤمنين، لأنه في الرخاء والاطمئنان لا يتميز المؤمن الصادق عن الذي قلبه غير مطمئن الإيمان ويستعين بعباداته الظاهرة على اخفاء نفاقه تقية، لكن عند الشدة واحتدام الخطب، تستنهض همة الصادقين منهم، ويكتشفوا نفاق المنافقين من بينهم الذين لم يكونوا ليعلموهم لولا هذا الامتحان.
كل ما سبق هي بعض من الاستخلاصات التي أراد لنا الله أن نعيها، لكي نرد على ادعاءات المنافقين من بيننا والمثبطين الذين يدعوننا الى الاستسلام تحت مسمى التطبيع.

مقالات ذات صلة هل هو مخطط واحد لتهجير أهل فلسطين وسوريا والعراق ولبنان؟ 2024/03/30

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات رمضانية

إقرأ أيضاً:

معركة الحسم العسكري

صدرت تصريحات عن رئاسة هيئة أركان الجيش الصهيوني في الرد على نتنياهو، بما معناه بأنها تتحفظ على تصعيد الحرب في قطاع غزة، أو مواصلتها، وذلك لأسباب تتعلق بوضعية الجيش عموما، كما من ناحية استدعاء الاحتياط، ولأسباب أخرى بالطبع. وهي تعبّر، من جهة أخرى، عن رأي عام في الكيان الصهيوني، ذهب في أحد الاستطلاعات إلى اعتبار 70 في المئة يريدون وقف الحرب، وإطلاق الأسرى (المحتجزين)، بل وأعلن أن ثمة نسبة أكبر في استطلاعات أخرى.

لكن نتنياهو عقد اجتماعا موسّعا لوزراء الحكومة، بمشاركة الجيش، أُعلن في نهايته عن اتخاذ قرار بتوسيع الحرب حتى القضاء على حماس (يقصدون كل المقاومة)، والبدء بترحيل السكان، وإبقاء القطاع تحت سيطرة الجيش.

ثم أعلن في 6 أيار/ مايو 2025، بأن تنفيذ قرار بدء الهجوم أُجِّلّ، حتى يعود ترامب من زيارته للسعودية وعدد من دول المنطقة.

صدرت مؤشرّات متضاربة حول موقف ترامب من سياسة نتنياهو المتجهّة إلى مواصلة الحرب وتوسيعها تأييدا، وحول موقف آخر مستمر له بالحرص على إنهاء الحرب، وإطلاق كل الأسرى
وكانت صدرت مؤشرّات متضاربة حول موقف ترامب من سياسة نتنياهو المتجهّة إلى مواصلة الحرب وتوسيعها تأييدا، وحول موقف آخر مستمر له بالحرص على إنهاء الحرب، وإطلاق كل الأسرى.

هذا التضارب في مواقفه متشابه بالنسبة إلى كل "الجبهات" التي فتحها خلال المائة يوم ونيّف، منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة. ولكن بالنسبة إلى جبهة الحرب المفتوحة في قطاع غزة، منذ أن اندلعت الحرب الثانية حتى اليوم، فتدلّ مواقف ترامب من ناحية استمراريتها، على أنه يجنح إلى مجاراة نتنياهو في استمرارها، أو في الأقل عدم التحرّك أو الضغط لوقفها، الأمر الذي يفترض أن تكفي نظرة سريعة الآن لترجيح تأييد الهجمة العسكرية التي اتخذ قرارها مجلس الوزراء، ولو بعد زيارة ترامب.

قرار التوسّع في الحرب يُفهَم منه أن الجيش الصهيوني، في هذه المرّة، سيشنّ حربا فاصلة لحسم الحرب، وإلّا ما معنى تحقيق هدف القضاء على المقاومة، والبدء بتنفيذ تفريغ القطاع من أهله جميعا.

وهنا يبرز السؤال: ما الذي "بدا" أو تغيّر حتى يكون بالإمكان الحسم؟ بالتأكيد لا شيء ولا جديد، وإنما هروب نتنياهو إلى الأمام، بعد أن فقد كل مصداقية، من حيث عدم تحقيقه ما طرح من أهداف، غير القتل الجماعي (الإبادة)، والتدمير الشامل من جهة، وغير الفشل العسكري من جهة أخرى، ولكن مع العودة بأسوأ سمعة للكيان الصهيوني في نظر الرأي العام العالمي، الأمر الذي شكّل كارثة استراتيجية على الكيان الصهيوني، ومستقبله.

قرار التوسّع في الحرب يُفهَم منه أن الجيش الصهيوني، في هذه المرّة، سيشنّ حربا فاصلة لحسم الحرب، وإلّا ما معنى تحقيق هدف القضاء على المقاومة، والبدء بتنفيذ تفريغ القطاع من أهله جميعا. وهنا يبرز السؤال: ما الذي "بدا" أو تغيّر حتى يكون بالإمكان الحسم؟
فالكيان الصهيوني افتقر قيامه إلى أي شرعية، وقد بذل الكثير الكثير، لتشريع وجوده، وتبييض صفحته، وهو ما دمّره نتنياهو تدميرا، وذلك بقتل الأطفال، وحرب الإبادة، وتدمير المستشفيات.

أما من الناحية العسكرية، وبعد قراءة عسكرية مدققة، فماذا يمكن أن يفعله الجيش الصهيوني وقد راح، خصوصا في حربه الثانية، يتجنّب الاقتراب من أي اشتباك صفري، أو حتى من أي تعرّض لضربات المقاومة؟

لهذا ليس أمامه لتنفيذ القرار غير الاشتباك الصفري الواسع، أي محاولة اقتحام الأنفاق، حيث تكمن المقاومة، وهو ما يؤمّن تفوّقا عسكريا تكتيكيا للمقاومة، ويسمح لها هي أن تحسم، إذا ما أصبح الحسم هو التكتيك القادم، لأن الجيش الصهيوني لا يستطيع أن يستخدم تفوّقه في الطيران أو الدرونات، عندما تصبح المعركة صفرية على نطاق واسع، كما لو كانت حرب شوارع.

بكلمة، إن قرار الحسم إذا ما نُفِّذ سيكون وبالا على نتنياهو والجيش، عسكريا، ودعك من مصير الأسرى.

مقالات مشابهة

  • ناطق حكومة التغيير يوضح جانبا من الإنجازات والجهود التي بذلت في التصدي للعدوان الأمريكي
  • أوقعت قتلى وجرحى .. المقاومة تستدرج قوة صهيونية بواسطة دمية تصرخ العبرية
  • تأملات قرآنية
  • كاتس مهددا إيران: ما فعلناه بحزب الله وحماس والحوثيين سنفعله بكم
  • شاهد بالصور..  المذيعة نسرين النمر توثق للحظات العصيبة التي عاشتها داخل فندق “مارينا” ببورتسودان بعد استهدافه بمسيرات المليشيا ونجاتها هي وزميلتها نجمة النيل الأزرق
  • أسباب اتهام إيران بالوقوف خلف صواريخ اليمن
  • تأملات في 7 أيار.. يوم خرج حزب الله لحماية شبكة اتصالاته فكادت تندلع حرب أهلية
  • معركة الحسم العسكري في غزة
  • معركة الحسم العسكري
  • أبطال مهملون.. قصة المقاومة الشعبية في نوى السورية