مع نفحات رمضان المباركة، وفي كل مساء على وجبة الفطور، يلتم الشمل على سفرة متنوعة الأطباق، وقد يكون المجتمعون أسرة أو أصدقاء أو مجموعة أقارب، ويتبادل هؤلاء الذكريات حول رمضان قديما، حيث يصومون الشهر الفضيل، ويقضون يومهم في العمل ومتابعة المواشي في أجواء الصحراء ويفطرون بالقليل مما تجود به الصحراء من الطعام.

وحول هذه الذكريات يقول الشيخ محسن بن بليتي زعبنوت: كنا نستقبل رمضان في البوادي، وكان الاتصال والتواصل ضعيفًا وصعبًا جدا بين المدن والقرى والبوادي وحتى بين الأسر حيث تكون المسافة صحاري شاسعة، وكنا نبدأ يومنا في رمضان مع شروق الشمس وإلى غروبها في العمل ومتابعة مواشينا والبحث عن مصادر قوت يومنا، وكذلك النساء يعملن من الصباح الباكر بالعناية بأغنامهن وكنا نرجع إلى خيامنا قبيل غروب الشمس في حالة من التعب والإرهاق الكبيرين، خاصة أن الأجواء في الصحراء معروفة بارتفاع درجات الحرارة في الصيف، وعندما نفطر يكاد لا نجد ما نفطر عليه من الأكل إلا الماء والحليب المخلوط بالماء ويسمى عندنا (شارير) وبعض التمر إذا وجد بعكس ما هو متوفر حاليا في هذا الزمن من الطعام والشراب مما لذ وطاب من سفرة الطعام إلى جانب الخدمات الكثيرة التي كنا نفتقر إليها في ذلك الوقت، كالكهرباء والإنترنت ومياه ومساكن مكيفة ودافئة حيث كان المسكن مكونا من خيام وفي جوف الجبال.

وأضاف محسن زعبنوت: كنا بعد أداء صلاة التراويح نخلد مباشرة إلى النوم من كثرة التعب والعمل طوال النهار استعدادا لبدء يوم آخر من النشاط، ومن العادات التي تكثر في رمضان في وقتنا الحاضر زيارة الأرحام والأقارب وتبادل أطباق الطعام مع الجيران وليالي السمر مع الأقارب والأحبة بعد صلاة التراويح تكثر أعمال الخير، حيث وجود فرق خيرية تعمل خلال هذا الشهر الفضيل للوقوف مع الأسر المعسرة في الولاية إضافة إلى وجود حلقات لتحفيظ القرآن الكريم للصغار.

أما سعيد بن سهيل زعبنوت فقال: قديما كنّا نجلب الماء من أماكن بعيده تبعد حوالي ما يقارب ٦٠ إلى ٧٠ كيلومترا على ظهور الجمال في (قُرَب الماء) المصنوعة من جلد الغنم أو الوعل البري من أماكن بعيدة إلى منطقة حبروت حيث نسكن، وإذا وردنا المورد نجلس إلى المساء إلى أن يبرد الجو ونعود ليلا من المورد على ظهر الجمال، وهذه المسافات في شهر رمضان تقطع مع الصوم إلى حين الإفطار، وكنا نفطر على الماء، وإذا وجد حليب وتمر وشيء من البُر يتم تحضيره للعشاء، وكان في زماننا الوجبة الرئيسية وجبة العشاء فقط، وهي عبارة عن حب من العيش يتم طحنه ومزجه بالحليب إذا توفر ويتم طبخه على الماء ثم نصلي التراويح وأحيانا نسمر لبعض الوقت قبل الخلود للنوم، وفي وقتنا الحاضر لرمضان عادات طيبة، حيث تكثر العبادات والطاعات ويزداد القرب من الله، ويكثر أهل الخير في ولاية المزيونة في الوقوف مع الأسر المتعففة، وتبادل زيارات الأقارب والإفطار الجماعي بين الأقارب والأهل.

وتتذكر نيلة بنت كندورة الحريزية: رمضان في السنوات السابقة قبل سنوات الرخاء التي نعيشها الآن كان له حالة خاصة ومختلفة عما هو عليه اليوم حيث كان العمل يرافقنا منذ الصباح حتى قبيل المغرب، حيث كنا لا ننام بعد صلاة الفجر، بل نبدأ في تفقُّد حال مواشينا، ونقوم برعي الأغنام والعناية بهن، ويستمر الحال إلى قبيل غروب الشمس تقريبا، ثم نعود إلى مساكننا التي هي متواضعة جدا مقارنة بما هو حال اليوم حيث البيوت في فتحات الجبال وأحيانا خيام نستظل بها من حرارة الشمس، ومع أذان المغرب نفطر على ماء وحليب الغنم، وإذا وجدت قهوة وشيء من الخبز والرز، ثم نصلي التراويح ونخلد مباشرة إلى النوم نظرا للتعب طوال اليوم في العمل والمشي، ولقد اختلف كثيرا الحال اليوم حيث المساكن والبيوت الحديثة وخدمات الكهرباء والتكييف والخدمات العامة الكثيرة، وسفرة الطعام وما تضمه مما لذّ وطاب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

محمد السادس يمدّ يده للجزائر.. ملك المغرب يدعو لحوار “صريح ومسؤول” ويجدد موقفه من ملف الصحراء

أدلى الملك المغربي محمد السادس بتصريحات تفتح الباب أمام الجزائر لحلّ الأزمة الدبلوماسية بين البلدين حيث دعا إلى حوار “صريح ومسؤول أخوي وصادق”، كما جدد دعمه لمبادرة الحكم الذاتي كحل لقضية الصحراء الغربية وأن بلاده تسعى لحل لا غالب ولا مغلوب فيه، وذلك في كلمته بمناسبة عيد العرش.

وفي كلمته السنويّة المسجّلة التي بثها التلفزيون الرسمي بعد مرور 26 عاماً على اعتلائه العرش خلفاً لوالده الحسن الثاني، أكد العاهل المغربي التزام بلاده بالانفتاح على محيطها الجهوي وخاصة الجوار المباشر.

وقال: “بموازاة مع حرصنا على ترسیخ مكانة المغرب كبلد صاعد، نؤكد التزامنا بالانفتاح على محيطنا الجهوي، وخاصة جوارنا المباشر، في علاقتنا بالشعب الجزائري الشقيق”.

وأضاف: “بصفتي ملك المغرب، فإن موقفي واضح وثابت وهو أن الشعب الجزائري شعب شقيق تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، وتربطهما أواصر اللغة والدين، والجغرافيا والمصير المشترك”.

وتابع قائلا: “لذلك، حرصت دوما على مد اليد لأشقائنا في الجزائر، وعبرت عن استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول حوار أخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين”.

وأردف الملك محمد السادس بالقول: “إن التزامنا الراسخ باليد الممدودة لأشقائنا في الجزائر نابع من إيماننا بوحدة شعوبنا، وقدرتنا سويا، على تجاوز هذا الوضع المؤسف، كما نؤكد تمسكنا بالاتحاد المغاربي واثقين بأنه لن يكون بدون انخراط المغرب والجزائر، مع باقي الدول الشقيقة”.

في أغسطس/ آب 2021، أعلنت الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب بسبب ما وصفتها بـ”أفعال عدائية متواصلة” من المغرب ضد الجزائر.

قال حينها وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إن “قطع العلاقات الدبلوماسية لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يتضرر المواطنون الجزائريون المقيمون بالمغرب والمغاربة المقيمون بالجزائر من هذا القرار”.

وأفاد العاهل المغربي بأن المملكة تعتز بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع حول الصحراء الغربية.

وصرح بأن الرباط حريصة على إيجاد حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف.

وتقدم الملك بالشكر للمملكة المتحدة والبرتغال بعد إعلانهما مؤخرا تأييد المقترح المغربي، لتنضما بذلك إلى قائمة دول غربية بارزة مثل الولايات المتحدة في 2020 وفرنسا في 2024.

في المقابل، تواصل جبهة البوليساريو، بدعم جزائري، المطالبة باستقلال الإقليم الذي صنفته الأمم المتحدة ضمن المناطق غير المتمتعة بالحكم الذاتي، في وقت تدعو فيه مختلف الأطراف المعنية إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ 2019 “من دون شروط مسبقة” للوصول إلى “حل سياسي دائم ومقبول”.

عام 2007، قدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي كحل للنزاع حول منطقة الصحراء، حيث تهدف إلى منح الصحراويين حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت السيادة المغربية، وهو ما رفضته البوليساريو وتمسكت بالاستقلال الكامل.

في بيان قطع العلاقات عام 2021، اتهمت الجزائر المغرب بالتخلي عن التعهد الرسمي لتنظيم “استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية الذي التزم به الملك الحسن الثاني والمدون في وثائق رسمية لمنظمتي الوحدة الافريقية والأمم المتحدة، بينما يعيش القادة الحاليون للمملكة على وقع وهم فرض إملاءاتهم على المجتمع الدولي فيما يتعلق بأطروحة الحكم الذاتي المزعومة”، بحسب البيان الجزائري.

وجدد ملك المغرب تمسك بلاده بالاتحاد المغاربي، “الذي لن يكون إلا بانخراط المغرب والجزائر مع باقي الدول الشقيقة”، على حد قوله.

ويوم 17 فبراير/ شباط 1989 تأسس الاتحاد المغربي في مدينة مراكش المغربية، ويتألف من 5 دول: المغرب والجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا، ويهدف إلى فتح الحدود بين الدول الخمس، لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني، وانتهاج سياسة مشتركة في مختلف الميادين.

لكن في ظل خلافات بين بعض دوله، واجه الاتحاد منذ تأسيسه عقبات أمام تفعيل هياكله وتحقيق الوحدة المغاربية، ولم تُعقد أي قمّة على مستوى قادته منذ قمة تونس عام 1994.

كما بقيت الحدود بين المغرب والجزائر مغلقة منذ عام 1994، وسط خلافات سياسية بينهما.

من جهة أخرى، كشفت وزارة العدل المغربية عن صدور عفو ملكي استثنائي بمناسبة عيد العرش هذا العام، شمل ما يزيد على 19 ألفا و600 من المعتقلين والملاحقين أمام المحاكم. وهذا العفو الأوسع منذ عام 2009، حين استفاد منه نحو 25 ألف شخص تزامنا مع الذكرى العاشرة لاعتلاء الملك العرش.

يورو نيوز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • من أسرار حرب السودان
  • محمد السادس يمدّ يده للجزائر.. ملك المغرب يدعو لحوار “صريح ومسؤول” ويجدد موقفه من ملف الصحراء
  • شاهد بالفيديو كيف تقطعت بهم السبل.. سودانيون تائهون في الصحراء الليبية
  • الديوانية والموصل.. جثة في الصحراء وأخرى في النهر
  • فوج جديد من المهاجرين من دول جنوب الصحراء يصل تيزنيت تحت وطأة تزايد عددهم !!
  • محمد محسن ينعى لطفي لبيب: ذكريات كتير جميلة.. عمري ما هنساك
  • سياسي جزائري: أنفقنا 50 مليار دولار على قضية خاسرة... وساعة الحساب اقتربت
  • محمد السادس يمدّ يده للجزائر.. ملك المغرب يدعو لحوار صريح ومسؤول ويجدد موقفه من ملف الصحراء
  • ملك المغرب: حل نزاع الصحراء توافقي "لا غالب ولا مغلوب"
  • تكريم المشاركين في مبادرة "أجاويد 3" بأبها