حكاية مسجد| ضريح أم الغلام «تجاور فاطمة بنت الحسن».. وخلافات حول شخصيتها
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
مئات المساجد التاريخية تضمها شوارع مصر، ما بين قاهرة المعز ومحافظات الصعيد ومحافظات الوجه البحري، تضم العديد منها بين جدرانها أضرحة بعضها لأولياء الله الصالحين، وأخرى لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن القاسم المشترك بين العديد من تلك المساجد والأضرحة أن هناك العديد من الروايات المتعلقة بصاحب أو صاحبة المقام، بل وتاريخ الإنشاء.
ويعد ضريح ومسجد أم الغلام بحي الحسين بالقاهرة واحد من أهم الأضرحة المختلف عليها ليس فقط من حيث تاريخ الإنشاء ولكن أيضًا حول شخصية السيدة الذي يحمل اسمها الضريح والممر الموجود به. خلف مسجد الإمام الحسين بالقاهرة، وفي أحد الممرات الضيقة التى لا يعرفها إلا دائمي التردد على المشهد الحسيني، تجد لافتة خضراء كبيرة الحجم مكتوب عليها "مقام السيدة فاطمة أم الغلام والسيدة فاطمة بنت الإمام الحسن" إلا أن اللافتة لا تحمل تاريخ محدد لإنشاء الضريح، وما إن تنزل درجات الضريح حتى تجد غرفتين إحداهما للسيدة فاطمة بنت الإمام الحسن بن على، وزوجة الإمام علي زين العابدين
أما السيدة الثانية وهي فاطمة أم الغلام، والتي يسمى الممر والضريح باسمها، فقد اختلفت الروايات حول تعريف شخصيتها، بالإضافة إلى لوح معلق داخل الضريح حول قصة قدوم رأس الحسين إلى القاهرة، يوجد بذات الضريح لوح أخر يذكر أن السيدة فاطمة أم الغلام، هي زوجة الإمام الحسين الفارسية، شهربانو جهان شاه بنت يزدجرد"، وهي إحدى بنات كسرى ملك الفرس، وقد زوجها الإمام على رضى الله عنه، لابنه الحسين فى حضور عمر بن الخطاب، وكانت قد أسرت خلال فتح المسلمين لبلاد فارس، وطلب علي بن أبي طالب من عمر بن الخطاب إعتاقها وأخريات وقعن في الأسر، لتغيير اسمها عقب دخول الإسلام إلى فاطمة وأنجبت الأمام على زين العابدين الملقب بـ"علي الأصغر".
وأما سر وجود لافتة بالضريح تروي قصة دخول رأس الإمام الحسين بن علي للقاهرة، فوفقَا للروايات الصوفية فإن رأس الإمام الحسين قد دخلت لمرقده الحالي، من خلال ممر بضريح أم الغلام ويصل ذلك الممر إلى مسجد الحسين. ورغم أن تلك الرواية تبدو الأقرب للتصديق، إلا أن التاريخ المكتوب على جدران المقام، ينفيها، فقد كُتب على الضريح أنها دفنت عام 702 من الميلاد، بينما زواج الحسين من شهربانو جهان شاه بنت يزدجرد"، لم يتم إلا عقب معركة نهاوند سنة 642 ميلاديًا أي بفارق 60عامًا، فمن غير المعقول أن تكون هي صاحبة المقام. أما الرواية الثانية والمتداولة أيضًا أنه في القرن الخامس عشر، أقام السلطان الأشرف إينال السيفي مدرسة تحمل اسمه في ذات المكان، ورفض القائمون عليها الرواية المنتشرة في ذلك الوقت بإن سيدة قبطية كانت تمر مصادفة خلال أحداث معركة كربلاء بين الحسين وأصحابه وجيش يزيد بن معاوية، ورأت رأس الإمام الحسين فأخذتها وضحت برأس رضيعها ووضعتها في ذات المكان وغطتها حتى تستطيع الهروب برأس الحسين، ودفنت الرأس بالقاهرة، ورفض القائمين على مدرسة السيفي تلك الرواية لأن القاهرة التي أسست على يد جوهر الصقلي قائد جيوش الدولة الفاطمية، لم تكن قد أسست في ذلك الوقت وهناك فارق زمني 4 قرون بين موقعة كربلاء وتأسيس القاهرة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية مسجد ضريح أم الغلام ضريح أم الغلام مسجد ضريح أم الغلام فاطمة بنت الحسن المساجد التاريخية الإمام الحسین أم الغلام
إقرأ أيضاً:
ما أسباب حظر مؤسسة القرض الحسن في لبنان؟
بيروت– في خطوة تعكس تحولًا لافتًا في سياسة مصرف لبنان تجاه المؤسسات المالية غير النظامية، أصدر المصرف المركزي قرارًا يقضي بحظر التعامل مع عدد من الهيئات غير المرخصة، في مقدّمتها "جمعية القرض الحسن" التابعة لحزب الله، مما فتح الباب أمام سجال واسع حول قانونية هذه المؤسسات ودورها في المنظومة المالية الموازية التي نشأت في ظل الانهيار المصرفي اللبناني.
وتُعد الجمعية من أبرز الركائز الاقتصادية التي يعتمد عليها حزب الله في تمويل أنشطته الاجتماعية وتقديم الخدمات المالية. ونشأت في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 تحت غطاء جمعية خيرية، قبل أن تحصل على ترخيص رسمي من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1987، مما أتاح لها العمل بشكل قانوني ضمن الإطار الرسمي للجمعيات.
ورغم أنها لا تخضع لقانون النقد والتسليف اللبناني الذي ينظم عمل المصارف، فقد تمكنت "القرض الحسن" من ترسيخ حضورها في السوق المالية اللبنانية، حيث تدير أكثر من 30 فرعًا موزعة على مختلف المناطق.
وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، تحولت الجمعية إلى هدف مباشر للغارات الإسرائيلية، حيث استُهدفت معظم فروعها بالقصف، مما اعتُبر رسالة واضحة إلى البنية الاقتصادية الداعمة للحزب.
تنظيم مالييعلّق الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان على القرار بالقول إنه "خطوة إيجابية في سياق الحد من تمدد اقتصاد الكاش في لبنان"، لكنه يلفت في المقابل إلى أن التعميم الصادر عن مصرف لبنان لا يطول مؤسسة "القرض الحسن" فقط، بل يشمل المؤسسات والمصارف المالية الخاضعة لرقابته.
ويُوضح أبو سليمان للجزيرة نت أن "القرض الحسن" هي جمعية مرخّصة من وزارة الداخلية، وبالتالي فإن أي إجراءات بحقها -إن ثبت أنها تمارس أنشطة مالية خارج الأطر القانونية- تُعدّ من مسؤولية السلطات المحلية، نظرًا إلى أن تقديم أي خدمات مالية يتطلب ترخيصًا رسميًا من المصرف المركزي.
إعلانويضيف أن هذا التعميم لا يُتوقع أن تكون له تداعيات مباشرة على الاقتصاد اللبناني، سواء سلبًا أو إيجابًا، بل يُقرأ بوصفه "إشارة سياسية موجّهة إلى الخارج، تفيد بأن لبنان بصدد تنظيم قطاعه المالي ووقف التعامل مع أي كيانات لا تخضع للرقابة".
ويشير إلى أن القرار لا يترك تأثيرًا يُذكر على القطاع المصرفي، "إذ إن المصارف اللبنانية أساسًا لا تتعامل مع مؤسسة القرض الحسن، ولا تقدم لها أي خدمات".
من جانبه، يقول خبير الاقتصاد والأسواق المالية الدكتور عماد عكوش للجزيرة نت، إن فهم الفروقات الجوهرية بين عمل المصارف وجمعية القرض الحسن يتطلب أولًا الإلمام بالإطار القانوني الذي ينظم القطاع المصرفي في لبنان.
فمن أبرز القوانين التي تحكم عمل المصارف: قانون النقد والتسليف الصادر عام 1963، قانون السرية المصرفية لعام 1956، قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 44 لعام 2015، يُضاف إليها قانون دمج المصارف، ومشروع قانون إعادة هيكلة القطاع الذي لا يزال قيد البحث في البرلمان، فضلًا عن سلسلة تعاميم صادرة عن مصرف لبنان، وقانون حماية المستهلك الذي يفرض معايير للشفافية والإفصاح في التعاملات المصرفية.
لكن عكوش يشدد على أن هذه المنظومة القانونية لا تنطبق على "جمعية القرض الحسن"، التي تُصنّف خارج النظام المالي الرسمي، والاختلاف لا يقتصر على الإطار القانوني فحسب، بل يتعدّاه إلى الوظيفة.
فالمصارف، بحسب عكوش، تستقبل الودائع بأنواعها كافة وتمنح قروضًا بفوائد، وتُعنى بأنشطة التمويل، والخصم، والضمانات المصرفية، وتسهيل عمليات الدفع، إلى جانب المتاجرة بالعملات والمعادن وتقديم الخدمات البنكية التقليدية. في المقابل، تقتصر وظيفة الجمعية على منح قروض بلا فوائد وبمبالغ محدودة، في سياق دعم الفئات الفقيرة والمجتمعات الهشّة.
من هذا المنطلق، يرى عكوش أن تعميم مصرف لبنان رقم 169، الذي يمنع التعامل مع الجمعية، يأتي في سياق سياسي أكثر منه ماليا، إذ يستهدف ما يُعرف بـ"السلاح المالي لحزب الله" عبر تقويض الشبكة الاقتصادية التي ينسجها خارج النظام المصرفي الرسمي.
وبرغم الطابع الخيري الذي تتسم به خدمات الجمعية، فإن الخبير الاقتصادي يشير إلى أنها تواجه اتهامات بأنها تُستخدم ذراعا تمويلية للحزب، ويأتي قرار الحظر في ظلّ أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، مما قد يفاقم الضغوط المعيشية على آلاف العائلات التي كانت تعتمد على هذه القروض الصغيرة لتسيير شؤونها اليومية.
ويرى الخبير أن هذا القرار يشكّل رسالة سياسية موجّهة من مصرف لبنان إلى الخارج، بهدف الدفع نحو شطب اسم لبنان من "اللائحة الرمادية" التابعة لمجموعة العمل المالي (FATF)، التي تضم الدول المقصّرة -بحسب المفهوم الغربي- في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
يقول الباحث المالي والاقتصادي الدكتور عماد فران إن مؤسسة "القرض الحسن" لم تكن يومًا على ارتباط مباشر بالمصارف أو تملك حسابات مصرفية فيها، بل تتعامل غالبًا مع مؤسسات الصرافة، ومن هنا فإن التعميم يُعد إجراءً رقابيًا ضمن صلاحيات مصرف لبنان، يهدف إلى ضبط حركة الأموال خارج النظام المصرفي الرسمي.
ويوضح أن الجمعية، رغم نشاطها المالي الواسع، فإنها لا تُعد مؤسسة مصرفية مرخّصة، بل تُشبه في طبيعة عملها بعض شركات التمويل أو الاستثمار، مما يضعها خارج المظلّة القانونية التي يخضع لها القطاع المصرفي اللبناني.
إعلانلكن الإشكالية، بحسب فران، لا تنحصر في البعد التنظيمي أو المالي، بل تتجاوز ذلك إلى أبعاد سياسية، إذ يرى أن هناك ضغوطًا خارجية تُمارس على لبنان لوضع نظامه المصرفي تحت رقابة صارمة، بذريعة مكافحة تمويل جهات معيّنة أو الالتزام بالمعايير الدولية.
ويعتبر أن ما يصدر عن مصرف لبنان أو لجنة الرقابة على المصارف، وحتى الجهات الدولية، يحمل في طيّاته رسائل سياسية واضحة تتصل بإعادة رسم التوازنات في المنطقة.
ويحذر فران من أن هذا المسار قد يُفضي إلى ارتدادات داخلية، إذ إن أي توتر سياسي أو اجتماعي سيلقي بثقله على الوضع الاقتصادي الهش أصلًا.
أما في ما يخص القطاع المصرفي، فيرى فران أنه لا يتأثر مباشرة بهذه التطورات، لكن استعادة الثقة به ستبقى مرهونة بقرارات مصرف لبنان، لا سيما ما يتعلق بأموال المودعين وإعادة تفعيل دور المصارف في تمويل الاستثمارات.
ويؤكد أن هذه العودة مشروطة بتوفر التمويل بالدولار، وهو ما يفتقده لبنان حاليًا في ظل غياب "الدولار الاستثماري" الضروري لتحريك العجلة الاقتصادية.
ويختم: "في ظل هذا الواقع سيبقى الوضع الاقتصادي والمصرفي في حالة مراوحة، أقله في المدى المنظور".