بوابة الوفد:
2025-07-30@15:05:00 GMT

العالم المعاصر وفقدان العقل (1-2)

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

عندما تتأمل الواقع المعاصر.. وهو واقع بكل المقاييس ردىء وسخيف ومقرف.. ونتساءل ونتعجب.. ترى أين العقل فى كل ما يحدث؟ مجاعات وحروب وأمراض وتهديدات هنا وهناك.. ولماذا كل ذلك؟ الإجابة ببساطة أن العالم فقد عقله ويسير فى طريق الخسران. فالعالم يفقد ويخسر نفسه.. إنه فن التحطيم والقتل والدماء والدمار.. لقد خسر الإنسان نفسه.

. وتلك هى المأساة.
فى رواية للعبقرى دوستويفسكى (فى قبوي) يقول:.. نستطيع أن نقول عن تاريخ العالم كل شىء، نستطيع أن نقول عنه كل ما يعن على البال ويدور فى الخيال. ولكن يستحيل علينا أن نقول عنه إنه مطابق للعقل: إن لساننا سيتلعثم منذ ننطق بأول حرف من هذا الكلام. وما الذى نلقاه فى كل يوم أيضاً؟ إننا نلقى كل يوم أناساً يظهرون لنا عقلاء حكماء، أناساً يحبون الإنسانية ويهدفون إلى أن يعيشوا حياة تستوحى العقل وتستلهم مبادئ الشرف بغية أن يؤثروا فى أقرانهم بالقدوة الحسنة، وأن يبرهنوا لهم على أن فى وسع الإنسان أن يلتزم فى حياته جانب الحكمة. ولكن ماذا يحدث عندئذ؟ إنكم تعرفون أن عدداً من محبى الحكمة هؤلاء ينتهى بهم الأمر عاجلاً أو آجلاً إلى أن يخونوا أفكارهم وأن يتورطوا فى قصص فاضحة!.
ينظر دوستويفسكى إلى الإنسان من الجانب الخفى أو المتوارى أو السلبى. فعلينا ألا ننظر أو ينحصر فكرنا فيما هو إيجابى.. بل هناك الجانب السلبى الذى يحلو للإنسان دوماً أن يبديه أو يظهره بشكل جلى بلا مواربة، فالإنسان راغب فى فعل ما هو أحمق وما هو حقير.. لماذا؟ تلك طبيعته.. هو يريد أن يقول إننى لى أكثر من وجه وليس وجهاً واحداً يود الجميع حصره فيه.. ومهما بذلنا أن نجعل الإنسان يعيش فى حالة من السعادة والفخامة إلا أننا نفاجأ بأنه يفعل ما هو شائن وحقير وبغيض كيف ذلك؟ إنه الإنسان!.
الإنسان المعاصر يحلو له أن يفقد ذاته! أن يعيش فى حالة من التعاسة.. إنه الاغتراب والتشيؤ.. يقول هيدجر: اللاماوى أصبح مصير العالم.. أصبح الإنسان بلا جذور، المتجول هو التجسيد الخاص للغريب الذى لم يفقد مأواه فحسب، بل فقد أيضاً وضعه فى الزمان على السواء وهو فى سعيه لكى يستعيد الأرض تخبط: باع روحه من أجل المال تارة، وباع نفسه الحقيقية من أجل أن يشترى نفساً زائفة تارة أخرى، وباع روحه من أجل الملذات الأرضية تارة ثالثة، وباع روحه للشيطان تارة رابعة، وباع نفسه لآلهة غير الله. صار مغترباً وهذا الوجود المغترب صار يتسيده ومن ثم طفق يعبده.. إنه فى هذا البيع قد تنازل عن ملكية ذاته. لقد اغترب.. إنه دخل بنفسه مصيدة اغترابه. وسوف نكمل الحديث عن ذلك الفقدان فى المقال القادم.

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال
أكاديمية الفنون

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أكاديمية الفنون الواقع المعاصر

إقرأ أيضاً:

"حيرة".. مابعد النتيجة

توتر وقلق وترقب، هكذا كان حال أولياء أمور طلاب الثانوية العامة مساء الثلاثاء الماضي انتظارا لاعتماد وزير التربية والتعليم لنتائج امتحانات شهادة الثانوية العامة، هذه اللحظات الصعبة لايدركها الا من عايشها، وبالتأكيد مرت غالبية الأسر المصرية بهذا الموقف العصيب على مدى تاريخ هذه الشهادة المصيرية والفارقة فى مستقبل الأبناء، وفى جنى الآباء لثمار جهودهم المادية والمعنوية فى دعم وتحفيز أبنائهم الطلاب، نتعشم أن يقضي نظام التعليم الجديد، الذى استحدث شهادة البكالوريا التى تتيح خيارات وفرصا متعددة لتحسين المجموع، جنبا إلى جنب مع نظام الثانوية العامة القديم، على هذه الظاهرة التى باتت معها الثانوية العامة "بعبع" يرهب أولياء الأمور والطلاب معا.

فور إعلان النتائج والتى أصيب فيها الناجحون وليس الراسبون أو طلاب الدور الثاني، بخيبة أمل خاصة طلاب القسم العلمي من تدني نسب المجاميع التى كانت محبطة للكثيرين، بدأ التفكير فى مكان لاستكمال الدراسة الجامعية، وسارع كثير من أولياء الأمور الى البحث عن مكان فى جامعة خاصة أو أهلية، وحتى لايضيع جهد من اجتهد ولم يوفق فى الالتحاق بكلية من كليات القمة، وحتى يعزز موقف من لم يحصل على مجموع يؤهله للالتحاق بإحداها، الحكايات التى يمكن ان تروي فى هذا الموضوع كثيرة وغريبة ويتم ابتكار المزيد منها عاما بعد عام.

واذا بدأنا بالتسجيل بالجامعات الخاصة، الذى كان يتم فيما سبق فور اعلان نتائج الثانوية العامة، يتم الآن والطالب ما زال فى الثانوية العامة ولم ينته من الامتحانات، ومن دون ان يعرف حتى المجموع الذى يحصل عليه، ناهيك عن المبالغ التى تدفع مقابل هذا التسجيل، وبالتالي فإن الطالب الذى قام بالتسجيل فى كلية ولم يحصل على الحد الأدني للقبول فيها، يرفض طلبه ناهيك عن ضياع المبلغ الذى تم دفعه..

هناك أعداد غفيرة تلتحق سنويا بالجامعات الخاصة، وهذه الأعداد تقوم بالتسجيل فى الكليات المتاحة أمامهم وفقا للمجموع، عن طريق ملء استمارة معدة لذلك نظير رسوم قد تصل الى خمسة آلاف جنيه، ولنا أن نتخيل إجمالي دخل هذه الجامعات من هذا البند فقط، واذا افترضنا ان بعض الطلاب غيروا رغباتهم أو قبلوا فى كليات حكومية، فإن هذه المبالغ لاترد بالتأكيد، كما أن المصروفات التى يتم دفعها قبل بدء الدراسة بفترة، لا يتم استردادها باي حال الا بعد خصم جزء كبير منها.

يكابد أولياء الأمور من متوسطي الدخل المعاناة فى رحلة البحث عن كلية، وكأنه لا يكفي ماعانوه طوال السنة الدراسية بالثانوية، وما أنفقوه على الدروس الخصوصية، لتستمر رحلة المعاناة بحثا عن ضمان تخصص يؤهل أبناءهم لسوق العمل.

واذا ألقينا نظرة على مصروفات الجامعات الخاصة والأهلية لوجدنا أرقاما تعتبر فلكية لغالبية الشعب المصري، فقائمة المصروفات الدراسية لبعض الجامعات الخاصة والاهلية والتى نشرها موقع صحيفة يومية، وصلت فيها مصروفات كليات الطب البشري على سبيل المثال الى 230ألف جنيه سنويا فى الجامعات الخاصة، بينما وصلت فى بعض الجامعات الاهلية إلى ما يتراوح ما بين 150و120ألف جنيه سنويا، فى حين بلغت مصروفات كلية طب الأسنان الى 274 ألف جنيه، والهندسة 226 ألف جنيه فى إحدى الجامعات الاجنبية.

بعد انخفاض الحد الادني للقبول بكليات المجموعة الطبية وكذلك كليات الهندسة، أصبح أولياء الامور يلثهون خلف منح ابنهم لقب طبيب أو مهندس، وهم بالطبع معذورون فى ذلك، فهذه التخصصات وحدها تمنح فرصا متميزة فى العمل، وتضطر الاسر لضغط إمكاناتها المادية، بل وبيع بعض الممتلكات فى سبيل توفير النفقات التعليمية، وهكذا تستمر الدوامة التى لا يبدو أنها ستنتهي.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر: مبررو مأساة غزة فقدوا غطاءهم الزائف من دعاوي حقوق الإنسان
  • فعاليات متنوعة على الساحة الرئيسية تجمع بين التراث والفن المعاصر في رحاب جرش
  • 33 لاعبا في معسكر منتخب 20 سنة
  • السبر يوضح حكم من يتحدث في الناس بسوء داخل نفسه فقط .. فيديو
  • مجاعة غزة مرآة صادقة لواقع العرب والمسلمين
  • طريق الموت من أجل الطحين.. مجاعة غزة تحصد الأرواح وسط صمت العالم | تقرير
  • مفوض حقوق الإنسان الأممي يحث العالم الضغط على إسرائيل
  • تورك يطالب بالضغط على الاحتلال لإيقاف المجازر في غزة
  • "حيرة".. مابعد النتيجة
  • لماذا يقول ملك بلجيكا الحقيقة ويجبن بقية ساسة أوروبا ؟