3.3 مليار ريال حجم سوق سندات التنمية الحكومية والصكوك السيادية
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
مستوى الفائدة في آخر الإصدارات يعكس تراجع منحنى العائد كأحد ملامح قوة الوضع المالي والتحسن المتواصل في التصنيف لسلطنة عمان
يساهم ذلك في تراجع كلفة التمويل وانخفاض الأعباء المستقبلية للقروض
العائد على السندات السيادية الدولية أصبح أقل كثيرا من متوسط الأسواق الناشئة.. نظرا للتحسن المستمر في المركز المالي
يبدأ الأحد المقبل الاكتتاب في الإصدار 70 من سندات التنمية الحكومية، وتبلغ قيمة الإصدار 75 مليون ريال عماني -مع خيار الزيادة- ولمدة استحقاق قدرها سنتان، وسوف يتم إغلاق باب الاكتتاب في هذا الإصدار في 21 أبريل الحالي، على أن يتم عقد المزاد يـوم الثلاثاء الموافق 23 أبريل 2024، وستصدر هذه السندات يوم 25 أبريل 2024م (التسوية)، ويحل موعد استحقاقها في 25 أبريل عام 2026.
ويعلن البنك المركزي العماني عن هذه الإصدارات من السندات والصكوك نيابة عن حكومة سلطنة عمان ممثلة بوزارة المالية، ويعد الإصدار رقم 70 من سندات التنمية الحكومية هو الثاني من نوعه هذا العام، حيث تم في بداية هذا العام إتمام الطرح والاكتتاب الخاص بالإصدار 69 من سندات التنمية الحكومية بقيمة 100 مليون ريال وتم إدراج الإصدار في بورصة مسقط، ليرتفع إجمالي حجم سوق سندات التنمية الحكومية والصكوك السيادية إلى نحو 3.3 مليار عماني.
ويعد هذا الحجم من إصدارات السندات الحكومية والصكوك السيادية هو الأقل منذ سنوات، نظرا للتراجع الحاد في احتياجات تمويل الميزانية العامة سواء من مصادر التمويل المحلية مثل سندات التنمية أو من السندات الدولية.
وفي الوقت الحالي، يعد الإصدار رقم 46 من سندات التنمية الحكومية بقيمة 200 مليون ريال عماني هو الأقدم بين إصدارات سندات التنمية الحكومية، ويحل موعد استحقاقه خلال العام المقبل مع إصدارات أخرى تستحق أيضا خلال 2025، بينما يحل خلال شهري يوليو وديسمبر من هذا العام 2024، موعد استحقاق إصدارين كانا قد تم إصدارهما في عام 2019، وقيمة كل منهما 100 مليون ريال عماني، ومع استرداد المستثمرين لقيمة الإصدارات المستحقة العام الحالي والمقبل، يعطي ذلك مجالا لمزيد من الإصدارات الجديدة إذا تطلبت الحاجة ذلك.
ويشار إلى أن إصدارات السندات تتباين ما بين الإصدارات المحلية مثل الصكوك السيادية وسندات التنمية، والسندات والصكوك الدولية، وقد انخفض إصدار كلا النوعين من قبل سلطنة عمان مع استقرار الوضع المالي وانخفاض مستويات العجز في الميزانية.
وفي الإصدارات المحلية من السندات، بلغ العائد على الإصدار 69 من سندات التنمية الحكومية 4.9 بالمائة، وقد اعلن البنك المركزي عن طرح الإصدار رقم 70 بسعر فائدة أساسي (كوبون) 4.85 بالمائة سنويا، ويتاح الاكتتاب في الإصدار 70 من السندات لجميع فئات المستثمرين من داخل سلطنة عمان وخارجها (بصرف النظر عن جنسياتهم).
ويرصد مستوى سعر الفائدة في آخر إصدارين من سندات التنمية الحكومية ما يشهده منحنى العائد على الإصدارات من تراجع مقارنة مع مستويات سعر الفائدة خلال السنوات الماضية، ويعد تراجع منحنى عائد الفائدة على الإصدارات أحد ملامح قوة الوضع المالي للدولة والتحسن المتواصل في التصنيف الائتماني والنظرة المستقبلية الإيجابية لسلطنة عمان.
كما تم طرح آخر إصدارين بأجل استحقاق يتراوح بين عامين وثلاثة أعوام، وهو ما يعد مدى زمنيا مناسبا لما تشهده تطورات الوضع المالي في سلطنة عمان من تحسن مستمر وارتفاع في التصنيف الائتماني بما ينعكس على تراجع متوقع في كلفة التمويل ومستويات الفائدة، وعلى النطاق الدولي فإن التوقعات تشير إلى أن الفترة المقبلة ستشهد بدء البنوك المركزية العالمية خفض أسعار الفائدة المصرفية بعد أن بلغت مستوى قياسيا خلال العامين الماضي والحالي، ويساهم خفض الفائدة في تراجع كلفة التمويل مستقبلا سواء للأفراد أو المؤسسات والحكومات.
ويذكر أن مثل هذه الإصدارات تعتبر من خيارات الاستثمار الآمنة للمستثمرين، وتعد جاذبة بشكل خاص للاستثمار المؤسسي من صناديق وبنوك، حيث إن حكومة سلطنة عُمان ممثلة بوزارة المالية تضمن هذه السندات ضمانا مباشرا وغير مشروط، ويمكن الاقتراض بضمان هذه السندات من البنوك المحلية المرخصة، بالإضافة إلى إمكان التعامل فيها (بيعًا وشراءً) من خلال بورصة مسقط.
وتشير الإحصائيات إلى انه بينما ارتفع إجمالي استثمارات البنوك التجارية التقليدية في الأوراق المالية إلى حوالي 5.7 مليار ريال عُماني بنهاية يناير من العام الحالي، فقد سجل حجم استثمارات البنوك التجارية في سندات التنمية الحكومية نحو 1.8 مليار ريال عُماني مقابل 2.4 مليار ريال عماني من الاستثمارات في الأوراق المالية الأجنبية وذلك بنهاية يناير 2024.
ويذكر أن صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له حول سلطنة عمان، وفق مشاورات المادة الرابعة، رصد ملامح متعددة لتقدم جهود الضبط المالي في سلطنة عمان ومن أهمها تراجع منحنى العائد على السندات الدولية لسلطنة عمان، موضحا أن الإدارة المالية الرشيدة وأسعار النفط المرتفعة ساعدت على تحقيق فوائض في رصيد المالية العامة والرصيد الخارجي لسلطنة عمان منذ عام 2022، كما انخفض دين الحكومة المركزية كنسبة من إجمالي الناتج المحلي وتم رفع التصنيف الائتماني السيادي لسلطنة عُمان، كما أشار التقرير إلى انه في ظل التحسن المتواصل في المركز المالي للدولة، أصبحت فروق العائد على السندات السيادية في نفس مستوى متوسط دول مجلس التعاون الخليجي إلى حد كبير وأقل كثيرا من متوسط الأسواق الناشئة.
وضمن النجاحات التي حققتها سلطنة عمان من خلال تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى، كانت استباقية وسرعة سداد القروض توجها ناجحا ساهم في خفض حجم الدين وتراجع أعبائه المستقبلية، حيث استثمرت سلطنة عمان عائدات النفط الإضافية وتحسن تصنيفها الائتماني في استبدال جانب من القروض ذات الكلفة المرتفعة بقروض ذات كلفة أقل من حيث مستويات الفوائد المستحقة للمقرضين وقد خفض ذلك حجم أعباء الدين وحقق مستويات جيدة من الوفورات المستقبلية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الوضع المالی لسلطنة عمان ملیون ریال ملیار ریال ریال عمانی سلطنة عمان العائد على من السندات لسلطنة ع سلطنة ع ریال ع
إقرأ أيضاً:
تدوير النفايات في سلطنة عمان.. ثقافة المواطن أم غياب البنية؟
د. داود البلوشي
في مقال نُشر مؤخرًا بجريدة "عمان"، طُرحت مسألة تدوير النفايات المنزلية كقضية مجتمعية، ودُفعت المسؤولية بشكل مباشر إلى المواطن تحت عنوان "نقص الوعي المجتمعي"، في حين غُيّبت بذكاء إشكالية جوهرية، وهي تأخُّر البنية التحتية البيئية والخدماتية الداعمة لهذا السلوك الحضاري.
لقد جاءت التوجيهات السامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- واضحةً وصريحةً في مسألة تطوير المحافظات، إذ اعتبر جلالتُه تنميةَ المحافظات والمدن المستدامة من أولويات الرؤية المستقبلية لعُمان، وركيزةً استراتيجية لتحقيق تنميةٍ شاملةٍ ومستدامةٍ اقتصاديًّا واجتماعيًّا، بما يعزّز قدرةَ المحافظات على إدارة مواردها واستغلالها بكفاءة.
وقد أكّد جلالةُ السُّلطان -أعزّهُ اللهُ- في خطابهِ بمناسبةِ الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023، قائلًا: إنّ الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهجٌ أسّسنا قواعده من خلال إصدار نظام المحافظات، وقانون المجالس البلديّة، استكمالًا لتنفيذ رؤيتنا للإدارة المحليّة القائمة على اللامركزية، سواءً في التّخطيط أو التنفيذ، ولتمكين المجتمع المحلي من إدارة شؤونه والإسهام في بناء وطنه.
من غير العدل تحميل المواطن عبءَ التقصير في غياب الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. إذ لا تزال معظم الحارات والمجمّعات السكنية في السلطنة، حتى اليوم، تعاني من مشكلات مزمنة في جمع النفايات. فالحاوياتُ بعيدةٌ ومهترئة، والمخلفاتُ تتكدّس لأيام، والانبعاثات تنشر الأمراض والروائح، كيف نطلب من المواطن فرز نفاياته منزليًّا، في الوقت الذي لا تُوفَّر له حاوية مناسبة أو نظام واضح للتجميع؟
ما لا يجب تجاهله أنّ المواطن العُماني ليس غريبًا عن فكرة الفرز، كثيرٌ من المواطنين يفرزون الورق والكارتون والمعادن والزجاج دون توجيهٍ رسمي، فقط بدافعٍ أخلاقي. العُمانيون، بطبعهم، يحبون بيئتهم ونظافة مدنهم. المشكلةُ ليست في الوعي، بل في البنيةِ التي تأخرت عن اللحاق بهذا الوعي، وفي غياب أدواتِ الدعم والتشجيع.
منطقةٌ مثل سيح المالح، التابعة لشركة تنمية نفط عُمان، تُعدُّ نموذجًا مُشرقًا لما يمكن أن يكون عليه التخطيطُ البيئي السليم: حاويات ملوّنة للفرز، نظام جمعٍ متكامل، بنية طرق تخدم النقل البيئي، وسكان يتجاوبون مع النظام بسهولة. لماذا لا يتم تعميم هذا النموذج؟ ولماذا لا يكون حجرَ أساس في خطة وطنية تُطلقها هيئة البيئة بالشراكة مع المحافظات؟
للوصول إلى نظام متكامل ومستدام، لماذا لا يُؤسَّس كيان وطني جديد، شركة مساهمة عامة بيئية وخدمية، تُعنى بجمع النفايات وتدويرها، وتطوير مياه الصرف، والحدائق، والإنارة، والخدمات العامة، ويُسمح للمواطنين بالمساهمةِ فيها مباشرة؟ رسومُ الخدمات التي يدفعها المواطن اليوم لشركة "بيئة" يمكن تحويلها إلى رأسمالٍ تشغيلي لتلك الشركة الجديدة، في نموذجِ شراكةٍ فعليٍّ بين المواطن والدولة.
لا يمكن أن نطلب من المواطن ما لم تفعله الدولة. لا يجوز لومُ الناس على سلوكياتٍ لم تُعزَّز بخدمات مناسبة، ولا تحميلُ الوعي المجتمعي ما هو في الأصل مسؤوليةٌ حكوميةٌ وتشريعيةٌ وتنظيمية.
الخطوةُ الأولى لتدوير النفايات في عُمان ليست في نشرات التوعية، بل في خدمةٍ محترمة، وتشريعٍ مُلزِم، وحاويات مخصصة، وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.