هل يتمكن العراق من تشغيل خط نفطي منافس لخط كردستان نحو تركيا؟
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
قال وكيل وزير النفط العراقي لشؤون الاستخراج باسم محمد إن بلاده تعمل على إصلاح خط أنابيب من شأنه أن يتيح ضخ 350 ألف برميل يوميا من النفط إلى تركيا بحلول نهاية الشهر الجاري، في خطوة من المرجح أن تثير حفيظة شركات النفط الأجنبية وحكومة إقليم كردستان التي تسعى جاهدة لاستئناف تصدير النفط.
يأتي ذلك مع استمرار تعثر المفاوضات بين بغداد وأربيل حول استئناف تصدير نفط إقليم كردستان إلى تركيا، الذي توقف في مارس/ آذار 2023 وكان يصدر قرابة 400 ألف برميل يوميا.
ومن شأن إعادة تشغيل خط أنابيب كركوك-جيهان التركي المغلق منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات شاسعة من العراق عام 2014 وتضرر أجزاء منه، أن يوفر لبغداد مسارا جديدا لاستئناف تصدير النفط عبر خط الأنابيب الحكومي الذي لن تتحمل بغداد تكاليف عالية لتشغيله.
ووفق الخبير النفطي والمستشار الأسبق لرئاسة الوزراء في شؤون الطاقة حمزة الجواهري، فإن الخط الذي يعتزم العراق تشغيله يمتد من حقول كركوك في منطقة "كيواي" وصولا إلى محافظة نينوى، ومن ثم منطقة فيشخابور على الحدود العراقية التركية وبطول 345 كيلومترا، والذي يعرف في العراق بأنه جزء من الخط الإستراتيجي، حيث كان العراق قد شرع بإنشاءه عام 1977 وباستطاعته نقل النفط بنحو 600 ألف برميل يوميا.
وبيّن الجواهري في تعليق للجزيرة نت أن الخط تعرض للتخريب مع خروج 3 محطات ضح للنفط من أصل 5 عن الخدمة، إذ جرت إعادة تأهيله خلال الأشهر الماضية، مبينا أن الخط بات جاهزا للتصدير، حيث بدأت عمليات الضخ التجريبي قبل أسبوعين.
أما عن خط أنبوب إقليم كردستان، فإنه يبدأ من منطقة "خورملا" في كركوك ويمر عبر أراضي الإقليم إلى منطقة فيشخابور، حيث إن طول الخط لا يتجاوز 300 كيلومترا، مبينا أن قدرة الخط التصديرية مقاربة للخط التابع للحكومة الاتحادية.
وأضاف الجواهري أن الخطين يستخدمان الخط التركي الممتد من منطقة فيشخابور نحو ميناء جيهان التركي، حيث يتصل الخط الكردي مع الخط التركي داخل الحدود التركية، ويقدر طوله بنحو 660 كيلومترا، مبينا أن تشغيل الخط العراقي يعد إلغاء تاما للخط الكردي.
ويمكن لبغداد وأربيل استخدام واستغلال الخط الكردي في حال اتفق الجانبان، شريطة أن يخضع تصدير النفط الكردي لسيطرة الحكومة الاتحادية، وهو ما سيعزز من قدرة العراق على تصدير نفطه إلى تركيا، وفق الجواهري.
دخول الخدمةوعن إمكانية استئناف الخط العراقي قريبا، كشف عضو لجنة الطاقة والغاز في البرلمان العراقي محمد الفرمان للجزيرة نت أن الخط الإستراتيجي سيعاود ضخ النفط نهاية الشهر الجاري، إذ عملت 3 شركات نفطية عراقية تابعة لوزارة النفط على إعادة تأهيله مجددا.
من جانبه، يقول المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي، محمد مظهر صالح، إن خط تصدير النفط العراقي نحو تركيا والمعروف دوليا باسم خط الأنابيب العراقي التركي (آي تي بي) قد جرى إصلاحه مؤخرا، حيث كان الضرر الأكبر في الخط في حدود محافظة نينوى، مبينا أن الضخ التجريبي للخط سيبدأ قريبا بما يعادل 150 ألف برميل يوميا.
مستقبل الخط الكرديوفيما يتعلق بمستقبل خط تصدير النفط الكردي التابع للإقليم، قال صالح للجزيرة نت إن تفعيل الخط العراقي يعني من حيث المبدأ توقف الخط الكردي، بيد أن تشغيل الخط العراقي سيفتح بابا أوسع للتفاوض بين بغداد وأربيل، لا سيما أن تصدير نفط الإقليم يصب في نهاية المطاف في مصلحة الحكومة الاتحادية وميزانيتها، بعد أن قضت المحكمة الاتحادية بسيطرة شركة تسويق النفط العراقية "سومو" على عمليات تصدير النفط في الإقليم، مبينا أن المفاوضات ستتمحور حول عمل الشركات وطبيعة العقود، وفق قوله.
من جانب آخر، أوضح عضو لجنة الطاقة والنفط بالبرلمان محمد الفرمان أن هذه المسألة لا تزال متعثرة، وأنها قد تكون متوقفة على زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن منتصف الشهر الجاري، إذ إن ثمة ضغوطات في هذا الجانب، وأن الوفد الحكومي إلى واشنطن سيضم وزير النفط حيان عبد الغني أيضا، وفق قوله.
وكانت بداية الأزمة بين بغداد وأربيل قد بدأت عام 2014 حين سمحت تركيا لإقليم كردستان بتصدير النفط بشكل مستقل عن وزارة النفط الاتحادية، حيث تم ربط خط الأنابيب الكردي بخط أنابيب النفط العراقي-التركي، قبل أن يقضي حكم غرفة التجارة الدولية بباريس لصالح العراق وإدانة تركيا في استخدام الخط داخل الأراضي التركية من دون موافقة الحكومة العراقية.
وبالعودة إلى حمزة الجواهري وعن مستقبل الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان، حيث أكد أن الحكومة الاتحادية لم تطلب خروج هذه الشركات من البلاد، وإنما طلبت منهم تعديل العقود بما يتوافق مع قوانين العراق ودستوره، وبغير ذلك، فإنه لا يمكن أن تعود هذه الشركات للعمل مجددا، وفق قوله.
في غضون ذلك، يقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية ببغداد، عبد الرحمن المشهداني، إن الضرر الذي أعيد تأهيله للخط الإستراتيجي العراقي لا يتجاوز 50 كيلومترا، وبالتالي، فإن العراق سيصدر بداية التشغيل قرابة 350 ألف برميل يوميا، مبينا أن بغداد باتت ملزما بتصدير النفط عبر هذا الخط وفقا للاتفاق العراقي التركي، وبخلاف ذلك سيتحمل العراق تكاليف ورسوم عدم الاستخدام للخط التركي وفق الاتفاق الثنائي.
وبين أن مشكلة نفط الإقليم تتمثل في الشركات النفطية، إذ تطلب هذه الشركات رسوم مرور تقدر بنحو 26 دولارا للبرميل، في حين أن تكلفة نقله عبر الخط الإستراتيجي لا تتجاوز 7 دولارات للبرميل، وبالتالي سيكون الخط العراقي أكثر جدوى من الخط الكردي المنافس، وهو ما جعل موقف الشركات النفطية في الإقليم بوضع أشبه ما يكون بـ "الهستيري"، وفق وصفه.
وفيما يتعلق بالموقف الكردي، نقلت رويترز عن مستشار الطاقة في إقليم كردستان، بهجت أحمد، ما مفاده أن مسؤولي وزارة النفط العراقية أبلغوا فريق التفاوض الكردي أنهم يعتبرون الاتفاق بين حكومة إقليم كردستان وشركة روسنفت الروسية غير قانوني وانتهاكا للقوانين العراقية السارية.
وكانت بغداد قد رفضت طلبا من حكومة إقليم كردستان بأن تتكفل بغداد بدفع رسوم مرور النفط من الإقليم إلى تركيا وتقدر بـ 6 دولارات للبرميل لشركة النفط الروسية روسنفت التي تمتلك خط الأنابيب الكردي بشكل جزئي.
ولم ترد حكومة إقليم كردستان على أسئلة مراسل الجزيرة نت بشأن موقفها من إعادة تشغيل الخط العراقي ومستقبل الخط الكردي، إلا أن عدم الرد على الاتصالات حال دون ذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ألف برمیل یومیا النفط العراقی إقلیم کردستان بغداد وأربیل الخط العراقی تصدیر النفط خط الأنابیب إلى ترکیا مبینا أن أن الخط
إقرأ أيضاً:
القرار العراقي في أتون انتخابات متعثرة
آخر تحديث: 29 ماي 2025 - 9:44 صبقلم: سمير داود حنوش ما يحصل في العراق من تغيير في بوصلة المواقف وتبدل اتجاهاتها يؤكد بوضوح أن المشهد السياسي لهذا البلد سيخطو إلى متغيرات تبعده تدريجياً عن المشروع الإيراني الذي ما زال يكافح من أجل أن يبقى العراق في منطقة نفوذه أو على الأقل ضمن أوراقه التفاوضية مع الجانب الأميركي.محاولات رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني الالتحاق بالمحور التركي – القطري من خلال التقرّب ومد يده للرئيس السوري أحمد الشرع وإعلانه الصريح الاعتراف بهذه الحكومة، يؤكد أن الرجل بدأ يخرج من العباءة الإيرانية. تؤكد مصادر سياسية أن اختيار السوداني المحور القطري – التركي لتمتين علاقته من أجل الحصول على ولاية ثانية بدعم من هاتين الدولتين ربما تسبب بانزعاج الكثير من الدول العربية التي بادر زعماؤها إلى عدم حضور قمة بغداد التي دخلت في سياسة المحاور.تشير المصادر إلى أن إيران لو خُيّرت بين الاحتفاظ بالعراق كحديقة خلفية لاقتصادها المنهار، وبين امتلاك برنامجها النووي لاختارت الإبقاء على العراق لما يملكه من مقومات جيوسياسية تُعين النظام الإيراني في الوقوف على أقدامه.أكبر خطيئة ارتكبها النظام السياسي في العراق بعد عام 2003 أنه رمى كل بيضه في السلة الإيرانية دون أن تكون له خطوط مناورة أو حتى لوبيات في دوائر القرار الأميركي، وربما هو السبب الرئيسي الذي جعل إدارة ترامب تحسب العراق ضمن منطقة النفوذ الإيراني. ما زاد الطين بلّة أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اختار في قائمته الانتخابية شخصيات وأحزابا ضمن عقوبات الخزانة الأميركية التي يتوقع صدورها قريباً، مثل رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ووزير العمل العراقي أحمد الأسدي وكلاهما مدرج ضمن العقوبات الأميركية لارتباطهما بفصائل مسلّحة.محاولات السوداني الحثيثة للقفز على جميع الحبال التي يُحركها العامل الإقليمي الخارجي وما يفعله المؤثر الداخلي من كسب أصوات انتخابية تُمكّنه من ولاية ثانية في رئاسة الوزراء وهي رغبة تصطدم باتفاق قادة الإطار التنسيقي على عدم التجديد لرئيس الوزراء السوداني في الانتخابات القادمة، وهو ما يُعقّد المشهد السياسي خصوصاً ما تشير إليه بعض التسريبات من أن الإطار التنسيقي قد وجد الاسم المؤهل لرئاسة الوزراء في المرحلة القادمة قبل أن تُطبع أوراق الاقتراع. إعلان نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق ترشيحه في الانتخابات البرلمانية القادمة عن العاصمة بغداد فاجأ القوى السياسية بذلك الترشيح، حيث يكون المالكي الزعيم السياسي الوحيد بين الأحزاب الشيعية الذي دخل منافساً للسوداني، حيث ستكون هذه الخطوة اختباراً للحضور السياسي ومنافسة قد يترتب عليها صراع سياسي يتعمق في قادم الأيام وقبل الانتخابات ويدخل الواقع السياسي الشيعي في فوضى تُعمّق الاختلاف. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يوفرون على الشعب مسرحية الانتخابات ويكتفون بإرسال أسماء الفائزين إلى القضاء للمصادقة عليها؟،من المؤكد أن مفاجآت سياسية بانتظار العراقيين قبل الانتخابات القادمة المزمع إجراؤها في الحادي عشر من نوفمبر، وقد تتسبب بتأخرها أو تأجيلها وذلك ما يخشاه بعض الساسة في المنطقة الخضراء.