هل شوال من الأشهر التي يحرم فيها الزواج؟، سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، حيث سائل يقول: ما حكم الزواج في شوال؟ حيث قال لي بعض الناس: يُكره الزواج في شهر شوال؛ فما سبب ذلك؟ وهل هذا الكلام صحيح؟

هل شوال من الأشهر التي يحرم فيها الزواج؟

وبين الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية حكم الزواج في شهر شوال، قائلا: الزواج في شهر شوال مستحبٌّ شرعًا، ولا كراهة فيه، وسبب قول بعض الناس بكراهة الزواج فيه؛ إما بسبب التشاؤم من لفظ "شوال"، وإما لما ورد من وقوع طَاعون في شوال في سَنَةٍ من السنين؛ فمات فيه كثير من العرائس، وكلُّ هذه الأشياء باطلة وغير صحيحة، ولا ينبغي الالتفات إلى شيء منها؛ لما تقرر مِن كونِ الزواج فيه سُنَّة، بالإضافة إلى أن القول بكراهة ذلك تشاؤمًا يُنافي التوكل على الله المأمور به شرعًا.

وأوضح في بيان حكم الزواج في شهر شوال، ثبت أن سيدَنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوج في شهر شوال؛ فقد أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن عروة عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهما أنها قالت: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟»، قَالَ: «وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ».

ففهم الفقهاء من ذلك استحبابَ الزواج في شهر شوال.

قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (9/ 209، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه استحباب التَّزْوِيجِ وَالتَّزَوُّجِ والدخول في شوال؛ وقد نص أصحابنا على استحبابه، واستدلوا بهذا الحديث، وَقَصَدَتْ عائشة بهذا الكلام رَدَّ ما كانت الجاهلية عليه وما يَتَخَيَّلُهُ بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال، وهذا باطل لا أصل له، وهو من آثار الجاهلية؛ كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الْإِشَالَةِ والرفع] اهـ.

كما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد تزوج بأم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها في شهر شوال؛ حيث جاء في "مغازي الواقدي" لأبي عبد الله محمد الواقدي (ت: 207هـ)، (1/ 344، ط. دار الأعلمي): [قال عمر بن أبي سلمة: وَاعْتَدّتْ أمي حتى خَلَتْ أربعة أشهر وعشرًا، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودخل بها في ليالٍ بقين من شوال؛ فكانت أمي تقول: "ما بأس في النكاح في شوال والدخول فيه"؛ قد تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شوال، وَأَعْرَسَ بي في شوال] اهـ.

‏معنى التاجر الصدوق ومنزلته.. الأوقاف تنشر موضوع خطبة ثاني جمعة من شوال هل قضاء المرأة ما عليها في شوال تنال معه ثواب الأيام الست؟ نصوص الفقهاء الواردة في حكم الزواج في شوال

قد اتفق فقهاء المالكية، والشافعية، وأكثر الحنابلة على استحباب الزواج في شهر شوال وكونه مندوبًا؛ استدلالًا بهذه الأحاديث.

قال الإمام النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 11، ط. دار الفكر): [ويستحب كون الْخُطْبَةِ والعقد يوم الجمعة بعد صلاة العصر؛ لقربه من الليل، كما يُسْتَحَبُّ كونها في شَوَّال] اهـ.

وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (7/ 216، ط. المكتبة التجارية): [يُنْدَبُ التَّزَوُّجُ في شوال والدخول فيه؛ للخبر الصحيح فيهما عن عائشة رضي الله عنها مع قولها ردًّا على مَن كَرِه ذلك] اهـ.

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (8/ 38، ط. دار إحياء التراث العربي): [فائدتان.. الثانية: قال ابن خطيب السَّلَامِيَّةِ، في نكته على "المحرر": وقع في كلام القاضي في "الجامع" ما يقتضي: أنه يستحب أن يَتَزَوَّجَ في شوال] اهـ.

كما ذهب الحنفية في المختار عندهم إلى أن الزواج في شهر شوال جائز، ولا كراهة فيه.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (3/ 8، ط. دار الفكر): [قال في "البزازية": والبناء والنكاح بين العيدين جائز، وَكُرِهَ الزفاف، والمختار أنه لا يكره] اهـ.

الرد على دعوى كراهة الزواج في شوال

أما ما يقوله بعض الناس من أنه يُكره الزواج في شهر شوال؛ فإن ذلك: إما بسبب معنى كلمة شوَّال نفسِها.

قال القاضي عياض في "إكمال المُعْلِمِ بفوائد مسلم" (4/ 575، ط. دار الوفاء): [كانت الجاهلية تكره هذا وتطير من ذلك؛ لما في اسم شوال من قولهم: شالت نعامتهم، وشالت النوق بأذنابها: إذا رفعتها] اهـ.

والمعنى الذي هو محل التشاؤم من لفظ: "شالت الإبل" هو ذهاب لبنها وإدباره، أو حال الإبل عندما يشتد الحر وتنقطع الخضرة، أو غير ذلك.

قال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (11/ 377، ط. دار صادر): [قيل: سمي بتَشْوِيل لبن الإبل، وهو تَوَلِّيه وإدباره، وكذلك حال الإبل في اشْتِدَادِ الحر وانقطاع الرُّطْب، وقال الفراء: سمي بذلك لِشَوَلانِ الناقة فيه بذنبها] اهـ.

وإما بسبب ما ورد مِن أنه قد وقع طَاعون في شهر شوال في سَنَةٍ مِن السنين، فمات فيه كثير من العرائس؛ فتشائم بذلك أهل الجاهلية؛ فكُرهوا من أجل إيقاع الزواج فيه.

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف" (ص: 90، ط. دارالكتب العلمية): [قيل: إن أصله أن طَاعونًا وقع في شوال في سَنَةٍ من السنين؛ فمات فيه كثير من العرائس؛ فتشائم بذلك أهل الجاهلية، وقد ورد الشرع بإبطاله] اهـ.

وقد ذكر العلماء أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قد ردت على هذا الكلام، وبينت عدم الكراهة في هذا الأمر، بل إنها تفاخرت بحسن حظها بزواجها من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشهر؛ إبطالًا لهذه المزاعم، ودفعًا لما توهمه كثير من الناس نتيجة هذه المزاعم.

قال العلامة ابن ملك الكرماني في "شرح مصابيح السنة" (3/ 561، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [قيل: إنما قالت هذا ردًّا على أهل الجاهلية؛ فإنهم كانوا لا يرون تيمنًا في التزوج والعرس في أشهر الحج، وقيل: لأنها سمعت بعض الناس يتطيَّرون ببناء الرجل على أهله في شوال فحَكَت ما حكت إنكارًا لذلك وإزاحة للوهم] اهـ.

وقال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (5/ 2066، ط. دار الفكر): [قيل: إنما قالت هذا ردًّا على أهل الجاهلية؛ فإنهم كانوا لا يرون يُمْنًا في التزوج والعرس في أشهر الحج؛ وقيل: لأنها سمعت بعض الناس يَنْظُرُونَ ببناء الرجل على أهله في شوال؛ لتوهم اشتقاق شوال من أشال بمعنى أزال؛ فحكت ما حكت ردًّا لذلك وإزاحة للوهم] اهـ.

وقال الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية" (3/ 231، ط. دار الفكر): [وفي دخوله عليه السلام بها في شوال ردًّا لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين، وهذا ليس بشيء] اهـ.

وجاء في "حاشية السندي على سنن ابن ماجه" (1/ 614، ط. دار الجيل): [(أحظى)؛ أي: أكثر حظًا تريد ردَّ ما اشتهر من كراهية التزوج بشوال] اهـ.

ومع توارد نصوص العلماء على الرد على دعوى هذه الكراهة وإبطالها؛ فقد ذكر بعضهم أنَّ هذه المزاعم وغيرها كانت سببًا في امتناع فئة من الناس عن الزواج في هذا الشهر.

قال العلامة أبو بكر الخوارزمي في "مفيد العلوم ومبيد الهموم" (ص: 401، ط. المكتبة العصرية): [وقالت عائشة رضي الله عنها: "تزوجني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في شوال، ودخل بي في شوال؛ فأيّ نسائه أحظى عنده مني"، وأما كراهة العامة النكاح في شوال؛ فباطل] اهـ.

بالإضافة إلى ما سبق من التطاير بشهر شوال، ومنع الزواج فيه من باب التشاؤم بما ورد عن الناس في الجاهلية، وما يتردَّد على ألسنة العوام من الناس؛ فإن فيه منافاة للتوكل على الله سبحانه وتعالى، وهو القائل: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [هود: 123]، وقد قال تعالى أيضًا:  وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3].

وقد نهت الشريعة الإسلامية عن التشاؤم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا عَدْوَى، ولَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الفألُ»، قالوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قال: «كَلِمَةٌ طَّيِّبَةٌ» متفقٌ عليه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شهـــر شــــوال حكم الزواج في شهر شوال دار الإفتاء رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ى الله علیه وآله وسلم عائشة رضی الله حکم الزواج فی قال العلامة والدخول فی قال الإمام الزواج فیه بعض الناس دار الفکر اهـ وقال ى الله ع کثیر من على أهل فی شوال ما ورد

إقرأ أيضاً:

رجع كيوم ولدته أمه .. رحلة المغفرة

أن يختارك الله ويصطفيك لزيارته، في بيته الحرام وكعبته المشرفة زادها الله تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا، فهذه نعمة امتن الله بها عليك وخصك من بين خلقه العظيم، فكم من المسلمين ممن أملوا أنفسهم من خوض غمار هذه الرحلة المقدسة لحج بيت الله ولكن موانع الزمن وظروفه منعتهم من نيل هذه العبادة العظيمة التي تعتبر أحد أركان هذا الدين العظيم، من استطاع إليه سبيلا.

فلا بد لهذه الرحلة العظيمة من استعداد مالي وبدني وذهني وروحي، لكي يحقق شرط الاستطاعة، لتلبية أذان أبينا إبراهيم عليه السلام حينما أمره الله عز وجل بقوله: «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ»، فعلى الإنسان أن يستصحب نيته من هذه الرحلة فهي هجرة إلى الله واستجابة لأمره، وطمع في نيل رضاه، ولو تأملنا مناسك الحج لوجدنا أنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالحنيفية السمحاء، وهي ذات علاقة وطيدة بخليل الرحمن وما حصل له في تلك الأماكن الطاهرة والعرصات المقدسة، فعلى الحاج أن يعي كل عمل يقوم به، وكل منسك يقوم بتأديته، لكي يؤدي هذه العبادة على علم ومعرفة ودراية ويحقق مقصد الشريعة الإسلامية من هذه الشعيرة.

وأول ما ينبغي على من ينوي الحج أن يتوب إلى الله عز وجل ويقلع عن الذنوب والمعاصي، ويعاهد الله على ألا يعود إليها، ويظهر ندمه وحسرته على ما فرط في جنب الله في حياته السابقة، ليبدأ عهدا جديدا يسير فيه على الصراط السوي، لينال مغفرة الله ورضوانه وعتقه، وهذا مقصد أساسي في تجديد العبد لعلاقته مع خالقه.

ومن الشروط التي ينبغي على الحاج أن يراعيها شرط الاستطاعة والقدرة البدنية والمالية، فعليه أن يتعود المشي قبل الحج وأن يلتزم بالغذاء الصحي، ويأخذ احتياطاته الطبية والصحية، وأن يكون لائقا بدنيا لما يحتاجه الحج من جهد بدني لتأديته على أكمل وجه، فهي عبادة روحية بدنية. وكذلك ينبغي عليه أن يترك نفقة لعياله في غيابه، وأن يحمل معه نفقته التي تعينه على أداء هذه المناسك بسلاسة ويسر.

وبما أن الإنسان يسعى إلى تأدية حقوق الله عز وجل فإنه يجب عليه أيضا أن يؤدي حقوق العباد، فهي حقوق لا يجزيها الاستغفار والتوبة فقط، فهي مرتبطة بإرجاع الحقوق إلى أصحابها، لكي تبرأ الذمة، فعلى الذي يريد الحج أن يفرغ وسعه ويجتهد إلى أن يجعل علاقته مع الله لا تشوبها شائبة ولا تنغصها حقوق لعباد الله ولا قطيعة رحم، فعليه أيضا أن يجعل صفحته مع عباد الله ناصعة البياض، ويصفي جميع حساباته مع البشر ليقبل نحو الله بقلب صاف، فلا يعلم بعد هذه الرحلة هل يعود إلى أهله، أو يختاره الله في ذلك المكان العظيم، وقد كان السابقون في العصور الماضية يسلمون على أهلهم عند ذهابهم لحج سلام مودع، لما في هذه الرحلة في السابق من مشقة وعناء عظيم، من مخاطر الطريق، والأمراض والأوبئة، وشدة الحرارة وطول السفر.

كما ينبغي عليه أن يقوم بتهيئة نفسية لما سيواجهه في هذا السفر، فهي ليست رحلة استجمام وسياحة، وإنما هي رحلة إلى الله وهجرة إليه، وسوف يجد من الصعوبات والتحديات التي ينبغي عليه أن يدرك أنها جزء من هذه الرحلة ولا بد له من المرور بها، فسيجد الزحام الشديد، واشتداد درجات الحرارة، وغيرها من الظروف التي يشترك فيها عباد الله وهم في ذلك المكان الطاهر بسبب وجود الملايين من البشر في مكان واحد وتأدية مناسك وطقوس في زمن مخصوص ومكان محدود.

وعليه أيضا أن يثقف نفسه بكل الوسائل المتاحة والممكنة بحيث يتعرف على مناسك الحج وأركانه وشعائره، والأعمال التي يؤديها في الحج ومواقيتها ويطلع على تلك المناسك بما أتاحته الوسائل الحدية بحيث يعرف كل منسك والطريقة الصحيحة لتأديته، وعليه التفكر في معاني مناسك الحج وأبعادها الروحية. كل ركن له معنى روحاني عميق، كما أن عليه أن يتعمق في معرفة أسماء الأماكن ولماذا سميت بهذا الاسم؟ وما دلالة الأعمال التعبدية التي نقوم بها؟ فمثلا لماذا نسعى بين الصفا والمروة؟ وما هما الصفا والمروة، والأشواط السبعة؟ وما هي قصة السيدة هاجر عليها السلام زوجة سيدنا إبراهيم وأم سيدنا إسماعيل؟ وكيف أنها كانت تركض بين جبلي الصفا والمروة للبحث عن أناس ليغيثوها بالماء، فكرامة من الله لها ولزوجها وابنها انفجرت بئر زمزم من تحت أقدام سيدنا إسماعيل عليه السلام.

وكذلك رمي الجمرات ومعرفة دلالتها في كونها تمثل دلالة رمزية، لعدم الاستجابة للشيطان وغوايته ونبذه ورميه بالحجارة واستجابة لأمر الرحمن، وكيف أن إبراهيم عليه السلام عصى الشيطان عندما حاول أن يثنيه عن أمر الرحمن له بأن يذبح ابنه إسماعيل عليه السلام.

وكذلك مشعر منى وسبب تسميته بهذا الاسم وذلك لكثرة الدماء التي تسيل فيه، وعلاقة الهدي الذي يقدمه الحاج بقصة إبراهيم عليه السلام عندما أمره الله أن يذبح ابنه فامتثل لأمر الله ولكن بعد نجاح إبراهيم عليه السلام بهذا الابتلاء العظيم أراد الله أن يكافئه على هذا الصبر، فأنزل له كبش عظيم يذبحه بدلا من ابنه، فداء له.

وكذلك وقوف عرفة وعلاقته بيوم المحشر ووقوف الناس أمام الله في صعيد واحد، وهم متساوون في ذلك اليوم العظيم يطلبون من الله رضوانه وعتقه من النار، وكيف أن هذا الركن من أعظم أركان الحج، وأن الناس يعترفون لله في هذا اليوم بذنوبهم ويسألونه مغفرتها، ويستشعر رحمة الله وهي تتنزل على الحجاج ويتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: «ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر» قيل: وما رأى يوم بدر قال: «رأى جبريل عليه السلام وهو يزع الملائكة».

وعلى الحاج أن يستثمر وقته وجهده في ذلك المكان بالذكر والعبادة وتلاوة القرآن، وأن يكون بعيدا كل البعد عن الغيبة والنميمة وغيرها من الذنوب والمعاصي، وذلك ليحقق المقصد الأسمى من شعيرة الحج وهي غفران الذنوب لكي ينال هذا الأمر عليه أن يبتعد كل البعد عن الرفث والفسوق، حتى ينال هذا الاستحقاق، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه». فهي ولادة روحية ثانية، تتمثل في غفران الذنوب كلها، وكأن الإنسان لم يعص الله ساعة، فعليه أن يحافظ على هذه المزية بعد أن يعود من الحج فيحذر من مواطن الفتن، وتكون هذه الرحلة نقطة تحول في الحياة يسلك بعدها المسلم طريق الهداية ويبتعد عن طري الضلال والغواية.

مقالات مشابهة

  • ما حكم التصوير أثناء الحج والعمرة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • المفتي: عدم توثيق الزواج الجديد للأرامل للإبقاء على معاش المتوفى يُعد أكلاً للمال بالباطل
  • محظورات وكفارات.. أشياء يحرم على المسلم فعلها في الإحرام وما يترتب عليها
  • "فلوس حرام"| مفتي الجمهورية يكشف حكم عدم توثيق الزواج للحصول على المعاش
  • الإفتاء توضح حكم التضحية بالطيور
  • حكم قراءة القرآن قبل أذان الجمعة في المساجد.. «الإفتاء» توضح
  • علي جمعة يوضح أفضل الأعمال في شهر ذي الحجة
  • «الإفتاء» توضح شروط الأضحية في الحج بالتفاصيل
  • رجع كيوم ولدته أمه .. رحلة المغفرة
  • حلم تهجير الفلسطينيين