سودانيون في أوغندا.. مرارة اللجوء ومعاناة لا تنتهي
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
حملة ساندوا السودان : إعداد وتحرير – سودان تربيون
كرياندنقو أوغندا في 12 أبريل 2024 – في معسكر كرياندنقو Kiryandongo في شمال أوغندا – 400 كلم من العاصمة كمبالا جلست امرأة في العقد الثالث من عمرها تحمل طفلا تحت شجرة قرب المخيم عارضة كمية من العطور السودانية تحاول بيعها للعابرين.
وصلت آمنة عبد الله- اسم مستعار- الى كرياندنقو منذ أكثر من 10 أشهر وكانت حامل بطفلها الذي وضعته داخل المعسكر لتكتشف لاحقا انه يعاني من مشكلة في القلب.
تروي آمنة عبد الله لـ “سودان تربيون” معاناتها مع البحث عن علاج لابنها الذي يحتاج لعملية بعد ستة أشهر وهي لا تملك ثمنها الذي يصل لخمسة آلاف دولار- 18 ألف شلن أوغندي- وأن الجهات الخيرية في أوغندا ابلغتها بحصر تبرعاتها على الأوغنديين وكونها لاجئة فلا يشملها الدعم.
وأفادت انها أخبرت الطبيب بعدم قدرتها على توفير المبلغ ورد عليها بعدم امتلاك مفوضية اللاجئين أموالا للعلاج وبالإمكان وضعها في قائمة الأولويات حال وصول دعم من المجتمع الدولي.
تقول امنة إن وضع ابنها اخذ في التدهور، وتخشى من بين دموعها أن يموت بين يديها وهي عاجزة عن إنقاذه.
ودعت امنة أطراف الصراع لإيقاف الحرب من أجل أطفال السودان الذين يعانون في معسكرات النزوح واللجوء وتحقيق السلام في البلاد وطالبت المجتمع الدولي بالضغط على البرهان وحميدتي من أجل الشعب السوداني حتى يعود إلى وطنه.
أوضاع صعبة
تشير الاحصاءات إلى استضافة أوغندا أكثر من 27,423 ألف لاجئ سوداني بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل من العام الماضي.
ويواجه اللاجئون في المعسكر أوضاعا بالغة التعقيد فالخيام المنصوبة معرضة للسقوط بسبب الرياح والأمطار كما تنعدم المياه والحمامات ويفتقر المكان لمركز صحي للحالات الطارئة.
يقول أحمد علي من مواطني منطقة مايو في جنوب الخرطوم انه وصل الى المعسكر في نهاية شهر مايو الماضي بعد تعرض منزله للقصف بالطيران ومقتل زوجته وشقيقه في الحال فقرر بعدها المغادرة.
ويوضح احمد لـ “سودان تربيون” ان لديه طفلين اصيبا بصدمة بعد وفاة والدتهما، ويروي انه توجه بهما الى ولاية الجزيرة وتركهم لدى اقاربه هناك وعاد للخرطوم لأخذ بعض الاحتياجات لكنه احتجز على يد قوات الدعم السريع وتعرض لتعذيب قاس لازال يعاني اثاره حتى الآن حيث اثبتت الفحوصات الطبية التي اجراها لاحقا حاجته لإجراء عمليات في العنق والحنجرة.
يقول انه تمكن من مغادرة مقر احتجازه والعودة لاصطحاب طفليه الى ولاية سنار ومنها الى الرنك حيث تم ادخالهم في معسكر للانتظار قبل التوجه الى دولة جنوب السودان..
ووصف بيئة المعسكر في الرنك بالسيئة واضطر لاستئجار منزل لحوالي 20 يوما بعدها جرى ترحيلهم بواسطة مفوضية اللاجئين الى معسكر في المابان داخل جنوب السودان بالقرب من الحدود الإثيوبية ويضيف “كان عبارة عن حاويات حارة تنعدم فيها التهوية وسط درجات الحرارة مرتفعة ووجبة طعام واحدة”.
وأضاف” جلسنا في هذا المكان مدة شهرين كنا حوالي 385 لاجئا بعدها تم ترحيلنا الى منطقة كأي على الحدود مع اثيوبيا لكنها لم تكن امنة بفعل نشاط المعارضة الإثيوبية”..
ومع تعرض أبنائه لأمراض جلدية قرر على السفر الى جوبا بعون أصدقائه وبالفعل وصلها ومكث فيها يومين ومن ثم توجه الى أوغندا ووصلها في أغسطس الماضي.
ويروي ان السلطات الأوغندية احتجزتهم على أراضيها مطالبة بدفع 150 دولار لكل جواز وتمكن بعون الأصدقاء من توفير 100 دولار وافق بعدها المسؤول على السماح بدخوله مراعاة للأطفال.
ويشير الى انه تم ترحيلهم الى معسكر نيومانزي لتسجيل اللاجئين مكث فيه أكثر من 3 شهور بعدها تم ترحيل الى معسكر كرياندنقو، ويردف ” تفاجأنا بالوضع الصعب من رطوبة عالية ونقص في الاوكسجين تسببت في مرض الابن الصغير”.
ويشكو احمد علي من الطعام المقدم في المعسكر قائلا إنه على قلته غير ملائم للسودانيين ويعادل وجبة واحدة في السودان.
وأقر بوجود تحديات منها التماطل في إجراءات الصحة وتوفير العلاج، وعدم وجود حمامات لقضاء الحاجة داخل المعسكر، بجانب بعد المسافة لأقرب مطخة مياه مالحة، ويردف” لذلك ترك أغلب السودانيين المعسكر بعضهم توجه إلى كمبالا والآخر الى جوبا”.
اما القانوني والمدافع عن حقوق الانسان محمود الزين فبدأ رحلته بعد سقوط مدني في يد الدعم السريع وبعد زيادة القبضة الأمنية في ولاية سنار على نشطاء المجتمع المدني ولجان المقاومة والقوى السياسية.
وذكر محمود لـ “سودان تربيون” انهم عملوا بعد سقوط مدني على تكوين غرف طوارئ لإيواء الفارين الى سنجة لكن الاستخبارات العسكرية نفذت اعتقالات ضد الناشطين وزادت المضايقات الأمنية حتى وصلت الى عدد من نشطاء المجتمع
وقال محمود الزين وصلت المسألة لمكتبي في سنجة وتم اخطاري بمداهمة المكتب بعدها تلقيت اتصالا من مسؤول نافذ في القوات المسلحة وشرح لي ضرورة مغادرة المدينة اولا ثم البلاد نسبة لمهددات كبيرة.
وبالفعل غادر الزين كما يقول إلى ولاية النيل الأزرق ومكث فيها 13 يوما لتسهيل عملية الخروج من السودان في رحلة شاقة انطلقت من الدمازين إلى مناطق سيطرة الحركة الشعبية في اولو ثم إلى معسكرات اللاجئين بالنيل الأزرق استمرت الرحلة 3 أيام من ثم وصل إلى منطقة بونج بدولة جنوب السودان، ومنها إلى جوبا التي وفق فيها أوضاعه واستخرج وثيقة سفر غادر بعدها الى كمبالا مبديا حزنه لمفارقته والديه ومنزله بسبب انه مدافع عن حقوق الانسان.
وأردف “من اكبر التحديات هو الخروج بدون توفير الدعم المالي واللوجستي وعدم تغطية الالتزامات الأسرية حيث تركت كل ما أملك لأسرتي، بجانب مخاطر ورحلة إلى مجهول بالأيام لم اري كهرباء أو مياه نظيفة كنت اشرب من الترع والخيران سببت لي أمراض في بطني لم أستطع التخلص منها إلا بعد فترة طويلة، تركت عملي خاصة انني قانوني يتطلب على تواجد في مكان العمل”.
ووجه الزين رسالة إلى حكومة الأمر الواقع قائلا انه لا توجد سلطة تستحق حجم الحريق والدمار والتشرد والنزوح ولجزء السودانيين، لا يمكن أن تكون السلطة لتوصلوا السودانيين إلى الحضيض وأضاف “لا يمكن تحقيق الوطنية أو الديمقراطية بالبندقية ودعا إلى إيقاف الحرب، خاصة استحالة مسألة الحسم العسكري بالتالي الأفضل إيقاف حجم الأضرار والجلوس في طاولة الحوار.
كما ناشد المجتمع الدولي للضغط على الطرفين لإيقاف العمليات العسكرية والحل التفاوضي السلمي وضخ الكثير من المساعدات للسودانيين في مراكز الايواء واللجوء وايضا النظرة أكثر للفاعلين المدنيين والمدافعين بحقوق الانسان ونشطاء المجتمع المدني من خلال توفير الحماية والحد من تهديد أطراف الصراع لحياتهم
دعوات لوقف الحرب
إلى ذلك كشف احد القيادات الشبابية ومسؤول التنسيق والاتصال في معسكر كرياندنقو عثمان آدم عثمان ان عدد اللاجئين السودانيين في المعسكر بلغ حوالي 15 ألف لاجئ.
واقر عثمان آدم عثمان لـ “سودان تربيون” بوجود مشاكل وتحديات تواجه اللاجئين تتمثل في الصحة والتعليم والحماية والسكن وقال إن هذه تحديات كبيرة جدا خاصة السكن بسبب عدم ملائمة طقس اوغندا الممطر طوال العام والرياح وعدم ثبات المشمعات في المعسكر فضلا عن انعدام المياه حيث يوجد صهريج واحد لمياه مالحة يغطي أكثر من 15 ألف لاجئ علاوة على انعدام الحماية بالمعسكر من التهديدات التي تقع في بعض الأحيان من متفلتين حول المنطقة.
واشتكى آدم من بعد مسافة المستشفى عن المعسكر وعدم وجود اي مركز صحي او وحدة صحية داخل المخيم، كما لفت الى زيادة اعداد الطلاب اللاجئين في مدرسة واحدة تبعد مسافة عن المعسكر، فضلا عن التحدي الأكبر للطلاب في اختلاف الثقافات، وعدم وجود الكتب والكراسات، علاوة على فرض رسوم على الطلاب منها التسجيل وأحيانا بسبب الاكتظاظ الوقوف داخل الصف بسبب قله المقاعد إلى جانب عامل اللغة الذي تسبب في توقف عدد من الطلاب السودانيين عن الدراسة. وقالت الامم المتحدة في اخر تقرير لها في شهر ابريل عن اوضاع اللاجئين السودانيين في اوغندا انها زادت مؤخرا عدد الاساتذة الناطقين بالعربية لتواكب الازديات المضطرد للاجئين السودانيين.
وأكد وجود اعتداءات وتحرش داخل المدرسة وعدم قبول اللاجئين السودانيين لهذه التصرفات ومضى قائلا إن هناك حادثة وقعت لطفلة في المدرسة حاول رجل الاعتداء عليها بعد اغراءها بالمال وحينما رفضت حاول استدراجها للحمام وأيضا رفضت الذهاب، من ثم بدأ في جرها بالقوة أمام صديقاتها مما دفع الاسرة لإيقاف ابنتهم عن الدراسة.
وأشار إلى ان الحكومة الاوغندية تعهدت بتوفير الخدمات بعد استقرار اللاجئين في المعسكر، مشيرا إلى أكثر من ثلاث ارباع اللاجئين غير موجودين في المعسكر بسبب عدم وجود الخدمات حيث ذهبوا إلى كمبالا أو جوبا.
وقال رسالتنا لطرفي الصراع ضرورة إيقاف الحرب بأسرع ما يمكن خاصة السودانيين يعانون من امرين بالداخل والخارج من ويلات ومعاناة النزوح والتشرد واللجوء ودعا طرفي الحرب الى البحث عن السلام.
وناشد المجتمع الدولي النظر إلى الشعب السودانيين والضغط على طرفي النزاع لإيقاف الحرب والنظر للأثار الناجمة من الحرب من ملايين اللاجئين في معسكرات اللجوء والنزوح من أطفال والنساء وكبار السن ،كما لام المؤسسات الدولية الكبيرة لعدم زيارة المعسكرات.
(#) إنتاج هذا المحتوى ضمن حملة #ساندوا_السودان التي أطلقها (منتدى الإعلام السوداني) والتي تهدف إلى لفت الانتباه إلى الكارثة الإنسانية وتدارك المجاعة ووقف الانتهاكات في السودان وتنشر بالتزامن في منصات 27 مؤسسة ومنظمة صحفية وإعلامية مشاركة في الحملة.
الوسوم#ساندوا_السودان StandWithSudan أوغندا اللاجئين السودانيين المجتمع الدولي حرب السودان
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: ساندوا السودان أوغندا اللاجئين السودانيين المجتمع الدولي حرب السودان
إقرأ أيضاً:
حمدوك: على طرفي الحرب الاحتكام إلى صوت الحكمة للحفاظ على السودان
د. عبد الله حمدوك رئيس تحالف (صمود) أكد السعي لترسيخ معاني السلام والحوار ومنع الكراهية والعمل لبناء سودان يسع الجميع.
كمبالا: التغيير
أكد رئيس رئيس الهيئة القيادية للتحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) د. عبد الله حمدوك، استحالة الوصول إلى حلول عسكرية في حرب السودان، محذرًا من أن يؤدي التحشيد والتسليح وتهيئة الأجواء للحرب والتشظي إلى تقسيم البلاد.
وخاطب حمدوك اليوم الأربعاء، الجلسة الختامية لمؤتمر السلم ورتق النسيج الاجتماعي الذي نظمته لجنة السلم ورتق النسيج الاجتماعي بالتحالف بالعاصمة الأوغندية كمبالا، داعياً طرفي الحرب في السودان إلى الاحتكام إلى صوت الحكمة للحفاظ على السودان.
وأعلن نيته إنشاء مركز وطني لمحاربة خطاب الكراهية وتعزيز التعايش السلمي ورصد الانتهاكات المحرضة على العنف وتقديم مرتكبيها للعدالة.
مرحلة دقيقة وحساسةوقال حمدوك إن الحرب تجاوزت القتل والدمار والتشريد إلى سوء المعاملة والإقصاء والتهميش والعنف ضد الآخر، مما ينذر بتفكيك منظومة المجتمع السوداني القائمة على الوحدة والتناغم القائم على التنوع.
وأضاف: “نتطلع إلى سودان يبدأ مرحلة جديدة في التعايش والسلام، يتخلى فيه السودانيون عن إيذاء الآخرين، ويعزز مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة والاعتراف بالتنوع الديني والعرقي والثقافي وإبرازه في كل مجالات الحياة”.
وتابع: “المرحلة دقيقة وحساسة وتتطلب مزيدًا من العمل في المستقبل، والتسامح وقبول الآخر ونبذ الكراهية”.
وأشار إلى أن الحرب أنتجت أنماطًا متعددة من التمييز الاجتماعي على أساس اللون والجنس والجغرافيا، مما أدى إلى تصاعد مؤشر قياس الكراهية في السودان، والتي باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدته.
رسائل للقوى المجتمعيةوأرسل عبد الله حمدوك رسائل إلى قيادات الإدارة الأهلية والقيادات الدينية والشباب والمرأة والمبدعين، مطالبًا بالمحافظة على السودان من خلال محاربة خطاب الكراهية ورتق النسيج الاجتماعي ليكون السودان واحة للتسامح والتلاقي.
وأعرب عن سعادته بانعقاد المؤتمر لمناهضة خطاب الكراهية، الذي يعد أكبر رافع لاستمرار الحرب، وقال: “نسعى معًا لتنفيذ توصيات هذا المؤتمر لتحقيق أهدافه السامية التي توافقتم عليها بعمل ملموس على الأرض”.
وأوضح حمدوك أن الغرف الإعلامية تحرض على العنف والقتل والتمييز ضد مكونات اجتماعية كثيرة ولم تسلم من ذلك كل أقاليم السودان، مما شكل مناخًا عامًا يساعد على الفتنة والكراهية بين مكونات الشعب السوداني. لذا، نسعى لترسيخ معاني السلام والحوار ومنع الكراهية والعمل على بناء سودان يسع الجميع عبر المواطنة المتساوية.
وأعرب عن شكره لحكومة أوغندا لاستضافتها عشرات الآلاف من السودانيين الذين شردتهم الحرب.
واختتمت اليوم الأربعاء جلسات مؤتمر السلام ورتق النسيج الاجتماعي، الذي انعقد في الفترة من 17 إلى 21 مايو الحالي في العاصمة الأوغندية كمبالا، بمشاركة 60 شخصًا يمثلون فئات اجتماعية متنوعة، منها الإدارات الأهلية ورجال الدين والنساء والشباب والدراميين والإعلاميين.
وناقش المؤتمر خلال الأوراق المقدمة كيفية مناهضة خطاب الكراهية ورتق النسيج الاجتماعي، وأصدر بياناً ختامياً يتضمن 12 توصية.
الوسومالإدارة الأهلية التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) الحرب السلام السودان اوغندا د. عبد الله حمدوك كمبالا مؤتمر السلم ورتق النسيج الاجتماعي