هجمات إيران.. قناة خلفية مع واشنطن ومؤشر لتوازن ردع جديد
تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT
واشنطن- كما كان متوقعا في واشنطن على نطاق واسع خلال الأسبوعين الماضيين، ردت إيران عسكريا على الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها في دمشق الذي نتج عنه مقتل 7 عسكرين إيرانيين، من بينهم قائد كبير في قوات الحرس الثوري.
ووسط تراجع خشية الكثير من الخبراء الأميركيين أن تدفع الهجمات الشرق الأوسط إلى حافة الهاوية، خاصة بعد تعهد إسرائيل بالرد على إطلاق طهران مئات الطائرات المسيرة والصواريخ على الأراضي الإسرائيلية من داخل الأراضي الإيرانية، تُثار عدة أسئلة في واشنطن حول احتمال شن إسرائيل ضربة انتقامية وسط جدل كبير حول حدود وقدرة إدارة الرئيس جو بايدن في التحكم في رد الفعل الإسرائيلي.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبدء عملية طوفان الأقصى، وما تبعها من عدوان إسرائيلي غير مسبوق على قطاع غزة، تعمل إدارة بايدن على منع أتساع رقعة الصراع، واعتبر بعض المراقبين أن التصعيد الأخير ما هو إلا فشل للسياسة الأميركية تجاه المنطقة.
قناة خلفية تعمل بكفاءة
وعقب تدمير إسرائيل قنصلية إيران في دمشق، أدركت واشنطن أن طهران تريد الحفاظ على موقف إقليمي قوي، وأنها لا تريد إشعال حرب شاملة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، مع حتمية ردها على إسرائيل.
وتحدث تاريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي في واشنطن، للجزيرة نت، ردا على سؤال حول طبيعة الرسائل التي توجهها إيران إلى واشنطن من خلال مهاجمة إسرائيل، وقال إنه "من الواضح أن ما حدث تم تنسيقه وترتيبه بين الولايات المتحدة وإيران من خلال القنوات الخلفية. كانت نية طهران إظهار أنها تتحدى الخط الأحمر لإسرائيل بمهاجمتها من الأراضي الإيرانية، لأن إسرائيل تحدت الخط الأحمر الإيراني المتمثل في مهاجمة قنصليتها في دمشق. وبذلك، تعتقد طهران أنها استعادت ردعها دون توسيع الحرب".
ويتفق السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، الذي سبق له العمل في قنصلية بلاده بالقدس، مع طرح بارسي، مؤكدا أن "الشيء الوحيد الذي يثير اهتمامي هو أن طهران وواشنطن تستخدمان بعض القنوات على ما يبدو للحفاظ على نفسيهما من الوقوع في صراع مباشر بينهما. وفي الواقع، لقد أكد النظام الإيراني لإدارة بايدن أنه لن يستهدف القوات الأميركية أو سفاراتها في المنطقة، وهو ما يعد كإشارة جيدة جدا".
توازن إستراتيجي جديدويرى مراقبون أن هذا التصعيد في الصراع بين طهران وتل أبيب يؤسس لواقع جديد في المواجهة بين الدولتين. ففي حديث للجزيرة نت، اعتبر خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن الدولتين تحاولان استعادة الردع وإعادة إرساء قواعد متفق عليها لمواجهتهما.
ويضيف أن الرسالة التي ترسلها إيران إلى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل هي أنها "لن تقبل بعد الآن العمليات العسكرية الإسرائيلية واغتيال الحرس الثوري الإيراني والقادة العسكريين. لا يهم ما إذا كان عدد من الإسرائيليين قد قتلوا، ما يهم هو أن إيران أظهرت استعدادها وقدراتها على الانتقام".
بدوره، يرى بارسي أن الهجمات الإيرانية على إسرائيل تؤشر لتوازن جديد يتوقف على كيفية الرد الإسرائيلي على هذه الهجمات، مضيفا للجزيرة نت أنه "إذا استجابت إسرائيل لنصيحة بايدن وامتنعت عن شن المزيد من الهجمات، سيكون هذا بمثابة وضع قواعد جديدة للعبة، وستكون إيران قد نجحت في إظهار أنها لن تتسامح مع الهجمات ضد مسؤوليها العسكريين في المنطقة. ولكن، حتى لو لم تهاجم إسرائيل عسكريا، فمن المرجح أن تكثف إسرائيل أشكالها الأخرى من الهجمات، بما في ذلك الهجمات السيبرانية".
من جهته، اعتبر السفير ديفيد ماك أن واشنطن نجحت في فرض رؤيتها على إسرائيل، وأضاف "يبدو لي أن إسرائيل اختارت رد الفعل الدفاعي على الهجمات الإيرانية. وبمساعدة معلومات استخباراتية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأردن، وربما بعض الدول الأخرى، يبدو أن إسرائيل قد استخدمت مزاياها التكنولوجية لوقف الضربات المدمرة من قبل الطائرات المسيرة والصواريخ التي أطلقتها إيران".
بايدن والرد الإسرائيلييستبعد بهجت أن يكون لإدارة بايدن تأثير على رد فعل إسرائيل، ومع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية في غضون 6 أشهر فقط، يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيحصل على دعم أقوى حال فوز دونالد ترامب. ويدرك نتنياهو أيضا أنه في عام الانتخابات، ولا يمكن أن يتسبب في خلاف كبير مع إسرائيل، وأضاف أن بايدن، و"طوال حياته السياسية، التي استمرت عقودا من الزمن، كان دائما مؤيدا قويا جدا لإسرائيل".
أما بارسي فاعتبر أن إدارة بايدن وضعت نفسها في موقف متناقض "ففي حين أن إدارة بايدن تستحق الثناء لأنها ساعدت في منع المنطقة من السقوط فوق الهاوية والانزلاق لحرب إقليمية كبرى، فإنها تستحق أيضا النقد، لأنها ساعدت في إيصال المنطقة إلى حافة الهاوية في المقام الأول من خلال عدم وضع خطوط حمراء على إسرائيل ومنعها من السعي إلى بدء حرب جديدة في المقام الأول".
كما أشار في حديثه للجزيرة نت إلى أنه "من المؤكد أن بايدن لديه نفوذ هائل على إسرائيل، والسؤال هو ما إذا كان على استعداد لاستخدامه. حتى الآن، رأينا أن بايدن كان مترددا في استخدام نفوذ حقيقي على إسرائيل، ونتيجة لذلك، استمرت الحرب على غزة 7 أشهر. إذا كان بايدن قد ضغط من أجل وقف إطلاق النار مبكرا، لكان قد تجنب كل ما نراه اليوم من أزمات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة إدارة بایدن على إسرائیل للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
إيران ترفض التفاوض مع أوروبا حول برنامجها الصاروخي
صرحت إيران اليوم الاثنين بأن قدراتها العسكرية غير قابلة للتفاوض، وذلك بعد أن دعت فرنسا إلى "اتفاق شامل" مع طهران يشمل برنامجها الصاروخي ونفوذها الإقليمي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي في مؤتمر صحفي : "فيما يتعلق بقدراتنا الصاروخية، فلن يكون هناك أي نقاش على الإطلاق".
تشير إيران عمومًا إلى جميع أنشطتها العسكرية، بما في ذلك برنامجها الصاروخي الباليستي القائم على أنظمة دفاعية.
وصرح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لبرنامج "فيس ذا نيشن" على قناة سي بي إس نيوز يوم الأحد بأن الحكومات الغربية تسعى إلى "اتفاق شامل" مع إيران، وذلك جزئيًا لتجنب "خطر" سعيها سرًا للحصول على سلاح نووي - وهو طموح تنفيه طهران باستمرار.
وقال بارو إن مثل هذا الاتفاق سيشمل "البعد النووي" بالإضافة إلى "المكون الباليستي" و"أنشطة زعزعة الاستقرار الإقليمية التي تقوم بها إيران"، في إشارة إلى الجماعات المسلحة التي تدعمها طهران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
جاءت تصريحاته عقب اجتماع عُقد يوم الجمعة بين دبلوماسيين إيرانيين ونظرائهم من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وهو أول محادثات نووية منذ أن تحولت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت الأنشطة النووية للجمهورية الشهر الماضي إلى حرب استمرت 12 يومًا.
وجاءت محادثات يوم الجمعة في إسطنبول في الوقت الذي هددت فيه القوى الأوروبية الثلاث، في الأسابيع الأخيرة بتفعيل ما يسمى "آلية الارتداد السريع" بموجب الاتفاق النووي المتعثر لعام 2015 والذي من شأنه أن يعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.
وقال بارو:"ما لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد وقوي ودائم وقابل للتحقق بحلول نهاية الصيف، فلن يكون أمام فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة خيار آخر سوى إعادة تطبيق الحظر العالمي الذي رُفع قبل 10 سنوات".
وكانت إيران قد حذرت سابقًا من أنها قد تنسحب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا أعيد فرض العقوبات.
وقال بقائي يوم الاثنين: "لا يمكن للمرء أن يتوقع من دولة أن تبقى في المعاهدة بينما تُحرم من حقوقها، وخاصة الاستخدام السلمي للطاقة النووية".
أصابت هجمات إسرائيل على إيران الشهر الماضي مواقع نووية وعسكرية رئيسية، بالإضافة إلى مناطق سكنية، وأسفرت عن مقتل قادة كبار وعلماء نوويين ومئات آخرين.
انضمت الولايات المتحدة إلى الحرب لفترة وجيزة، وهاجمت مواقع نووية .
أدى القتال إلى تعطيل المفاوضات النووية الأمريكية الإيرانية التي بدأت في أبريل، ودفع إيران إلى الحد من تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وصرح بقائي بأن اجتماع إسطنبول مع القوى الأوروبية ركز فقط على "القضية النووية ورفع العقوبات".
وأضاف المتحدث أن إثارة أي "مواضيع أخرى غير ذات صلة... ليس سوى دليل على ارتباك من جانب الطرف الآخر".
وأضاف أن إيران خرجت من الحرب مع عدوها اللدود إسرائيل "أكثر تصميمًا... على حماية جميع مقدراتها، بما في ذلك وسائل دفاعها ضد العدوان والعداء الخارجي.