الأزهر للفتوى: استحضار ما يجدد الأحزان أمر شاق على النفس
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن إرهاق النفس بالتفكير فيما مضى، واستحضار ما يجدد الأحزان، أمر شاق على النفس، قد يبعد الإنسان عن هدفه، أو يدخله في حالة صراع مع نفسه، أو يبعده عن القيام بدوره؛ فعلينا أن نؤمل في المستقبل، ونتعلم من أخطاء الماضي دون أن نعيش فيه، ونبذل الأسباب، ونسلم الأمر لله تعالى.
واستشهد الأزهر للفتوى بما روي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»، [أخرجه مسلم].
الأزهر للفتوى: الدعاء هو العبادةقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الدعاء هو توجه العبد لله سبحانه على وجه الافتقار فيما أراد من صلاح دينه ودنياه، وهو عبادة من أجل القربات.
استشهد الأزهر للفتوى، بقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]، وقال سيدنا رسول الله ﷺ: «الدعاء هو العبادة»، ثم قرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]. [أخرجه الترمذي]
أضاف الأزهر للفتوى، أن على المسلم ألا يلجأ في دعائه ومناجاته إلا إلى الله تعالى؛ قال سيدنا النبي ﷺ: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» [أخرجه الترمذي]، وأن يجعل الدعاء سبيله إلى تحقيق ما رجاه مع الأخذ بالأسباب المشروعة؛ قال سيدنا رسول الله ﷺ: «لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه». [أخرجه ابن ماجه].
يستحب للمؤمن الإكثار من الدعاء:وتابع: يستحب للمؤمن الإكثار من الدعاء، والإلحاح في الطلب؛ فإن الله تعالى يحب أن يرى من عبده افتقارَه بين يديه، وصدق اللجوء إليه؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «كان النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا ، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا». [أخرجه مسلم].
أوضح مركز الفتوى، أنه لا يكف المسلم عن دعاء ربه، وسؤاله من فضله في جميع شئونه، ما صغر منها وما كبر، قال تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}. [النساء: 32]
وأكد أن دعاء المسلم لا يكون عند الشدائد والملمات فقط، وإنما يجتهد في دعاء ربه على كل حال؛ قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ». [أخرجه الترمذي]
وبين أن اللجوء إلى الله بالدعاء ليس مبررًا لترك العمل والتواكل، بل المؤمن الحق هو الذي يتعلق بالله ويدعوه ويرجوه ويأخذ بالأسباب الدنيوية المشروعة.
وأردف الأزهر للفتوى: يُحسن المسلم الظن بربه عند سؤاله، ويوقن أنه سبحانه مجيب دعائه، ومحقق رجائه، ولا يجعل دعاءه مجرد كلمات تجري على لسانه؛ يقول سيدنا رسول الله ﷺ: «الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ، وَبَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَاسْأَلُوهُ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ لِعَبْدٍ دَعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ غَافِلٍ». [أخرجه أحمد]
واختتم قائلًا: دعاء المؤمن لا يضيع أو يرد؛ فإما أن يرزق به الإجابة، وإما أن يكون ذخرًا لآخرته، وإما أن يدفع الله عنه به السوء والبلاء؛ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال سيدنا رسول الله ﷺ: «ما من مسلِمٍ يَدعو، ليسَ بإثمٍ ولا بِقطيعةِ رَحِمٍ إلَّا أَعطَاه إِحدَى ثلاثٍ: إمَّا أن يُعَجِّلَ لهُ دَعوَتَهُ، وإمَّا أن يَدَّخِرَها لهُ في الآخرةِ، وإمَّا أن يَدْفَعَ عنهُ من السُّوءِ مِثْلَها» قال: إذًا نُكثِرَ، قالَ: «اللهُ أَكثَرُ»، [أخرجه البخاري في الأدب المفرد].
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر الأزهر للفتوى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية تجديد الأحزان قال سیدنا رسول الله ﷺ الأزهر للفتوى
إقرأ أيضاً:
نائب رئيس جامعة الأزهر: الوعي المجتمعي له دوره الكبير في مواجهة الشائعات
قال الدكتور رمضان عبد الله الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري: إن الوعي المجتمعي له دوره الكبير في مواجهة العوائق والتحديات التي يمر بها الوطن، وأن هذا الوعي يشكل حائط صد لكثير من المشكلات التي يمكن أن تحدث، وأن شريعتنا الغراء علمتنا كيف نعالج المشكلات بوعينا.
وأكد أن الشائعات دائمًا ما تسري بين الناس كسريان النار في الهشيم، وخاصة في ظل هذا العالم المنفتح الذي يملك وسائل حديثة تنقل الأخبار في حينها، وأن كثيرًا من هذه الاخبار يحيطها التدليس باستخدام أدوات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي وغيرها من الوسائل التي يمكن أن تزيف الحقائق.
لذا حذرنا الله-سبحانه وتعالى- من الأنباء والأخبار الكاذبة، فقال في كتابه " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبا فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، موضحًا أن سبب نزول هذه الآية: أنه صلى الله عليه وسلم أرسل الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليجمع منهم الزكاة، فلم يذهب إليهم ورجع إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وقال: لقد منعوا الزكاة وأرادوا قتلي.
وهنا لو أخذ النبي- صلى الله عليه وسلم- كلامه مأخذ المسلمات لهلك هؤلاء القوم دون وجه حق ودون تبين، ولكن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أراد أن يعلم الأمة أن تتبين وأن تتحقق، فأرسل إليهم خالد بن الوليد، وقال: اذهب إليهم وصبحهم فان وجدت أذانا فاسألهم، فوجدهم يؤذنون ويصلون، فسألهم جاءكم رسول رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فلمَ منعتموه الزكاة وأردتم قتله؟ قالوا والله ما جاءنا من أحد. فنزلت هذه الآية.
وأضاف أن معالجة الأخطاء تحتاج إلى وعي وحكمة، وهذا ما تعلمناه من سنه النبي-صلى الله عليه وسلم- حين " جاء شاب وقال يا رسول الله ائذن لي في الزنا، قال فهمّ الناس ليقعوا به ولو فعلوا لعبث بأعراضهم أو قتلوه وكلاهما بعيد عن الوعي، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: دعوه، أترضاه لأمك، أترضاه لأختك، أترضاه لزوجتك، أترضاه لابنتك؟ فقال لا قال هكذا الناس لا يرضونه، فقام وما شيء أبغض إليه من الزنا ".
كما أن رجلًا أخطأ في صلاته فقال صلى الله عليه وسلم ارجع فصل فإنك لم تصل، ورده ثلاثا حتى قال: والله يا رسول الله ما علمت أكثر من هذا فعلمني، فعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم"
وأكد أن معالجة الخطأ بوعي هو أمر ضروري، فأبو الدرداء "وجد شابا اجتمع عليه الناس يضربونه فقال: ما فعل هذا؟ قالوا: لقد وقع في ذنب كبير، قال: أرأيتم ان وقع في بئر، أفلم تكونوا تستخرجونه! قالوا: ألا تبغضه؟ قال: إنما أبغض فعله فإذا تركه فهو أخي"
مبينًا أن مواجهة الفتن بالحجة والمنطق من أهم أدلة الوعي " فحين ذهب عبد الله بن العباس للخوارج، فقال لهم: ما تنقمون على علي أمير المؤمنين بن ابي طالب-رضي الله عنه- قالوا ثلاث: حكم الرجال في كتاب الله، وقاتل ولم يسب، ونفى عن نفسه لقب أمير المؤمنين، فقال: أرأيتم لو جئتكم من كتاب الله وسنة رسوله ما تنكرون أكنتم ترجعون معي، قالوا: نعم، فأتاهم، فرجعوا "
وقال : إن الوعي الرشيد والحكيم يساعد على حل كافة المشكلات "فعندما جاء متخاصمان إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كل بحجته، فقال: إنما أنا بشر وأنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض من حكمت له بما ليس حقه، فإنه قد اقتطع لنفسه قطعة من جهنم، مشددًا على أهمية الوعي عند مخاطبة العقول بالحجة والدليل والبرهان، وأن استخدام الحجة والدليل والبرهان الناصع دليل على الوعي، ومن أهم الوسائل لإقناع الآخرين بصحة الموقف وصدقه" فحينما قال نساء النبي-صلى الله عليه وسلم- أن نساء كسرى وقيصر يرفلون في النعم ونحن نعاني، فأنزل الله قوله تعالى "يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلًا".
ولفت أن حاجة الفرد دائما نابعة عن نظرة فردية، وهي بذاتها قاصرة عن النظرة في المصلحة العامة التي تخص الوطن وجموع المواطنين، والتي يقوم عليها أناس يعلون جانب المصلحة العامة على ما سواها، مبينًا أن ذلك هو همّ القيادة السياسية الآن متمثلة في فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته المصرية التي تقدم مصلحة الوطن والمواطن، ويقدرون تاريخ دولة سبقت حضارتها التاريخ وقدمت له الحضارة ليتعلم منها سائر الأمم.
وأشاد بمواقف القيادة السياسية وثوابتها التي لا محيد عنها؛ لأنها تعبر عن أمة علمت العالم كيف يكون بناء الدول الحديثة والحكومات المنظمة والجيوش المتقدمة، و أن الوعي المجتمعي يفرض علينا فرضًا أن نكون خلف قيادتنا الرشيدة فيما تراه من أمور صالحة للوطن والمواطنين.
جاء ذلك خلال الندوة التوعوية التي نظمتها كلية الشريعة والقانون بطنطا، بالتعاون مع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف، تحت عنوان:«الوعي المجتمعي ودوره في مواجهة التحديات المعاصرة» بحضور فضيلة الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، وفضيلة الدكتور عباس شومان، رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر وأمين هيئة كبار العلماء، وفضيلة الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وسعادة الدكتور محمد فكري خضر ، نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع البنات، وفضيلة الدكتور حمدي سعد، عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، وفضيلة الدكتور سيف قزامل، العميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بطنطا، وكوكبة من علماء الأزهر الشريف جامعًا وجامعةً، وعدد من القيادات السياسية والتنفيذية والإعلام بمحافظة الغربية.