الجزيرة:
2025-07-31@10:27:04 GMT

أولويات تخصيص الإنفاق في مصر ومشكلة عجز الطاقة

تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT

أولويات تخصيص الإنفاق في مصر ومشكلة عجز الطاقة

وضعت وزارة البترول المصرية ضمن رؤيتها العامة تحويل مصر لمركز إقليمي لتجارة وتداول البترول والغاز، كما أن الخطة العامة للدولة متوسطة المدى أشارت إلى أن أحد أهم مستهدفاتها في قطاع البترول والغاز "تأمين احتياجات البلاد من المواد البترولية، لمواكبة متطلبات التنمية المستدامة، وتعظيم مساهمة قطاع البترول في الدخل القومي، وتحويل مصر إلى مركز إستراتيجي لتداول الطاقة".

وقد اتخذ منتدى غاز شرق المتوسط من القاهرة مقرا له في عام 2018، وتعد مصر من الدول المؤسسة للمنتدى، الذي يضم في عضويته 6 دول أخرى (مصر، وقبرص، واليونان، وإيطاليا، والأردن، والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل)، ويعد عام 2018 بالنسبة لمصر مرحلة جديدة في شأن الغاز الطبيعي، حيث دخل حقل ظهر مرحلة الإنتاج، واتجهت مصر لتصدير الغاز الطبيعي مرة أخرى.

وكانت مصر قد عقدت اتفاقا مع إسرائيل لاستيراد الغاز الطبيعي لمدة 10 سنوات، بقيمة إجمالية 15 مليار دولار، وفي يناير/كانون الثاني الماضي زادت كميات الغاز التي تستوردها مصر من إسرائيل بموجب هذا الاتفاق إلى 1.15 مليار قدم مكعب يوميا، وهو المعدل الذي يفوق ما كانت عليه الأوضاع قبل حرب إسرائيل على قطاع غزة.

منتدى غاز شرق المتوسط يتخذ من القاهرة مقرا له ويضم في عضويته 6 دول أخرى (التواصل الاجتماعي) الميزان التجاري البترولي

بيانات ميزان المدفوعات، الصادرة عن البنك المركزي المصري، تظهر أن عام 2022/2021 شهد وجود فائض في الميزان البترولي للبلاد، حيث بلغت الصادرات البترولية 17.9 مليار دولار، بينما الواردات البترولية كانت في حدود 13.5 مليار دولار، وهو ما يعني وجود فائض بنحو 4.4 مليارات دولار.

ولكن هذا الرقم يثير التساؤل حول مدى استفادة مصر من قيمة صادراتها النفطية، حيث يشير التقرير المالي الشهري لوزارة المالية بشكل دائم إلى أن الصادرات النفطية تتضمن حصة الشريك الأجنبي، وهو ما يعني أن الأرقام الخاصة بالصادرات النفطية ليست إيرادات صافية لصالح الخزانة العامة للدولة.

وفي العام المالي 2023/2022 يوضح ميزان المدفوعات أن الصادرات البترولية بلغت 13.81 مليار دولار، بينما الواردات البترولية بلغت 13.40 مليار دولار، وهو ما يعني تقلص الفائض النفطي بشكل كبير، ليصل إلى حدود 410 ملايين دولار.

وفي أحدث بيانات للبنك المركزي عن النصف الأول من عام 2024/2023، يتضح أن الصادرات النفطية بلغت 3.21 مليارات دولار، بينما الواردات البترولية بلغت 6.30 مليارات دولار، وبذلك تحول الفائض إلى عجز، حيث عانى الميزان البترولي من عجز بقيمة 3.08 مليارات دولار خلال نصف عام فقط.

أزمة الطاقة مستمرة بمصر منذ 2011 (أسوشيتد برس) عودة أزمة الطاقة بمصر

مع مطلع الألفية الثالثة، كانت توصيات خبراء الطاقة أن يتوقف تصدير البترول والغاز المصري، لمحدودية موارد مصر منهما، ومن ناحية أخرى لحتمية التزامات مصر واحتياجاتها من الطاقة لتحقيق معدلات نمو اقتصادي لا تقل عن 5%.

إلا أنه في عهد الرئيس حسني مبارك تم الاستمرار في تصدير النفط والغاز، وكان عقد تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل محل اعتراضات كثيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

وظهرت أزمة الطاقة بمصر بشكل كبير عام 2011، بسبب تخلي بعض الدول الخليجية عن إمداداتها النفطية لمصر، وفق تسهيلات ائتمانية معينة.

وفي 2013 عادت الدول الخليجية، خاصة السعودية، بمد مصر مرة أخرى بجزء كبير من احتياجاتها من النفط، لمدة 5 سنوات، وبما يزيد عن 20 مليار دولار، وواكب ذلك توسّع مصر في إنشاء محطات توليد الكهرباء بنحو 10 محطات جديدة، مع صيانة ما هو قائم منها.

إلا أن عام 2018 مثّل نقلة جديدة في مجال الطاقة بمصر، بعد دخول حقل ظهر مرحلة الإنتاج، وتغيرت وجهة مصر إلى دولة مصدرة للغاز، وفي عام 2022 صدّرت مصر كميات كبيرة من الغاز الطبيعي لأوروبا، لتكون هي أهم الوجهات التي خففت من حدة الضغوط التي مارستها روسيا بمنع تصدير الغاز لأوروبا بعد حربها على أوكرانيا في نهاية فبراير/شباط 2022.

تطور الأزمة

بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تبيّن أن ثمة أزمة في تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي، خاصة في مايو/أيار 2023، حيث كانت معدلات الإنتاج من البترول والغاز في الشهر نفسه 6.3 ملايين طن، بينما الاستهلاك بلغ 6.7 ملايين طن.

وزادت حدة الأزمة في أغسطس/آب 2023، حيث بلغ الإنتاج المصري من البترول والغاز 6.2 ملايين طن، بينما الاستهلاك وصل ذروته إلى 7.5 ملايين طن، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023 استمرت الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك من البترول والغاز، وإن كانت أقل حدة مما كانت عليه الأوضاع في أغسطس/آب السابق عليه، ففي نوفمبر بلغ الإنتاج 5.9 ملايين طن، بينما الاستهلاك وصل إلى 6.4 ملايين طن.

وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي، تشير أرقام الجهاز المركزي للإحصاء إلى تراجع الإنتاج في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى 3.4 ملايين طن، بينما الاستهلاك وصل إلى 3.6 ملايين طن.

انعكاسات الأزمة

بعد أن كان حديث الساسة وكبار المسؤولين في مصر قبل 2022 عن تصدير الكهرباء، ووجود فائض إنتاجي منها، أصبح المواطن المصري يعاني منذ أكثر من عام من انقطاع مستمر في خدمات الكهرباء، بحد أدني ساعتين في اليوم.

واتجهت الحكومة مؤخرا بعد إجراءات 6 مارس/آذار الماضي، وتوقيع اتفاق قرض جديد مع صندوق النقد الدولي، إلى زيادة أسعار الوقود للمستهلكين، وهو ما أدى إلى موجة تضخمية جديدة، تضاف إلى الموجة السابقة لها، والناتجة عن تخفيض قيمة العملة، وأزمة النقد الأجنبي.

ولكن على ما يبدو أن أزمة الطاقة في مصر في طريقها إلى مزيد من التفاقم، عما عاشته البلاد في 2023، حيث أشارت وكالة بلومبيرغ إلى عزم مصر استئجار سفينة لتغويز (معالجة) الغاز المسال، الذي سيتم استيراده من الخارج، وأن العقد مع هذه السفينة سيستمر لـ5 سنوات، قابلة للتمديد.

ثمة مخاوف أن تضغط أزمة الطاقة خلال الفترة المقبلة على موارد مصر المحدودة من النقد الأجنبي (رويترز) غياب التخطيط

تظهر أزمة الطاقة غياب التخطيط، وكذلك غياب ترتيب الأولويات في إقامة مشروعات البنية الأساسية، فقد تم التوسع في مشروعات الإسكان، وغيرها من المشروعات، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والدخول في عقود تصدير للغاز الطبيعي المنتج من الحقول الجديدة، دون النظر لاحتياجات مصر من الطاقة خلال السنوات المقبلة.

ومن المسائل المهمة في مجال الطاقة، التي ترتبط بقضية التخطيط، التساؤل حول استمرار مصر كل هذه العقود في تصدير البترول الخام، واستيراد المشتقات البترولية، لماذا لم يتم استهداف تكرير كامل إنتاج مصر من البترول؟ سواء كانت تستخدمه محليا أو تقوم بتصدير جزء منه؟ لماذا يغيب التفكير في خلق قيمة مضافة لموارد مصر المحدودة من البترول؟

الأمر الآخر، لِمَ لم يتم التوجه لبناء محطات لتغويز الغاز المسال، بدلا من اللجوء للإيجار، والدخول في دوامة تدبير النقد الأجنبي؟

إن أمر رؤية مصر لتكون مركزا إقليميا لتجارة وتداول الطاقة يستلزم ترتيبات أخرى، تتعلق بالبنية الأساسية، وكذلك بتوفير البترول والغاز لدى مصر، ولكن كونها تعاني من عجز، وتعتمد على الاستيراد، فسيحول ذلك دون تحقيق حلم مصر لتكون مركزا إستراتيجيا لتجارة وتداول الطاقة، خاصة أنها لا تزال تعاني من أزمة تمويلية، لا يتضح منها أنها ستزول في الأجلين القصير والمتوسط.

ثمة مخاوف أن تضغط أزمة الطاقة خلال الفترة المقبلة على موارد مصر المحدودة من النقد الأجنبي، مما يجعلها في دوامة أزمة اقتصادية مستمر لفترة طويلة، وتذهب بنتائج التدفق النقدي الخارجي من النقد الأجنبي الذي وفرته صفقة "رأس الحكمة" وقرض صندوق النقد الدولي.

ولكن الأهم، في ظل تراجع معدلات الإنتاج وزيادة معدلات الاستهلاك من الطاقة، على ما يبدو إن كان ثمة دور لمصر في سوق الطاقة، خاصة على الصعيد الإقليمي، فسيكون من كونها ترانزيت لصادرات دول أخرى من الغاز الطبيعي.

ويُخشى أن تؤثر أزمة الطاقة في مصر خلال الفترة المقبلة على مستقبل الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذلك استمرار حالة الركود لدى القطاع الخاص غير البترولي، فمصر ستكون أمام أمرين أحلاهما مر، الأول توفير الطاقة من خلال الاستيراد من الخارج، على حساب احتياطيات النقد الأجنبي التي شهدت تحسنا نهاية الشهر الماضي، لتصل إلى ما يزيد قليلا عن 40 مليار دولار، بعد أن عانت من التراجع على مدار العامين الماضيين.

أو تقبل تسيير أمور أوضاعها الاقتصادية في ضوء المتاح من الطاقة المحلية، ليتقلص النشاط الاقتصادي، وتتراجع معدلات النمو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات البترول والغاز الغاز الطبیعی ملیارات دولار النقد الأجنبی ملیار دولار أزمة الطاقة من البترول من الطاقة ملایین طن مصر من فی مصر وهو ما

إقرأ أيضاً:

مدبولي يؤكد تطلع الحكومة لزيادة استثمارات «شل العالمية» في مجال استكشافات الغاز

أعرب رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، عن تطلعه لزيادة استثمارات شركة شل العالمية لأنشطة الغاز المتكاملة في مصر، خاصة في ظل الفرص والنتائج الواعدة في مجال الاستكشافات، أخذا في الاعتبار التزام الحكومة المصرية بدعم استثمارات الشركة ودفع مستحقات الشركاء الأجانب بقطاع البترول.

جاء ذلك خلال لقاء الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم بمقر الحكومة بمدينة العلمين الجديدة، مع سيدريك كريمرز رئيس شركة شل العالمية لأنشطة الغاز المتكاملة لاستعراض عددٍ من أنشطة الشركة في السوق المصرية، بحضور المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، وداليا الجابري رئيس مجلس إدارة شركة شل مصر.

وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أنه يتابع بشكل دوري مع وزير البترول موقف استثمارات شركة شل في السوق المصرية، مُنوهًا إلى أهمية وجود استثمارات الشركة في مصر والتي يستفيد منها قطاع الطاقة بصورة كبيرة.

وأكد اهتمام الحكومة المصرية بمتابعة سداد مستحقات الشركاء الأجانب في إطار استراتيجيتها لزيادة معدلات الإنتاج والاستكشاف بمختلف مناطق الامتياز الخاصة بالشركات الأجنبية العاملة في قطاع البترول والغاز الطبيعي.

من جانبه أعرب رئيس شركة شل العالمية لأنشطة الغاز المتكاملة عن تطلعه لاستمرار التعاون مع الحكومة المصرية ومتابعة تنفيذ استثمارات الشركة في السوق المصرية، موضحا أن السوق المصرية تحتل المرتبة الخامسة في مجال الاستكشاف بالنسبة لشركة شل العالمية وهو ما يعكس أهمية نشاط الشركة في مصر.

وشرح كريمرز الجهود المبذولة من قِبل الشركة بالتعاون مع الحكومة المصرية في مجال الغاز الطبيعي على المستوى الإقليمي، بجانب التنسيق الحالي مع مصر في مجال الاستكشافات، وكذلك توفير احتياجات الدولة المصرية من الغاز الطبيعي، مؤكدا أهمية الاستثمارات الخاصة بالشركة في مصر، وتطلعه للتعاون مع بعض الدول الخليجية للاستثمار في مصر، وكذا دعم خطط الحكومة المصرية لتوفير الغاز الطبيعي.

وخلال اللقاء، أشار وزير البترول إلى الدعم الذي حصلت عليه وزارة البترول والثروة المعدنية من شركة شل، لتوفير الغاز الطبيعي عبر زيادة الإنتاج، وهو ما تُقدره الوزارة، معربا عن تقديره للتعاون القائم مع الشركة في مجال توفير شحنات الغاز الطبيعي، بجانب تطلعه لزيادة استثمارات الشركة في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون الجديد في مجال تطبيق تقنيات حديثة تراعي معايير البيئة والحماية المدنية في مجال العمل.

وفي غضون ذلك، لفتت داليا الجابري إلى جهود التعاون والبرامج المطبقة من قبل الشركة في مصر لدعم المجتمع المحلي، وكذلك تطبيق إجراءات وتقنيات حديثة تُراعي معايير البيئة والحماية المدنية.

اقرأ أيضاًمدبولي يتفقد محطة التجارب البحثية لتحلية مياه البحر بالعلمين الجديدة

«مدبولي» يتفقد المشروعات التنموية والخدمية بـ العلمين الجديدة ورأس الحكمة والضبعة

مدبولي: متابعة دورية من الرئيس السيسي لمشروعات تنمية الساحل الشمالي الغربي

مقالات مشابهة

  • تركيا تبدأ تزويد سوريا بالغاز الطبيعي في 2 أغسطس
  • عقود الغاز الطبيعي الأمريكي ترتفع بسبب الحرارة
  • فايننشال تايمز: تعهدات أوروبا باستيراد النفط والغاز الأميركي مستحيلة
  • بلومبرج: 20 مليار دولار تكلفة واردات مصر من المنتجات البترولية والغاز الطبيعي خلال 2025
  • ارتفاع واردات تركيا من الغاز الطبيعي بنسبة 22.8%
  • مصر تستهدف 5 مليارات دولار صادرات سنوية من البترول والغاز بحلول 2030.. خطة طموحة لتعزيز الاقتصاد وجذب الاستثمارات
  • مصر تستهدف 5 مليارات دولار صادرات من البترول والغاز بحلول 2030.. خبير يوضح فرص النجاح
  • شل العالمية تبحث مع وزارة البترول التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي بمصر
  • وزير البترول ورئيس «إنرجين» يبحثان تعزيز التعاون بمجالات الغاز والتقاط الكربون
  • مدبولي يؤكد تطلع الحكومة لزيادة استثمارات «شل العالمية» في مجال استكشافات الغاز