عربي21:
2025-06-04@18:01:47 GMT

حروب المستقبل هي خطاب الرؤوس النووية

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

مع اقتراب العالم من حافة الصراع الكارثي، تلقي ظلال الحرب النووية بظلالها الطويلة والمشؤومة على الأمن العالمي. ومع تصاعد التوترات عبر العديد من النقاط الجيوسياسية الساخنة، اشتد الخطاب المحيط بالتسلح النووي واستخدامه المحتمل بشكل مثير للقلق، ويزداد هذا القلق إذا ما علمنا بأن بعض اللاعبين النوويين المتهورين مثل إسرائيل هددوا باستخدامه ضد شعب غزة المحاصر في أكثر من مناسبة.



يرسم الباحث الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي، وسط هذه الخلفية المضطربة، صورة كئيبة لمستقبل البشرية، حيث تتشابك الآفاق القاتمة لأزمات المناخ مع التهديد الذي يلوح في الأفق المتمثل في الانتشار النووي. وتأتي أفكار تشومسكي في وقت يشهد فيه المجتمع العالمي تآكلا لعقيدة منع الانتشار النووي، وهو التآكل الذي تفاقم بفعل التوترات الجيوسياسية وانتشار القدرات النووية ودعم الولايات المتحدة للتسلح النووي لقوى مستبدة ومحتلة ومتهورة مثل إسرائيل.

ويعتبر الصراع الدائر بين أوكرانيا وروسيا، والذي دخل الآن عامه الثالث، سببا في تفاقم المخاوف الحقيقية من التصعيد النووي، بحسب تشومسكي نفسه، حيث تطور الخطاب حول تفعيل خيار السلاح النووي التكتيكي بشكل كبير. وبينما يشير تشومسكي إلى الصراع الدائر بين أوكرانيا وروسيا بوصفه أرضية محتملة لاستخدام السلاح النووي إلا أنه يسلط الضوء كذلك على مضامين أوسع نطاقا، مشيرا إلى أن القضية ليست إقليمية فحسب، بل هي تحذير رهيب من كارثة عالمية محتملة.

ولا تنتهي القصة هنا؛ بل تزداد الأمور تعقيدا بسبب المناورات الاستراتيجية للقوى العظمى العالمية. وتُعتبر الولايات المتحدة وروسيا والصين الجهات الفاعلة الرئيسية في هذه الدراما عالية المخاطر، حيث يفكر كل منها في استخدام الرؤوس الحربية النووية كخيار تكتيكي في المواجهات المستقبلية. ويشير الخطاب إلى أن هذه الدول تنظر إلى القدرة النووية ليس فقط باعتبارها وسيلة ردع، بل باعتبارها استراتيجية قابلة للتطبيق للإكراه والهجوم والدفاع.

بعد أن كرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر من مرة رغبته بارسال قوات عسكرية إلى الأراضي الأوكرانية للدفاع عن أوكرانيا في مواجهة روسيا ومحاولاته إقناع باقي الدول الأوربية بالانخراط بشكل أكثر فاعلية في هذا الصراع، تتزايد التكهنات والتوقعات حول مدى استعداد روسيا للتصعيد وتحويل التهديدات النووية إلى واقع ضد حلف شمال الأطلسي.

وأما بالانتقال إلى بحر الصين الجنوبي ومنطقة الصراع مع التنين الصيني الآسيوي، فيجب القول إن المشهد الاستراتيجي تغير بسرعة بسبب التوسع السريع وتنويع القوات النووية الصينية، والذي يتضمن تركيزا كبيرا على الدفاع الصاروخي والقدرات التي قد تغير ميزان القوى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وبناء على هذه التطورات بدأت تلوح في الأفق مخاوف بشأن صراع محتمل بين أمريكا والصين حول تايوان بحلول عام 2025.

وبناء على الإدارك العميق بخطورة توسع الصراع النووي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى نزع السلاح النووي بشكل عاجل وإجراء حوار بين الدول المسلحة نوويا لمنع وقوع حادث كارثي، مشددا على أن خطر النشر النووي العرضي مرتفع بشكل ينذر بالسوء. يتردد صدى هذه الدعوة إلى العمل في الوقت الذي تقترب فيه ساعة يوم القيامة من منتصف الليل، مما يرمز إلى اقتراب البشرية من التدمير الذاتي بسبب المخاطر النووية وغيرها من التهديدات الوجودية.

علاوة على ذلك، فإن تعقيد المشهد النووي واضح في الأدوار المتطورة للدول الأخرى المسلحة نوويا، مثل فرنسا والمملكة المتحدة، والقوى الناشئة في آسيا، حيث تتصارع كل منها مع الآثار الاستراتيجية للردع النووي وحقائق الحرب الحديثة. وتؤكد هذه الديناميكيات على وجود نظام نووي متعدد الأقطاب، حيث تعمل التوترات الإقليمية في أماكن مثل شبه الجزيرة الكورية، والخليج، وحول مضيق تايوان، على زيادة تعقيد الاستقرار العالمي.

وعلى الرغم من أن الحديث اقتصر في البداية على القوى النووية التقليدية والكلاسيكية، فإن تداعيات الحرب النووية من الممكن أن تتوسع وتمتد إلى ما هو أبعد من هذه الدول. هناك قلق متزايد من أن الدول الأخرى المتوزعة على خارطة جغرافية واسعة النطاق قد تنظر أيضا إلى الأسلحة النووية كوسيلة للاستفادة من القوة، إما دفاعيا أو كإجراء مضاد. وهذا يرسم صورة مروعة لمستقبل يمكن أن تصبح فيه الرؤوس الحربية النووية أدوات في أيدي الكثيرين، وليس فقط القوى العظمى.

إقليميا، وفي ظل صراعها مع إسرائيل التي تعتبر صاحبة الترسانة النووية الوحيدة والأكبر في منطقة الشرق الأوسط، تعرب إيران باستمرار عن موقف مبدئي ومحسوب استراتيجيا تحت إشراف آية الله علي خامنئي. وتكرر إيران بأن برنامجها النووي مخصص بالكامل للأغراض السلمية، ويتوافق مع الأطر الأخلاقية والدينية التي تمليها الشريعة الإسلامية. وقد أكد خامنئي مرارا وتكرارا على أن إنتاج الأسلحة النووية ليس محظورا وفقا للمبادئ الإسلامية الشيعية فحسب، بل إنه يتعارض أيضا مع المصالح الاستراتيجية لإيران.

تصريحات خامنئي تشير إلى استراتيجية مركبة للدفاع عن النفس، مما يشير إلى أن إيران، رغم أنها لا تسعى إلى الحصول على أسلحة نووية، مستعدة للرد بقوة مماثلة إذا واجهت عدوانا نوويا من قوى إقليمية مثل إسرائيل أو قوى عالمية مثل الولايات المتحدة، خصوصا بأنه علينا التذكير بأن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي وكان ذلك ضد اليابان، كما أن إسرائيل طفل أمريكا المدلل هددت وخططت لاستخدام السلاح النووي خلال حرب تشرين 1973 ضد سوريا ومصر، ومن ثم هدد مسؤولوها برمي قنابل نووية على روؤس الناس العزل في غزة. ويقدم هذا الموقف طبقة معقدة للفهم العالمي للردع، حيث تضع إيران نفسها كدولة مستعدة لاتخاذ إجراءات حاسمة لحماية نفسها من التهديدات النووية، على الرغم من امتناعها عن التسلح النووي.

إن الآثار المترتبة على هذه السياسة بعيدة المدى، وفي عالم حيث غالبا ما يُنظر إلى القدرات النووية من خلال عدسة ديناميكيات القوة، فإن النهج الذي تتبناه إيران يتحدى النماذج التقليدية للردع النووي، وهو يفترض سيناريو حيث يمكن إعادة تعريف قواعد الاشتباك حسب الضرورة والانتقام بدلا من التسلح الوقائي. إذا ضربت القوى العالمية بقواعد اللعبة عرض الحائط، فإن دولا مثل إيران وغيرها من القوى في العالم سوف تضع خياراتها الخاصة على الطاولة وتشكل النظام العالمي الجديد بأشكال مختلفة. إن النقطة الخطيرة في التاريخ بالنسبة للقوى الشمولية هي ذلك اليوم، ولن يقتصر الرد المضاد على استخدام قوة الحلفاء، بل سيتم تنفيذ الخيارات الأخرى بسرعة مذهلة، والحقيقة التي أصبحت واضحة للجميع هي أن حرب المستقبل هي خطاب القوة ولغتها هي لغة الرؤوس النووية.

وبينما يتأرجح المشهد العالمي على حافة التصعيد النووي، ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتحول شبح الصراع النووي إلى تهديد جدي ومحتمل، يتعين على العالم أن يعيد ضبط نهجه في التعامل مع التسلح النووي بشكل عاجل. إن دعوة الأمم المتحدة إلى نزع السلاح الفوري تؤكد ضرورة وضع استراتيجيات واقعية وقابلة للتنفيذ تعالج انتشار الأسلحة النووية واحتمال استخدامها. ولا يستلزم هذا إجراء مفاوضات دبلوماسية فحسب، بل يستلزم أيضا وضع إطار قوي للتنفيذ وقادر على التكيف مع الديناميكيات السريعة التغير في السياسة الدولية هذه الإجراءات التي تطبق بشكل متساو على جميع القوى النووية، بما فيها تلك التي لا تعترف بشيء يسمى الأمن والسلم العالميين مثل إسرائيل والولايات المتحدة. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه روسيا الأسلحة إيران إيران امريكا روسيا أسلحة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة السلاح النووی مثل إسرائیل

إقرأ أيضاً:

يلقي أول خطاب أممي لرئيس سوري منذ ستة عقود.. زيارة تاريخية مرتقبة للشرع إلى الولايات المتحدة

البلاد – دمشق
أفادت مصادر إعلامية مطلعة، أن الرئيس السوري أحمد الشرع يعتزم القيام بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة في شهر سبتمبر المقبل، في خطوة تاريخية من المتوقع أن تمثل تحولًا نوعيًا في العلاقات السورية الأميركية، وتعيد دمشق إلى الواجهة السياسية الدولية بعد عقود من العزلة.
ووفقًا للمصادر -نقلًا عن قناة “سوريا تي في”- فإن الشرع سيلقي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال زيارته، ليكون بذلك أول رئيس سوري يخاطب الهيئة الأممية منذ ستين عامًا، في مؤشر على عودة تدريجية لسوريا إلى المسرح الدبلوماسي الدولي بعد سنوات من العقوبات والعزلة السياسية.
وتأتي هذه الزيارة المرتقبة بعد أسابيع من اللقاء الذي جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بنظيره الأمريكي دونالد ترمب في العاصمة السعودية الرياض، في 14 مايو الماضي. ووصِف اللقاء، الذي يعد الأول من نوعه بين زعيمي البلدين منذ ربع قرن، بأنه مقدمة لتفاهمات أوسع قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
وخلال الاجتماع، أعلن ترمب أن الولايات المتحدة ستبدأ رفع العقوبات التي فرضتها على دمشق منذ عقود، إبان حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، واستمرّت خلال عهد ابنه بشار الأسد.
وبعد اللقاء، اتخذت الإدارة الأمريكية سلسلة من الإجراءات اللافتة، كان أبرزها إصدار وزارة الخزانة الأمريكية ترخيصًا عامًا يسمح بتنفيذ معاملات اقتصادية كانت محظورة سابقًا مع كيانات سورية. وشملت قائمة المؤسسات التي رُفعت عنها العقوبات كلاً من شركة “الطيران السورية”، وشركة النفط “سيترول”، والمصرف المركزي السوري، وعددًا من شركات النفط والغاز وهيئات اقتصادية أخرى.
وفي السياق ذاته، وقّع وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، وثيقةً رسمية تعلّق العقوبات المفروضة على سوريا لمدة 180 يومًا، بهدف “تهيئة الأجواء لاستعادة الاستقرار وإعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي والدولي”.
من جانبه، أكد الرئيس أحمد الشرع في تصريحات سابقة أن “سوريا ستبقى دائمًا منفتحة على أشقائها العرب”، مشددًا على أهمية الانفتاح السياسي والاقتصادي في المرحلة المقبلة. وتُفهم هذه التصريحات في سياق تحركات دمشق لإعادة ترميم علاقاتها العربية والدولية، بعد أن بدأت بعض العواصم الخليجية والعربية بإعادة فتح سفاراتها في دمشق خلال العامين الماضيين.
ويرى مراقبون أن خطاب الشرع في الأمم المتحدة، إذا تم بالفعل، سيشكل علامة فارقة في السياسة السورية، ويعزز من موقع الرئيس الجديد كواجهة لإعادة سوريا إلى النظام الدولي، وسط تحديات إقليمية ودولية متشابكة. كما قد يمهّد الطريق أمام تسويات سياسية واقتصادية أوسع تشمل إعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، وإعادة دمج سوريا في مؤسسات العمل العربي المشترك.

مقالات مشابهة

  • الوزير خطاب: وجدنا في أرشيف الأمن السياسي ملايين التقارير المرفوعة التي تسبب بأذى المواطنين واليوم أخضعنا الأجهزة الأمنية لوزارة الداخلية وستكون أبوابها مفتوحة للشكاوى
  • الوزير خطاب: تنظيم داعش من أخطر التحديات التي نواجهها اليوم واستطعنا إحباط عدة عمليات له
  • تلغراف: داخل وكالة المساعدات التي تزرع الخوف والفوضى في غزة
  • يلقي أول خطاب أممي لرئيس سوري منذ ستة عقود.. زيارة تاريخية مرتقبة للشرع إلى الولايات المتحدة
  • الرئيس الإيراني: لن نتخلى عن حقوقنا النووية وسنقوض جميع مؤامرات الأعداء
  • خبير استراتيجي: مصر تواجه حروب الجيلين الرابع والخامس
  • الأمم المتحدة: كارثة إنسانية وشيكة في شرق تشاد مع تزايد أعداد اللاجئين السودانيين
  • كارنيغي: ما الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها من الصراع في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • الشرع يزور واشنطن في سبتمبر ويلقي خطابًا أمام الأمم المتحدة
  • بريطانيا تعلن استثمار 15 مليار جنيه إسترليني في إنتاج الرؤوس النووية