نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفي تشارلز بلو، أشار فيه إلى عودة شبح الحركة المناهضة للحرب الأمريكية على فيتنام، في إشارة إلى الحراك الطلابي المناصرة لغزة في العديد من الجامعات بالولايات المتحدة، وفي مقدمتها جامعة كولومبيا.

وقال الكاتب في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن المتظاهرين والمناهضين لحرب فيتنام اشتبكوا مع الشرطة عام 1968 خلال انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو – حيث وصفت لجنة فيدرالية دو الشرطة الوحشي في المواجهة لاحقا بأنه "أعمال شغب بوليسية" – واختطفت تلك الأحداث الأضواء عن المؤتمر.



وأضاف أن هؤلاء المتظاهرون الشباب بلغوا سن الرشد وهم يشهدون احتجاجات مستمرة وفعالة خلال حركة الحقوق المدنية والحداد الوطني بعد اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي، والسيناتور روبرت كينيدي، والقس الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور، الذي كان قد أعلن قبل عام معارضته للحرب، قائلا إنه على الرغم من أنه لا يحاول "جعل فيتنام الشمالية أو جبهة التحرير الوطني نموذجا للفضيلة"، إلا أنه أراد التأكيد على اعتقاده "بأن أمريكا لن تستثمر أبدا الأموال اللازمة أو طاقات إعادة تأهيل فقرائها طالما استمرت مغامرات مثل فيتنام في جذب الرجال والمهارات والمال، مثل أنبوب شفط شيطاني مدمر". وقال إنه "مضطر إلى رؤية الحرب كعدو للفقراء ومهاجمتها على هذا الأساس".

وأشار إلى أن ذلك الجيل كان مستعدا للاحتجاج، مع اقتناع أخلاقي كأساس لغضبه بشأن حرب فيتنام ــ الحرب التلفزيونية الأولى، الحرب التي تمكن الأميركيون من رؤية أهوال الحرب، في الوقت الحقيقي تقريبا ــ والتجنيد الذي شهد نحو مليوني أمريكي تم تجنيدهم خلال تلك الحقبة. بدأت الحركة ضدها في الغالب في حرم الجامعات ونمت.


وبطبيعة الحال، تنتهي الفصول الدراسية ويعود الطلاب إلى منازلهم لفصل الصيف. لكن معارضتهم للحرب لم تنته مع انتهاء العام الدراسي. في الأشهر التي سبقت انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي عام 1968، في آب/ أغسطس، خطط المنظمون لاحتجاج كبير، كان من المقرر تنظيمه بغض النظر عما إذا كان قد تمت الموافقة عليه أم لا، وهو ما اجتذب الطلاب من جميع أنحاء البلاد. قبل المؤتمر، قال ريني ديفيس، أحد المنظمين، لصحيفة "نيويورك تايمز" إن "رفض التصريح لن يمنع عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يأتون إلى شيكاغو من التعبير عن قناعاتهم بشأن هذه القضايا"، حسب المقال.
كل هذا يتكرر مرة أخرى.

ولفت المقال إلى أن الشباب، على وجه الخصوص، يتابعون الحرب بين إسرائيل وحماس على وسائل التواصل الاجتماعي، ويشعر الكثيرون بالرعب مما يرونه. لقد نشأوا أيضا مع الحركات الاحتجاجية - احتلوا وول ستريت، وحياة السود مهمة، وحملة باركلاند بولاية فلوريدا، وحملة السيطرة على الأسلحة الطلابية - كخلفية لحياتهم. دعا أكثر من 1000 قس أسود الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة. ونحن نشهد انتشار الاحتجاجات المناهضة للحرب عبر حرم الجامعات.
وكما حدث في عام 1968، سينتهي الفصل الدراسي قريبا وسيغادر هؤلاء الطلاب للصيف، ما يتيح المزيد من الوقت والطاقة لتركيز جهودهم على المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو في آب/ أغسطس، وفقا للكاتب.

وذكر الكاتب أن الجماعات المناهضة للحرب تخطط بالفعل لتنظيم احتجاجات كبيرة في المؤتمر. وقال حاتم أبودية، من شبكة الجالية الفلسطينية الأمريكية، لصحيفة "شيكاغو تريبيون" مؤخرا: "سننظم مسيرة بتصاريح أو بدونها. المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي هذا هو الأهم منذ عام 1968، أيضا في شيكاغو، عندما نظم المعارضون لحرب فيتنام وحركة تحرير السود مظاهرات حاشدة تم قمعها بعنف".

ويمكنك أن ترى دعما كبيرا لقضيتهم. على الرغم من أن استطلاع هارفارد للشباب في ربيع عام 2024 وجد أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 29 عاما يميلون إلى تصنيف معظم القضايا الرئيسية الأخرى، بما في ذلك التضخم والهجرة، باعتبارها أكثر أهمية من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أن الاستطلاع وجد أن "الشباب الأميركيين يدعمون وقف دائم لإطلاق النار في غزة بفارق خمسة إلى واحد".

وبحسب استطلاع للرأي أجرته جامعة كوينيبياك، الأربعاء، فإن 53% من الديمقراطيين يعارضون إرسال المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل لدعم جهودها في الحرب مع حماس.


ولفت الكاتب إلى أن هناك شعورا في حملة بايدن بأنها يمكنها ببساطة انتظار أن يتعب المتظاهرين، وأن المشاعر ستتلاشى في النهاية وأن الناخبين الديمقراطيين سوف يصطفون عندما نقترب من يوم الانتخابات ويصبح الاختيار بين بايدن ودونالد ترامب أكثر وضوحا.

وهذه مقامرة متهورة، وفقا للكاتب الذي أشار إلى أن المتظاهرين والعديد من الناخبين الأمريكيين يشعرون بالاستياء من شيء أكثر من مجرد مسألة عادية تتعلق بالسياسة الخارجية. ويعتقد كثيرون أنهم يشهدون إبادة جماعية بمساعدة وتحريض من رئيس أميركي دعموه. إنهم يشعرون بأنهم متورطون شخصيا في صراع يستمر فيه عدد القتلى في الارتفاع، دون نهاية في الأفق. وهذه مسألة أخلاقية بالنسبة لهم، ولن يتغير موقفهم بسهولة.

وشدد على أنه ليس من السهل أن لا ترى جثة طفل ميت بين ذراعي أمه. ليس من السهل عدم رؤية الجياع وهم يتدافعون للاحتماء عندما يتعرضون لإطلاق النار. ليس من السهل إزالة الحطام بعد تعرض قافلة من شاحنات المساعدات الغذائية لإطلاق النار ومقتل العديد من عمال الإغاثة. لقد شاهد الناس كل هذه الأشياء على أجهزة التلفاز والهواتف الخاصة بهم.

ولفت في ختام مقاله إلى أن أرقام الضحايا مذهلة، ومستوى المعاناة غير مقبول، وسوف يوضح الشباب هذه النقطة هذا الصيف في شيكاغو، حسب تعبيره.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية فيتنام بايدن غزة امريكا غزة الاحتلال فيتنام بايدن صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المؤتمر الوطنی فی شیکاغو إلى أن عام 1968

إقرأ أيضاً:

جولة ترامب في الشرق الأوسط تكشف تجاهله لغزة

بينما يتنقل دونالد ترامب من عاصمة خليجية إلى أخرى، ويُوقّع صفقات لافتة، ويزور الرئيس السوري الجديد، بل ويُحرز، كما يُقال، تقدمًا في ملف إيران النووي، يبدو أن الحرب في غزة قد أُزِيحت إلى هامش الدبلوماسية الأمريكية.

فرغم وجود مفاوضات شارك فيها الأمريكيون الأسبوع المنصرم في قطر بشأن إطلاق سراح الرهائن، فإن إسرائيل رأت من المناسب تنفيذ محاولة اغتيال مدمرة لقائد حماس، محمد السنوار، تلتها غارات جوية كثيفة على قطاع غزة. وعلى الرغم من أن مصير السنوار لم يُؤكَّد بعد، فإن توقيت هذا التصعيد خلال وجود الرئيس الأمريكي في المنطقة يكشف بوضوح مدى عدم جدية الحكومة الإسرائيلية في إنهاء الحرب.

وفي الحقيقة، إذا استؤنفت الحرب بشكل كامل قريبًا، فلن يكون ذلك مفاجئًا، إذ إن المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي صادق في وقت سابق من هذا الشهر بالإجماع على خطة لتوسيع الهجوم العسكري في غزة، مع قيدٍ وحيد، وهو انتظار انتهاء جولة ترامب في الشرق الأوسط. وقد وُضعت هذه الخطة الجديدة تحت ضغط شديد من أكثر أعضاء الائتلاف تطرفًا، وتذهب إلى ما هو أبعد من - هزيمة حماس-، حيث لا تُبدي اهتمامًا يُذكر بمصير الرهائن المتبقين، بل تسعى إلى احتلال دائم لكامل أراضي القطاع.

ورغم محاولات نتنياهو تزيين المرحلة المقبلة من الحرب بأسباب -أمنية- وحجج -إنسانية- زائفة، مثل القول إن سكان غزة سيتم -نقلهم لحمايتهم- فإن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أحد رموز اليمين الاستيطاني المتطرف، كشف النقاب عن النوايا الحقيقية. فقد صرّح أن سكان غزة، خلال ستة أشهر، سيُحصرون في رقعة ضيقة من الأرض، بينما سيتم -تدمير ما تبقى بالكامل- ما سيدفعهم إلى -البحث عن أماكن أخرى لبدء حياة جديدة. أي أن الهدف الحقيقي هو التهجير القسري.

في الماضي، حين كانت هذه الأفكار المتطرفة محصورة في هامش السياسة والمجتمع الإسرائيلي، كان من الممكن اعتبارها مجرد شعبوية يمينية. أما اليوم، فهؤلاء الأشخاص أنفسهم يشغلون مناصب وزارية رئيسية، ويُسيطرون على قرارات الحكومة. والأسوأ من ذلك، أن نتنياهو يعتمد عليهم بشكل كامل للبقاء في الحكم إلى حين موعد الانتخابات المقبلة، وهو ما يتيح له أيضًا محاولة عرقلة محاكمته بتهم فساد، خاصة وأن المحاكمة دخلت مرحلة حساسة من استجوابه من قِبل الادعاء العام.

ولكي يُرضي هؤلاء المتطرفين، يفعل نتنياهو ما يشاؤون، لأنه لا يستطيع تحمُّل انتخابات جديدة، وهو ما يطالب بها معظم الإسرائيليين، ولا احتمال تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الفشل الذريع الذي أدى إلى أحداث 7 أكتوبر.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من ثلثي الإسرائيليين يُفضِّلون التوصل إلى صفقة مع حماس تُفضي إلى إطلاق سراح الرهائن على الاستمرار في الحرب. كما تُظهر هذه الاستطلاعات أن الأحزاب الائتلافية الحاكمة ستخسر بشدة في أي انتخابات عامة حالية. لهذا يتمسّك نتنياهو بائتلافه الحالي، ويخضع لإملاءاته، حتى وإن كانت مدمّرة وجنائية.

لكن ثمن هذا التمسّك المحموم بالسلطة يُدفع أولًا وقبل كل شيء من قبل الفلسطينيين، ويُدفع أيضًا من قِبل الإسرائيليين أنفسهم. فإسرائيل تواصل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ أسابيع، في وقت تُحذِّر فيه المنظمات الإغاثية من مجاعة وشيكة، ومن انعدام الرعاية الطبية، خاصة مع قصف المستشفيات، وانقطاع المياه النظيفة والصرف الصحي. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، الوضع هذا الأسبوع بأنه -غير محتمل تمامًا، وغير مقبول، وغير إنساني، ولا يُغتفر. ويجب إيقافه فورًا.

إن مسؤولية وقف ترجمة قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع الحرب إلى واقع على الأرض تقع على عاتق المجتمع الدولي.

فقد حشدت قوات الاحتلال عشرات الآلاف من الجنود تمهيدًا لاقتحام غزة المدمّرة، التي يُقيم فيها سكان يعانون من الصدمة الجماعية. وإذا لم يستخدم المجتمع الدولي أدواته ونفوذه لمنع اندلاع حرب جديدة شاملة، وإذا قرر ترامب ألا يُلوِّح بعضلاته كما فعل في مناسبات سابقة، فإن العالم سيكون شريكًا في المزيد من سفك الدماء، والتهجير، وسلب الفلسطينيين أراضيهم. بل وقد يكون هذا الفصل أسوأ من كل ما سبقه.

يوسي ميكلبرغ أستاذ العلاقات الدولية وزميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «تشاتام هاوس».

مقالات مشابهة

  • كاتب إسرائيلي لقادة الجيش: كونوا شجعانا وأوقفوا الحرب
  • سياسيان: الموقف العالمي من غزة أصبح شبيها بما حدث في حرب فيتنام
  • المؤتمر: التوعية بمزايا قانون المشروعات تسهل انطلاق الشباب نحو النجاح
  • المؤتمر الوطني يعلق على تعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء
  • جولة ترامب في الشرق الأوسط تكشف تجاهله لغزة
  • عجلون :افتتاح المعرض الوطني للتراث والتدوير في مدرسة حطين الأساسية أسامة القضاة
  • حماة: إطلاق مؤتمر الشباب.. نهضة وبناء بمشاركة واسعة
  • الطلبة السعوديون في نيوكاسل يشاركون في مؤتمر SUSE 2025
  • مقترح أمريكي جديد لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس
  • “ديفيد هيرست”: “إسرائيل” ستخسر الحرب في غزة كما خسرت أمريكا في فيتنام