في ظل حصار الفاشر و مدني، هل ستتم البيعة قبل الأخيرة؟
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
أظن وليس كل الظن إثم، أن الجيش والدعم السريع سيقومان بمقايضة مدينة الفاشر مقابل مدينة ود مدني بعد أن يتوصل الطرفان إلى تفاهمات تفضي إلى فتح مسارات آمنة لانسحاب قوات كل منهما.
إن انسحاب الجيش من الفاشر والدعم السريع من مدني يعني تضحية كل منهما ببعض الحلفاء الذين سيغضبون ويعلنون عن اتخاذ مواقف جديدة مغايرة تماماً لما هي عليها الآن.
سيترتب على هذه المواقف الجديدة أموراً كثيرة، من بينها مواصلة الحلفاء المحليين الصمود للقتال؛ ثم ستتغير المواقف شيئا فشيئا بعد أن يلعب الاستقطاب المناطقي والعرقي دوراً في إغماد حدة العداء الحالي.
أما في حالة سقوط الفاشر ومدني في إطار خارج الذي ذكرناه، فسيحدث الآتي:
-ادخال بند تقرير المصير إلى أروقة منابر المفاوضات القادمة.
-وسقوط حكومة انجمينا.
أحمد محمود كانم
4 مايو 2024
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب
إن كل هزيمة يتعرض لها العرب على أيدي الغرب لم تأتِ فجأة، بل سبقتها سنوات طويلة من التحالفات والعلاقات الحميمية، يُوهم خلالها الحلفاء بأن المودة والمصالح المشتركة ستدوم. لكن التاريخ يثبت أن الغربيين لا يحفظون الجميل لأحد، وأنهم خير من يستغل الحلفاء أيما استغلال، قبل أن يتخلصوا منهم بشكل مهين ومتعمد.
هذه القاعدة لم تختلف بين أفغانستان والعراق واليمن، ولا بين أي نظام أو حركة تظن أنها قادرة على الاعتماد على الغرب. فالثمن الذي يدفعه الحلفاء المحليون غالبًا ما يكون باهظًا، شاملًا الانهيار السياسي، والفوضى الأمنية، والتدخل المباشر، والوصاية المعلنة أو المخفية، بما يبرهن أن أي علاقة حقيقية أو موثوقة مع الغرب للعرب هي مجرد وهم، وأن الخيانة التاريخية هي القاعدة لا الاستثناء.
في الماضي، تحالفت الوهابية مع واشنطن لدحر السوفيات من أفغانستان، ظنًا منها أن التحالف سيضمن لها الحماية والنفوذ الدائم. لكن هذه المودة لم تدم، ففي غضون سنوات قليلة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، انقلبت إلى رعب، لتبدأ الولايات المتحدة في ضرب الوهابية في أفغانستان وبقية العالم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، مؤكدةً أن الغرب لا يعترف بالولاءات ولا يحفظ الجميل، وأن أي تحالف معه قائم على مصالحه الذاتية فقط، بغض النظر عن الثمن الذي يدفعه الحلفاء المحليون.
وفي السياق نفسه، تحالف صدام حسين مع واشنطن في الثمانينيات لضرب الثورة الإسلامية في إيران، في إطار الحرب العراقية–الإيرانية التي دامت ثماني سنوات. فصدام يعتقد أن الدعم الغربي، خصوصًا العسكري والاستخباراتي، سيضمن له التفوق على إيران، ويقوي موقفه الإقليمي داخليًا وخارجيًا. وقد حصل العراق على تمويل ضخم، وأسلحة متقدمة، ودعم سياسي من واشنطن وأوروبا، بينما كانت وسائل الإعلام الغربية تروج لصدام باعتباره خط الدفاع ضد «الخطر الشيعي الثوري».
لكن هذا التحالف لم يدم طويلاً، إذ أنه بعد نهاية الحرب، لم يلبِ الغرب أي مطالب لصدام، وبدأوا بشن العقوبات الاقتصادية عبر أدواتهم الخليجية قبل أن يستدرجوه إلى حرب الخليج في عام 1990م، لتستغل الولايات المتحدة هذا التصرف لتوجيه ضربات قاسية للعراق وفرض حصار اقتصادي صارم استمر أكثر من عقد، أدى إلى انهيار الاقتصاد وتفاقم الأوضاع الإنسانية، قبل التخلص منه نهائياً عام 2003م.
وفي اليمن، منذ عام 2004م، تحالفت واشنطن مع النظام الحاكم بشقيه الرسمي والإخواني ضد المشروع القرآني بقيادة السيد حسين بدرالدين الحوثي – رضوان الله عليه – جاء هذا التحالف في إطار سياسة أمريكية تهدف إلى حماية نفوذها في البلاد وضمان السيطرة على مفاصل القرار في اليمن، والتصدي لأي حركة ترى فيها تهديدًا للمشروع الصهيوني في المنطقة. وكانت النتيجة الأولى لهذا التدخل سقوط نظام علي عبدالله صالح، بعد أن ساعدت واشنطن حلفاءها من حزب الإصلاح في إسقاطه بثورة شعبية، وقد اعترف صالح لاحقاً أن تمكينه للإخوان من مفاصل الدولة كان بتوجيهاتٍ أمريكية، ليؤكد أنه والإخوان عملاء للبيت الأبيض، وأن واشنطن تضرب حلفاءها بحلفائها.
وبالنسبة لحزب الإصلاح، ورغم إعلانه البراءة من جماعة الإخوان، إلا أن حظر ترامب للجماعة شمل حزب الإصلاح باعتباره فرعها في اليمن، ولذلك عمدت واشنطن إلى إسقاط شرعيتهم المزعومة عبر المجلس الانتقالي بعد أن وجدت فيه الحليف الأرخص والأوفى من الإخوان وشرعيتهم المزعومة.
وحتى الشخصيات التي انسلخت من مواقفها ومبادئها سعيًا لضمان بقائها في السلطة، مثل العرادة واليدومي وغيرهما، لن تكون استثناءً من هذه القاعدة. فالتجربة تؤكد أن الارتهان لواشنطن لا يمنح حماية دائمة، بل يؤجل السقوط لا أكثر. فهؤلاء، كما غيرهم من الحلفاء المحليين، سيجدون أنفسهم في لحظة ما خارج الحسابات الأمريكية، لتكون نهايتهم السياسية إما العزل والإقصاء، أو التخلي الكامل، للأسباب ذاتها التي أطاحت بحلفاء سابقين جرى استهلاكهم ثم رُمي بهم عند تغير المصالح.
إن التاريخ يثبت أن كل تحالف عربي مع الغرب ينتهي بالخيانة والدمار، وأن أي وهم بالتعايش أو الاستقرار تحت مظلة القوة الغربية هو مجرد خدعة. ففي أفغانستان انقلبت المودة بين الوهابية وواشنطن إلى رعب، وفي العراق دفع صدام حسين ثمن تحالفه بالدمار والحصار ثم الموت، وفي اليمن أصبح الحلفاء المحليون رهينة للقرارات الأمريكية، ونهايتهم الحتمية هي العزل أو التخلي، تمامًا كما حدث مع سلفهم المرتبط بالمشروع الصهيوني العالمي.