لجريدة عمان:
2025-12-13@20:52:41 GMT

قراءة القصيدة

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

ربما يبدو عنوان هذا المقال غير مألوف لدى الكثير من القرَّاء؛ لأننا نضع القصيدة تحت جنس العمل الفني، بينما القصيدة تنتمي إلى الأدب؛ ولذلك فإن المألوف هو استخدام كلمتي الفن والأدب متضايفتين، وهذا يعني أننا لا نتحدث عن جنس واحد وإنما عن جنسين، ولكن هذا التصور ينطوي على خطأ في فهم طبيعة الأدب من حيث هو فن من الفنون الجميلة (كالقصيدة والرواية والمسرحية، إلخ).

والواقع إننا عندما نستخدم عادةً تعبير «الفنون والآداب»، فسبب ذلك أن مفهوم الآداب يتسع كثيرًا بحيث يشمل كتابات لا تشكل بطبيعتها عملًا فنيًّا، ولكن ذلك لا يعني استبعاد الأدب من دائرة الفن، فنحن عندما نستخدم كلمة «الأدب» تحديدًا، لا كلمة «الآداب» على إطلاقها، فإننا نعني بذلك الأدب من حيث هو فن من الفنون الجميلة.

ولذلك فإننا نجد الفيلسوف الكبير رومان إنجاردن Roman Ingarden يتخذ تعبير «العمل الفني الأدبي» عنوانًا لأحد كتبه المهمة والأساسية في مجال الجماليات.

السؤال الآن: كيف نقرأ القصيدة باعتبارها عملًا فنيًّا؟

ما ينبغي أن يلاحظه القارئ أولًا هو أن هناك عناصر أولية بنيوية يتألف منها كل عمل فني، منها: أن هناك موضوعًا ما، ومعنى أو دلالة ما، ومظهرًا حسيًا فنيًا يتبدى فيه الموضوع والمعني.

هذا المظهر الفني هو منوط الاختلاف بين الفنون من حيث هي أنواع؛ وعلى الرغم من التداخل الشديد بين الفنون عمومًا، فإنه يظل لكل فن شروطه الأولية التي يختص بها، وهذا ينطبق على العمل الأدبي أيضًا. وفيما يلي يمكن أن أسوق بعض الملاحظات التي يمكن أن يراعيها القارئ في اقترابه من قراءة قصيدة ما:

* إن المتعة بقراءة القصيدة ينبغي أن تتأسس على مدى وفاء القصيدة بمتطلباتها الأساسية، وأولها اللغة: ففي الشعر تتجلى ماهية اللغة وقدراتها البلاغية في التعبير عن الحياة والوجود بوجه عام. وعلى هذا، ينبغي أن يتبدى في القصيدة أولًا قدرة الشاعر على امتلاك ناصية اللغة، بحيث يبدو كما لو يتحدث بلغة خاصة قادرة على إظهار إمكانيات اللغة ذاتها، أو لنقل: كما لو كان ينطق بصوته الخاص بعضًا من قدرات اللغة ذاتها وصوتياتها.

* إن القصيدة التي تلتزم الأوزان والقوافي، ينبغي أن تلتزم بشروطهما الفنية والجمالية: مهمة الأوزان سهلة، ولكن كسر الوزن هو خطأ بالغ في الشعر، يلاحظه كل شاعر مكين مثلما يلاحظه كل من له حس سمعي جمالي؛ ولذلك فإن غياب هذا الشرط يعكر صفو المتعة الجمالية على الفور، تمامًا مثلما نسمع فجأة في أداء العازف صوت «نشاز» يخالف الصوت المدوَّن في النوتة الموسيقية.

* أما القافية، فوضعها في الشعر أكثر تعقيدًا، فالشعر المقفَّى ليس مجرد المحافظة على قوافٍ تتكرر عبر نهايات أبيات الشعر؛ بل إن هذه المحافظة قد تكون إمارة على ضعف الشعر وفقره، عندما تصبح هذه المحافظة هي أولوية عند الشاعر، وربما يحتاج ذلك إلى شيء من التفصيل والإيضاح: عندما تصبح مسألة الحفاظ على القافية أولوية عند الشاعر، فإن هذا يعني أنه يشرع في بناء قصيدته وعينه على كيفية تكرار القافية في كل بيت؛ ولذلك تأتي قوافيه مفتعلة، فالشاعر هنا يأتي بكلمات معينة تتوافق قافيتها مع قافية الكلمات التي تسبقها في نهايات الأبيات، وهي كلمات تبدو مفتعلة بحيث يمكن أن نستبدلها بغيرها ما دامت تنتهي بالقافية نفسها؛ فليست هناك عندئذ أي علاقة ضرورية بين الكلمة والقافية! مثل هذا الشاعر ينتمي إلى من ينطبق عليهم وصف شوبنهاور لهم بأنهم «شعراء القافية»؛ لأنه يبحث عن الكلمة من أجل القافية! الشاعر هنا يكون ضعيفًا ولا ينتمي إلى الشعراء الحقيقيين: فالشاعر الحقيقي تأتيه كلماته مقفَّاة من خلال عملية لا يمكن تبريرها إلا من خلال الموهبة والإلهام الشعري؛ ولهذا تبدو القافية مباطنة في الكلمة ذاتها بوصفها جزءًا ضروريًّا منها، ولهذا أيضًا تبدو كلماته كما لو كانت تقتضي بطبيعتها هذه القافية بطريقة لا تصنُّع ولا افتعال فيها. وهذا الموطن من الشعر الذي يمتاز فيه الغث من الثمين هو ما ينبغي أن يضعه القارئ في حسبانه عندما يُقبِل على قراءة الشعر أو الاستماع إليه.

* وفي كل الأحوال، أعني: في لغة كل شعر -مثلما هو الحال في لغة كل فن- ينبغي أن نرى حالة من اللامباشرة التي تتحقق من خلال الإيحاء أو الإيماء الذي يحمل معناه ودلالته في الإيماءة نفسها (كما يقول ميرلوبونتي).

وهذه اللامباشرة تتجلى في الشعر على وجه الخصوص من خلال المجاز والتخييل. وهذا ما ينبغي أن يهتم به القارئ الذي يريد أن يرتقي بذائقته الشعرية.

وعلى هذا كله، فليس المهم في الشعر هو موضوعه الذي تدور حوله القصيدة، وإنما المهم هو معالجة الموضوع بطريقة شعرية: فقد يتغنى شاعر بالفضيلة أو بالمدائح النبوية على سبيل المثال، ولكن شعره قد يكون ضعيفًا فقيرًا. ذلك أن موضوعات الشعر بلا نهاية، والوجود كله ملك للشاعر يتغنى به كيف يشاء، فهو يتغنى بالملذَّات مثلما يتغنى بالتصوف، ولكنه في كل الحالات ينبغي أن يكون شاعرًا أولًا.

د. سعيد توفيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بجامعة القاهرة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ینبغی أن فی الشعر من خلال

إقرأ أيضاً:

دراسة: نقص الحديد عند السيدات يؤدي لتساقط الشعر ومشكلات في التركيز

كشفت دراسة حديثة أُجريت في جامعة لندن عن تأثير نقص الحديد على صحة السيدات، مشيرة إلى أن انخفاض مستويات هذا المعدن الحيوي قد يؤدي إلى تساقط الشعر بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى مشكلات في التركيز والإرهاق الذهني المستمر، وأكد الباحثون أن الحديد يلعب دورًا أساسيًا في نقل الأكسجين إلى الدماغ والعضلات، ما يجعله عنصرًا أساسيًا للحفاظ على النشاط البدني والعقلي.

ليلة لن تتكرر.. كاتي بيري نجمة تتلألأ تحت أضواء الأهرامات في أولى حفلاتها بمصر دليل مرضى القلب لمواجهة فيروسات الشتاء والحفاظ على الصحة أبرز الأمراض التي تهدد مرضى القلب خلال فصل الشتاء مع دخول فصل الشتاء.. تحذير لمرضى القلب من مخاطر البرد "عاهة هتفضل معايا طول عمري".. رحمة حسن تنهار بعد خطأ طبي فادح (صور صادمة) بيصلي على كرسي.. أول ظهور لتامر حسني بعد استئصاله جزء من الكلى (صور) قائمة المشاركين ‏بمنصة الأفلام بمهرجان القاهرة الدولي للفيلم ‏القصير ‏ فيروس ماربورج.. تهديد وبائي جديد يلوّح في أفق جنوب إفريقيا وإثيوبيا بعد الهجوم عليها.. بدرية طلبة تتوعد المسيئين بالقانون حسام حبيب يحسم الجدل حول صورته مع شيراز.. "شائعات ارتباطنا غير صحيحة"

وشملت الدراسة أكثر من 600 سيدة تتراوح أعمارهن بين 18 و45 عامًا، وبيّنت النتائج أن السيدات اللاتي تعاني من نقص الحديد، سواء بسبب النظام الغذائي غير المتوازن أو فقدان الدم الناتج عن الحيض، أظهرن ضعفًا في القدرة على التركيز وزيادة التعب الذهني، كما سجلت نسبة كبيرة منهن مشاكل في تساقط الشعر وفقدان كثافته الطبيعية.

 

وأشار الباحثون إلى أن نقص الحديد لا يظهر دائمًا بأعراض واضحة في البداية، ما يجعل التشخيص المبكر ضروريًا لتجنب المضاعفات الصحية. ومن أبرز العلامات المبكرة للنقص الشعور بالإرهاق الدائم، الدوخة، شحوب الجلد، وضبابية الرؤية المؤقتة، إضافة إلى تغيرات في فروة الرأس تؤدي إلى تساقط الشعر بشكل غير معتاد.

 

وأوضح الخبراء أن الوقاية من نقص الحديد تعتمد على تناول الأطعمة الغنية به، مثل اللحوم الحمراء، الدواجن، الأسماك، البقوليات، والخضراوات الورقية الداكنة، مع دمج مصادر فيتامين C مثل الفواكه الحمضية لتحسين امتصاص الحديد. كما نصحوا بإجراء فحوصات دورية لمستوى الحديد في الدم، خاصة لدى السيدات اللواتي يمررن بمرحلة الحيض الثقيل أو الحمل.

 

وأضافت الدراسة أن مكملات الحديد يمكن أن تكون ضرورية في بعض الحالات، لكنها يجب أن تُستخدم تحت إشراف طبي لتجنب أي آثار جانبية مثل اضطرابات المعدة أو الإمساك. وأكد الباحثون أن استعادة مستويات الحديد الطبيعية تساعد على تحسين الطاقة، تعزيز القدرة على التركيز، واستعادة صحة الشعر تدريجيًا.

 

واختتم الخبراء بالتأكيد على أهمية التوعية بهذا الأمر، مشيرين إلى أن نقص الحديد يُعد مشكلة صحية شائعة بين السيدات في مختلف الأعمار، وأن الالتزام بنظام غذائي متوازن، ومتابعة الحالة الصحية بشكل دوري، يمكن أن يمنع العديد من المضاعفات ويضمن جودة حياة أفضل.

مقالات مشابهة

  • فى عيد ميلادها.. والد ماجدة الرومي فنان مشهور وقصة أول ألبوم لها عقب اندلاع الحرب
  • أردوغان: لا ينبغي استخدام البحر الأسود كساحة معركة بل يلزم توفير ملاحة آمنة
  • أسباب ظهور الشيب المبكر .. وطرق العلاج والوقاية
  • بدون أدوية.. مشروبات تساعد على نمو الشعر
  • حكم نهائي يُفجّر أزمة شيرين عبدالوهاب مع شركة The Basement
  • نتيجة فحص التظلمات في مسابقة وظائف معلم مساعد اللغة العربية
  • ما كان ينبغي أن يجتمع هذان المجنونان.. غونجا الجميلة التي تتحدى غوردال في المسلسل التركيحلم أشرف
  • أستاذ بجامعة الأزهر: ينبغي عدم الانشغال بالفتن عن بناء النفس
  • الشاعر جمال بخيت يُعلق على أزمة محمد صلاح عبر فيسبوك
  • دراسة: نقص الحديد عند السيدات يؤدي لتساقط الشعر ومشكلات في التركيز