لجريدة عمان:
2025-05-09@08:56:54 GMT

قراءة القصيدة

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

ربما يبدو عنوان هذا المقال غير مألوف لدى الكثير من القرَّاء؛ لأننا نضع القصيدة تحت جنس العمل الفني، بينما القصيدة تنتمي إلى الأدب؛ ولذلك فإن المألوف هو استخدام كلمتي الفن والأدب متضايفتين، وهذا يعني أننا لا نتحدث عن جنس واحد وإنما عن جنسين، ولكن هذا التصور ينطوي على خطأ في فهم طبيعة الأدب من حيث هو فن من الفنون الجميلة (كالقصيدة والرواية والمسرحية، إلخ).

والواقع إننا عندما نستخدم عادةً تعبير «الفنون والآداب»، فسبب ذلك أن مفهوم الآداب يتسع كثيرًا بحيث يشمل كتابات لا تشكل بطبيعتها عملًا فنيًّا، ولكن ذلك لا يعني استبعاد الأدب من دائرة الفن، فنحن عندما نستخدم كلمة «الأدب» تحديدًا، لا كلمة «الآداب» على إطلاقها، فإننا نعني بذلك الأدب من حيث هو فن من الفنون الجميلة.

ولذلك فإننا نجد الفيلسوف الكبير رومان إنجاردن Roman Ingarden يتخذ تعبير «العمل الفني الأدبي» عنوانًا لأحد كتبه المهمة والأساسية في مجال الجماليات.

السؤال الآن: كيف نقرأ القصيدة باعتبارها عملًا فنيًّا؟

ما ينبغي أن يلاحظه القارئ أولًا هو أن هناك عناصر أولية بنيوية يتألف منها كل عمل فني، منها: أن هناك موضوعًا ما، ومعنى أو دلالة ما، ومظهرًا حسيًا فنيًا يتبدى فيه الموضوع والمعني.

هذا المظهر الفني هو منوط الاختلاف بين الفنون من حيث هي أنواع؛ وعلى الرغم من التداخل الشديد بين الفنون عمومًا، فإنه يظل لكل فن شروطه الأولية التي يختص بها، وهذا ينطبق على العمل الأدبي أيضًا. وفيما يلي يمكن أن أسوق بعض الملاحظات التي يمكن أن يراعيها القارئ في اقترابه من قراءة قصيدة ما:

* إن المتعة بقراءة القصيدة ينبغي أن تتأسس على مدى وفاء القصيدة بمتطلباتها الأساسية، وأولها اللغة: ففي الشعر تتجلى ماهية اللغة وقدراتها البلاغية في التعبير عن الحياة والوجود بوجه عام. وعلى هذا، ينبغي أن يتبدى في القصيدة أولًا قدرة الشاعر على امتلاك ناصية اللغة، بحيث يبدو كما لو يتحدث بلغة خاصة قادرة على إظهار إمكانيات اللغة ذاتها، أو لنقل: كما لو كان ينطق بصوته الخاص بعضًا من قدرات اللغة ذاتها وصوتياتها.

* إن القصيدة التي تلتزم الأوزان والقوافي، ينبغي أن تلتزم بشروطهما الفنية والجمالية: مهمة الأوزان سهلة، ولكن كسر الوزن هو خطأ بالغ في الشعر، يلاحظه كل شاعر مكين مثلما يلاحظه كل من له حس سمعي جمالي؛ ولذلك فإن غياب هذا الشرط يعكر صفو المتعة الجمالية على الفور، تمامًا مثلما نسمع فجأة في أداء العازف صوت «نشاز» يخالف الصوت المدوَّن في النوتة الموسيقية.

* أما القافية، فوضعها في الشعر أكثر تعقيدًا، فالشعر المقفَّى ليس مجرد المحافظة على قوافٍ تتكرر عبر نهايات أبيات الشعر؛ بل إن هذه المحافظة قد تكون إمارة على ضعف الشعر وفقره، عندما تصبح هذه المحافظة هي أولوية عند الشاعر، وربما يحتاج ذلك إلى شيء من التفصيل والإيضاح: عندما تصبح مسألة الحفاظ على القافية أولوية عند الشاعر، فإن هذا يعني أنه يشرع في بناء قصيدته وعينه على كيفية تكرار القافية في كل بيت؛ ولذلك تأتي قوافيه مفتعلة، فالشاعر هنا يأتي بكلمات معينة تتوافق قافيتها مع قافية الكلمات التي تسبقها في نهايات الأبيات، وهي كلمات تبدو مفتعلة بحيث يمكن أن نستبدلها بغيرها ما دامت تنتهي بالقافية نفسها؛ فليست هناك عندئذ أي علاقة ضرورية بين الكلمة والقافية! مثل هذا الشاعر ينتمي إلى من ينطبق عليهم وصف شوبنهاور لهم بأنهم «شعراء القافية»؛ لأنه يبحث عن الكلمة من أجل القافية! الشاعر هنا يكون ضعيفًا ولا ينتمي إلى الشعراء الحقيقيين: فالشاعر الحقيقي تأتيه كلماته مقفَّاة من خلال عملية لا يمكن تبريرها إلا من خلال الموهبة والإلهام الشعري؛ ولهذا تبدو القافية مباطنة في الكلمة ذاتها بوصفها جزءًا ضروريًّا منها، ولهذا أيضًا تبدو كلماته كما لو كانت تقتضي بطبيعتها هذه القافية بطريقة لا تصنُّع ولا افتعال فيها. وهذا الموطن من الشعر الذي يمتاز فيه الغث من الثمين هو ما ينبغي أن يضعه القارئ في حسبانه عندما يُقبِل على قراءة الشعر أو الاستماع إليه.

* وفي كل الأحوال، أعني: في لغة كل شعر -مثلما هو الحال في لغة كل فن- ينبغي أن نرى حالة من اللامباشرة التي تتحقق من خلال الإيحاء أو الإيماء الذي يحمل معناه ودلالته في الإيماءة نفسها (كما يقول ميرلوبونتي).

وهذه اللامباشرة تتجلى في الشعر على وجه الخصوص من خلال المجاز والتخييل. وهذا ما ينبغي أن يهتم به القارئ الذي يريد أن يرتقي بذائقته الشعرية.

وعلى هذا كله، فليس المهم في الشعر هو موضوعه الذي تدور حوله القصيدة، وإنما المهم هو معالجة الموضوع بطريقة شعرية: فقد يتغنى شاعر بالفضيلة أو بالمدائح النبوية على سبيل المثال، ولكن شعره قد يكون ضعيفًا فقيرًا. ذلك أن موضوعات الشعر بلا نهاية، والوجود كله ملك للشاعر يتغنى به كيف يشاء، فهو يتغنى بالملذَّات مثلما يتغنى بالتصوف، ولكنه في كل الحالات ينبغي أن يكون شاعرًا أولًا.

د. سعيد توفيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بجامعة القاهرة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ینبغی أن فی الشعر من خلال

إقرأ أيضاً:

نقص هذه الفيتامينات والمعادن يسبب تساقط الشعر | تحذير

تساقط الشعر  رغم أنه ليس حالة طبية طارئة، قد يكون مثيرًا للقلق الشديد، وقد يؤثر سلبًا على صورة الشخص بنفسه، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس والشعور بالحرج. 

يمكن أن ينجم تساقط الشعر، المعروف أيضًا باسم الثعلبة، عن عدة عوامل، مثل الآثار الجانبية لبعض الأدوية، والعوامل الوراثية، والتقدم في السن، والمنتجات الكيميائية، وغيرها. ومع ذلك، يبقى السبب الأكثر شيوعًا لتساقط الشعر هو نقص التغذية.

في اليوم العالمي لـ سرطان المبيض.. علامات وأعراض هذا المرض الخطيرتحذير هذه المكملات الغذائية ممنوعة لمرضى الضغط المرتفع|فيتامينات تسبب تساقط الشعر 

نلقي نظرة على الفيتامينات والمعادن التي قد تسبب تساقط الشعر.

-فيتامين د

ضروري لتكوين بصيلات شعر جديدة، وهي الجيوب الصغيرة التي ينمو منها الشعر، نقص فيتامين د قد يؤدي إلى ترقق الشعر وحتى تساقطه بشكل متقطع، وهو ما يُعرف بالثعلبة البقعية، ولأن ضوء الشمس يساعد الجسم على إنتاج فيتامين د، فإن قلة التعرض له قد تؤدي إلى انخفاض مستوياته، تناول الأسماك الدهنية، والأطعمة المدعمة، والمكملات الغذائية قد يساعد في الحفاظ على صحة الشعر. 

-حديد

 نعلم جميعًا أن الحديد يساعد على تكوين الهيموغلوبين في خلايا الدم الحمراء، والذي بدوره يحمل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك بصيلات الشعر، فبدون كمية كافية من الحديد، لا تحصل بصيلات الشعر على ما يكفي من الأكسجين، مما يؤدي إلى تساقط الشعر وترققه.

 يُعد فقر الدم الناجم عن نقص الحديد سببًا شائعًا لتساقط الشعر، وخاصةً لدى النساء، يمكن أن يُساعد تناول الأطعمة الغنية بالحديد، مثل اللحوم الحمراء والسبانخ والبقوليات، أو تناول المكملات الغذائية.

-البيوتين 

(فيتامين ب7) البيوتين، المعروف أيضًا باسم فيتامين الشعر، يدعم إنتاج الكيراتين، وهو البروتين الذي يُكوّن خصلات الشعر، نقص البيوتين قد يُسبب تقصف الشعر وتساقطه، مع أن نقص البيوتين نادر، إلا أنه شائع لدى المدخنين، أو الذين يتناولون أدوية مُعينة، أو الذين يتبعون نظامًا غذائيًا غير صحي، تشمل الأطعمة الغنية بالبيوتين البيض والمكسرات ومنتجات الألبان.

- فيتامين ب12

فيتامين ب12 ضروري للغاية، إذ يُشكل خلايا الدم الحمراء التي تُغذي بصيلات الشعر، قد يُسبب نقصه تساقط الشعر وضعف صحته (إلى جانب العديد من الحالات الأخرى)، خاصةً لدى النباتيين، تُعدّ الأطعمة الحيوانية، مثل اللحوم ومنتجات الألبان، مصادر جيدة، أو يُمكن استخدام المُكمّلات الغذائية عند الحاجة. في الحالات الشديدة، يُنصح بالحقن. 

-فيتامين سي

 يساعد فيتامين سي على إنتاج الكولاجين، وهو بروتين يُقوي الشعر، كما يُساعد على امتصاص الحديد من الطعام، فبدون كمية كافية من فيتامين سي، قد يُصبح الشعر ضعيفًا وهشًا، تُعدّ الحمضيات والتوت والخضراوات الورقية مصادر جيدة لفيتامين سي.

-فيتامين أ

 فيتامين أ ضروري لإنتاج الزهم، وهي المادة الزيتية التي تحافظ على ترطيب فروة الرأس وصحة الشعر. مع ذلك، فإن نقصه أو زيادته قد يُسبب تساقط الشعر، لذا من المهم مراقبة مستوياته في الجسم، من المهم تناول كميات متوازنة من أطعمة مثل الجزر والبطاطا الحلوة والسبانخ، ولكن يُنصح بتجنب المكملات الغذائية إلا بوصفة طبية.

 -الزنك

 يلعب الزنك دورًا في نمو أنسجة الشعر وإصلاحها، قد يؤدي نقصه إلى تساقط الشعر، ولكن غالبًا ما يكون هذا التساقط قابلًا للعكس مع العلاج المناسب. توفر أطعمة مثل المكسرات والبذور واللحوم الزنك. 

-الأحماض الأمينية 

يتكون الشعر في الغالب من الكيراتين، وهو بروتين مُكوّن من الأحماض الأمينية، نقص البروتين أو الأحماض الأمينية قد يُضعف بنية الشعر ويُبطئ نموه، تناول الأطعمة الغنية بالبروتين، مثل البيض واللحوم والبقوليات ومنتجات الألبان، يضمن الحصول على كمية كافية من الأحماض الأمينية لشعر صحي.

المصدر: timesofindia

طباعة شارك تساقط الشعر فقدان الثقة نقص التغذية صحة الشعر

مقالات مشابهة

  • موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف
  • استمرار نجاح "يا خسارة" لبسمة بوسيل يرسّخ مكانة عمرو المصري في الساحة الغنائية.. ومصطفى قمر يدخل على الخط بـ 3 أغنيات جديدة
  • بوخزام: ينبغي إيداع “المنفي” في مصحة للتحقق من مرضه خصوصا بعد قراراته الأخيرة
  • شلقم: حذرت من أن الدور سيأتي على ليبيا بعد العراق  
  • نقص هذه الفيتامينات والمعادن يسبب تساقط الشعر | تحذير
  • علي جمعة يكشف عن أعمال ينبغي فعلها فى هذا الزمن المليء بالفتن .. تعرّف عليها
  • قراءة في كتاب لقد أحضرت لك يدا مقطوعة
  • " في حب مصر" فى ندوة بمدرسة النهضة بأسيوط الجديدة
  • هل صبغة الشعر آمنة خلال الحمل؟
  • محمد الغزالي.. الداعية الشاعر