قاضٍ مصري: النظام العالمي الساري منذ عام 1948 على شفا الانهيار
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
في دراسة مهمة للمفكر والمؤرخ القضائي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان «انهيار المنظومة الأممية واختلال ميزان العدل الدولي» أكد فيها فيها الفقيه المصري، أن النظام العالمى السارى منذ عام 1948 على شفا الانهيار، والبشرية تعاني فوضى عالمية غير مسبوقة وحرباً عالمية ثالثة وشيكة ستضع ميثاقاً جديداً لتهديدات بقاء البشرية، وأن جوهر انهيار النظام العالمى استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها، وأصبحت فعالية القانون الدولي والمنظمة الدولية استثناء، وأن حروب القوى العظمى حولت الأمم المتحدة من منظمة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين إلى منتدى للمجادلات الدعائية العقيمة.
تقرير خطير لمنظمة العفو الدولية النظام الدولي ينهار والمؤسسات الدولية تم تعطيلها أو إضعافها عمداً ولا تؤدي وظيفتها
يقول الدكتور محمد خفاجى: «يوجد تقرير خطير لمنظمة العفو الدولية لم يتم التوقف أمامه كثيراً يتعلق بانهيار النظام الدولي والمؤسسات الدولية تم تعطيلها أو إضعافها عمداً ولا تؤدي وظيفتها فى حماية الشعوب، فقد أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها 2023/2024 بالعديد من الانتهاكات الناجمة عن الصراعات على مستوى العالم، خاصة بين فلسطين وإسرائيل.واستنتجت منظمة العفو الدولية أن النظام الدولي الذي أنشئ بعد عام 1948 على وشك الانهيار وحافته، وأن جميع المؤسسات الدولية التي تم إنشاؤها لحماية السلام والأمن فى العالم لا تؤدي وظيفتها لأنها إما أن تكون قد تم تعطيلها أو إضعافها عمداً».
وأضاف إن منظمة العفو الدولية أعترفت بأن الولايات المتحدة الأمريكية، فى سبيل حماية إسرائيل من التدقيق الدولي، قامت بإضعاف مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وكذلك الشأن بالنسبة لمحكمة العدل الدولية.وأن حرب إسرائيل على فلسطين واستخدام الذكاء الاصطناعي فى الحرب لقتل النساء والأطفال حتى الرضع منهم!، وأزمات إنسانية غيرها في أجزاء أخرى من العالم تثبت الانهيار المحتمل، كالحرب بين روسيا وأوكرانيا والأزمة في السودان وإثيوبيا، وكان تحرك المؤسسات الدولية بطيئاً للغاية لا يتناسب مع التهديد المتحمل ثم درجات الخطر والانتهاك الحقيقى الجسيم للقانون الدولى الإنسانى.
العلاقات الدولية لا تقوم على قواعد القانون الدولى، بل التوزيع الفعلي لموازين القوى ومصالحها المشتركة
ويشير " إن نظام العلاقات الدولية الحالى لا يقوم على قواعد القانون الدولى والمؤسسات الدولية، بل يعتمد على التوزيع الفعلي لموازين القوى بين الدول الكبرى وتحالفاتها ومصالحها المشتركة. وهذا بالضبط ما أصاب القانون الدولى فى مقتل وانتقص من فعالية وقابلية تطبيق قواعده، وذلك منذ الفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية، التى كان من نتاجها أن القوى العظمى سوف تعمل بشكل مشترك على الحفاظ على السلام العالمى وحل النزاعات الدولية على أساس ميثاق الأمم المتحدة لمنع نشوب حرب عالمية ثالثة جديدة. "
ويضيف "بيد أن ذلك النظام العالمي انهار بسرعة وسط المواجهة بين القوتين العظميين بعد الحرب العالمية الثانية هما الاتحاد السوفييتي - قبل تفككه - والولايات المتحدة الأمريكية في أوروبا ثم في مختلف أنحاء العالم ثم استئثار سيطرة القطب الواحد الأمريكى على كوكب الأرض وتهميشه لقوى جديدة ظهرت من صناعة العصر الحديث."
حروب القوى العظمى حولت الأمم المتحدة من منظمة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين إلى منتدى للمجادلات الدعائية العقيمة
ويواصل الدكتور محمد خفاجى " نشأت فكرة الحرب الباردة بين القوى العظمى التى حولت منظمة الأمم المتحدة من مؤسسة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين إلى منتدى لمجرد المجادلات الدعائية العقيمة، وانتشرت الترسانات النووية الجاهزة للاستخدام التى ولدت الخوف للشعوب الاَمنة، وعاش العالم في خوف دائم من وقوع كارثة نووية مما دفع الأطراف المتحاربة إلى تجنب الاشتباكات المباشرة في تنافسها الجيوسياسي. ثم وقعت العشرات من الحروب والصراعات الإقليمية والمحلية التي أودت بحياة أكثر من 20 مليون شخص. وبلغت الخسائر العسكرية الأمريكية 120 ألف قتيل، وهو نفس عدد ضحايا الحرب العالمية الأولى (1914-1918). "
ويضيف "وعانت القوى العظمى من الهزيمة على قمتها الحرب الكورية التى بدأت حرباً أهلية في شبه الجزيرة الكورية بين عامي 1950-1953. وكانت شبه الجزيرة الكورية مقسمة إلى جزئين شمالي وجنوبي، الشمالي يقع تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي، والجنوبي خاضع لسيطرة لجنة الأمم المتحدة المؤقتة لكوريا بقيادة الولايات المتحدة، ثم حربان في الهند الصينية - شبه الجزيرة الهندية الصينية- سلسلة من الحروب التي وقعت في جنوب آسيا من عام 1945 وحتى 1991، وذلك بين قوات الهند الصينية الشيوعية ضد الفرنسيين بشكل أساسي، بالإضافة إلى الفيتناميين الجنوبيين والأمريكيين والكمبوديين واللاوسين والقوات الصينية، فضلاً عن خمس حروب في الشرق الأوسط، وحرب في الجزائر، وحروب بين الهند وباكستان، وأخرى بين إيران والعراق، وحروب في القرن الأفريقي، والكونغو، ونيجيريا، وأنجولا، وروديسيا، وأفغانستان، وأخرها الإبادة الجماعية للفلسطينيين بغزة على يد الاحتلال الإسرائيلى "
جوهر انهيار النظام العالمى استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها، وأصبحت فعالية قواعد القانون الدولي والمنظمة الدولية استثناء
ويذكر " أن القوى العظمى في تنافسها العالمي، انتهكت بشكل تعسفي قواعد القانون الدولي، والسلامة الإقليمية والسيادة وحق الدول في تقرير المصير. فقد استُخدمت القوة العسكرية تحت ستار شعارات أيديولوجية. وكانت حدود الدول تتغير باستمرار، وتم استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها (كوريا وفيتنام والشرق الأوسط والأدنى وباكستان والقرن الأفريقي، وغيرها). وفي كل صراع، كانت الولايات المتحدة الأمريكية على قمته بتقديمها مساعدات عسكرية مباشرة لحلفائها، وأخرها اوكرانيا ثم إسرائيل فى الإبادة الجماعية للمدنيين فى قطاع غزة بفلسطين، فضلاً عن السباق غير المسبوق في الأسلحة النووية والتقليدية حتى الأسلحة الفضائية، ومواجهة مسلحة بين القوى العظمى وحلفائها في جميع القارات وفي جميع المحيطات، وهو سباق تسبب في تكاليف اقتصادية ضخمة لجميع الدول."
ويضيف "لقد أظهرت السنوات الأخيرة من القرن الحادى والعشرين بوضوح أن قواعد القانون الدولي والمؤسسات الدولية لا تعمل إلا على سبيل الاستثناء، وفي تلك الحالات النادرة عندما تتيقن القوى الكبرى من مصلحتها المشتركة. وبخلاف هذا الأمر فلا احترام لقواعد وأحكام القانون الدولى الذى يدخل فى إجازة، وبهذه المثابة فإن الأمن القومي للدول، يتعرض للتهديد واحتمال نشوب حرب نووية عالمية، فلقد عاشت الشعوب وفقدت البشرية الكثير منها من جراء حربين عالميتين فى النصف الأول من القرن العشرين. وأصبحت شعوب العالم اليوم تشعر بالندم على النظام العالمي الحالى المفقود الذي أصبح على حافة الانهيار والدمار الشامل."
البشرية تعانى فوضى عالمية غير مسبوقة وحرباً عالمية ثالثة وشيكة ستضع ميثاقاً جديداً لتهديدات بقاء البشرية
يقول الدكتور محمد خفاجى "تعاني البشرية حالة الفوضى العالمية غير المسبوقة فى كثير من المجالات، من حيث تغير المناخ وتدمير الموائل الطبيعية - ويقصد بها البيئة الطبيعية التي يعيش فيها الكائن الحي من غابات ومراعي وصحاري ومياه، ولكل كائن موئله المناسب - واستنفاد الموارد الطبيعية. وتهديدات صحة الإنسان كالأوبئة، وظهور حالات جديدة للحروب مثل الحرب السيبرانية، وحرب الفضاء، والحرب البكتريولوجية. والحروب بالوكالة، ثم بحر الصين الجنوبي وتايوان، والأوضاع الدولية الموروثة في الشرق الأوسط على رأسها حرب إسرائيل والإبادة الجماعية للفلسطينيين بقطاع غزة، مما ترتب عليه من عدم الوفاء بالالتزامات المترتبة على المعاهدات الدولية، وأصبحت قواعد القانون الدولي العرفي مفتقرة إلى التطبيق والفعالية على الواقع الأليم للدول."
ويختتم الدكتور محمد خفاجى " إن حرباً عالمية ثالثة وشيكة سوف تضع ميثاقاً جديداً للمجتمع الدولي، ونأمل ألا تكون هناك حاجة إلى حرب عالمية ثالثة لوضعه. ذلك إن شعوب الكرة الأرضية تعترف اعترافاً مؤلماً بالتحديات التي تهدد بقاء البشرية وازدهارها وللقضاء على الواقع المحموم للعالم الإنساني المعاصر، وهو ما يتوقف على الوعى العام العالمي وقوة تأثيره لوضع نموذج جديد للقانون الدولي وقواعده وأحكامه باعتباره القانون الفعلى لمجتمع دولي حقيقي في ظل سيادة القانون الدولي سيادة فعلية تكفل للشعوب العيش فى أمان وعدل، كما يكفل للدول سيادتها دون تدخل وانتهاء الاحتلال البغيض من إسرائيل الغاصبة لأرض فلسطين العربية.
اقرأ أيضاًمصدر أمني يكشف موعد انتهاء المهلة الممنوحة للأجانب المقيمين بالبلاد
سقوط رجل أعمال هارب من 106 سنة سجن وغرامات بلغت أكثر من 11 مليون جنيه
ضبط 87 مخالفة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق بالمنيا
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قاض مصري نائب رئيس مجلس الدولة قواعد القانون الدولی منظمة العفو الدولیة والمؤسسات الدولیة القوة العسکریة القانون الدولى الأمم المتحدة السلام والأمن عالمیة ثالثة القوى العظمى على السلام
إقرأ أيضاً:
استخدام إسرائيل سلاح التجويع بحربها على غزة من منظور القانون الدولي الإنساني
يُعَاني قطاع غزَّة أزمة إنسانيَّة متفاقمة ومتعددة الأبعاد والتَّداعيات، نتيجة سياسات التَّجويع التي تستخدمها قوَّات الاحتلال الإسرائيلي تجاه القطاع منذ السَّابع مِن تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث تستخدم إسرائيل سلاح الجوع والتَّجويع كإحدى أدوات وأساليب الحرب، فقد أعلنت منذ اليوم الأول للحرب عن فرض حصار شامل وكامل على القطاع، وقطعت إمدادات المياه والكهرباء، وأغلقت المعابر الحدوديَّة، واعتبرت قطاع غزَّة كيانا معاديا.
تحدث هذه الجريمة رغم أن القانون الدَّولي الإنساني يحظر استخدام تجويع السُّكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، ولا يجوز للطَّرف الذي يفرض الحصار أن يعمد إلى حرمان المدنيِّين من الإمدادات الأساسيَّة لبقائهم على قيد الحياة (مثل الغذاء والمياه والإمدادات الطبيَّة) في منطقة مُحاصَرة، وأن يتَّخذ ذلك وسيلة مشروعة لإخضاع عدوِّه.
يُعدُّ تجويع المدنيين أسلوبا محظورا من أساليب الحرب في القانون الدولي الإنساني الحديث. وقانونيّا يُعرَّف التَّجويع بأنّه حرمان المدنيِّين عمدا من الطَّعام إلى جانب حرمانهم من دُخُول المساعدة الإنسانيَّة، وهو ما يعتبر دليلا كافيا على أنَّ تجويعَهُم هو الغَرض الأساسي مِن الحِصار. وتستمدُّ هذه القاعدة شرعيَّتها من مبدأ التَّمييز المنصوص عليه في القانون الدَّولي الإنساني، للمرَّة الأولى في البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 المادة 54 (1) من البروتوكول الإضافي الأول: المادة 14 من البروتوكول الإضافي الثاني، واليوم تعتبر قانونا عرفيّا في النِّزَاعات المسلَّحة الدوليَّة وغير الدوليَّة (القانون الدَّولي الإنساني العرفي، القاعدة 53).
يعتبر التَّجوِيع جزءا من الإبادة الجماعيَّة التقليديَّة، التي تُركِّز على التَّدمِير الجسدي والبيولوجي للمجموعة العرقيَّة، ويعتبر التجويع أحد الأفعال الماديَّة التي إذا ما ارتكبت في سياق معيَّن يمكن اعتباره فعلا مِن أفعال الإبادة الجماعيَّة في اتفاقيَّة الإبادة الجماعيَّة لعام 1948
كما نصَّ نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيَّة الدوليَّة عام 1998 على أنَّ تجويع المدنيِّين عمدا عبر "حرمانهم من العناصر الأساسيَّة لبقاء حياتهم، بما في ذلك تعمُّد عرقلة إمدادات الإغاثة"، يُعدُّ جريمة حرب، ولا يشتَرط القصد الإجرامي اعتراف المعتدي؛ بل يمكن استنتاجُه من مجمل الظُّروف المحيطة بالحملة العسكريَّة، ومع ذلك فإنَّ هذا التصنيف ينطبق فقط على النِّزاعات المسلَّحة الدوليَّة.
يعتبر التَّجوِيع جزءا من الإبادة الجماعيَّة التقليديَّة، التي تُركِّز على التَّدمِير الجسدي والبيولوجي للمجموعة العرقيَّة، ويعتبر التجويع أحد الأفعال الماديَّة التي إذا ما ارتكبت في سياق معيَّن يمكن اعتباره فعلا مِن أفعال الإبادة الجماعيَّة في اتفاقيَّة الإبادة الجماعيَّة لعام 1948. ويُعرّف التَّعليق على البروتوكولات الإضافيَّة لاتفاقيَّات جنيف لعام 1977 التَّجويع بأنَّه "سلاحٌ لإبادة السُّكَّان أو إضعافهم"، إلَّا أنَّ النصَّ الصَّرِيح الذي يحمي المدنيين، ويَحْظِر استخدام التَّجْوِيع كسِلَاح حربٍ مَوجُود في المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول، وتنصُّ على أنَّه "يُحظَر مُهَاجمَة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد الَّتِي لا غنى عنها لبقاء السُّكَّان المدنيين، مثل المواد الغذائيَّة والمناطق الزراعيَّة لإنتاجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشُّرب والإمدادات وأعمال الري، بغرضٍ محدَّدٍ هو حرمان السكَّان المدنيِّين أو الطَّرف الخصم من قيمتها الغذائيَّة، مهما كان الدَّافع، سواء كان ذلك لتجويع المدنيِّين أو لإجبارهم على النُّزُوح أو لأيِّ دافع آخَر".
منظَّمَة أوكسفام الخيريَّة الدولية، أكدت في تقاريرها أنَّ التَّجويع يُستخدم كسِلَاح حرب ضد المدنيِّين في غزَّة، وجدَّدَت دعوتها للسَّمَاح بدخول الغذاء والماء والوقود وغيرها من الضَّرُوريات، وقامت الوكالة الدوليَّة بتحليل بيانات الأمم المتحدة، ووَجَدت أنَّ 2 في المئة فقط من الغِذَاء الَّذِي كان من المفترض أن يتمَّ تسليمُه دخَل غزَّة منذ فرض الحِصَار الشَّامل الَّذِي قد شُدِّد حاليا.
كما أن اللَّجنة الخاصَّة للأمم المتَّحدة للتحقيق في الممارسات الإسرائيليَّة كانت قد أصدرت تقريرا سابقا، أكَّدت فيه على أنَّ الحرب التي تشنُّها إسرائيل في غزَّة تتسق مع خصائص الإبادة الجماعيَّة، مع سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيِّين، وفرض ظروف تُهدِّد الحياة عمدا على الفلسطينيِّين هناك. ويغطي التقرير الفترة من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى تموز/ يوليو 2024. وقالت اللَّجنة: "من خلال حصارها لغزة، وعرقلة المساعدات الإنسانيَّة، إلى جانب الهجمات المستهدفة وقتل المدنيِّين وعُمَّال الإغاثة، وعلى الرغم من النِّداءات المتكرِّرة للأمم المتحدة، والأوامر الملزمة من محكمة العدل الدوليَّة، وقرارات مجلس الأمن، فإن إسرائيل تتسبَّب عمدا في المَوت والتَّجويع والإصابات الخطيرة، باستخدام التَّجويع -كأسلوب من أساليب الحرب- وفرض عُقُوبَات جماعيَّة على السكَّان الفلسطينيِّين".
إسرائيل تتسبَّب عمدا في المَوت والتَّجويع والإصابات الخطيرة، باستخدام التَّجويع -كأسلوب من أساليب الحرب- وفرض عُقُوبَات جماعيَّة على السكَّان الفلسطينيِّين
وكانَ مَسؤُول السياسة الخارجيَّة في الاتِّحاد الأوروبي السَّابق "جوزيب بوريل" قد أكَّد على "أنَّ إسرائيل تتسبب في مجاعة في غزة، وتستخدم التَّجويع كسلاح حرب، وقال بوريل في افتتاح مؤتمر حول المساعدات الإنسانيَّة لغزَّة في بروكسل: "في غزَّة لم نعد على شفا المجاعة، نحن في حالة مجاعة تُؤثِّر في آلاف الأشخاص"، بينما أكَّد مُفوِّض عام وكالة الأمم المتَّحدة لغوث وتشغيل اللَّاجئين الفلسطينيِّين "أونروا" فيليب لازاريني أنَّ إسرائيل استخدمت الجُوع كسِلَاح في قطاع غزَّة، مشيرا إلى حرمان السُّكَّان من الضَّرُوريات الأساسيَّة للبقاء على قيد الحياة.
بفضل هذه السياسات ويواجه أكثر من مليوني فلسطيني في غزَّة أزمة إنسانيَّة غير مسبوقة نتيجة القيود الإسرائيليَّة المفْرُوضة على دُخُول المساعدات منذ مطلع آذار/ مارس 2025، عقب انهيار المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة. ووفقا لتقرير التَّصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الصَّادر مؤخرا، سيواجه 470 ألف شخص في غزة جوعا كارثيّا (المَرْحلة الخامسة والأشد من التَّصنيف) خلال الفترة بين أيار/ مايو وأيلول/ سبتمبر 2025، بزيادة قدرها 250 في المئة عن تقديرات التَّصنِيف السَّابقة. ويُحدِّد التَّقرير أنَّ السُّكَّان بأكملهم يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، كما يُتوقَّع أن يحتاج 71 ألف طفل وأكثر من 17 ألف أُم إلى علاج عاجل من سوء التَّغذية الحاد.
وفي بداية عام 2025 قدَّرَت الوكالات أنَّ 60 ألف طفل سيحتاجون إلى العِلَاج العاجل، حيث أكدت "هيُومن رايتس ووتش" أنَّ أطفال غزَّة يموتُون مِن مُضَاعفات الجُوع منذ أن بدأت الحكومة الإسرائيليَّة في استخدام التَّجويع كسِلَاح حرب، وهو ما يُعدُّ جريمة حرب. وقد ذكر أطبَّاء وعائلات في غزَّة أنَّ الأطفال -بالإضافة إلى الأمَّهات الحوامل والمرضعات- يُعَانون من سوء تغذية حاد وجفاف، وعدم تأهيل المستشفيات لعلاجهم.