تركيا والخليج.. تحدّيات مشروع طربق التنمية
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
في 22 أبريل الماضي، وقعّت تركيا والعراق وقطر والإمارات مذكرة تفاهم رباعية للتعاون في مجال إنشاء مشروع "طريق التنمية"، وذلك بحضور كل من رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، خلال الزيارة التي قام بها الرئيس التركي إلى العاصمة العراقية، بغداد. وفي حديثه عن المشروع خلال الزيارة إيّاها، قال الرئيس لتركي إنّ بلاده تعتزم تقديم المساعدة للعراق لضمان إنجاز المشروع في أسرع وقت ممكن وتحقيق أهداف المنطقة الاقتصادية والتنموية.
ويوفر مشروع طريق التنمية شبكة من المواصلات البرية وخط سكة حديد بطول 1200 كلم، ويربط تركيا بالخليج العربي ـ ومنه الى بحر العرب وما بعده ـ عبر العراق عند نقطة ميناء الفاو الكبير. ويسهم المشروع في جعل الخط جزءًا من خط التجارة البري والبحري الذي يربط آسيا ـ وفي قلبها الشرق الأوسط ـ بأوروبا عبر العراق وتركيا عند ميناء الفاو العراقي ومرسين التركي. المشروع يزيد من الأهمية الجيو ـ سياسية والجيو ـ اقتصادية لكل من تركيا والعراق. العراق أطلق المشروع العام الماضي 2023 وذلك للمساعدة على تحويل البلاد الى جسر للبضائع القادمة من آسيا إلى الخليج ومنه إلى أوروبا، حيث يُعرف المشروع محلياً باسم "القناة الجافة".
يوفر مشروع طريق التنمية شبكة من المواصلات البرية وخط سكة حديد بطول 1200 كلم، ويربط تركيا بالخليج العربي ـ ومنه الى بحر العرب وما بعده ـ عبر العراق عند نقطة ميناء الفاو الكبير. ويسهم المشروع في جعل الخط جزءًا من خط التجارة البري والبحري الذي يربط آسيا ـ وفي قلبها الشرق الأوسط ـ بأوروبا عبر العراق وتركيا عند ميناء الفاو العراقي ومرسين التركي.ويعتبر العراق واحداً من أهم الشركاء التجاريين لتركيا حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بينهما خلال العام 2023 حوالي 20 مليار دولار. ومن هذا المنطلق، ينسجم المشروع أيضاً مع تطلعات تركيا إلى زيادة حجم اقتصادها كأكبر اقتصاد غير نفطي في الشرق الأوسط، والى لعبها دور محوري كأكبر محطّة للتجارة الدولية في المنطقة حيث تتقاطع كل الطرق البريّة والبحريّة للتجارة بين الشرق والغرب وكذلك أنابيب الطاقة من نفط وغاز. علاوةً على ذلك، يحقق المشروع طموح تركيا في ربط إقتصادها بالخليج العربي بأقصر وأسرع طريقة ممكنة من خلال العراق.
تقدّر تكلفة المشروع بحوالي 17 الى 20 مليار دولار. وبالنظر إلى حجم الاستثمارات الضخم اللازم لإنجاز المشروع، فقد كان من المنطقي أن تدخل دول أخرى مثل الإمارات وقطر على خط المشروع. بالنسبة إلى قطر، فالمشروع ذو اهمّية استراتيجية خاصة بعد تجربة أزمة الحصار عام 2017 التي عزلت قطر على العالم تقريباً، وإضطرت تركيا حينها أن ترسل المساعدات الى الدوحة عبر الجو. لكن هذا الخيار كان مرتفع التكلفة وغير مستدام، فتمّ الاستعاضة عنه بالخيار البري عبر إيران، لكنّ الأخيرة استغلّته أيضاً لإبطاء وتيرة المساعدات التركية للحصول على نسبة أعلى من البضائع المتّجهة الى الدوحة فضلاً عن أفضليات تجارية أخرى.
أمّا بالنسبة إلى الإمارات، والتي تعتبر عقد مواصلات تجارية في المنطقة لكل البضائع القادمة من الخارج لاسيما من شرق آسيا، فالمشروع يُضاعف من قدراتها على التصدير وإعادة التصدير، كما يجعلها في موقع مناسب جداً وتنافسي بين مشاريع الربط لإقليمية المتنافسة الأخرى كمشروع الهند ـ الشرق الأوسط ـ أوروبا، أو مشروع طريق الحرير. ويساعد المشروع الإمارات في مجال تنويع إقتصادها وتقليص الإعتماد على النفط والغاز مقابل زيادة الإعتماد على مصادر الدخل الأخرى غير النفطية وعلى رأسها التجارة والتصدير وإعادة التصدير.
وفقاً لوزير النقل والبنية التحتية التركي عبد القادر أورال أوغلو، فإنّ التوصل إلى المشروع جاء بعد جولات عديدة من المباحثات على مدى الأشهر الماضية أفضت في نهاية المطاف الى إنشاء آلية مشتركة بين تركيا والعراق شبيهة بالمجلس الوزاري، وذلك لمتابعة تنفيذ المشروع، على أن تنضم الإمارات وقطر لاحقا. ومن المتوقع أن يتم إنجاز المشروع على ثلاثة مراحل، تنتهي المرحلة الأولى منه عام 2028، والثانية عام 2033، والثالثة في 2050. ولا شك أنّ التكلفة العالية فضلاً عن طول الفترة الزمنية المطلوبة لتنفيذ المشروع يعد من العقبات الرئيسية التي ستواجهه مستقبلا.
كان من اللافت ألا نرى الكويت في المشروع، علماّ بأنّها ستكون واحدة من أكثر الدول استفادة منه. ولعل الإحجام الكويتي عن المشاركة ـ على الأقل في هذه المرحلة ـ إنما يعود الى الإشكال الحاصل بينها وبين العراق حول تنظيم الملاحة في خور عبدالله والتنافس بين ميناء الفاو العراقي وميناء مبارك الكويتي الذي لم يُستكمل بعد. لكن كان من الأفضل للكويت أن تستغل وجود تركيا وقطر والامارات للمساعدة على التفاوض مع العراق لحل أي إشكالية من شأنها أن تعرقل مشروع طريق التنمية أو أن تعزل الكويت لاحقاً وتبقيها خارج المشروع، هو الأمر الذي سيحصل اذا استمر الموقف الكويتي على حاله.
المشروع يزيد من الأهمية الجيو ـ سياسية والجيو ـ اقتصادية لكل من تركيا والعراق. العراق أطلق المشروع العام الماضي 2023 وذلك للمساعدة على تحويل البلاد الى جسر للبضائع القادمة من آسيا إلى الخليج ومنه إلى أوروبا، حيث يُعرف المشروع محلياً باسم "القناة الجافة".لكن من المنتظر بطبيعة الحال أن يواجه المشروع عقبات وتحدّيات وتهديدات جمّة من بينها عدم استقرار الوضع في العراق وتهديد الميليشيات الإرهابية التي تتواجد في شمال البلاد وجنوبه لمستقبل هذا المشروع في أي وقت من الأوقات. ومن دون الاستقرار السياسي والأمني للعراق، سيكون من الصعوبة المضي قدماً في المشروع. علاوةً على ذلك، يشكّل النفوذ الإيراني في العراق عقبة رئيسية لهذا المشروع، إذ لطالما عملت إيران على تعطيل وصول البضائع والاستثمارات وشركات الإنشاءات التركية إلى جنوب العراق بكافة الطرق للحفاظ على حصتها في هذه السوق من جهة، وللحد من وصول البضائع التركية إلى الخليج بسلاسة من جهة أخرى.
ولا شك أنّ إيران ترى في هذا المشروع عقبة أمامها لترسيخ نفوذها الاقتصادي في العراق على المدى البعيد، وهي تدرك أنّ للمشروع أفضلية مع الخليج من وجهة ومع أوروبا من جهة أخرى ما يخلق محفّزاً رئيسياً لديها لتعطيله بكل الوسائل الممكنة خاصّة أنّه قد يتعارض مع مشروعها لخط الجنوب ـ شمال من الهند الى روسيا ومنها الى أوروبا. للمشروع أيضاً أكثر من خصم، فهو يتعارض مع مشروع الهند ـ الخليج ـ إسرائيل ـ أوروبا المدعوم أمريكياً، والذي يهدف إلى دمج إسرائيل في المنطقة سياسياً واقتصادياً وتجارياً.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا الخليج الخليج تركيا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ترکیا والعراق طریق التنمیة الشرق الأوسط میناء الفاو عبر العراق مشروع طریق المشروع فی
إقرأ أيضاً:
«شغّلني» تطلق مشروعًا لتشغيل 825 شابًا من سوهاج وقنا بدعم من «ساويرس للتنمية»
أطلقت شركة «شغّلني» مشروعًا جديدًا لتأهيل وتشغيل الشباب في محافظتي سوهاج وقنا، بدعم من مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية وبالتعاون مع مؤسسة التعليم من أجل التوظيف – مصر، وذلك في إطار احتفال الشركة بمرور عشر سنوات على تأسيسها. ويستهدف المشروع توفير فرص عمل لائقة لـ 825 شابًا وشابة من خلال برامج تدريب مهني تستجيب لاحتياجات سوق العمل وضغوط الطلب في القطاعات الأكثر نموًا.
يرتكز البرنامج على إعداد كوادر مهنية للعمل في القطاعات المزدهرة بمحافظة البحر الأحمر، وعلى رأسها السياحة والفندقة، والصناعات البحرية المرتبطة بصناعة المراكب واليخوت وخدمات الصيانة، إلى جانب مجالات التسويق والمبيعات. ويستهدف المشروع سد فجوات المهارات في القطاعات سريعة النمو، خاصة مع الطلب المتزايد على العمالة الفنية المدربة مع توسّع الاستثمارات السياحية والعقارية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
يمتد المشروع لمدة 3 سنوات ابتداء من ديسمبر الجاري، ويتضمن تدريبًا عمليًا ونظريًا يتيح للمتدربين الانتقال المباشر إلى فرص عمل رسمية. ويأتي هذا المشروع ليعكس مسار «شغّلني» الممتد منذ انطلاقها في السوق المصري، حيث نجحت خلال العقد الماضي في توفير أكثر من 10 آلاف فرصة عمل وتنظيم نحو 30 ملتقى توظيف سنويًا، إلى جانب تأسيس مركزين دائمين لخدمات التوظيف في كل من القاهرة الكبرى وسوهاج.
وفي تصريح له، قال عمر خليفة، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة شغّلني، إن المشروع يمثل مرحلة جديدة في توجه الشركة نحو تقديم تدخلات تستند إلى احتياجات سوق العمل الفعلية، مؤكدًا أن محافظات الصعيد تمثل كتلة شبابية قادرة على دعم النمو الاقتصادي إذا توفرت لها المهارات المناسبة. وأضاف أن التوسع في القطاعات السياحية والعقارية بالبحر الأحمر يخلق طلبًا متزايدًا على المهارات المهنية، ما يجعل التدريب المتخصص شرطًا أساسيًا للاندماج في سوق العمل.
ومن جانبها، أكدت ليلى حسني، المديرة التنفيذية لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، أن المشروع يتسق مع الاستراتيجية الممتدة للمؤسسة (2023–2028) التي تستهدف توفير 8 آلاف فرصة عمل جديدة خلال الأعوام المقبلة، مع التركيز على دعم مشاركة المرأة في سوق العمل وضمان فرص عادلة للشباب. وأوضحت أن اختيار المحافظتين جاء بناء على دراسات لسوق العمل، أظهرت حاجتهما إلى برامج تدريب تتوافق مع القطاعات الأكثر تطورًا في البحر الأحمر والصعيد.
وأشار أنيس أكليمندوس، رئيس مجلس أمناء مؤسسة التعليم من أجل التوظيف – مصر، إلى أن المؤسسة قامت منذ تأسيسها بتدريب أكثر من 43 ألف شاب وشابة، مؤكدًا أن دعم المهارات الفنية والمهنية بات عنصرًا رئيسيًا لرفع القدرة التنافسية للاقتصاد المصري. وأكد أن الشراكة بين القطاع الخاص والمجتمع المدني تمثل عنصرًا حاسمًا في بناء منظومة تشغيل مستدامة.
ويعكس المشروع توجهًا متزايدًا لاستخدام التدريب المتخصص كأداة تنموية لمعالجة فجوة المهارات بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، خاصة في القطاعات التي تشهد نموًا متسارعًا في البحر الأحمر والصعيد. ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تعزيز قدرات الشباب على الاندماج المهني، وخلق مسارات اقتصادية أكثر استدامة للأسر في المحافظتين خلال الفترة المقبلة.