من قرى ببيت الفقيه وزبيد الخضارية إلى باجل والدريهمي، وغيرها من مناطق تهامة في محافظة الحديدة، يتعرض الأهالي إلى جرائم وحشية على يد مليشيا الحوثي ذراع إيران في اليمن، التي تحاول فرض مشروعها الطائفي السلالي بالقوة، وكذا بسط سيطرتها على المحافظة الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر.

انتهاكات بشعة يتعرض لها أبناء تهامة على يد هذه المليشيا التي تستقوي باتفاق الحديدة الذي أبرمته مع الحكومة اليمنية في السويد أواخر 2018 برعاية أممية، فمنذ اللحظة الأولى للاتفاق كثف الحوثيون من عمليات القتل الممنهجة وحملات المداهمة للقرى والمناطق السكنية واختطاف واعتقال المدنيين وتوجيه لهم التهم الكيدية بهدف ترهيب الأهالي وإخضاعهم وصولاً إلى تهجيرهم من مناطقهم ومزارعهم.

 

آخر ما ارتكبته تلك المليشيا الإجرامية كان بحق أهالي قرية الدقاونة شمالي الحديدة، قوة مدججة بأسلحتها تهاجم القرية وتروع المواطنين الآمنين، مما أدى إلى إصابة العشرات من المواطنين بينهم نساء وأطفال، واختطاف مجموعة منهم، وممارسة أبشع صور الظلم والقهر، كل ذلك للبسط والسطو على أراضيهم وممتلكاتهم.

التهجير القسري 

تعد بلدة "الدقاونة" التابعة إدارياً لمديرية باجل وتقع قرب الخط الدولي بجوار ما تسمى "المنطقة الصناعية"، أحدث القرى المتضررة من حملات نهب الأراضي المنظمة التي ينفذها الحوثيون بقوة السلاح ضد المدنيين العُزل وتحت غطاء تشجيع وجذب المستثمرين للحديدة.

نحو 40 مليوناً و300 ألف متر مربع في شمال الحديدة، تم الاستيلاء عليها من قبل قيادات وشركات وهمية بزعم الاستثمار وكمظلة محصنة لحجب نشاطها العسكري. وامتدت عمليات النهب لتصل إلى منازل المواطنين ومزارعهم من خلال أحكام قضائية جرى إصدارها من قبل قضاة موالين للميليشيات. مشاهد موثقة لعمليات اقتحام قرية "الدقاونة" بالأطقم العسكرية وطرد النساء والأطفال من منازلهم التي يقطنونها منذ عشرات السنين، في حين تم اعتقال رجال القرية واقتيادهم للسجون وإرسال بعضهم للجبهات للتخلص منهم.

إحصائيات أولية أكدت أن أكثر من 100 ألف أسرة من سكان القرى المحيطة بما باتت تعرف بالمنطقة الصناعية تواجه خطر التهجير والترحيل القسري من منازلهم ومزارعهم بهدف منحها لقيادات حوثية بغطاء تنفيذ مشروعات استثمارية. العملية الحوثية برزت بشكل واضح في العام 2022 من خلال إقرار صرف نحو 200 مساحة واسعة لشركات استثمارية وهمية تابعة لقيادات حوثية في المنطقة الصناعية وما جاورها بعيداً عن القوانين واللوائح الدستورية المنظمة للاستثمار في اليمن.

ما يجري في مديرية باجل، ليس مغايراً لما يجري في باقي المديريات التابعة لمحافظة لحديدة والخاضعة لسيطرة الميليشيات. تقارير حقوقية محلية وأممية سابقة وثقت نهب قيادات حوثية لمساحات كبيرة من الأراضي والمباني والمزارع في الدريهمي وبيت الفقيه والتحيتا والصليف ورأس عيسى وغيرها.

ووفقاً للتقارير، تمكنت الميليشيا من الاستحواذ على مساحات كبيرة من أراضي المواطنين والمزارع تصل قيمتها لعشرات المليارات من الريالات، وتم نقل ملكيتها بأوامر قضائية وحكومية لصالح قيادات حوثية أو موالين لهم، من بينها مساحات كبيرة في قرية "القصرة" التابعة لمديرية بيت الفقيه. كما استولت المليشيات على مساحات شاسعة من الأراضي تقدر قيمتها بـ80 مليار ريال في مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة، بحُجة أنها أراضي أوقاف، على الرغم من تأكيدات المواطنين المحليين لملكيتهم إياها.

القضاء للترهيب

عمليات النهب والاستيلاء على أرض تهامة، لم تكن بمعزل عن جرائم أخرى تم ارتكابها علنياً بحق المواطنين العزل وبأحكام قضائية. فالميليشيات الحوثية ومن اللحظة الأولى سعت إلى استغلال سيطرتها للقضاء من أجل استخدامه كأداة لقمع المناوئين وبسط سيطرتهم ونفوذهم بالقوة على المحافظات اليمنية.

عمليات الاستيلاء على أراضي المنطقة الصناعية شمال الحديدة، تزامنت مع عملية ترهيب نفذتها الميليشيات الحوثية ضد أبناء تهامة لقمع أي احتجاجات أو انتفاضة شعبية رداً على ما تقوم به القيادات من بسط واستحواذ على أراضي ومزارع المواطنين. عملية الترهيب كانت من خلال اعتقال عدد من أبناء الحديدة وتلفيق لهم تهماً كيدية وصولاً إلى إصدار أحكام إعدام جائرة بحقهم. كما أن الميليشيا قامت بنشر صورهم والتجوال بها في شوارع الحديدة في محاولة لتخويف المواطنين وترهيبهم بأحكام الإعدام التي تمارسها بحق أبناء المحافظة تارة بتهمة الخيانة وتارة أخرى بتهمة التجسس لصالح أميركا وبريطانيا وإسرائيل.

النشطاء الحقوقيون في الحديدة أكدوا أن الميليشيا الحوثية ومن خلال تلويحها بإعدام 11 مختطفاً لديها من أبناء الحديدة، يندرج ضمن ممارساتها الإجرامية والقمعية بحق المدنيين لإسكات الأصوات الحرة وإخضاعها، مشيرين إلى أن ما قامت به الميليشيا في منتصف سبتمبر 2021 مت إعدام 9 من أبناء تهامة بينهم قاصر وسط ميدان التحرير في صنعاء دليل واضح على بشاعة الإجرام الحوثي بحق أبناء الحديدة بشكل خاص.

إذلال علني 

قبل أيام أطلق نشطاء حقوقيون وإعلاميون ومدافعون عن حقوق الإنسان مبادرة تحت اسم "معاً لأجل تهامة"، بهدف التصدي لجرائم الميليشيات الحوثية وفضحها للرأي العام المحلي والعالمي.

وقال بيان المبادرة، إن الحوثيين جماعة مدفوعة بأيديولوجيات طائفية متطرفة، من خلال تكثيف حملاتها الإجرامية ضد أبناء تهامة، وآخرها الاختطاف المروع لـ11 شخصاً من الأبرياء واتهامهم زوراً بالتجسس لصالح أميركا وإسرائيل، في حين تعرض المختطفون للتعذيب والإذلال العلني بما في ذلك العرض الفاضح لهم في الأماكن العامة وتدنيس صورهم في إطار حملة الترهيب المستمرة.

وأكدت المبادرة أن الاتهامات والإعدامات التي تترافق مع تنكيل وإرهاب لعائلات المتهمين والمجتمع التهامي ليست عرضية، بل تعكس نمطاً مستمراً من النهج الإجرامي الطائفي وانتهاكات حقوق الإنسان بحق أبناء تهامة. 

وأشار النشطاء والحقوقيون في مبادرتهم إلى أن النهج الحوثي الإرهابي شمل أيضا الاختطافات والتعذيب والقتل ونهب الأراضي وقتل من يقاوم ذلك، كما حدث في قرية بن عباقة. إلى جانب التهجير القسري للسكان كما حدث في الدريهمي وبيت الفقيه والقصرة وأخيراً في الدقاونة بمديرية باجل.

وناشدت المبادرة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية والمجتمع الإقليمي والدولي من أجل التدخل الفوري لإيقاف المجازر التي ترتكبها الميليشيات بحق أبناء تهامة. واتخاذ إجراءات حاسمة لمنع المزيد من الإبادات الجماعية والتهجير، والخروج من مربع الصمت الذي شجع الميليشيات على التمادي في إرهابها وإجرامها ضد المدنيين في الحديدة وباقي المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرتها.

المطالبة بالحقوق

كل ما يتعرض له أبناء الحديدة من انتهاكات كان نظير مطالبتهم بالحقوق ورفضهم للجرائم البشعة التي يتعرضون لها منذ سنوات على يد الميليشيات الحوثية التي تتفنن في انتهاكاتها في المناطق التهامية. فرغم القمع والترهيب لا يزال أبناء تهامة مصرين على انتزاع حقوقهم ورفض ما يتعرضون له من جرائم وانتهاكات ترتقي لجرائم حرب.

ويؤكد الإعلامي الناشط الحديدي، عبدالله الحلبي، أن أبناء الحديدة لا يزالون شعباً حياً يطالب بحقوقه رغم القمع والترهيب والاعتقالات الجماعية. وبات اليوم يقدح بصوت عالٍ وهو في وسط مناطق قبضتهم الإرهابية"، مشيراً إلى أن المواطن التهامي ليس غبياً، ويعلم بكل الأموال التي تُنهب والمتاجرة بمعاناته".

وقال: ثلاثة أحداث مؤسفة في محافظة الحديدة خلال شهر واحد تشير جميعها إلى تورط جماعة الحوثي الإرهابية في استفزازات متعمدة لعملية خلط الأوراق، بدأت هذه الأحداث بتهجير سكان القرى الأصليين وتشريدهم بشكل ممنهج بالدقاونة، واعتقالات جماعية وإصدار أحكام الإعدامات، وأخيرا ارتفاع سعر الكهرباء بعد ما تم نهب صندوق دعم كهرباء الحديدة.

وأضاف: تعريف الحوثي لمحافظة الحديدة بأن أراضيهم إرث إلهي وأن قومها قوم ظلالة يجب فتحها وذلك استنادًا على  فتوى قديمة أصدرها مذهبهم الكهنوتي تقول "إرشاد السامع في جواز نهب أموال الشوافع"، لافتاً إلى أن هناك رعباً حقيقياً من المارد التهامي لدى هذه الجماعة الإرهابية، هذه قراءة لأسلوبهم المستخدم لعامة الشعب من أجل ترهيبهم بقبضتهم الأمنية التي يزعمونها.

وبحسب الإعلامي الحلبي، فإن القياديين الحوثيين محمد عبدالله موساي وأحمد البشري تم تكليفهما للعمل على ترهيب سكان قرى الدريهمي بالحديدة، وأيضاً ترويج الادعاءات الكيدية الموجهة للمعتقلين وجعلهم كبش فداء من أجل تركيع أبناء تهامة والتوعد بإعدامهم أمام أهالي قريتهم.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: المیلیشیات الحوثیة أبناء الحدیدة أبناء تهامة بحق أبناء من خلال إلى أن من أجل

إقرأ أيضاً:

خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة

كشف الدكتور خالد حنفي أمين عام اتحاد الغرف العربية، خلال افتتاح أعمال المنتدى الاقتصادي العربي-اليوناني الرابع عشر، الذي عقد بعنوان: "نحو تعاون أوثق – الانشاءات والطاقة"، في أثينا – اليونان، بمشاركة وفود من 17 دولة عربية تمثل رؤساء شركات ورجال اعمال ومسؤولين، بالإضافة إلى حضور 180 رجل أعمال يوناني يمثلون رؤساء شركات ومسؤولين، إلى جانب حضور عدد من السفراء العرب المعتمدين في اليونان، بالإضافة إلى رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، عن إطلاق اتحاد الغرف العربية أربعة مبادرات للتعاون بين العالم العربي واليونان "المبادرة الأولى تقوم على بناء جسور بين العالم العربي واليونان من أجل التعاون في مجال إعادة الإعمار، حيث هناك مبالغ مرصودة تقدّر بنحو 450 إلى 500 مليار دولار للدول العربية التي تحتاج إلى إعادة إعمار".


وتابع: "أما المبادرة الثانية فتقوم على إنشاء ممر للهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة، من خلال التشبيك بين الشركات الموجودة في العالم العربي واليونان، وذلك عبر التنسيق والتشاور بين القطاع الخاص من كلا الجانبين ولا يسما بين اتحاد الغرف العربية والغرفة العربية اليونانية".


وتقوم المبادرة الثالثة وفق أمين عام اتحاد الغرف العربية على إنشاء مركز للذكاء الاصطناعي في الطاقة والمياه، حيث أنّ الدراسات تشير إلى أنّ الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يساهم في خفض نسبة الانبعاثات الكربونية بنسبة 30 في المئة، وفي حال نجحنا في إدارة هذا الملف بالشكل المطلوب فإننا سنتمكّن من تحقيق النجاح المطلوب في ملف إعادة الإعمار.


أما المبادرة الرابعة والأخيرة المقترحة من جانب اتحاد الغرف العربية، بحسب الدكتور خالد حنفي، فتقوم على تحالف لوجستي وإنشاء موانئ محورية تقوم على مبدأ التعاون لا التنافس وذلك ضمن منظومة متناغمة تكون اليونان محطة محورية فيها بالشراكة مع الموانئ المحورية المتواجدة في العالم العربي، ومنها قناة السويس التي تقوم من خلال رئيس هيئة القناة الفريق أسامة ربيع بجهود جبارة وقد تجلى ذلك في الفترة الأخيرة من خلال الأزمة التي شهدها البحر الأحمر، مما ساهم في القاء ربط مصر والعالم العربي بجميع دول العالم.
 

رجال الأعمال تطالب بحوافز لتوسيع استخدامات الذكاء الاصطناعي في الزراعةمصرف المركزي القطري يخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة في 2025

وتابع: "إننا في ظل ما يواجهه العالم من تحديات اقتصادية ومناخية متزايدة، نحتاج إلى شراكة مبنية على الابتكار والمسؤولية المشتركة، تضع الإنسان والبيئة في صميم المعادلة الاقتصادية، وتُحوّل التحديات إلى فرص نمو مشتركة".


وخلال كلمة لأمين عام الاتحاد، بصفته منسّقا ومديرا لجلسة بعنوان: "الطاقة والبناء في عصر الذكاء الاصطناعي"، ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العربي-اليوناني الرابع عشر"، شدد على "أننا نحن نجتمع اليوم في لحظة مفصلية، حيث تتلاقى ثلاث قوى تشكل مستقبل الاقتصاد: الطاقة والبناء والتحوّل الرقمي من خلال الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن تشهد الاستثمارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط نموًا بنسبة كبيرة، حيث تأتي المنطقة في طليعة الاستفادة من هذه التقنيات، خصوصا وأنّ التبني الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي مع تعزيز المرونة المناخية قد يضيف ما يصل إلى232 مليار دولار إلى الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2035.

وهناك شركات كبرى في قطاع الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط بدأت فعليًا في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة التشغيلية، وذلك في ظل القلق المتزايد من الاستهلاك المتنامي للطاقة نتيجة للنمو السريع في مراكز البيانات، وهو ما يُلقي بظلاله على الطلب الكهربي مستقبلا".


وأضاف: "أما في قطاع البناء، فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يعيد تشكيل تصميم المباني، التكلفة، الصيانة، وحتى استهلاك الطاقة. كما أن التحول الرقمي في البناء من خلال الذكاء الاصطناعي يفتح فرصًا للشراكة بين القطاعين العربي واليوناني، سواء في البنية التحتية أو في بناء المدن الذكية ومستدامة".

ودعا إلى أهمية الاستفادة من خبرات اليونان، وكذلك من قدرات الدول العربية، لبناء نموذج تعاون مستقبلي يُسهم في التنمية الخضراء والرقمنة. 

ومن هذا المنطلق على القطاعين العام والخاص في اليونان والعالم العربي، التفكير في إطلاق مبادرات ملموسة ومشاريع تجريبية في مجالات الطاقة والبناء الذكية، بما يرفع من مستوى العلاقة القائمة بين الجانبين العربي واليوناني من إطارها التقليدي القائم على التبادل التجاري، إلى الشراكة الاستراتيجية بما يساهم في تحقيق التطلعات المشتركة.

طباعة شارك المنتدى الاقتصادي الذكاء الاصطناعي التحوّل الرقمي البنية التحتية

مقالات مشابهة

  • تدشين العمل بالميازين الإلكترونية في مراكز الإنزال السمكي بالحديدة
  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • الحديدة تشهد وقفات شعبية نصرة لغزة وتأكيد الجهوزية
  • هاريس يبلغ الأعرجي‏ بضرورة حماية البنية التحتية من هجمات الميليشيات
  • تهديد بهدم قبر عزّ الدين القسّام.. ما الرسالة التي يسعى بن غفير إلى إيصالها؟
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • محافظة القدس تحذّر من مخطط صهيوني لاقتلاع 33 تجمعًا بدويًا وتهجير أكثر من 7 آلاف مواطن
  • عدوان واسع في القدس.. اقتحام للأقصى والشيخ جراح وتهجير تجمعات سكانية
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • شحنات لا تصل...كيف استغل الحوثيون المهرة لتهريب السلاح والخبراء