في جدول أعمال القمة العربية التي عقدت مؤخراً في البحرين، كان يوجد كلمة للرئيس السوري بشار الأسد ليلقيها في هذه القمة، والرئيس السوري حضر فعلاً القمة ولكنه لم يلق كلمته المقرة في الجدول، فهل القمة منعت الرئيس السوري من إلقاء كلمته أم هو الذي على طريقة الذين يمتنعون عن التصويت لقرارات المجلس وهذا الامتناع يعني أن الممتنعين عن التصويت ليسوا راضين عن القرار ولكنهم بحاجة للتصويت ضده.
الرئيس السوري ببساطة كأنما هو غير راضٍ لا بالقمة ولا حتى بحال ما تسمى الجامعة العربية، ولكنه لا يحتاج للتضاد أو لموقف الضد، فكان الامتناع عن إلقاء الكلمة هو الأنسب له كموقف من القمة ومن الجامعة التي يصر على تسميتها بالعربية..
وكالة الأنباء السورية «سانا» نشرت أو بثت تحليلاً و»تعليلاً» لم يخرج في مجمله عما ذهبنا إليه، فمتراكم مواقف الرئيس الأسد حول القمة لا تسمح له بإلقاء كلمة تحافظ على هذه المواقف تجاه أداء ما تسمى القمم العربية وتجاه إصلاحات ملحة وضرورية للجامعة العربية، والرئيس الأسد بدوره لا يسمح لنفسه بتجميل أو مجاملة في قمة تتناقض مع مجمل مواقفه السابقة المعلنة أو تمثل تراجعاً عنها..
ربطاً بالقمة وما حدث لرئيس سوريا أو منه، فلعلي كمواطن أتباين مع حالة الرئيس السوري وموقفه لأن حضوره يمثل موقفاً أياً كانت الظروف والحسابات..
القضية الأهم بالنسبة لي أو تثير اهتمامي هي أن تستضيف هذه القمة في نسختها «33» البحرين، وهي التي لم تستضف أي قمة قبل ذلك أي 32 قمة، فما هو جديد البحرين أو مؤهلها الجديد لتستضيف قمة هي أكبر من حجمها السياسي والجغرافي وأكبر من قدراتها أو ثقلها السياسي؟..
هي ليست بحجم وقدرات المغرب التي استضافت قمماً كثيرة وبالذات بعد أول اتفاق «كامب ديفيد» وأول تطبيع مع الكيان الصهيوني المسمى «إسرائيل»، ولم يكن مفاجئاُ أن يناط بها ما سميت لجنة «القدس» كما هي حالة اللجنة المنبثقة من قمة ما قبل البحرين «السعودية» لتتابع ما يتصل بغزة وأي موضوع يراد تمييعه يتم تلجيمه بتلجينه من لجنة القدس إلى لجنة غزة..
ومع ذلك فالمغرب ظلت تستضيف القمم العربية قبل السير في مسألة التطبيع مع إسرائيل، ومع ذلك فكل الجلسات السرية لقمم المغرب العربية كانت تنقل فورياً وإلكترونياً إلى أمريكا وإلى الكيان الصهيوني، وإذا هذا ما عملته لجنة القدس فماذا يتوقع من لجنة غزة المنبثقة من قمة الرياض؟..
قمة البحرين أو أهلية ومؤهلات البحرين لاستضافتها إنما من نقلة التعامل من التطبيع السري مع «إسرائيل» إلى التعامل بالتطبيع العلني مع «إسرائيل»..
إذاً.. المسألة في علنية التطبيع فقط فالإمارات أكثر أهلية بتموضعها السياسي والتجاري والاقتصادي وهي سارت في التطبيع مع البحرين بذات الاتفاق، فلماذا لم تكن القمة في الإمارات؟..
من جانب آخر.. فالبحرين ظلت تلهث للتطبيع أكثر من الإمارات وفي الجانب الأهم فالنظام البحريني شريك موثوق للنظام السعودي حين يلهث للتطبيع أو يستضيف قمة والنظام الإماراتي أقل وثوقية، ولذلك فالمؤثر السعودي كان مع البحرين لاستضافة القمة وبذلك تتحقق نقلة ربط القمم بالتطبيع المباشر والعلني، والنظام السعودي هو الموجه ولم تكن المواجهة حين سرية التطبيع ولا حين علنيتها..
هكذا كان دوره في أول مفاوضات «كامب ديفيد» وبعد أداء هذا الدور عاد للمشاركة في قمة بغداد العربية وسميت «قمة الصمود والتصدي» بل وسار في المقاطعة لأنها سارت في خيار التطبيع مع إسرائيل..
إذاً كانت قمم المغرب هي بمثابة إعلان لتطبيع لا يعلن ومكن إسرائيل من التغلغل والتوغل داخل أنظمتنا ـ إن لم يكن داخل بلدانناـ فقمة البحرين هي إعلان لتجاوز سرية التطبيع والانتقال إلى علنيته وإعلانه، والواضح في قمة «البحرين» غلبة التطبيع، والطبيعي أن حاجية النظام السوري للحضور بما يمثله ذلك من تخفيف لأزماته ما أمكن ستجعل الرئيس السوري في موقف محرج وصعب كما تابعنا..
في فضائية لم أتذكرها وردت جملة لم ترد ولم تتردد لا فيها ولا في وسائل إعلام أخرى، حين قالت إن أهم أهلية للبحرين هو في وضعها أو موقفها «المحايد»، ولا أدري ما هو المقصود بـ»الحياد» أو «المحايد»، فهل البحرين تمارس موقف الحياد بين العرب و»إسرائيل» مثلاً أو بين «غزة» و»إسرائيل» خاصة والبحرين تمارس ذات توصيف الكيان الصهيوني تجاه مواطني البحرين من «الشيعة»، كما لا أدري إن كان هذا من الحيادية التي وصفت بها البحرين أم انحيازية للصهاينة؟!..
إذا كان أحد يعرف أهلية البحرين لاستضافة قمة غير ما ذكرت فأرجوه وأستجديه أن ينورني وسأكون له شاكراً وممتناً.!!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ميناء حيفا بوابة إسرائيل التي يتوعدها الحوثيون
الميناء الرئيسي والأهم في إسرائيل، وأحد أكبر موانئ شرق البحر الأبيض المتوسط، يضطلع بدور محوري في الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يشهد نشاطا تجاريا وصناعيا مطردا على طول السنة، كما يحتضن مرافق عسكرية ومنشآت نفطية عدة، مما يجعله ذا أهمية أمنية وإستراتيجية بالغة.
في 19 مايو/أيار 2025 أعلنت جماعة الحوثيين في اليمن وضع الميناء ضمن بنك أهدافها، واعتزامها بدء العمل على فرض حظر بحري عليه، ردا على تصعيد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودعت جميع الشركات التي تستخدم الميناء إلى أخذ تحذيرها على محمل الجد.
الموقعيقع ميناء حيفا على الساحل الشمالي الغربي لفلسطين المحتلة، عند الطرف الجنوبي لخليج حيفا المطل على البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من "قاعدة ستيلا ماريس"، وهي موقع عسكري إسرائيلي للرصد والمراقبة البحرية يطل على ميناء حيفا وخليجها.
يوجد الميناء في خليج طبيعي عميق ومحمي نسبيا بفضل السفوح الشمالية لجبل الكرمل، وتحيط به شبكات مواصلات برية (طرق سريعة وسكك حديد) تربطه بالمناطق الداخلية في إسرائيل، وذلك يجعل منه بوابة تجارية رئيسية تنفتح منها آسيا على أوروبا عبر المتوسط.
يمتد الميناء على مساحة واسعة تقدر بـ6.5 كيلومترات مربعة، ويغطي 3 كيلومترات على شاطئ مدينة حيفا، ويضم أرصفة ومحطات للحاويات، ومنشآت عسكرية وصناعية عدة، مما يجعله ذا أهمية إستراتيجية.
تاريخ الميناءيعود تاريخ ميناء حيفا إلى منتصف القرن 18، حين كان مرفأ صغيرا في عهد الأمير "ظاهر العمر الزيداني" (1695-1775) الذي استخدمه لنقل البضائع إبان سلطته المحلية للمنطقة الممتدة بين حيفا وصيدا، تحت حكم الدولة العثمانية، مستفيدا من موقعه الطبيعي في خليج محمي على البحر الأبيض المتوسط.
إعلانومع بداية الانتداب البريطاني على فلسطين في عشرينيات القرن العشرين، عملت السلطات البريطانية على توسيع الميناء، وربطه بشبكة السكك الحديد وبخط أنابيب النفط الممتد من مدينة كركوك في العراق إلى حيفا، الأمر الذي جعل منه مركزا لتصدير النفط نحو أوروبا.
وعقب إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، انتقلت إدارة الميناء إلى السلطات الإسرائيلية التي واصلت تطوير بنيته التحتية. وشهدت العقود التالية توسعة الأرصفة، وبناء مرافق مخصصة للبضائع والحاويات، إضافة إلى تحديث أنظمة المناولة والربط مع شبكة المواصلات الداخلية.
تحول الميناء في العقود الأخيرة من القرن العشرين إلى منشأة صناعية وتجارية كبيرة، فأصبح أحد أكبر الموانئ في شرق البحر الأبيض المتوسط، ليضطلع بدور محوري في الاقتصاد الإسرائيلي عبر استيراد البضائع وتصديرها وارتباطه المباشر بالأسواق العالمية.
في مطلع عام 2023 خصخصت الحكومة الإسرائيلية ميناء حيفا، وفوضته مقابل 1.15 مليار دولار إلى مجموعة تتألف من شركة موانئ "أداني" الهندية وشركة "سديه غادوت" الإسرائيلية، ويستحوذ الشريك الهندي على ثلثي أسهم الميناء، بينما تمتلك الشركة الإسرائيلية الثلث.
أهميته الإستراتيجيةيستمد الميناء أهميته الإستراتيجية لدولة الاحتلال الإسرائيلي من عوامل عدة، نوجزها في ما يلي:
يقع في خليج حيفا عند الطرف الجنوبي، محاطا بجبل الكرمل، وذلك يوفر له حماية طبيعية من الرياح والأمواج، ومن ثم لا يعرف الميناء توقفات كبيرة قد يسببها تقلب الظروف الجوية. يشكل بوابة بحرية لإسرائيل نحو الأسواق الأوروبية، ومحطة مهمة في ممرات التجارة العالمية الجديدة، ضمن مبادرة "ممر الهند-الشرق الأوسط-أوروبا" التي تهدف إلى ربط جنوب آسيا بأوروبا عبر الخليج وإسرائيل (مشروع أميركي منافس لمبادرة الحزام والطريق الصينية). يتوفر على تجهيزات متقدمة تشمل أرصفة للحاويات ومنشآت تخزين، وخطوط سكك حديد تربطه مباشرة بالداخل الإسرائيلي، مما يجعله نقطة توزيع رئيسية للبضائع الواردة والصادرة. يحتضن منشآت أمنية وعسكرية يستغلها الاحتلال في عملياته العسكرية، وترسو فيه بوارج وغواصات حربية، الأمر الذي يجعله مضطلعا بدور محوري في "الأمن القومي الإسرائيلي". يضم مصانع وشركات كبيرة في مجالات متعددة، لا سيما في الصناعة البتروكيماوية، مما يجعل منه مرفقا حيويا للاقتصاد الإسرائيلي. يرتبط بشبكات أنابيب الغاز والنفط، وتستخدمه إسرائيل لتصدير المواد الكيماوية ومنتجات الطاقة، وذلك يجعله محورا في إستراتيجيتها لتسويق مواردها في شرق المتوسط. إعلان أبرز المنشآت التي يحتضنها الميناء مجموعة "بازان"كانت تسمى سابقا "شركة مصافي النفط المحدودة"، وهي إحدى أبرز شركات تكرير النفط والبتروكيماويات في إسرائيل، وتدير أكبر مصفاة نفط في البلاد، بقدرة تكريرية تصل إلى نحو 9.8 ملايين طن من النفط الخام سنويا.
توفر الشركة تشكيلة واسعة من المنتجات التي تستخدم في قطاعات الصناعة والزراعة والنقل، كما تقدم خدمات متكاملة تشمل تخزين مشتقات الوقود ونقلها.
مخازن المواد الخام للصناعة البتروكيماويةيضم الميناء مواقع تعدّها إسرائيل "مخزنا إستراتيجيا وطنيا" للأمونيا والميثانول والإيثيلين، المواد الخام في إنتاج الأسمدة وأحد أسس الصناعة العسكرية، ويشكل مصنع "حيفا للكيماويات" ورصيف الشحن الكيميائي "هاكيشون" ومصانع الأسمدة التابعة لشركة "آي سي إل" أبرز هذه المواقع.
خزانات النفط والمصافيتقع في منطقة كريات حاييم المتاخمة للميناء، ويضم الموقع 41 خزانا، سعتها الإجمالية 937 ألف متر مكعب من النفط الخام، إضافة إلى 17 خزانا آخر بسعة 157 ألف متر مكعب توجد داخل الميناء الرئيسي، مخصصة لتخزين النفط الخام الثقيل والخفيف والديزل والكيروزين والغازولين.
مطار حيفامطار دولي أُسّس عام 1936، كان في البداية قاعدة عسكرية بريطانية، قبل أن يتحول تدريجيا إلى مطار تجاري صغير. يعد محطة نقل مهمة تخدم أساسا الرحلات المحلية، كما تربط حيفا بعدد محدود من الوجهات الدولية.
يقع المطار بالقرب من مرفأ كيشون داخل ميناء حيفا، ويحظى بأهمية أمنية خاصة، إذ يضم منظومات الدفاع الجوية الإسرائيلية لصدّ الصواريخ والطائرات المسيرة التي تستهدف الميناء.
محطة كهرباء حيفاإحدى أبرز محطات توليد الطاقة في شمال إسرائيل، تعمل بالوقود الأحفوري بقدرة إنتاجية تصل إلى 1022 ميغاواتا، مما يجعلها ركيزة أساسية في شبكة الكهرباء الوطنية، إذ تزود مدينة حيفا والمناطق المحيطة بها باحتياجاتها من الكهرباء، وخصوصا المجمعات الصناعية الكبرى.
قاعدة حيفا البحرية إعلانتضم مركز قيادة البحرية الإسرائيلية في البحر المتوسط، كما تضم أنظمة دفاع جوي وصاروخي لحماية "المنشآت الإستراتيجية"، وتتمركز بها وحدة الحوسبة 3800 المكلفة بتتبع الاتصالات والنقل اللاسلكي والحوسبة والسيطرة على المعلومات العسكرية والاستخباراتية في الجيش الإسرائيلي.
وتحتضن القاعدة سفنا عسكرية من طراز "ساعر 6" وغواصات "دولفين 2″، التي يرجح أنها تحمل رؤوسا نووية.
محطات شحن حاويات البضائعتقع في الميناء 8 محطات شحن، تنقل أكثر من 30 مليون طن من البضائع سنويا، من بينها: محطة داجون لنقل الحبوب، ومحطة كيشون لنقل البضائع العامة، ومحطة خاصة بنقل المواد البتروكيماوية، فضلا عن محطة متصلة بخط سككي لنقل البضائع، توجد بالجهة الشرقية من الميناء.