في مدينة التصوف اليهودي.. إقبال متزايد للإسرائيليين على التسلح
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على زيادة ظاهرة تسليح المدنيين في إسرائيل من أجل القتال، بما في ذلك اليهود المتدينين.
وذكرت الصحيفة أنه في صفد، وهي بلدة تقع على تلة تطل على بحيرة طبريا والمعروفة منذ قرون كمركز للقبالة أو "كابالا" بالعبرية، وهو التصوف اليهودي القديم، بدأ الرجال في الانضمام إلى الميليشيا المدنية المشكلة حديثاً والتي تمنحهم الأسلحة.
وأوضحت الصحيفة أنه في المدينة الصغيرة صفد والقريبة من الحدود اللبنانية، حيث تساقطت صواريخ حزب الله في الأشهر الأخيرة، أدى الشعور العميق لدى إسرائيل بالضعف إلى موجة من المواطنين الذين يقومون بتسليح أنفسهم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في ظل تأخر رد فعل الجيش والشرطة على هجوم حماس في السابع من أكتوبر، كان الوحيدون الذين يقاومون هم المتطوعون في فرق الاستجابة السريعة المعروفة في إسرائيل باسم "كيتات كونوت".
وذكرت الصحيفة أنه لعقود تم أيضًا نسج "كيتات كونوت" في النسيج الأمني للبلاد لعقود من الزمن. وتشكلت العديد من المجموعات حول الكيبوتسات والقرى القريبة من حدود إسرائيل بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967.
ووفقا للصحيفة، كان المتطوعون الأوائل في "كيتات كونوت" غالبًا من القناصين أو المحاربين القدامى الذين تلقوا تدريبًا عسكريًا. مع مرور الوقت، بدت هذه المجموعات أقل أهمية، ومع بدء اختفاء بعض أسلحتها القديمة بسبب السرقة أو الضياع، فرض جيش الدفاع الإسرائيلي عليها قيودًا أكثر صرامة، إذ كان لا بد من الاحتفاظ بالأسلحة في مستودع أسلحة، مع الاحتفاظ بالمفاتيح لدى زعيم محلي موثوق به.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في هجوم السابع من أكتوبر، كان أعضاء "كيتات كونوت" هم من يتصدون لمسلحي حركة حماس، وقُتل عدد من قاداتهم بالفعل.
وأحداث السابع من أكتوبر دفعت السياسيين الإسرائيليين إلى تأييد توفير المزيد من الأسلحة للمدنيين، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني، إيتمار بن غفير، جعل من هذه المسألة أولوية شخصية.
وأوضحت أنه في مارس الماضي، بعد أن جعل عملية الحصول على سلاح أسهل وأسرع، أعلن بن غفير أنه تمت الموافقة على 100 ألف ترخيص، منذ أكتوبر. وكان هناك 200 ألف أخرى في طور الإعداد وقال "إن الأسلحة تنقذ الأرواح".
ومع ذلك، ذكرت الصحيفة أن المنتقدين يشعرون بالقلق من أنه حتى في ظل عمليات التحقق من الخلفية ومتطلبات التدريب التي تجريها إسرائيل، يتم توزيع عدد كبير جدًا من الأسلحة دون اهتمام كبير بكيفية تأجيج التوترات الداخلية.
ووفقا للصحيفة، يعد المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة من بين أولئك الذين يتسلحون بسرعة أكبر، في وقت يبلغ فيه عنف المستوطنين أعلى مستوياته منذ بدأت الأمم المتحدة في تسجيل الهجمات في عام 2006.
وأشارت الصحيفة إلي أنه بينما تم تشكيل المئات من فرق الاستجابة السريعة الجديدة "كيتات كونوت" في البلديات ذات الأغلبية اليهودية. , فإن المجتمعات العربية، بما في ذلك تلك القريبة من حدود إسرائيل، لم تُمنح نفس الرخصة لتشكيل مجموعات تطوعية مسلحة.
وفقا للصحيفة، بالنسبة للعديد من العرب الإسرائيليين، الذين يشكلون حوالي 20% من سكان البلاد، تبدو حملة بن غفير المسلحة بمثابة تهديد وأداة ذات دوافع سياسية للترهيب أو العنف الذي تجيزه الدولة، صممها وزير حكومي من مستوطنة، والذي سبق ولوح بسلاحه علناً، وله عدة إدانات بتهمة التحريض على العنصرية.
ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، أسد غانم، قوله إن "مجرد الاعتقاد بأن الوزير بن غفير يقف وراء ذلك يعني أن دوافعه عنصرية ومعادية للعرب".
وذكرت الصحيفة أنه لم يستجب المتحدث باسم بن غفير لطلبات التعليق.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الصحیفة أنه الصحیفة أن بن غفیر أنه فی
إقرأ أيضاً:
في فيلم عبر الجدران.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
تعكس السينما الكورية الجنوبية التناقضات الطبقية، والعزلة الاجتماعية، مستخدمةً الرمزية السردية والبصرية لنقد الظلم المتجذر في بنية المجتمع. وتكشف أفلام مثل "طفيلي" 2019 (Parasite)، و"احتراق" 2018 (Burning) عن خرافة الترقي الاجتماعي، كما ترصد الأثر النفسي للضغوط الاقتصادية، وذلك من خلال سرد يمزج بين الميلودراما والكوميديا والأكشن. وتصور الأفلام القادمة من جنوب الجزيرة الكورية الحياة اليومية بعد أن تحولت إلى ساحة معركة تحدد الرأسمالية ملامحها وقواعدها، وتنهار خلالها الأحلام بين جدران خرسانية وآمال ضائعة.
ويأتي فيلم "عبر الجدران" (Wall to Wall)، الذي يعرض حاليا على شاشة منصة نتفليكس، لينضم إلى قائمة أفلام تشبه الصرخات المتوالية، وتتشابه في قضاياها، لكنها تختلف في حكاياتها، إذ تلتقط سكان الهامش غير المرئيين، لتقدمهم بعدسة إنسانية.
تدور أحداث "عبر الجدران" حول الشاب الكوري ذي الأصول الريفية ووسونغ، والذي يحقق أخيرا ما يعتقد أنه علامة فارقة في نجاح الطبقة المتوسطة، حين يتمكن من امتلاك شقة بمساحة 84 مترا مربعا في مجمع سكني حديث الإنشاء في سيول، لكنه يلجأ -في سبيل ذلك- إلى قروض ضخمة، ويبيع مزرعة الثوم التي تملكها والدته، ويستنفذ مدخراته.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"عالم الديناصورات: إحياء"… حين تصبح العودة إلى الماضي موتًا لسلسلة سينمائيةlist 2 of 2"الشيطان يرتدي برادا 2" عودة الثلاثي الذهبي بقصة تعكس تحولات الموضة والإعلامend of listيفرح وو سونغ بحياته الجديدة، لكن سرعان ما يبدأ ضجيج متواصل غير محدد المصدر في إزعاجه، ويلجأ للشكوى، فينكر الجيران الضجيج ويعاملونه بشك. ومع تدهور حالته النفسية، تتدهور حالته المالية أيضا، وتنهار قيمة الشقة، وكذلك استثماراته في العملات المشفرة، ويصبح عاطلا عن العمل ويائسا. يلتقي جين-هو، جاره الصحفي ويُحققان فيما قد يكون مخطط احتيال عقاري أكبر يشمل مسؤولين حكوميين ومستثمري بناء.
إعلانيكتشف المشاهد أن أون-هوا، رئيسة جمعية السكان والمدعية العامة السابقة، تشتري الشقق تحسبا لمشروع سكة حديد حكومي من شأنه أن يرفع قيمة شقق العقار. وتُمثّل أون-هوا النخبة التي تستغل أزمة المبنى لتحقيق الربح. أما وو سونغ، العالق بين جنون العظمة والحقيقة، فيزداد اضطرابا. مع تصاعد التوتر، تندلع مواجهة عنيفة. ينهار فهم وو-سونغ الهش للواقع، ويصبح الضجيج رمزا لنظام مُصمّم لسحقه. وفي ذروة الفيلم المتفجرة، يعكس الدمار المادي الانهيار الداخلي للبطل، ومجازيا، الحلم الذي آمن به يوما ما.
طفيلي آخريشبه فيلم "عبر الجدران" في تناوله لتلك التناقضات الفيلم الأيقوني "الطفيلي"، الذي يمثل قمة النجاح للسينما الكورية عالميا بحصوله على أوسكار أفضل فيلم عام 2020. كلا العملين ينتقد وهم الحراك الاجتماعي في ظل الرأسمالية، باستخدام المساحات الضيقة لتعكس الانقسامات الطبقية والضغط النفسي. ويقدم "الطفيلي" التراتب الطبقي الرأسي من خلال التباين المعماري بين قصر ثري وقبو تحت الأرض يستخدم كمأوى سكني، في حين يحاصر فيلم "عبر الجدران" بطله داخل الجدران الأربعة في شقة مساحتها 84 مترا مربعا، يعتبرها المجتمع رمزا مفترضا للنجاح لكنها تتحول إلى قفص خانق. وفي الفيلمين، يصبح المنزل ساحة معركة تغطيها الدماء، ويصبح المكان سجنا حقيقيا ويبلى الحلم تحت وطأة الديون المتزايدة والضوضاء.
وتدور كلتا القصتين حول عائلات أو أفراد في أدنى درجات المجتمع، يطمحون بشدة إلى الاستقرار، ليجدوا أن النظام يستغل جهودهم ويلتهمهم في النهاية. ويمزج كل فيلم الواقعية بالرعب والسخرية، مستخدما التشويق ورهاب الأماكن المغلقة والتصميم البصري الغني بالاستعارات لتعميق التأثير العاطفي والسياسي. وفي حين يتناول فيلم "الطفيلي" الاعتماد الكامل لطبقة على أخرى في عيشها، فإن "عبر الجدران" يبين كيف تنهار أوهام الطبقة المتوسطة من الداخل، ويُقدم الفيلمان صورة واضحة للظلم المعاصر، تتداخل فيها آلة الطموح مع عوامل اليأس.
فوضى المشاعر وانضباط الأداءيكشف النصف الأول من "عبر الجدران" باعتباره فيلم إثارة نفسية بامتياز، إذ تُضخّم كل إشارة بصرية وسمعية العزلة والتوتر الطبقي، لكن في منتصفه، يتحوّل السرد إلى مؤامرة أوسع نطاقا من العنف السياسي والمالي، تُتوّج بانفجار. وقد يبدو هذا التحول مزعجا، لكنه يعكس حقيقة أعمق تكمن في الأنظمة الرأسمالية.
ويعكس مسار الفيلم الانقسام الطبقي في المجتمع الكوري الحديث، إذ تسيطر نخبة صغيرة على معظم الممتلكات، بينما يظل الكثيرون "فقراء المساكن"، وتستنزف تكاليف السكن دخلهم. ويُظهر فشل وو سونغ النهائي كيف تبيع الرأسمالية سبل الهروب من الديون بديون أخرى.
ولا يصور فيلم "عبر الجدران" الصراع الطبقي الخارجي فحسب، بل يُسلّط الضوء على الآثار الداخلية للخداع الرأسمالي. وتتحول الشقة، التي كانت محط رغبة ومكانة اجتماعية، إلى "كابوس" مع اجتماع كارثتي الضجيج مجهول المصدر والخراب المالي.
ورغم أن "الضجيج" الذي يشكو منه البطل حقيقي، لكنه مجازي في الوقت ذاته، وهي فكرة مبدعة تحسب للمخرج والسيناريست كيم تاي جون الذي يشير إلى فشل الوعود الرأسمالية.
Just finished watching #WallToWall in Netflix and woah, that movie feels so weird but at the same time, you can relate to woo sung. I really hoped tho that he was able to sell those crypto coin in the right time ????pic.twitter.com/oBrqliZrto
— airenwizdive ???? (@lsg_airen13) July 25, 2025
إعلانواستطاع المخرج أيضا أن يحول شقة سكنية إلى نظام بيئي خانق للبطل والمشاهد معا، عبر تعزيز الإضاءة الباردة والظلال المُزخرفة بأنماط البارات والطابع المعماري القمعي للمبنى. وقد لعبت هذه العناصر البصرية مع "الضوضاء" دورا حاسما كما لو كانت جميعها أسلحة في حرب وحشية ضد الشاب المسكين بعد تورطه في منظومة تضم في بنيتها أسلحة صممت لتدميره واستنزافه حتى آخر قطرة دم.
وينبثق رعب الفيلم من ضبط النفس. لا مؤثرات خاصة مبهرة، وإنما مجرد تأطير دقيق، وإضاءة إبداعية، وفترات صمت ممتدة بما يكفي لإثارة الرعب. ممرات الشقة الخافتة، ومصابيحها المتذبذبة، وقضبانها المظللة تُعزز الانهيار النفسي للبطل.
ولعل الأداء الذي قدمه فريق الممثلين هو العنصر الأقوى في العمل، والأكثر جذبا للمشاهد، وقد يتميز الأبطال بالتحولات العنيفة التي تمكنهم من استعراض قدراتهم، لكن مستوى الأداء لدى الجميع يكاد يكون متساويا، وقد استطاع الممثل الكوري الجنوبي كانغ هانيول أن يقدم أداء قويا جسديا وعاطفيا في دور وو سونغ، وبلغ ذروة الأداء في تحوله من مالك منزل متفائل إلى عامل توصيل قلق من خلال التعرق والارتعاش والتحقق القهري من مخططات العملات المشفرة، بينما تعكس كل إيماءة جسدا منهكا من التوتر. وتقدم الممثلة يوم هي ران في دور أون هوا انعكاسا مرعبا لتواطؤ الطبقة تحت مظهرها الهادئ الذي يخفي طموحا لا يرحم؛ إنها "المدعية العامة السابقة" التي تحولت لامتلاك الأصول، فبدأت بجمع الشقق للاستفادة من مشروع خط سكة حديد، ورأت المستأجرين مجرد "حثالة".
ويؤدي الممثل سيو هيون في دور جين هو، شخصية الجار الموشوم في الطابق العلوي والمتنكر في زي حليف، دور صحفي شبه مهووس، ورغم أنه يبحث عن الحقيقة إلا أن قصصه الملفقة تُوقع وو سونغ في فخ العنف والخيانة، ليُصبح الصحفي رمزا لاستغلال "المُبلغين عن المخالفات"، ويتحول إلى ممثل آخر لطبقة حاكمة تستغل المظلومين لتحقيق انتقامها الخاص.
يقدم العمل رعبا وجوديا، إذ يصبح النجاح بلا معنى عندما تُفرض ضريبة على الفرح وتدفع بعملة اسمها الضوضاء والديون والاغتراب الاجتماعي، وتُجسّد ضحكة وو سونغ الأخيرة في شقته الفارغة، ردا على ضجيج لا ينبغي أن يوجد، اليأس المطلق، لنتأكد أن الفساد ينتصر بالانهيار الصامت للمقاومين.