أساطير اليورو : ميشيل بلاتيني من قمة المجد إلى قاع الفساد
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
بلا ادني شك يقف ميشيل بلاتيني على قمة نجوم الكرة الفرنسية عبر كل عصورها فرغم نجاح جوست فونتين في نهائيات كاس العالم 1985 في الوصول بمنتخب فرنسا إلى المركز الثالث إلا أن النجم الكبير بلاتيني قاد منتخب الديوك لأحراز اول القابه القارية عام 1984 بالفوز بكأس الأمم الاوربية التي أحتضنتها فرنسا تحديدا .
بلاتيني لم يكن مجرد قائد للمنتخب الفرنسي في البطولة وسط كوكبة من افضل أجيال الكرة الفرنسية بل كان النجم الاول لها بلا منازع بل يمكن القول أنه لا يوجد نجم في تاريخ بطولة امم اوربا قدم في بطولة واحدة ما قدمه بلاتيني لمنتخب بلاده في هذه النسخة من أمم اوربا ويكفي تسجيله لتسعة اهداف تصدر بها قائمة هدافي البطولة بل يظل هذا الرقم هو الرقم القياسي لأي هداف في تاريخ بطولات كأس الأمم الأوربية .
اهداف بلاتيني التسعة تضمنت تسجيله هاتريك مرتين في مرمى يوغسلافيا و بلجيكا في الدور الأول إلا أن قيمة بلاتيني الحقيقية ظهرت في مباراة الدور نصف النهائي مع البرتغال التي كادت ان تحقق مفاجأة صارخة عندما تقدمت حتى قبل نهاية المباراة بهدفين لهدف إلا ان بلاتيني الذي سجل هدف فرنسا الأول عاد وسجل هدف التعادل في الوقت القاتل ليضمن للفريقين الأتجاده للوقت الأضافي الذي نجح خلاله الفرنسيون في تحقيق هدف الفوز والتاهل للمباراة النهائية امام أسبانيا والتي أفتتح بلاتيني فيها أهداف منتخب فرنسا قبل ان يسجل بيلون الهدف الثاني ويرفع بلاتيني كأس هنري ديلوني للمرة الأولى في تاريخ فرنسا .
ويتحدث بلاتيني عن هذه اللحظات الرائعة قائلا : لقد كان الفوز بهذه البطولة هو الفوز الأول لفرنسا ببطولة كبرى على مستوى جميع اللعبات الجماعية ليكون هذا النجاز هو الفضل في تاريخ فرنسا الكروي و الرياضي بصفة عامة . بالنسبة لي كانت نهائيات 1984 هي البطولة الوحيدة التي خضتها مع منتخب فرنسا وأنا في كامل لياقتي البدنية ففي كأس العالم 1982 كنت مصابا و نفس الشىء في نهائيات كاس العالم 1986 بالمكسيك .
وأضاف : قبل كأس العالم 1982 لم تكن لدينا الثقة في امكانية الوصول للأدوار النهائية في البطولات الكبرى لكن عندما صعدنا للدور نصف النهائي امام ألمانيا الغربية في ذلك الوقت تكونت لدينا قناعة اننا فريق كروي متميز خاصة اننا نجحنا في الوصول لنصف النهائي بعد تجاوز العديد من المباريات الصعبة وأصبح لدينا الثقة في الفوز باللقب الأوربي على ملعبنا وهو ما حدث بالفعل تحت قيادة مدير فني عملاق هو ميشيل هيدالجو .
عقب نهائيات أمم أوربا 1984 لم يتوقف النجم الكبير عن العطاء فنجح في قيادة فرنسا للدور نصف النهائي لكاس العالم 1986 لكنه خسر مجددا أمام منتخب المانيا الغربية ليعتزل بعدها اللعب الدولي .
على مستوى الاندية كان بلاتيني هو النجم المتوج في الدوري الإيطالي عبر سنوات طويلة مع فريق اليوفنتوس حيث قاد السيدة العجوز للحصول على عدد من القاب الدوري الإيطالي وكاس إيطاليا ثم كان التتويج الكبير باللقب الأول في تاريخ اليوفي بلقب دوري ابطال اوربا عام 1985 في المباراة النهائية الشهيرة مع ليفربول بملعب هيسيل ببروكسل والتي سجل فيها بلاتيني هدف الفوز من ركلة جزاء .
نجومية بلاتيني حسمت التصويت له كأفضل لاعب أوروبي في الأعوام 1983 و1984 و1985 وحصل بلاتيني على جائزة أفضل لاعب في العالم والتي تمنحها مجلة الكرة العالمية عامي 1984و1985.
ترأس بلاتيني لجنة تنظيم كأس العالم 1998 والتي أقيمت في وطنه فرنسا ثم واصل طموحه الاداري ليصل الى منصب رئيس الأتحاد الأوربي لكرة القدم .
تعرض بلاتيني إلى مشكلة كبيرة ادت إلى ابعاده بشكل نهائي عن العمل في المجال الرياضي بعدما تمت ادانته في قضية الفساد الخاصة بعملية اسناد كأس العالم إلى قطر .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الفرنسي ميشيل بلاتيني منتخب فرنسا كاس العالم ١٩٨٦ أساطير اليورو يورو ٢٠٢٤ کأس العالم فی تاریخ
إقرأ أيضاً:
أساطير مقدسة
#أساطير_مقدسة
مقال الاثنين: 7 / 7 / 2025
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
الأسطورة هي حكاية تراثية، لا يعرف مؤلفها الأصلي، قد تكون أصولها مبنية على حدث تاريخي ثم جرى تضخيمه أو تصويره كبطولات خارقة خرافية مختلقة من أصلها، إنما تتناقلها الأجيال مع شيء من التعديل والتحديث، كتراث مرتبط بذلك المجتمع، وتصبح جزءا من هويته الثقافية، وقد تكون عابرة للمجتمعات.
الأمثلة كثيرة على ذلك: مثل قصة ليلى والذئب الموجودة في تراث أغلب الشعوب بصور مختلفة تتناسب مع بيئة كل شعب، ومثل قصص الأبطال الخارقين من محاربي الغيلان والجن، وقصص ابو زيد الهلالي والزير سالم في التراث العربي، وقصص آلهة الإغريق والرومان، وقصص القديسين من معتنقي المسيحية محاربي الكفار والساحرات عند الأوروبيين، ومن قاتلي الوحوش الخرافية كالتنين عند الشرق آسيويين.
قلة قليلة هم من يهتموا بها لقضاء وقت فراغهم، ويبقى جمهور تلك الحكايات جلهم من الأطفال، كتسلية ما قبل النوم، لكنهم عندما يكبروا ويعرفوا أنها مجرد حكايات خرافية ، يتوقف سحرها ولا تنطبع في وجدانهم.
لكنها ان ارتبطت بالمعتقد الديني، يصبح تأثيرها قويا ودائما في حياة الناس، فهي إذ ذاك تنال تقديسا، ويصبح تصديقها واجبا وتكذيبها هرطقة يعاقب من يقول به.
هذا الربط التقديسي يلجأ له عادة المستفيدون، وهم في العادة جهات ذات تأثير ولها منفعة، وهم القوى السياسية والقوى المالية.
فلو أخذنا أشهر أسطورة مقدسة وأكثرها تأثيرا شعبيا، وهي قصة بابا نويل، والتي ربطت بميلاد المسيح عليه السلام، وجعلت من أهم التقاليد الاحتفالية بهذه المناسبة، مع أنها كرواية مخالفة للمنطق العقلي، فلا يمكن اقناع حتى السذج من الأطفال بأن غزلان الرنة التي يسوقها بابا نويل قادما من القطب الشمالي وحاملة الألعاب يمكنها الطيران في السماء، كما ينقضها من الناحية المنطقية، كون المسيح ولد في منطقة ليس بها ثلج ولا غزلان رنه.
ومع ذلك يتواطأ الكبار على الكذب على الأطفال، ولا يجرؤ أحد على قول الحقيقة بأن القصة خرافية، ولا يحضر الهدايا ليلة الميلاد سوى الوالدين وليس بابا نويل، بل ويعاقب إن فعل، ففي العام الماضي فصلت معلمة في أمريكا من عملها لقولها الحقيقة للأطفال.
بالطبع من هم وراء تعميم تلك الخرافة هم الاحتكاريون الرأسماليون أصحاب المال، وليس ذلك محبة بالأطفال بل لتحقيق الأرباح الفلكية، فالموسم الاستهلاكي يتضاعف عشرات الأضعاف بسبب حجم الهدايا المنسوبة الى بابا نويل.
لكن أخطر تلك الخرافات وأعظمها ضررا على البشر، وبإسمها شنت كثير من الحروب المدمرة، وما زالت، فهي قصة هيكل سليمان.
ليس لهذا الهيكل أصل في أي كتاب سماوي، فالكتاب الوحيد الذي لم يطله عبث البشر (القرآن)، حدد بيوت الله بأربعة فقط: “لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا” [الحج:40]، كما أنه من غير المعقول أن يبني سليمان عليه السلام هيكلا لعبادة الله (الهيكل هو معبد وثني)، فالأحرى أن يكون مسجدا كونه وجميع الأنبياء كان دينهم الإسلام، لذلك فالأقرب للصحة أنه اعاد اعمار المسجد الأقصى ذاته لأنه موجود قبل هجرة ابراهيم ولوط من العراق الى بلاد الشام التي بارك الله فيها كونها حول المسجد الأقصى: “وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ” [الأنبياء:71].
كما أنه ليس له أي أثر أركيولوجي رغم التنقيب لعشرات السنين عنه، أصل الرواية الوحيد يعود الى “التلمود” الذي ألفه الحاخامان “آشي ورافينا الثاني” قبيل البعثة المحمدية، في زمن كان أغلب سكان المنطقة يعتنقون النصرانية، وكان الهدف التشكيك بالمسيح وبعقيدته التي رفضها اليهـ.ـود أصلا، والقول بأنه سينزل لنصرتهم على أعدائهم، لكن شرط نزوله اعادة بناء الهيكل المزعوم.
كانت هذه الأسطورة ستبقى مجرد أحلام تداعب خيالات الحالمين، لولا أن التقطها المستعمرالبريطاني، إذ تعلم درسا من سقوط الممالك الصليبية، فالاحتلال العسكري لا يدوم إن لم يرافقه تغيير ديموغرافي، لذا استنهض قصة أرض الميعاد، لجمع الشتات اليهودي في وطن قومي في فلسطين، متعهدا بحمايته ليشكل قاعدة متقدمة في قلب العالم الإسلامي، وبذلك تتحقق توصيات كامبل – بنرمان.
ولأنهم تمكنوا من غونمة شعوبهم، فقد أدخلوا هذه الأسطورة في العقل الجمعي الأوروبي – الأمريكي، لتصبح مرتبطة بالمعتقد المسيحي من غير تمحيص ولا تفسير.