تجدد معارك الفاشر… وتدهور قياسي في الوضع الإنساني .. «الدعم السريع» تهاجم بلدات بالجزيرة وسط السودان
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
ود مدني السودان: الشرق الاوسط: محمد أمين ياسين
تجددت المواجهات الأربعاء بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفي عدد من البلدات على حدود 3 ولايات وسط البلاد (الجزيرة، والنيل الأبيض وسنار)، في ظل أنباء عن سقوط أعداد من القتلى والجرحى من المدنيين.
وقالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» إن «الدعم السريع» قصفت بالمدفعية الثقيلة ظهر الأربعاء «الأحياء السكنية الواقعة بالقرب من القيادة العسكرية للجيش السوداني (الفرقة السادسة مشاة) وطالت القذائف السوق الكبير».
وقبيل ساعات قليلة من تجدد الاشتباكات، نشر عدد من القادة العسكريين في «القوة المشتركة للفصائل المسلحة» التي تقاتل في صفوف الجيش السوداني، مقطع فيديو في مدخل السوق الرئيسية لطمأنة السكان بهدوء الأوضاع في المدينة.
حاكم إقليم دارفور رئيس حركة «جيش تحرير السودان» مني أركو مناوي (أ.ف.ب)
وقال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، إنه تلقى ليل الثلاثاء - الأربعاء اتصالاً هاتفياً من المبعوث الأميركي الخاص بالسودان، توم بيريلو، «ناقشا فيه الأوضاع في السودان عامة؛ وفي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بخاصة».
وأضاف في منشور على منصة «إكس»: «أطلعت المبعوث الأميركي على ما تقوم به ميليشيا (الدعم السريع)، والآثار الإنسانية الكارثية جراء ذلك».
وذكر أن المبعوث الأميركي عبر عن «بالغ أسفه»، مطالباً بوقف الحرب.
ويرأس حاكم إقليم دارفور حركة «جيش تحرير السودان»؛ أبرز الفصائل الدارفورية المسلحة المتحالفة مع الجيش السوداني في الحرب ضد «قوات الدعم السريع».
بدورها، قالت «حركة العدل والمساواة»، بقيادة سليمان صندل، إن المعارك الدائرة بين الأطراف المتحاربة أدت إلى أضرار جسيمة في الأرواح والممتلكات وفرار المواطنين في موجات نزوح من الفاشر إلى المدن والقرى المجاورة.
وأضافت في بيان أن «الوضع الإنساني في المدينة وصل إلى مرحلة الكارثة مع انعدام أدنى الاحتياجات الصحية للإسعافات الأولية». ودعت الحركة، التي تتخذ موقف الحياد من القتال، الأطراف المتحاربة «إلى احترام القانون الإنساني الدولي بعدم تعريض حياة المدنيين للخطر بالقصف العشوائي وغارات الطيران المتعمدة على المناطق المأهولة بالسكان».
ووجهت الحركة نداءً للمجتمع الدولي، والاتحاد الأفريقي، و«منظمة التنمية الحكومية الدولية (إيغاد)»، لتقديم «مبادرة شاملة لإنهاء الحرب وفق جداول زمنية محددة ملزمة لأطراف النزاع».
من جهة ثانية، أعلنت «المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين بإقليم دارفور» وصول 27 ألف نازح إلى مناطق جبل مرة وهم يعانون أوضاعاً إنسانية وصعبة بالغة التعقيد.
وقال المتحدث باسم «المنسقية»، آدم رجال: «أطراف النزاع تستخدم الغذاء والدواء لتجويع المواطنين في الإقليم الذي يشهد انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان».
قتال في الجزيرة
إلى ذلك، قال شهود عيان إن «قوات الدعم السريع» شنّت الأربعاء هجمات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة على بلدة ودالنورة، على بعد نحو 40 كيلومتراً من مدينة المناقل التي تضم الحامية العسكرية للجيش السوداني.
وتواصل «قوات الدعم» تعزيز مواقعها للارتكاز في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة ولايات جديدة، بعد التراجع الكبير للعمليات العسكرية التي كان يشنها الجيش السوداني من محاور عدة، لاستعادة ولاية الجزيرة (وسط البلاد).
ووفق الشهود، فقد جرت اشتباكات عنيفة بين مقاتلي «الدعم» والمقاومة الشعبية «المستنفرين» في البلدة الريفية. وأفادت لجان محلية في عاصمة ولاية الجزيرة بأن «(قوات الدعم السريع) تحاصر ودالنورة منذ صباح الأربعاء، وتطلق النيران بكثافة لاقتحامها»
وكانت منصات «الدعم السريع» تحدثت خلال الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجیش السودانی
إقرأ أيضاً:
ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟
الخرطوم- أثارت تصريحات حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي التي ألمح فيها إلى إمكانية التواصل مع قوات الدعم السريع تساؤلات على المستوى السياسي والشعبي.
وقال مناوي في ختام اجتماع اللجنة السياسية للكتلة الديمقراطية "سنظل في تواصل مع المجتمع الدولي، والقوى السياسية، حتى الدعم السريع إذا وجدنا له رؤية معقولة".
ودفع هذا الموقف المراقبين والمحللين إلى البحث عن خلفياته وتداعياته، وتحدثت الجزيرة نت إلى عدد من المحللين لتستطلع آراءهم بشأن تصريحات مناوي الجديدة.
يشغل مناوي منصب حاكم إقليم دارفور المكون من 5 ولايات منذ العام 2021 بعد توقيع اتفاق سلام جوبا، وهو قائد حركة جيش تحرير السودان، التي تقاتل بجانب القوات المسلحة السودانية في حربه الحالية، وهو رئيس اللجنة السياسية بتحالف الكتلة الديقراطية.
ويرى المحلل السياسي أحمد موسى عمر أن تصريحات مناوي لا تبتعد كثيرا عن رؤية الحكومة في التزامها بترك باب الحلول مفتوحا، في حال التزامه بمخرجات اتفاق جدة لإحلال السلام في السودان، الذي وقّعت عليه المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية والسودان في 20 مايو/أيار 2023، مع ممثلين للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
وقال في تصريحات للجزيرة نت إن السياق الذي خرج فيه تصريح مناوي هو رؤية للقطاع السياسي للكتلة الديمقراطية وليس رؤية فردية للقائد أو رؤية جماعية لحركته ولا تمثل الدولة.
وأكد أن الحوار مع الدعم السريع لن يكون مُلزما للحكومة السودانية "فهو وإن تم؛ قبل مرحلة الحوار الحكومي، يُهيَأ له باتفاق حول رؤية مقبولة ومعقولة يمكن أن تلعب فيها الكتلة دور الوسيط بين الجيش والدعم السريع؛ بمعنى أن يكون حوارا إجرائيا أكثر من أن يكون حوارا يؤدي لحلول".
إعلانويوضح موسى أن الحوار مع الدعم السريع مربوط بتقديمه "رؤية معقولة" لوقف الحرب، وهي دعوة للحوار تنتظر مبادرة الدعم السريع بتقديم ما يمكن أن يكون معقولا، ويشير إلى أن قبول الدعم السريع هذه الدعوة يعتبر فتح باب حوار يؤسس لتسوية سياسية.
وقال إن مناوي ربط جدية الحوار بأن يناقش موقف الحرب؛ "وفي هذا الأمر الكلمة الأخيرة للجيش السوداني، الأمر الذي يضع الكتلة الديمقراطية في موضع الوسيط".
ويوضح أن الكتلة الديمقراطية لديها التزام بتهدئة الأوضاع وفتح المسارات الإنسانية في دارفور، ولتحقيق هذا الأمر تُقدم "دعوة مشروطة للدعم السريع لتقديم رؤية معقولة تصلح لعرضها على الأجهزة الرسمية، "كما أن الأمر لا يخلو من حسابات إقليمية ودولية خاصة حسب قوله".
فواعل دولية
وتشكل مدينة الفاشر أهمية إستراتيجية بالغة الأهمية للجيش السوداني؛ إذ فيها آخر معاقل الجيش في دارفور، كما أنها تشكل مقر قيادة القوات المشتركة، وتمثل خط الدفاع الأول عن مدينة الأبيض، كما يعني سقوطها سيطرة الدعم السريع على كامل ولايات دارفور.
من جهته، يقرأ مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية والإستراتيجية، المحلل السياسي حسن شايب تصريح مناوي بأنه ليس موضوعيا ولا منهجيا في طرح قضية لم يناقشها هو في مجلسي السيادة والوزراء "بصفته أحد شركاء الحكم الآن".
ويرى شايب في تصريح خاص للجزيرة نت أن مناوي لم يفصح عن الكثير فيما يتعلق بمثل هذه التصريحات، وتساءل عن سبب عدم طرح هذا الأمر أمام مجلس السيادة ومجلس الوزراء، وطرحه للشارع السوداني.
وقال إن مثل هذه التصريحات تمثل نوعا من الممارسة السياسية غير الراشدة، وإن أية تسوية سياسية شاملة داخل السودان لا بد أن يكون فيها مركز صنع القرار، ولا يمكن لمناوي أن يقوم بها وحده.
وأضاف أن أي تسوية سياسية "لا تؤدي إلى خروج هذه المليشيا من المشهد السياسي والعسكري لا يمكن تسميتها تسوية، لأن ما أحدثه الدعم السريع لم يترك خط رجعة للخلف، ولم يترك مساحة لقبوله في المشهد السياسي من قبل الشعب السوداني"، ويرى أن الحديث عن أي تسوية سياسية في الوقت الراهن ربما يكون نتيجة ضغوط خارجية كبيرة، مشيرا إلى إلغاء اجتماع الرباعية.
وتابع أن الفواعل الدولية والإقليمية موجودة في السودان ولديها تأثير كبير في هذا الملف، كما أن صراع المحاور، يمكن أن يشكل ضغطا مع استخدام سياسة العصا والجزرة، مؤكدا أن مسار الحرب في دارفور والتعامل مع الأوضاع الإنسانية هناك يحتاج إلى رؤية ثاقبة، وأنه يجب أن يكون لدى الدولة السودانية رؤية واضحة لفك الحصار عن الفاشر سواء كان ذلك من خلال الرؤية العسكرية أو السياسية.
مرونة أم انعدام تأثير؟ويصف المحلل السياسي وليد النور، مناوي بأنه "أكثر شخصية سياسية مثيرة للجدل" وأنه "أكثر شخصية تجيد التصريح والتصريح المناقض له في الموقف وفي الاتجاه".
وقال إن تصريحاته الأخير تُعد كسابقاتها؛ وهي لن تؤثر ولن تفتح بابا أمام التسوية السياسية في السودان، لأن التسوية السياسية تحتاج إلى إرادة حقيقية "وليست مزايدات"، ولن تحدث الكثير من الإيجابية.
ولا يتوقع النور أن تتأثر مجريات الحرب بمثل تلك التصريحات؛ فهي تتأثر فقط بمجريات الطبيعة والإرادة السياسية الحقيقية وبالضغط الدولي على الأطراف المتحاربة.
إعلانأما رئيس تحرير موقع "قلب أفريقيا" الإخباري لؤي عبد الرحمن، فيقول إن في تصريحات مناوي الأخيرة "مرونة سياسية" لا توجد في غالبية السياسيين السودانيين؛ كونهم يتمسكون بمواقفهم، وإن مناوي حاول من خلال تصريحاته أن يرسل رسالة بأنه مرن، وأنه حمل البندقية ليس غاية وإنما وسيلة لواقع أفضل سواء كان لدارفور أو للسودان.
واستبعد أن تمثل هذه التصريحات تغييرا في مواقفه السابقة، ووصف تلك التصريحات بأنها "بادرة طيبة باتجاه السلام، وضوء أخضر للحكومة السودانية للمضي قدما في التفاوض مع مليشيا الدعم السريع".
ورجح لؤي في تصريح خاص للجزيرة نت، أن تزيل مثل هذه الخطوة الحرج عن كثير ممّن كانوا يترددون في طرح مثل هذه المواقف التي تدعو للسلام والحوار، والتفاوض بين السودانيين.
وقال إن هذه التصريحات تعكس جدية مناوي باتجاه السلام، وهي محاولة لمحو الانطباع المشوه عنه الذي كان في السابق في نظام الإنقاذ وما بعد ذلك.
واستبعد أن يكون لمثل تلك التصريحات تأثير على الواقع الميداني للعمليات، وتوقع أنها ربما تساعد في دفع الحكومة باتجاه المفاوضات والعملية السلمية، وتسهم في تهدئة الأوضاع في دارفور وربما تقود إلى سلام شامل.