يمانيون/ تقارير

التباين في مواقف الاحتلال الإسرائيلي يكشف زيف الادعاءات الإسرائيلية، ويثبت أنّ التهديدات ليست سوى دعاية لنقل صورة معاكسة تعيشها الجبهة الإسرائيلية الداخلية في مواجهة حزب الله.

تتصاعد العمليات العسكرية النوعية التي ينفذها حزب الله ضد أهداف إسرائيلية مؤثرة خلف خطوط المواجهة، وذلك خارج إطار مسار العمليات الداعمة لجبهة غزة، على خلفية أعمالٍ عدوانية إسرائيلية تؤدي إلى استشهاد مدنيين لبنانيين أو تنفيذ غارات جوية ضد أماكن مدنية بعيدة عن المناطق المشمولة بقواعد الاشتباك المتبعة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 عند الحدود مع فلسطين المحتلة أو في أعقاب عمليات اغتيال تنفذها المسيرات المسلحة الإسرائيلية ضد سيارات ودراجات نارية يرتقي خلالها شهداء مقاومون.

أمام هذه الاعتداءات، يجد حزب الله نفسه ملزماً بردود ردعية نوعية، مستخدماً وسائل مختلفة، منها المسيرات الانقضاضية والصواريخ الموجهة وصواريخ “فلق” وأجيال جديدة من صواريخ “بركان” المدمرة وصواريخ “الماس” الدقيقة التي تتمتع بميزة الرؤية البصرية لمسار الصاروخ، إضافة الى الرشقات  الكبيرة من صواريخ الكاتيوشا، التي غالباً ما تستهدف المستعمرات وقواعد عسكرية قيادية ومرابض مدفعية في الجولان السوري المحتل وجبل ميرون وليمان وغيرها، الأمر الذي يوجع الاحتلال ويشكل له حرجاً أمام الرأي العام الإسرائيلي، فيلجأ قادته إلى التعويض بتهديدات متكررة للبنان والمقاومة.

لكن التباين الإسرائيلي في المواقف حول جاهزية جيش الاحتلال لتنفيذ تصعيد أكبر على جبهة جنوب لبنان أو شن حرب ظهر جلياً من خلال التصريحات الأخيرة التي نشرها الإعلام الإسرائيلي، وكان آخرها تصريح وزير المالية بتسلئيل سموتريش الذي انتقد قادة “الجيش” بشدة، متهماً إياهم بعدم الرغبة في خوض الحرب على الجبهة الشمالية.

هذا التباين يكشف زيف الادعاءات الإسرائيلية، ويثبت أنّ التهديدات ليست سوى دعاية لنقل صورة معاكسة تعيشها جبهة الشمال في مواجهة حزب الله، والتي تعاني تخبطاً حقيقياً. وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية الثلاثاء، فإنّ حزب الله يشكل تهديداً استراتيجياً خطيراً للأمن الإسرائيلي، “لكن في الوقت نفسه إسرائيل ليست جاهزة لتصعيد كبير معه”.

تهديدات ورسائل.. ما حقيقتها؟

في اليومين الماضيين، أخذت هذه التهديدات بعداً آخر مع انتشار أخبار في وسائل إعلام لبنانية تتحدث عن تهديدات أو رسائل (نقلتها بريطانيا خصوصاً) تلقاها لبنان بشأن هجوم إسرائيلي وشيك تم تحديده في منتصف شهر حزيران/يونيو الحالي، وهو ما نفاه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، وقال مكتبه الإعلامي إنّ “هذه التسريبات والأخبار تندرج في إطار الضغوط التي تَمارس على لبنان، ولا صحة لها من الأساس”.

كما نُقل عن السفير البريطاني في لبنان كلامٌ مفاده أن بلاده لم تنقل رسائل كهذه إلى لبنان.

وبعد ذلك، أتى تسريب إسرائيلي ليؤكد حقيقة هذه التهديدات، إذ أكدت وسائل إعلام إسرائيلية وصول رسائل أميركية لحكومة نتنياهو لتجنب التصعيد مع لبنان، وتحدثت الوسائل عن ضغط أميركي على نتنياهو لمنعه من فتح جبهة الشمال.

محللون لبنانيون أكدوا للميادين نت أن هذه الخطوة الأميركية تأتي “حفظاً لماء وجه نتنياهو، وليس حرصاً على لبنان”، مشددين على عدم جاهزية الاحتلال الإسرائيلي للتصعيد أو خوض معارك لم يحسب لها في جبهة الشمال، وأن هذا التصعيد، في حال حدوثه، سيزيد أزمات نتنياهو وحكومته الداخلية، إضافةً إلى مأزق الخروج من قطاع غزة وعدم تحقيق الأهداف التي وضعها، وهي إزالة تهديد حركة حماس بالكامل وإعادة الأسرى بالقوة، ناهيك بأن قدرات حزب الله الجوية والبرية، وخصوصاً التي كشف بعضاً منها خلال المعارك في الأشهر الفائتة، تشكل أكبر رادع لنتنياهو، وهو الذي لمس مع جيشه خطورتها وتأثيرها.

هذه القدرات باتت ظاهرة للعيان وموثقة بفيديوهات المقاومة، وبات الرأي العام الإسرائيلي يتحدث عنها، ويتناقل الخوف والقلق من تأثيرها.

تقول الباحثة الإسرائيلية في معهد “أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي، والتي تُدير برنامج تكنولوجيا متقدمة، ضمنه الذكاء الاصطناعي، ليران عنتبي، إنّ حزب الله “كثّف استخدام الطائرات المُسيّرة المتفجرة، وقام أيضاً باستخدام طائرة مُسيّرة تُطلق صواريخ ضمن ساحة المعركة، الأمر الذي يُلحق أضراراً وخسائر في الأرواح بين الجنود والمستوطنين، وأيضاً خسائر مادية”.

قرار التصعيد ليس سهلاً 

القرار الإسرائيلي بالتصعيد، أو بالأصح، القيام بعملية استباقية كبيرة ضد لبنان، ليس قراراً سهلاً، وهذا التقدير يتفق عليه جميع المعلقين العسكريين وأصحاب القرار في “إسرائيل”.

لكن مع هذا الإجماع، هناك شبه إجماع على أن “إسرائيل” لا تستطيع أن تحتمل تعاظم قوة حزب الله، وكل يوم يمر دون القيام بعملية عسكرية ضد المقاومة سيزيد “المخاطر” المستقبلية على “إسرائيل”، بحسب ما قاله الخبير في الشؤون الإسرائيلية أليف صباغ للميادين نت، وهذا ما يجعل أصحاب القرار يبحثون عن فرصة سانحة للقيام بعملية كبيرة ضد حزب الله، على أن لا تكلفهم ثمناً كبيراً، وفقاً له.

وبحسب صباغ، فإنّ هذه الفرصة التي يبحث عنها الإسرائيلي لها شروطها السياسية والميدانية، وهناك الكثير من إشارات الاستفهام والعقبات التي تقف بين “إسرائيل” وبين خطوة التصعيد مع لبنان.

الشرط الميداني يتمثل بأن تقوم القوات الجوية بعملية عسكرية كبيرة تستهدف مواقع حساسة، بحيث لا يستطيع حزب الله أن يرد مباشرة. وهنا، يقف رد فعل الحزب في وجه هذا الشرط، وخصوصاً المفاجآت التي تفاجئ الإسرائيلي دائماً وتفشل مخططاته.

أما الشرط السياسي، فيتمثل في أن تكون الولايات المتحدة جاهزة للتدخل السياسي لوقف التصعيد بعد العدوان الإسرائيلي، ويكون “حلفاء إسرائيل في لبنان جاهزين أيضاً للتحرك ضد المقاومة برعاية فرنسية وأميركية. وفي حال استطاع الحزب أن يرد بقوة، يتطلب الأمر أن تكون الولايات المتحدة جاهزة في البحر المتوسط للتدخل إلى جانب إسرائيل”، وفقاً لصباغ.

لكن محللين كثراً يشيرون إلى التوتر الحاصل في العلاقة بين بايدن ونتنياهو، والحرج الأميركي من تصاعد المجازر الإسرائيلي في غزة، والضغط الأميركي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وهذا يلمح إلى أن الأميركي غير جاهز حالياً للمضي بالمغامرات الإسرائيلية التي يرى الأميركي أنها تخدم مصالح نتنياهو الشخصية فقط.

في الأيام الأخيرة، يمكن الملاحظة بوضوح أن قوى اليمين المتطرف في “إسرائيل” تريد التصعيد على الجبهة اللبنانية، وكذلك “الجيش” الإسرائيلي. ويقف نتنياهو حائراً وخائفاً من نتائج ذلك، ولا سيما أنه غارق في رمال غزة ومتورط في دعاوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أمام محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية، ولهذا التورط تداعيات سياسية واقتصادية، وأخرى على “إسرائيل” ككل، وليس على نتنياهو فقط.

لذلك، يسأل الخبير في الشؤون الإسرائيلية: هل تستطيع “إسرائيل” أن تتحمل نتائج التصعيد على الجبهة الشمالية، في حين أنها لم تستطع أن تحقق أهداف الحرب في غزة؟ الجواب، في المنطق السليم، سلبي، لكن في منطق من يعيش حالة جنون العظمة في “إسرائيل”، يصبح الجواب أكثر تعقيداً.

الأميركي لا يثق بنتنياهو

أما في ما يخص التسريبات المتعلقة بواشنطن، وفقاً لصباغ، فإنّ الولايات المتحدة، وتحديداً الإدارة الديمقراطية، أمام انتخابات صعبة جداً، وكل خسارة لـ”إسرائيل” ستضطرها إلى أن تتدخل رغماً عنها، وقد تقوم “إسرائيل” بمجازر ضد المدنيين اللبنانيين أو البنية التحتية المدنية، وهذا سيحرج الرئيس الأميركي جو بايدن أكثر  أمام ناخبيه.

أما الخشية الأميركية الأكبر، فتتمثل بتدحرج هذه الحرب واتساعها، بحيث لا تستطيع السيطرة عليها أو لا تستطيع إنقاذ “إسرائيل” من مغامرات غير محسوبة.

هنا لا بد من التذكير، وفقاً لصبّاغ، بأنّ بايدن ومن حوله لا يثقون بنتنياهو، ويعتقدون أنه يريد توريطهم في حرب إقليمية، في حين أن صراعهم الأساس هو صراع دولي مقابل الصين وروسيا، وهم يعتقدون، بحسب الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أنّ لديهم فرصة تاريخية لإقامة “تحالف إقليمي عربي إسرائيلي ضد إيران وكل أشكال المقاومة”. وبذلك، يحققون استراتيجيتهم الإقليمية من دون حرب خدمة لصراعاتهم الدولية، لكن نتنياهو  يتمرد عليهم ويعدل ذلك، لأن لديه أجندات أخرى خطيرة من وجهة نظر واشنطن.

لكل ذلك، في تقدير صباغ، واشنطن لا تعطي “إسرائيل” الضوء الأخضر لعملية كبيرة ضد حزب الله. وقد حصل أن منعت ذلك في 11 تشرين أول/أكتوبر 2023 في اللحظة الأخيرة.

 

نقلاً عن الميادين نت #العدوان الصهيوني على غزة#طوفان الأقصىً#كيان العدو الصهيونيً#لبنانحزب الله

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

التحالف العالمي من أجل فلسطين.. جبهة دولية ضد الاحتلال والفصل العنصري

التحالف العالمي من أجل فلسطين تكتل شعبي دولي أعلن عن تأسيسه في 26 يوليو/تموز 2025 في العاصمة البريطانية لندن بمشاركة شخصيات برلمانية ونقابية وحقوقية بارزة.

ويهدف التحالف إلى بناء جبهة دولية موحدة تدعم الحقوق الفلسطينية وتناهض الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، ويسعى إلى تفعيل التضامن الشعبي والسياسي عالميا عبر حملات ضغط ولجان متخصصة وشبكات إعلام بديل.

النشأة والتأسيس

أُعلن عن تأسيس التحالف العالمي من أجل فلسطين يوم 26 يوليو/تموز 2025 في العاصمة البريطانية لندن، وشارك في التأسيس كوكبة واسعة من شخصيات برلمانية وحقوقية ونقابية وثقافية من مختلف أنحاء العالم.

ويأتي التحالف في إطار حراك شعبي دولي رافض للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة -الذي بدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023- وما تبعه من حصار خانق ومجازر وعمليات تدمير ممنهج للبنية التحتية، ومصادر الغذاء والزراعة والصيد، مما تسبب بتجويع آلاف الفلسطينيين في القطاع.

كما أعلن المنظمون لمؤتمر التأسيس عزمهم عقد مؤتمر جديد عام 2026 لاستكمال بناء هذا التشكيل العالمي، مؤكدين أن الخطوات العملية تشمل تشكيل لجان عمل دولية متخصصة وتعزيز شبكات الإعلام البديل ودعم التعليم الشعبي إزاء القضية الفلسطينية، فضلا عن إطلاق حملات ضغط سياسي وتشريعي في العواصم المؤثرة عالميا.

التحالف العالمي من أجل فلسطين أعلن عن تشكيله منصف عام 2025 في العاصمة لندن (منصة العرب في بريطانيا)

وشارك في المؤتمر التأسيسي أكثر من 70 منظمة تضامنية من 25 دولة حول العالم تمثل قطاعات المجتمع المدني والنقابات والحركات الطلابية والمبادرات الإعلامية والحقوقية، إلى جانب وفود من فلسطين والشتات.

وكان من بين المشاركين في المؤتمر النائب البريطاني وزعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن والزعيم الأيرلندي جيري آدامز ورئيس حركة المبادرة الفلسطينية مصطفى البرغوثي ووزير المالية اليوناني الأسبق يانيس فاروفاكيس والمناضل الجنوب أفريقي روني كاسريلز والنائب الإيطالي أنجليو بونيلي.

إعلان

وافتُتحت أعمال المؤتمر بجلسة عنوانها "تأطير اللحظة" تناولت أهمية التحرك في ظل تصاعد الزخم الجماهيري العالمي الداعم لفلسطين، وأكد المتحدثون أثناءها ضرورة توحيد الجهود وبناء مشروع تحالفي طويل الأمد.

وقال النائب البريطاني كوربن أثناء كلمته "نحن لا نبني تحالفا عابرا، بل نؤسس لحركة عالمية ثابتة تتحدى الظلم وتعيد لفلسطين مكانتها في ضمير الإنسانية. هذه لحظة تاريخية ونقطة تحول في النضال من أجل العدالة".

من جانبه، صرح القائم بأعمال رئيس "المنتدى الفلسطيني في بريطانيا" عدنان حميدان، أن فكرة التحالف جاءت "ردا على التآمر العالمي ضد القضية الفلسطينية"، وأضاف: "نشهد اصطفافا واضحا من القوى الغربية خلف الاحتلال في دعمها لمشروع الإبادة والتجويع والعدوان على أهلنا في غزة".

التحالف العالمي من أجل فلسطين شارك في مؤتمره التأسيسي أكثر من 70 منظمة تضامنية (منصة العرب في بريطانيا) الأهداف

وبحسب ما أُعلن، يهدف التحالف العالمي من أجل فلسطين إلى تعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية.

ويؤكد التحالف أنه ينطلق من مبدأ واضح مفاده أن "التضامن مع فلسطين يجب أن يكون منظما وموحدا ومؤثرا"، وأشار إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى بناء جبهة دولية قادرة على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتفنيد الروايات المضللة في وسائل الإعلام والدفاع عن الحق في التضامن.

وأكد التحالف في بيانه الختامي الأول على ما يلي:

دعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. رفض نظام الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي. بناء تحالف عالمي متعدد المستويات والمجالات. دعم الحق في التضامن والعمل المدني غير العنيف.

كما شدد البيان على أهمية مواصلة الزخم الجماهيري العالمي الذي تصاعد بعد عام 2023 عبر تنسيق الجهود القانونية والإعلامية والسياسية بهدف بناء رأي عام ضاغط، خاصة في دول الشمال العالمي.

مقالات مشابهة

  • بفيديو جديد... هذا ما قاله أدرعي عن حزب الله!
  • سقوط قتيل وجريح.. ماذا يحصل على الحدود اللبنانية -السورية؟
  • هل ستستمرّ إسرائيل باستهداف قادة حزب الله؟.. مصدر أمنيّ إسرائيليّ يُجيب
  • الاحتلال الإسرائيلي يجرف أراضي لتوسيع بؤرة استيطانية جنوب جنين
  • ساندويشات للنواب.. ماذا يحصل في البرلمان؟
  • التحالف العالمي من أجل فلسطين.. جبهة دولية ضد الاحتلال والفصل العنصري
  • ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
  • قراءة في الواقع الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي يغتال مسؤول عمليات ومدفعي في حزب الله جنوب لبنان
  • شاهد على حروب جنوب لبنان.. هذه قصة دير القديسة حنة