صندوق الوطن يفتح باب التسجيل في البرامج الصيفية
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس إدارة صندوق الوطن، أن إطلاق البرامج الصيفية للصندوق تحت شعار «قدوتي» يهدف إلى الإسهام في بناء أجيال المستقبل المؤمنة بهويتها الوطنية، وتحقيق الاستدامة من أجل مستقبل مشرق لهذا الوطن الغالي، وفق الرؤية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يضع شباب الإمارات في مقدمة أولوياته.
وقال معاليه: إن «الدورة الثانية من البرامج الصيفية لصندوق الوطن وهي تستعد لإطلاق أنشطتها بمختلف إمارات الدولة، تحرص على اجتذاب أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة من أبناء الإمارات، مستلهمةً رؤية صاحب السمو رئيس الدولة بأن تكون الهوية الوطنية القوية المستدامة النابضة بالحياة عنواناً للمبادرات والبرامج والأنشطة كافة».
جاء ذلك عقب اطلاع معاليه على استعدادات صندوق الوطن لإطلاق البرامج الصيفية بالمدارس المختارة على مستوى الدولة، بما يضمن نجاحها في تحقيق أهدافها التي تركز على قيم الهوية والوطنية الإماراتية وكل ما يتعلق بها على الأجيال الجديدة.
ووجه معاليه بفتح باب التسجيل فوراً، للمشاركة بالبرامج الصيفية لجميع أبناء وبنات الإمارات من طلاب المدارس الإماراتية وحتى 30 يونيو الجاري، على أن تبدأ أنشطة البرنامج بجميع إمارات الدولة في 8 يوليو المقبل وتستمر 3 أسابيع.
واستقر صندوق الوطن على أن تنطلق أنشطة البرامج الصيفية لطلاب المدارس الحكومية والخاصة بمدارس أبوظبي الدولية بمدينة محمد بن زايد أبوظبي وجيمس جزيرة الريم أبوظبي، وأكاديمية جيمس العالمية الفجيرة، والثانوية الإنجليزية - العين، وأكاديمية ياس الأميركية أبوظبي، ومدارس أدنوك بالظفرة، والدار رأس الخيمة، ولا يشترط في المتقدمين أن يكونوا من منتسبي هذه المدارس فقط، وإنما الباب مفتوح لمشاركة الجميع.
أخبار ذات صلةووجه معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بأن تكون البرامج الصيفية لصندوق الوطن منصة تربوية وترفيهية تستطيع تقديم محتوى مميز وجذاب يمكنه الوصول إلى طلاب المدارس بشكل ممتع لتعريف الأجيال الجديدة بهوية الإمارات وقيمها الأصيلة وتراثها الخالد، ورموزها الوطنية، وتاريخها المجيد، إضافة إلى تشجيع المواهب وتعزيز الإبداع والابتكار، وتقديم شرح واف لأهمية الاستدامة، مؤكداً أن النجاحات الكبيرة التي حققتها البرامج الصيفية للصندوق العام الماضي خير دافع للجميع لمزيد من التطوير الكمي والكيفي، بالتركيز على الأهداف والمنطلقات نفسها.
وأشار معاليه إلى أهمية التركيز الكامل من قبل المخططين والمنظمين والمدربين المشرفين على البرامج الصيفية على الهدف الرئيس، وهو تعزيز قيم الهوية الوطنية الإماراتية في نفوس الصغار لتصبح أسلوباً لحياتهم جميعاً، من خلال تعريفهم بأهمية الحفاظ على جميع مكونات الهوية الوطنية وترسيخها من خلال الأنشطة والأساليب الممكنة، كالإبداع والترفيه والتدريب والمسابقات وغيرها، مشيداً بجهود وزارة الثقافة، والمدارس المشاركة في تنظيم البرامج الصيفية لصندوق الوطن واستضافة أنشطتها.
من جهته أكد ياسر القرقاوي، مدير عام صندوق الوطن، أن الأهداف الرئيسة للبرامج الصيفية تركز على التعريف بمكونات الهوية الوطنية، والحفاظ على اللغة العربية والولاء للدين الحنيف، وتعزيز الثقة والفخر بقيم الانتماء والولاء بالهوية الوطنية، وترسيخ الهوية الوطنية ونقلها لأجيال المستقبل، وإطلاق القدرات والمهارات الإبداعية والقدرة على الابتكار لدى الجيل الجديد، والتوعية وتعزيز مبادئ ومفاهيم الاستدامة.
وأوضح أن أنشطة البرامج الصيفية لصندوق الوطن تركز هذا العام على تقديم فقرات تعريفية وتوعية حول القيم والمعارف، وتنظيم حوارات ونقاشات تفاعلية من نجوم وفناني وكتاب ومؤثري الإمارات، إضافة إلى تنظيم دورات وورش عمل مكثفة لتعزيز المهارات الاجتماعية مثل (التعارف، العمل الجماعي، روح الفريق، وغيرها)، من خلال ضيوف مميزين ومتخصصين في تعليم وتدريب الناشئة، ولا تغفل البرامج الصيفية الأنشطة والألعاب الرياضية مثل(كرة سلة، كرة قدم، تنس، ألعاب تفاعلية) وكذلك الأنشطة المتعلقة بالموسيقى والفنون الشعبية والمسرح، والقراءة والكتابة الإبداعية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وأمن المعلومات، والمهارات والأشغال اليدوية، والقصص الوطنية والتراثية الملهمة، إضافة إلى التركيز على إتقان مهارات اللغة العربية.
المصدر: وامالمصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: صندوق الوطن نهيان بن مبارك آل نهيان البرامج الصیفیة لصندوق الوطن الهویة الوطنیة نهیان بن مبارک صندوق الوطن
إقرأ أيضاً:
الهوية الوطنية العمانية
ختمنا المقال السابق بسؤال عن حاجة مجتمعنا العماني إلى الحديث عن قضية الهوية من عدمه؟ وللإجابة عن هذا السؤال ننطلق من مقال نشرته جريدة «عمان» في عددها الصادر بتاريخ 9 أكتوبر عام 2024 والمعنون بـ «الهوية الثقافية العمانية وتحديات العولمة»، والذي أكدت فيه على إدراك سلطنة عمان للخطر الذي تمثله العولمة على الهوية الوطنية العمانية، وأن مجتمعنا ليس في معزل عن تلك التأثيرات «بل هي موجودة وتتسلل»، ويختم المقال بالدعوة إلى إيجاد «استراتيجية مدروسة ومستنيرة تحتفي بالماضي وتكرّمه، وتتعاطى مع الحاضر وتسير نحو المستقبل».
إن الوعي بخطورة المرحلة يمثل الخطوة الأولى في طريق النجاح لتجاوزها، والتغلب على تحدياتها، والبداية ينبغي أن تكون من تعريف متفق عليه للهوية الوطنية العمانية، وبحسب اطلاعي لا توجد دراسة أكاديمية منشورة في الدوريات المحكمة باللغة العربية لدراسة الهوية العمانية والتعريف بها، أما بغير العربية فتوجد دراستان باللغة الإنجليزية نشرت الأولى الدكتورة فخرية اليحيائية عام 2017 بعنوان «حضور الهوية العمانية في أعمال الرسامين العمانيين»، والثانية عام 2019 لخالد الحنظلي بعنوان «الهوية الوطنية وأثرها في تشكيل السياسة الخارجية العُمانية المعاصرة»، كما توجد دراسة باللغة الفرنسية للباحثة كورينا لوزوفان نشرت عام 2022 بعنوان «رؤية الحداثة: سرديات التناقضات التاريخية في عُمان» ذهبت فيها إلى أنه «في عهد السلطان قابوس، كان المواطن العماني «موضوعا» للتشكل، في طور التكوين، وتجزم بأن «الهوية العُمانية راسخة في السرد التاريخي، مُرتكزة على القيم الإباضية، لا سيما السلام والتسامح».
وجميع هذه الدراسات لا تقدم تعريفا جامعا مانعا كما يقول أهل المنطق للهوية الوطنية العمانية، كما أنها تفتقر إلى استراتيجية التعامل مع تحدي العولمة، وإلى أن توجد دراسات متخصصة في مكونات الهوية الوطنية العمانية ومحدداتها، يمكن اقتراح التعريف التالي: الانتماء إلى الدولة العمانية التي يمثلها النظام السياسي السلطاني، والبقعة الجغرافية لإقليم عمان بحدودها السياسية المعاصرة، وشعبها العربي ذي المرجعية الإسلامية، وامتدادهم التاريخي المتمثل في الممالك والقبائل والأسر والشخصيات التي أسهمت في بناء المنجز العماني.
هذه هي الهوية العمانية في جوهرها، ويتفرع عن هذا الجوهر مبدآن أساسيان، الأول هو الأخلاق العمانية المتمثلة في السلوك السياسي والاجتماعي المتميز بالهدوء والرزانة والحياد الإيجابي والسماحة وعدم الاعتداء على الآخر وعدم التدخل في شؤونه. الثاني هو احترام رموز هذه الهوية التي يعبر عنها العلم العماني، والزي العماني، واللهجة العمانية، والتراث الفقهي العماني، والأغاني الفلكلورية، والقصص الشعبية، والأكلات الشعبية. بالإضافة إلى الاعتزاز بالرموز التي تمثل الجغرافيا العمانية مثل الخنجر والسيف والبحر والسفينة والجبال والصحراء، وشجرة النخيل واللبان.
ولا ينبغي لهذه الانتماء أن يقيد الفرد العماني، فعمان منذ الأزل بها جماعات دينية ومذهبية وإثنية ولغوية متنوعة، وهذه الجماعات الخاصة هي جزء صميم من النسيج العماني، وقد أسهمت في ثراء الثقافة العمانية وفي صنع التاريخ العماني وفي تشكيل ملامح الهوية العمانية، وأبناء هذه المجموعات العمانية الخاصة يحترمون بلا شك المحددات الأساسية التي تمثل الهوية العمانية، كما أن هويتهم الخاصة محترمة داخل نسيج الهوية العمانية الجامع.
أما التحدي الذي أشارت إليه هيئة تحرير جريدة عمان والمتمثل في العولمة الثقافية والأمركة الهوياتية، التي تتسرب إلى مجتمعنا من خلال منصات التواصل، وتطبيقات بث المحتوى، والألعاب الإلكترونية، وغيرها من وسائل، فإن الواقع يفرض علينا التعامل مع هذه المنصات والتطبيقات باعتبارها الواقع الجديد، وهذا الواقع بقدر ما يفرض من تحديات يوفر أيضا مجموعة من الفرص التي ينبغي الاستفادة منها لحماية الهوية الوطنية وتعزيزها، فتحدي العولمة الثقافية ليس أمرا طارئا على العالم، ولا يختص بعمان وحدها، فجميع دول العالم تعاني منه، بل حتى الدول التي تقود قاطرة العولمة تتسابق هي ذاتها اليوم من أجل تمييز هوياتها الخاصة مقابل الآخر الذي لا ينتمي إليها، وقد أفرز هذا التزاحم الهوياتي عدة استراتيجيات للتعامل مع الثقافات المقتحمة، وحزمة من أساليب التصدي للهويات التي تحاول الهيمنة على غيرها.
حيث اقترح عالم الاجتماع الإنجليزي أنتوني غدنز في كتابه «عواقب الحداثة» ما اسماه بالتحديث العاكس أو «Reflexive Modernization»، من خلال تشجيع المجتمعات المحلية على التفاعل بوعي مع العولمة لتحويلها إلى فرصة بدلًا من كونها تهديدا. بينما اقترح المفكر العربي إدوارد سعيد والمفكر الهندي هومي بابا خلق هوية هجينة «Hybrid Identity» قادرة على التفاوض مع العولمة والتكيف مع حمولاتها دون فقدان جذورها، ويتم ذلك من خلال استخدام لبناء مساحة بينية ثالثة بين الهوية المحلية والهوية العالمية.
أما أمين معلوف فقد طرح فكرة «التبادلية» بين الهويات الفرعية داخل الهوية الوطنية، وبينها وبين الهويات العالمية التي تحاول الهيمنة. إذن هناك إجماع بين المفكرين على ضرورة دعم الهويات المحلية وإبرازها، والانفتاح الواعي على الهويات الأخرى بصورة لا تؤدي إلى الذوبان فيها بل إلى المشاركة في صنع مساحة وسط، وخلق هوية مطورة ترتقي بالهوية المحلية ولا تلغيها، فإذا حاولنا تطبيق هذه المبادئ على ما تواجهه الهوية العمانية من صراع مع الهويات العالمية التي تحاول اختراق الفضاء العماني والهيمنة على الثقافة العمانية، فنحن بحاجة إلى إيجاد استراتيجية وطنية للتعامل مع هذا التحدي، ولعل فيما يلي محاولة أولية لوضع ملامح هذه الاستراتيجية التي تحتاج بلا شك إلى تعزيز وتوجيه ودعم.
وتتمثل هذه الاستراتيجية في تطوير التعليم الذي يرسخ الهوية في ذهن الطالب دون أن يعوقه عن الانفتاح على العالم، وعلى الإعلام المستنير الذي يحتفي بالهوية ويخلق فضاءات لها للتحاور مع الآخر، بالإضافة إلى الاستفادة من التقنية والذكاء الاصطناعي للتعريف بالهوية الوطنية وتعزيزها، ومن خلال تبنّي نماذج تنموية تحفظ الهوية الوطنية، ابتداء من تعزيز سياسة التعمين، مرورا بحماية الرموز الثقافية من الاندثار، ودمج عناصرها في التصميم العمراني للمباني والمدن العمانية، والاحتفاء بالحِرف المحلية مثل صناعة الخناجر والبخور والملابس التقليدية، إضافة إلى الشراكة المحلية في صناعة القرارات المتعلقة بالتنمية مع الأعيان والفاعلين الاجتماعيين، واحترام التعددية الثقافية الوطنية باعتبارها منطلقا لاحترام الثقافات العالمية الأخرى، وانتهاء بالانفتاح الواعي على العالم من خلال التشريعات والقوانين المرنة التي تضبط عملية الانفتاح ولا تعوقها.
إن هذه الاستراتيجية المقترحة تمثل قاعدة يمكن البناء عليها لتأسيس هوية وطنية عمانية قويمة، وبناء آليات تعزيزها محليا، وتمدها بوسائل مقاومة الانصهار في الثقافة العالمية المهيمنة، فتجترح ما يفيد أبناءها، وتتجاوز ما يمكنه أن يضرهم ويهدم ثقافتهم، فنحن بحاجة إلى أن نبدأ من نقطة ما، لأن الصراع الثقافي في أشده، والاختراق الفكري يتمدد يوما بعد آخر، والحاجة إلى المواجهة باتت أمرا مفروغا منه، وعلينا جميعا أن نبادر لتعزيز هويتنا الوطنية، وإمدادها بأدوات الصمود أمام طوفان ثقافة العولمة، وتوفير وسائل تمكنها من التفاعل مع غيرها من الثقافات العالمية والاغتناء مما لديها دون خضوع أو ذوبان.