الأمن الغذائي الخليجي يبدأ من الدقم
تاريخ النشر: 9th, June 2024 GMT
خليل بن عبدالله بن محمد الخنجي **
الأمن الغذائي والمائي هاجس لدول كثيرة ومنها دول مجلس التَّعاون لدول الخليج العربية وهذا ليس بمستغرب بسبب شح الأمطار في هذه الدول ولكن الأزمة وصلت إلى الهند والصين وبلدان عديدة كثيفة السكان، منتجة للمواد الغذائية الأساسية للإنسان والحيوان، إلّا أن مفهوم الأمن الغذائي التقليدي أصبح من الماضي، وهناك مستجدات يجب على أصحاب القرار في دولنا الأخذ بها بكل جدية وذلك بسبب التطورات العلمية في تحقيق الأمن الغذائي العالمي.
كنَّا نتحدث ونتحاور في عُمان ولاحقًا على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي منذ العام 2007 وحتى 2020 جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم وانعكاساتها على دول المنطقة وكان السائد في حواراتنا هو كيف لنا أن تمتلك دولنا أراضي شاسعة في دول مثل السودان وروسيا وفيتنام والأرجنتين وغيرها من دول العالم لما لديها من أراضٍ تصلح لزراعة القمح والذرة والحبوب وتربية الماشية والأبقار بل حتى الجمال وغيرها من أنواع الحيوانات المتعددة وسبل استيرادها لدولنا وذلك لتأمين منافذ آمنة نمتلكها في الخارج ولكن ما أثبتته لنا السنوات الماضية: أن ما تنتجه أراضي غيرك لن يُؤمن غذاك، بل هي خدمة مجانية يستفيد منها أصحاب الأرض عند حدوث الأزمات.
إذن ما الجديد في الأمن الغذائي العالمي؟
منذ عام 2004 والعلم يبحث عن إنتاج لحوم الأبقار عن طريق زراعة الجينات الوراثية من لحم الأبقار وإنتاجها بكميات كبيرة من خلال المختبرات والمصانع الخاصة في كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة وبعض الدول المتقدمة والمنفتحة علميًا على المستجدات الوراثية في علم الجينات وبالفعل تم في الآونة الأخيرة تمَّ اعتماد بيع تلك اللحوم في أرفف محلات البيع في كلٍ من سنغافورة أولًا وأمريكا لاحقًا وهذا ليس بجديد في العالم لأن العلم قد طور علم الجينات في إنتاج البذور وفسائل النباتات التي ساهمت في نمو القطاع الزراعي بشكل ملحوظ .
أحد المواد الأساسية التي يستهلكها المواطنون في دول المجلس والمقيمون بها هو الأرز وقد أثبتت التجارب العلمية في الصين التي تعاني شبح قلة المياه خلال العشر سنوات القادمة أنه بالإمكان زراعة الأرز على الأراضي المحاذية للبحار بل حتى على سطح مياه البحر شرط ألا تتعدى درجة ملوحة المياه 0.6، وبالفعل أجريت كثير من التجارب على هذا النوع من المنتج الذي سوف يسهم في زيادة منتجات الأمن الغذائي الأساسية.
بالنسبة للقمح تستطيع دول الخليج زراعته خاصةً في المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان ولكن هناك دول معروفة تنتجه بأسعار غير مكلفة وبكميات كبيرة جدًا مثل أستراليا وكندا وأمريكا والأرجنتين والبرازيل لما تملكه من أراضٍ شاسعة صالحة ومناسبة لزراعة الحبوب، وقد أجريت تجارب جينية على القمح وذلك لمضاعفة الإنتاج وذلك تلبيةً للطلب العالمي للحبوب وذلك لاستهلاكه من قبل الإنسان والحيوان على حدٍ سواء.
تعددت المنتجات الغذائية التي تصل إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية لتلبية طلبات المُقيمين على أرضها وهم أضعاف المواطنين الأصليين تستورد في أوقات السلم والرخاء بكل سهولة ويسر، أما في أوقات الحروب التي قد تؤثر على بعض المنافذ البحرية والعوائق البرية كما حدث لبعض الدول أو حصار جوي لا سمح الله بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط التي تنعكس سلبًا على أسعار المنتجات على اختلافها وخاصة المواد الغذائية الأساسية وهذا ما أثبتته تجاربنا السابقة لذلك وجب تأمين سلسلة الإمداد والتوريد لدول المجلس. وهذا لا يتأتى إلّا من خلال الأراضي والموانئ العُمانية المتعددة لكونها خارج مضيق هرمز ومنها المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم بالدقم التي بإمكان القائمين على إدارتها توفير التسهيلات للمنتجين للصناعات التحويلية من المواد الغذائية المعلبة وصوامع الغلال لتخزين أنواع الحبوب والأرز والسكر وتقديم التسهيلات كذلك لمستثمري الاستزراع السمكي ومحاولة الاستفادة من تجارب الدول في زراعة الأرز على ضفاف بحر العرب في الدقم بموقعها الحيوي بعيدًا وخارج جميع المضائق البحرية شرط ربط الموانئ العُمانية كلها بشبكة نقل بري عبر بناء منظومة قطارات لنقل البضائع من الدقم وإلى جميع موانئ مجلس التعاون الخليجية.
** الرئيس الأسبق لغرفة تجارة وصناعة عُمان
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الدليمي:تشغيل الشباب في القطاع الزراعي يساهم في تقليص التصحر وتحقيق الأمن الغذائي
آخر تحديث: 27 يوليوز 2025 - 11:41 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- أكد وزير التخطيط الأسبق نوري الدليمي، يوم الأحد، أن حل الأزمات الثلاث “السكن، البطالة، التصحر”، يكمن بتشغيل الشباب بالقطاع الخاص، سواء الصناعي أو الزراعي، فضلا عن توعية الشباب وتغيير مفهومهم بالسعي نحو الوظيفة الحكومية.وقال الدليمي،في حديث صحفي، إن “الحديث عن تحديات وزارة التخطيط، لا يتم دون النظر إلى السياق الأوسع الذي تمر به مؤسسات الدولة، فالوزارة تقف في قلب المعادلة الاقتصادية والتنموية، وتواجه تحديات مركبة تتمثل في ضعف الإمكانات الاستثمارية مقابل اتساع المتطلبات السكانية والخدمية، وتعاظم الإنفاق التشغيلي الذي يستهلك أكثر من ثلثي الموازنة العامة”.وأضاف “على الرغم من توفر الكفاءات والخبرات في مؤسسات الوزارة، إلا أن طبيعة العمل التخطيطي تتطلب دعماً مستمراً على مستوى تحديث أدوات العمل، وتعزيز قدرات الموظفين، وتوسيع الشراكات مع المؤسسات المحلية والدولية، وهذا التحديث ضرورة حيوية لمواكبة المتغيرات الاقتصادية السريعة والاستجابة الفاعلة لمتطلبات التنمية في العراق، واعتماد حلول مستدامة”.وطرح الدليمي، إشكاليات ثلاث، وهي “السكن، البطالة، التصحر”، هذه الأزمات تُعد من أعقد التحديات التنموية، لكنها ليست عصية على الحل، ومن تجربتي، فإن المفتاح الأساسي لمعالجتها يكمن في التشغيل الواسع والمنظم للشباب في القطاع الخاص، مع ضمان حوافز ومزايا موازية للقطاع العام”.وتابع “حين أطلقنا المشروع الوطني لتشغيل الشباب، جعلنا من القطاع الزراعي نقطة انطلاق استراتيجية، كونه لا يُعالج البطالة فقط، بل يساهم أيضًا في تقليص التصحر، وتحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز الاستقرار المجتمعي، لا سيما في المناطق الريفية، فضلاً عن كونه عامل محوري لتشغيل العديد من القطاعات”.ولفت إلى أن “تفعيل هذا المسار التنموي يتطلب إرادة سياسية، ودعم تشريعي، وتمويل حكومي منصف، إلى جانب شراكة حقيقية مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وهنا أود ان اشيد بمبادرة “ريادة” التي أطلقها دولة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني لتشغيل الشباب والتي أنا أحد أعضائها”. وأكمل حديثه “القطاع الخاص في العراق لم يُمنح بعد الدور الفاعل الذي يستحقه، ما زال يعاني من قيود وتعقيدات في بيئة العمل، وضعف في التشريعات المشجعة، ومحدودية التمويل، وبُعده عن صنع القرار الاقتصادي، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة والفاعلة التي بذلها السوداني، إلا ان التراكمات السابقة تحتاج إلى دعم موحد من جميع الفعاليات الوطنية، ووقت أكبر للحصول على نتائج يلمس المواطن أثرها بشكل أوضح”.ولفت إلى انه “مع ذلك، نثمن الجهود التي بُذلت خلال السنوات الأخيرة لتحسين بيئة الاستثمار وتبسيط الإجراءات وتأسيس المجلس الدائم لتطوير القطاع الخاص، الذي وضعنا أسسه في فترتنا الوزارية”.وحول الحلول، بين أن “المطلوب اليوم هو نقلة نوعية تقوم على منح القطاع الخاص دوراً حقيقياً في قيادة مشاريع التنمية، لا أن يكون مجرد منفّذ فرعي، مع ضمان التوازن بين دور الدولة وبين حرية السوق. فبلا قطاع خاص فاعل، لن يكون هناك اقتصاد ديناميكي ولا فرص عمل مستدامة”. وبشأن البطالة، أشار الدليمي إلى أن “البطالة ليست أزمة طارئة، بل هي نتيجة لتراكمات طويلة لضعف التخطيط التنموي وضعف التنسيق بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق، وفي جميع الخطط التي اعتمدتها قبل المنصب الوزاري وبعده رفعت شعار: ” الاستثمار في الشباب استثمار في مستقبل الوطن”.واستطرد “لدينا ثروة بشرية هائلة من الشباب والخريجين الذين لا ينقصهم الطموح، بل تنقصهم البيئة الداعمة، ومعالجة هذا الملف تحتاج الى توحيد جميع الجهود وتغير مفهوم السعي الدائم نحو الوظيفة الحكومية، وتعزيز مفهوم القطاع الخاص وتنشيط القطاعات الإنتاجية”.وأوضح “معالجة البطالة تتطلب رؤية وطنية متكاملة تشمل: إصلاح التعليم وربطه بسوق العمل، وتوفير تمويل للمشاريع الصغيرة، تشجيع ريادة الأعمال، وتوسيع الاستثمار المحلي والأجنبي”.وختم حديثه لـ”لن نتجاوز هذه التحديات ما لم تكن هناك شراكة حقيقية بين القطاع العام والخاص، ووضوح في الرؤية، وثقة متبادلة بين المواطن ومؤسسات الدولة، فالعراق بحاجة إلى التخطيط بعيد المدى، إلى استثمار كل دينار بطريقة تحقق نتائجملموسة، والأهم من ذلك إلى إرادة مدعومة من الفعاليات السياسية”.