البلاد (غزة)
في تصعيد عسكري متواصل، شنت القوات الإسرائيلية فجر السبت غارات جوية وبرية مكثفة على عدة مناطق في قطاع غزة، أسفرت عن مقتل 25 فلسطينياً، بينهم 13 مدنياً كانوا في انتظار مساعدات غذائية، بحسب مصادر طبية ومسعفين محليين.
وأكدت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” أن القصف استهدف أحياء سكنية ومناطق تجمع للمدنيين، مشيرة إلى أن الضحايا سقطوا في أماكن متفرقة من مدينة غزة، خان يونس، ومخيم البريج.

وذكرت مصادر طبية أن القصف طال منازل ومناطق لتوزيع المساعدات في حي تل الهوى ومنطقة الشاكوش شمالي القطاع، حيث كان العشرات ينتظرون شاحنات مساعدات، على رأسها الدقيق.
تزامناً مع الغارات، أعلنت إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية في شرق مدينة غزة، فيما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خطة أمنية جديدة تهدف إلى”تعميق تقسيم قطاع غزة” وزيادة الحصار عليه، في محاولة لـ”إضعاف حركة حماس وإنهاكها”، بحسب ما نقلته قناة “كان” عن مصادر سياسية. تأتي هذه التطورات في ظل تعثر مفاوضات تبادل الأسرى، ما يزيد من حدة الضغوط العسكرية على القطاع.
وبينما تتصاعد الغارات، تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير، فقد أعلن برنامج الأغذية العالمي أن ثلث سكان غزة لا يأكلون لأيام كاملة، وأن سوء التغذية في تزايد حاد، مع حاجة أكثر من 90 ألف امرأة وطفل للعلاج العاجل. وأضاف البرنامج أن 470 ألف فلسطيني مهددون بالمجاعة الكارثية خلال الأشهر المقبلة.
وأشار بيان البرنامج إلى أن السكان يموتون بسبب نقص المساعدات الإنسانية؛ إذ أصبحت المعونات الغذائية السبيل الوحيد للنجاة بعد ارتفاع أسعار الطعام لمستويات قياسية. ودعت منظمات دولية، بينها الأمم المتحدة و”الأونروا”، إلى رفع القيود الإسرائيلية فورًا والسماح بوصول المساعدات.
من جهتها، أكدت وكالة “الأونروا” أن سكان غزة “يعانون من النزوح المستمر ولا مكانًا آمنًا لهم”، مشيرة إلى أن القطاع يشهد دمارًا غير مسبوق منذ أكثر من 650 يومًا من القتل والمعاناة.
وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أعلنت مصادر طبية عن دخول ست شاحنات محمّلة بمستلزمات طبية فقط إلى القطاع بدعم من “اليونيسف”، لكنها لا تحتوي على أي مواد غذائية، ما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية.
وفي تقرير حاد اللهجة، اتهمت المجموعة الدولية لإدارة الأزمات إسرائيل باستخدام سياسة التجويع كأداة حرب، معتبرة أن النظام الجديد لتوزيع المساعدات الذي تفرضه إسرائيل، من خلال ما يُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، يمنع وصول الغذاء إلى الفئات الأكثر ضعفاً، ويخلق”فوضى قاتلة”.
وأوضحت المجموعة أن 16% من أطفال غزة يعانون من سوء تغذية حاد، وأن المستشفيات تسجل عشرات الوفيات يومياً بسبب الجوع. ودعت إلى رفع فوري للحصار ووقف شامل لإطلاق النار، مؤكدة أن “منع المجاعة لا يحتمل التأجيل”.
ووسط هذه التطورات، تصاعدت التحركات الدولية، فقد دعت فرنسا وألمانيا وبريطانيا في بيان مشترك إلى”إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة فوراً”، مطالبة إسرائيل برفع القيود المفروضة على تسليم المساعدات واحترام القانون الإنساني الدولي.
وفي نيويورك، تستعد الأمم المتحدة لعقد مؤتمر وزاري الأسبوع المقبل لإحياء حل الدولتين، في خطوة تهدف إلى إعادة الزخم الدولي للمطالبة بإنهاء الاحتلال ووقف الحرب. ومن المقرر أن يشارك فيه أكثر من 100 دولة، وسط غياب كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويأمل دبلوماسيون في أن يشكل المؤتمر”فرصة نادرة لتحويل الإجماع الدولي إلى خطوات ملموسة”، مع تحذيرات من أن حل الدولتين بات أضعف من أي وقت مضى في ظل استمرار الحرب، وتوسّع الاستيطان في الضفة الغربية.
وفي ظل تصعيد عسكري دموي ومأساة إنسانية متفاقمة، يقف قطاع غزة على شفا مجاعة، بينما تلوّح الدول الغربية بإجراءات دبلوماسية متأخرة، وتتواصل دعوات رفع الحصار وسط تحذيرات من أن كل ساعة تمر تعني مزيداً من الضحايا الأبرياء.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

“شعب لن ينكسر”.. قتلى و”نسف” بهجوم إسرائيلي لا يتوقف على غزة والأهالي يؤكدون: لا وقف للنار في القطاع

غزة – تواصل آلة القتل حصد الأرواح في قطاع غزة، إذ أفادت مصادر طبية بوصول 8 ضحايا إلى مستشفيات القطاع منذ صباح امس السبت وحتى ساعات العصر.

وتقول المصادر إنه “جرى انتشال شهداء من تحت الركام وآخرون استشهدوا متأثرين بجراحهم”، في بلدات بيت لاهيا، حي الزيتون وجباليا، في مشهد يؤكد أن النزف الفلسطيني ما زال مستمرا دون توقف.

فرغم الإعلان عن وقف لإطلاق النار، تعيش غزة واحدة من أكثر فصولها دموية وقسوة، حيث يثبت الواقع الميداني أن ما يسمى بـ”وقف النار” لا يتجاوز البيانات، بينما النار ما زالت تتساقط على رؤوس المدنيين، والبحر محاصر، والسماء مشبعة بالطائرات المسيرة، والحصار يخنق تفاصيل الحياة اليومية لأكثر من مليوني إنسان.

ومنذ ساعات الفجر الأولى، دوت انفجارات عنيفة في شرق مدينة غزة نتيجة تفجير روبوتات مفخخة، أعقبها قصف متواصل استهدف أحياء الشجاعية، التفاح، الزيتون، والشعف، في وقت واصل فيه الطيران الحربي غاراته على رفح وخانيونس والمغازي، بينما أطلقت الزوارق الحربية نيرانها بكثافة على قوارب الصيادين في بحر خانيونس، في مشهد يعكس استباحة إسرائيلية كاملة للبر والبحر معا.

وعاش الأهالي في أحياء غزة الشرقية ليلة قاسية، تخللتها أحزمة نارية، قنابل إنارة، نسف لمنازل سكنية، وإطلاق نار من طائرات “كواد كابتر” باتجاه البيوت، حتى في المناطق المصنفة “آمنة”. أصوات الانفجارات سمعت من شمال القطاع إلى وسطه، بينما كان القلق سيد المشهد، والأطفال يلتصقون بأمهاتهم، ينتظرون صباحا قد لا يأتي.

وخلال الساعات الماضية، سقط قتلى وجرحى في بيت لاهيا، جباليا، الزيتون، والبريج، بينهم مسنون وشباب، كما جرى انتشال جثامين من تحت أنقاض منازل دمرت منذ أيام، في وقت ما يزال فيه عشرات القتلى عالقين تحت الركام، عاجزة طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بسبب القصف المتكرر وخطورة المناطق المستهدفة.

     أرقام دامية

وزارة الصحة في غزة أعلنت وصول قتلى وجرحى جدد إلى المستشفيات خلال الـ48 ساعة الماضية، مؤكدة أن عدد القتلى منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر 2025 ارتفع إلى مئات ونحو ألف إصابة، ما ينسف عمليا أي ادعاء بوجود تهدئة حقيقية على الأرض.

أما الحصيلة الإجمالية للعدوان، فقد تجاوزت سبعين ألف قتيل وأكثر من مئة وسبعين ألف جريح منذ السابع من أكتوبر 2023، في واحدة من أبشع الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، ترتكب أمام أعين العالم.

    التجويع كسلاح

المأساة لا تتوقف عند القصف. فالحصار ما زال يخنق غزة، حيث كشف المكتب الإعلامي الحكومي أن الجيش الإسرائيلي سمح بإدخال 104 شاحنات غاز طهي فقط من أصل 660 شاحنة مقررة، أي ما يعادل 16% فقط من الاحتياج الفعلي.

هذا النقص الحاد حرم أكثر من 2.4 مليون إنسان من أبسط متطلبات الحياة اليومية، وأجبر مئات آلاف الأسر على الانتظار لأشهر للحصول على حصة لا تتجاوز 8 كيلوغرامات من الغاز، في ظل شلل شبه كامل للمطابخ، المخابز، والمرافق الصحية.

    عائلات تبحث عن أبنائها

الدفاع المدني في غزة وجه رسالة مؤلمة إلى منظمات حقوق الإنسان الدولية، محذرا من تفاقم أزمة المفقودين، حيث تعيش آلاف العائلات في قلق دائم، لا تعرف مصير أبنائها الذين خرجوا ولم يعودوا. معرفة المصير، كما يقول الدفاع المدني، باتت حلما بسيطا لعائلات أنهكها الانتظار والخوف.

    رغم كل شيء… غزة تصمد

في مقابل الموت اليومي والحصار الخانق، يواصل أهل غزة “صمودهم الاستثنائي”، بحسب مراقبين. “يشيعون شهداءهم، ينتشلون جثامين أحبتهم بأيديهم، يرممون ما يمكن ترميمه من بيوت مدمرة، ويصرون على البقاء فوق أرضهم مهما اشتد القصف والجوع”.

غزة اليوم لا تطلب شفقة، بقدر ما تصرخ في وجه العالم: هذا ليس وقف نار، بل حرب متواصلة بأدوات مختلفة… وهذا شعب، مهما اشتد النزف، لا ينكسر.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • الأردن يجهز لإرسال مساعدات إنسانية إلى غزة بعد إعادة فتح معبر “اللنبي”
  • مساعدات طبية عاجلة من منظمة الصحة العالمية تصل إلى ليبيا عبر نقل جوي طارئ
  • الاحتلال يعيد فتح معبر “اللنبي” لنقل المساعدات إلى غزة
  • قافلة زاد العزة الـ90 تحمل 8000 طن من المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة
  • “أطباء بلا حدود”: الهدنة لم تُحسّن أوضاع القطاع الصحي في غزة
  • غوتيريش يدين اقتحام إسرائيل لمقر “أونروا” بالقدس الشرقية
  • أطباء بلا حدود: وضع الأطباء في غزة بالغ الصعوبة رغم “الهدنة”
  • “الأونروا”: 508 أطفال في غزة يعانون من سوء تغذية حاد
  • “شعب لن ينكسر”.. قتلى و”نسف” بهجوم إسرائيلي لا يتوقف على غزة والأهالي يؤكدون: لا وقف للنار في القطاع
  • الشرع: سعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة في جنوب سوريا “يدخلنا في مكان خطر”