الموقف من المائدة المستديرة في مصر اول امتحان امام تقدم!
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
رشا عوض
رحبت بعض الاحزاب السياسية السودانية المنضوية في تحالف " تقدم" بالمبادرة المصرية الخاصة بتنظيم مؤتمر مائدة مستديرة للقوى المدنية السودانية في القاهرة تحت اشراف وزارة الخارجية المصرية نهاية يونيو الجاري.
على هذه الخلفية ارجو من هذه الاحزاب ومن تنسيقية " تقدم" ان تفكر بجدية في الحقائق الاتية:
اولا: لن ترضى عنكم مصر الرسمية حتى تتبعوا ملتها ! وهذه الملة هي الحكم العسكري وهو خيار مدمر للسودان، وكانت الحرب الكارثية الحالية هي نتيجته الحتمية! ولو توقفت الحرب على اساس حكم عسكري باي صيغة ، ستندلع الحرب مجددا وفي زمن قياسي.
ثانيا: اي اجتماع سياسي تنظمه الحكومة المصرية سوف تتحكم فيه بالكامل ابتداء من تحديد الشخصيات التي ستشارك مرورا باجندة الاجتماع وصولا الى مخرجاته، وهذا يتناقض مع جوهر فكرة المائدة المستديرة التي يتساوى اطرافها ويتحاورون بندية وبحرية دون وصاية او ترغيب او ترهيب ودون اي شكل من اشكال الهيمنة! يستحيل ان تسمح مصر للسودانيين بان يتحاوروا بحرية دون تدخلات مباشرة واملاءات مخابراتية مجهزة سلفا! ولن تتحرج مصر من ذلك ابدا لان ذهنية الوصاية على السودان مسيطرة عليها تماما، وضعف النخب المدنية والعسكرية السودانية المزمن امام الحكومات المصرية كرس هذه الوصائية المصرية وجعلها امرا طبيعيا جدا! لدرجة ان المخابرات المصرية في الماضي القريب ، بكل بساطة اصدرت اوامرها لشخصية بقامة الامام الصادق المهدي - رحمه الله وتقبله في جنة رضوانه- بان لا يسافر الى باريس للمشاركة في اجتماع قوى " اعلان باريس" عام ٢٠١٧! وكانت تتوقع ان الامام سيسمع الكلام لان هذا ما اعتادت عليه! وعندما خالف الامام اوامرهم عاقبوه بعدم السماح له بدخول مصر!! وهو رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا ويمثل اكبر حزب سياسي في السودان.
هذا هو اسلوب مصر في التعامل مع اكبر كبير في السياسة السودانية !! الاوامر الفوقية ثم العقاب حال عدم التنفيذ!!
الان الامور ازدادت سوءا! اذ ان دخول السياسي السوداني وخروجه من والى مصر يحتاج الى موافقة امنية! فهل يعقل ان تخرج توصيات المائدة المستديرة دون " موافقة امنية" !!
ثالثا: انسب مكان لانعقاد مائدة مستديرة حقيقية هو دولة ديمقراطية مثل جنوب افريقيا التي نحتاج لاستلهام تجربتها الرائدة في التحول الديمقراطي ، واتمنى ان تسعى تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية تقدم لانجاح فكرة المائدة المستديرة باختيار المكان الصحيح، وقبل ذلك الاستعداد بالاجندة الصحيحة والتسلح بالارادة الصلبة لتحقيق السلام وانجاح الانتقال التأسيسي الى دولة مدنية ديمقراطية.
نتمنى ان تثبت تقدم تقدميتها فعلا بتقديم دليل عملي على انها محصنة من المرض المستوطن في السياسة السودانية والذي استعصى على العلاج لعقود طويلة ممثلا في " الخوف من مصر والخضوع غير المشروط لاملاءاتها بل الارتجاف رعبا من مجرد توجيه انتقادات علنية للسياسة المصرية في السودان وزجر من يفعل ذلك من السودانيين الشجعان امثال الدكتور النور حمد " !! ان التعافي من هذا المرض يجب ان يكون اهم معيار في تقييم وطنية و ديمقراطية السياسي السوداني وكذلك في تقييم جدوى التحالفات السياسية للقوى المدنية.
سيكون امرا محبطا ومخيبا للامال لو رأى المواطنون السودانيون " تقدم" التي استبشروا بميلادها خيرا لا تختلف عن ما يسمى "الكتلة الديمقراطية" وغيرها من الدمى التي تتلاعب بها مصر!!
رابعا: من حق " القوى المدنية الديمقراطية السودانية" ان تسجل موقفا احتجاجيا ضد السياسة المصرية تجاه السودان منذ اندلاع الثورة وحتى الان! فمصر لم تسمح باذاعة خبر عن ثورة ديسمبر في اعلامها حتى يوم ٩ ابريل ٢٠١٩! وبعد سقوط البشير تدخلت تدخلات سافرة وموثقة في تخريب الفترة الانتقالية وفي تخطيط وتنفيذ ومساندة انقلاب البرهان وفي احتضان المطبخ الكيزاني الذي هندس الانقلاب والحرب ، وبعد ان اتت رياح الحرب بما لا تشتهي سفن التآمر العسكركيزاني على الثورة السودانية طرأ تغيير في الخطاب الرسمي المصري عن الحرب في السودان باتجاه تبني الحل السلمي التفاوضي ولكن لم يطرأ اي تغيير على الموقف المصري من القوى المدنية الديمقراطية، وظلت السياسة المصرية هي تصنيع الحواضن السياسية للعسكر وتقوية وكلاء الحكم العسكري وتمكينهم من الفضاء السياسي والاعلامي والاشتراك المباشر معهم في تسفيه القوى المدنية الديمقراطية وعلى رأسها " تقدم" والتقليل من شأنها والتآمر عليها اختراقا وتقسيما واضعافا ، فما هو المنطق في ان ترحب القوى الديمقراطية بعقد مائدة مستديرة تحت اشراف وزارة الخارجية المصرية؟
خامسا: واجب القوى السياسية المدنية ان تقدم سودان السلام والديمقراطية للجوار الاقليمي وفي مقدمته مصر كصديق متعاون في حفظ الامن والسلام وكشريك مخلص في بناء علاقات اقتصادية وتنموية منتجة تحقق المصالح المشتركة بين السودان والدول المجاورة له بما فيها مصر، ولكن لن يتحقق ذلك بعدالة تحفظ كرامة السودان والسودانيين الا بواسطة قوى سياسية تعرف متى تقول نعم ومتى تقول لا، وبناء العلاقات الايجابية بين الدول لا يتم بالمجاملات والسباق المحموم لإرضاء دولة لن ترضى بغير التبعية المذلة ، بل يكون بتقوية المنصات الوطنية والتسلح بالتحالفات الذكية داخليا واقليميا ودوليا والقدرة على التعامل من مواقع الشراكة لا من مواقع التبعية.
مصر ناصبت الانتقال المدني الديمقراطي في السودان العداء السافر واضرت بمصالح السودان الاستراتيجية ويجب ان تدفع مقابل ذلك ثمنا دبلوماسيا وبصورة معلنة . لا للمشاركة في اي مائدة مستديرة او مستطيلة في مصر هل هناك معضلة في تبني مثل هذا الموقف وهو اضعف الايمان؟!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوى المدنیة الدیمقراطیة المائدة المستدیرة مائدة مستدیرة فی السودان
إقرأ أيضاً:
ارتفاع أسعار الخراف السودانية في مصر يثير السخط
ارتفاع أسعار خراف الأضاحي السودانية في مصر أمر غير مبرر ويعبر عن جشع واستغلال للظروف الحالية- وفق ما يرى كثير من المواطنين.
القاهرة: التغيير
شهدت أسعار الخراف السودانية في مصر ارتفاعًا كبيرًا، مما أثار سخطاً واستياءً واسعًا بين المواطنين السودانيين المقيمين في مصر.
ووفقًا للأسعار الحالية، تتراوح أسعار الخراف السودانية بين 13 ألف إلى 17 ألف جنيه مصري، ما يعادل بين 700 ألف إلى 900 ألف جنيه سوداني.
تجار الأزماتووصف بعض السودانيين في مصر التجار بأنهم “مستغلون”، وعبروا عن استيائهم من استغلال التجار للظروف الحالية ورفع الأسعار بشكل مبالغ فيه.
وأشارت التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن أي سلعة سودانية في مصر تباع بأسعار أعلى بكثير من قيمتها الحقيقية.
ولجأ عشرات الآلاف من السودانيين إلى مصر منذ اندلاع حرب 15 ابريل 2023م بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتركز وجودهم بصورة كبيرة في أحياء العاصمة القاهرة، فضلاً عن انتشارهم في بقية المحافظات.
غلاء غير مبررعبر سودانيون بالقاهرة عن استيائهم من خلال تعليقاتهم، حيث قال أحدهم: “التاجر السوداني لا يبيع بمنطق السوق، بل يرفع الأسعار دون مبرر”.
وقال آخر: “الحرب انتهت، وكل شيء سيعود إلى طبيعته، ولكن الناس سيعودون أسوأ بسبب هذه الممارسات”.
فيما أضاف ثالث: “هذا هو حالهم في كل عيد، غلاء وجشع غير طبيعي”.
لكن عاملين في مجال بيع الخراف يردون بأن الأسعار واقعية وتتناسب مع ما يبذلونه من جهد في رعاية وتربية وتغذية وترحيل الخراف، وبالنظر إلى حالة الغلاء التي طالت كل المناحي بما فيها علف الحيوان.
اهتمام وإقبالوتعرض في شوارع وميادين مصر بتصاديق رسمية يتم استصدارها من الجهات المسؤولة، جميع أنواع الضأن السوداني البلدي، الحمري، الدباسي، الكباشي وغيرها.
وتنتشر في طرقات العاصمة المصرية القاهرة وبعض المحافظات الأخرى، أماكن كثيرة لبيع “الضأن السوداني” وسط إقبال متباين من المشترين، رغم ظروف الحرب في عيد الأضحى الحالي.
وتضج صفحات ومنصات السودانيين بالقاهرة في مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن مناطق بيع الخراف وأسعارها وأنواعها وجودتها.
ويفضل الكثير من السودانيين بطبيعة الحال خرافهم على الخراف الأخرى خاصة المصرية نسبة لجودة طعم الأولى وخلوها من الشحم، ولا يبالي بعض هؤلاء بالأسعار العالية للمنتج السوداني مقارنة بالمصري.
ويسأل بعض المصريين أيضاً عن أسعار الخراف السودانية حيث يعجبهم الشكل وجودة اللحم المعروفة، غير أن كثيرين لا يستطيعون شراءها بسبب سعرها المرتفع مقارنة بالخراف المصرية.
ويعزى الفرق في السعر بين الخروف المصري والسوداني إلى جودة لحم الأخير وخلوه من “الشحم”، كما أن الخراف السودانية نفسها تتفاوت حسب نوعها.