لماذا تكون هنالك حروب في السودان؟
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
إبراهيم سليمان
هذا العنوان (بتصرف)، عبارة عن تساؤل عريض طرحته إحدى شخوص رواية (ذهب مع الريح) للكاتبة الأمريكية مارغريت متشيل على أحد أصدقائها خلال الحرب الأهلية الأمريكية قائلة:
"آه، يا بتلر، لماذا تكون هنالك حروب؟ كان الأفضل للشماليين أن يدفعوا لنا ثمن الزنوج بدلاً من أن يحدث هذا"
فأجابها: "ليس هذا سبباً يا سكارلت.
في بلادنا، الرجال هم النخبة المركزية وتجار الحرب من جنرالات العسكر، وقادة الكفاح المسلح، أما بالنسبة للأعذار، يمكننا القول، لماذا لم تعيد الحكومات المركزية المتعاقبة، تقسيم الثروة والسلطة بين مكونات البلاد بصورة عادلة، بدلاً من شن الحرب على حركات الكفاح المسلح المطلبية؟
هناك ناشط سوشل ميديا لخص أسباب انهيار الدولة السودانية في محتوى مدته أقل من ثلاث دقائق، مضمناً وسائل إمكانية نهوضها مرة أخرى، حصر أسباب الانهيار في أربعة محاور، هي الجهل والفساد، الحروب الأهلية، العنصرية وسوء الإدارة.
نكاد نجزم، أن الأخيرة، هي الشاملة لكافة الشرور الأخرى، وتحديداً سوء إدارة التنوع في البلاد، فالإدارة الجيدة للتنوع الإثني والديني والتباين الثقافي الأيدلوجي، كفيلة بتبديد كافة مظاهر العنصرية، وإخماد نيران الحروب، والإدارة العامة الجيدة بالبلاد، قمينة بمحاصرة الجهل، تربوياً وتعليمياً وثقافيا.
الفشل في إدارة التنوع، بدافع الغطرسة، ووهم الانتماء، وتعمد تزيف هوية البلاد، من النخب المركزية، هو إرث تاريخي أثقل كاهل الدولة السودانية، وساهم في انهيارها وبدخولها في حرب شاملة، لا تبقى ولا تذر.
يرى أستاذ العلوم السياسية عوض أحمد سليمان "أن تلازم سمتي السيطرة والعجز التي تمثلت في سيطرة الوسط النيلي ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وعجزها عن استيعاب حاجات الأطراف الأخرى في الاقتصاد والسلطة والتنمية.
وأضاف، إن الحكومات السودانية عززت -بدون وعي- نموذج المركز القابض بدكتاتورية سياسية واقتصادية غير مبررة، مشيرا إلى أن العدالة ظلت النقطة المحورية في فشل إدارة التنوع، وإلى تخلي الدولة عن وظيفتها الأساسية في حماية التنوع ورعايته لتتحول إلى دولة تسعى للتربح وتحقيق الذات."
سوء الإدارة العامة لشؤون الدولة السودانية، أفرزت المحسوبية، والتمكين الجهوي والأيدلوجي، وغياب سيادة القانون، والتهرب الضريبي، والأموال المجنبة، وتهريب الصادر، وغيال ولاية وزارة المالية على المال العام.
ومما لا شك فيه أن حب الرجال "النخبة المركزية" للحروب، بدافع الكراهية، وحب الذات، مستفيدين من قلة الوعي بين المكونات، بحقائق التاريخ السياسي للبلاد، والسيطرة على الأجهزة الإعلامية، واحتكار منابر الاستنارة والتوعية.
يمكننا الخلاصة، أن فشل النخب المركزية، في إدارة التنوع في البلاد، عن عجز أو عن قصد، عزز خطاب الكراهية، وساهم في تفشي العنصرية البغيضة، وهو السبب المباشر في إشعال الحروب في كافة ربوع البلاد. ولإخمادها إلى الأبد، لابد من بناء دولة جديدة على أسس جديدة، تنطلق من إعادة النظر في الهوية العرقية والثقافية للبلاد، وتقسيم الثروة والسلطة بصورة فدرالية عادلة، ووضع أسس واضحة لإدارة التنوع بشكل تفصيلي.
قال الشاعر الجاهلي أوس بن حجر
إِذا الحَربُ حَلَّت ساحَةَ القَومِ أَخرَجَت
عُيوبَ رِجالٍ يُعجِبونَكَ في الأَمنِ
ebraheemsu@gamailc.om
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 153//
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: إدارة التنوع
إقرأ أيضاً:
دبلوماسي فرنسي سابق: الانقسامات الحزبية تعرقل تشكيل حكومة مستقرة في البلاد
أكد الدبلوماسي الفرنسي السابق باتريك باسكال، أن الأزمة السياسية التي تشهدها فرنسا في الوقت الراهن ما زالت تراوح مكانها.
وتابع “باسكال” خلال تصريحاته عبر فضائية “القاهرة الإخبارية”، اليوم الإثنين، أن المشهد الحزبي المعقد والانقسام الواضح بين التيارات السياسية جعل من الصعب تشكيل حكومة مستقرة.
وأضاف أن فرنسا، التي كانت تُعرف بالاستقرار منذ تأسيس الجمهورية على يد شارل ديجول، باتت تعاني اليوم من ارتباك سياسي وتشتت في موازين القوى داخل البرلمان.
وأوضح باسكال ، أن تخفيض فترة الرئاسة من 7 إلى 5 سنوات، إلى جانب تراكم الديون الداخلية والأزمات الاقتصادية والمالية، كان من بين الأسباب التي ساهمت في زيادة حدة التوتر داخل النظام السياسي الفرنسي.
وأشار، إلى أن هذه العوامل أضعفت فعالية الحكومات المتعاقبة، وجعلت مهمة رئيس الوزراء أكثر تعقيدًا في ظل برلمان منقسم بشدة.
وذكر، أن الدولة الفرنسية أصبحت منقسمة إلى 3 تيارات رئيسية يصعب التوفيق بينها، إذ يسعى كل حزب إلى تحقيق مصالحه الخاصة دون وجود أرضية مشتركة تجمعهم، مما أدى إلى فشل محاولات عديدة لتشكيل حكومة تحظى بأغلبية برلمانية مستقرة، مؤكدًا، أن هذا الانقسام لا يقتصر تأثيره على الداخل فقط، بل يمتد إلى تراجع الدور الفرنسي على الساحة الدولية.