لندن- يبدو أن إصرار عشرات الآلاف من البريطانيين على مواصلة التظاهر منذ نحو 9 أشهر تضامنا مع أهالي قطاع غزة تحوّل من مجرد حراك شعبي غاضب يثير حفيظة الطبقة السياسية البريطانية الداعمة لإسرائيل، ليصبح محددا سياسيا يتوقع أن يسهم في رسم ملامح المشهد السياسي البريطاني الذي ستفرزه الانتخابات البرلمانية في الرابع من يوليو/تموز المقبل.

فبعد أن أظهرت نتائج الانتخابات المحلية في أبريل/نيسان الماضي أن موقف المرشحين من الحرب على غزة شكّل أحد العوامل التي وجهت خيارات الناخبين، خصوصا في المناطق التي تقطنها الجاليات العربية والمسلمة، تحاول حملات دعم القضية الفلسطينية تأطير هذا التوجه واستثماره من أجل تعزيز حضور القضية على أجندة الطبقة السياسية البريطانية، التي تصر نخبتها التقليدية على مواصلة دعم إسرائيل وتبني نبرة مهادنة تتجنب إدانة الفظاعات التي ترتكبها.

الانحياز المكشوف تارة والمتواري تارة أخرى عمّق -على مدى شهور- الشروخ في صفوف حزب العمال، الذي استقال مع بدايات الحرب أزيد من 20 عضوا منه احتجاجا على مواقف قيادة الحزب الرافضة آنذاك للدعوة لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، في حين اختار عدد من وجوهه البارزة منها شخصيات عربية ومسلمة خوض غمار الانتخابات مستقلين، متخففين من عبء الموقف السياسي الباهت للحزب من الحرب الدائرة في القطاع.

انعكاس تدبير قيادة الحزب للموقف من الحرب في قطاع غزة بدا واضحا خلال الانتخابات المحلية قبل أسابيع التي لم يحقق فيها الحزب النتائج المتوقعة في عدد من المقاطعات التي كانت تعد خزانا انتخابيا تقليديا للعمال.

في المقابل، لا يبدو أن حزب المحافظين المرجح خسارته للانتخابات المقبلة، يلقي بالا لارتداد الموقف من الحرب على غزة على نتائجه الانتخابية، إذ يبدو رهان من هذا القبيل رهانا انتخابيا خاسرا، حيث يواصل زعيم الحزب ريشي سوناك ومرشحو الحزب خلال حملاتهم الانتخابية مغازلة خزانهم الانتخابي التقليدي الذي يضم بالأساس الناخبين المؤيدين للسياسات اليمينية الداعمة لإسرائيل.

بعد حملة استمرت لأشهر شركة أسلحة إسرائيلية ترضخ للضغط الشعبي وتغلق مصنعها في بريطانيا (الجزيرة) الصوت مقابل الموقف

أطلقت حملة التضامن مع فلسطين منصةً إلكترونية تتضمن جردا لمواقف مختلف المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة بشأن القضية الفلسطينية، سواء عبر رصد مواقفهم وتتبع تصريحاتهم حول حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة خلال الأشهر الماضية، أو عبر مراسلتهم بشكل مباشر والحصول على موقف سياسي واضح من دعم القضية الفلسطينية وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية.

ويمكن لرواد المنصة الإلكترونية الحصول على قاعدة البيانات المتوفرة عبر إدخال الرمز البريدي لمقر سكنهم، والتعرف على اتجاهات آراء المرشحين في دائرتهم الانتخابية بشأن القضية الفلسطينية.

وفي حديث للجزيرة نت، قال رئيس حملة التضامن مع فلسطين بِيين جمال، المنظم الأبرز لمسيرات التضامن الشعبية مع غزة في بريطانيا، إن هذه المبادرة تهدف للتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في الانتخابات البريطانية المرتقبة، والتي يعد الموقف منها ومن الإبادة الجماعية الجارية ضد أهالي غزة محددا أساسيا لدى شرائح واسعة من الناخبين لاختيار المرشح الذي سيصوتون لصالحه.

وأضاف جمال أن المسؤوليين عن المبادرة يتواصلون مع المرشحين على اختلاف ألوانهم السياسية وسؤالهم عن موقفهم من الحرب على غزة، ونشر الأجوبة التي حصلوا عليها، حيث يمكن للناخبين من خلال المنصة الإلكترونية الوصول إلى قاعدة بيانات موثوقة تسمح لهم باتخاذ قرار بناء على معلومات دقيقة توضح التوجه السياسي والأخلاقي لكل مرشح على حدة اتجاه ما يتعرض له الفلسطينيون في قطاع غزة.

الصوت العربي والمسلم

بدورهم، أطلق أكثر من 120 ناشطا سياسيا ومدنيا من مختلف مناطق بريطانيا حملة "الصوت العربي في الانتخابات" منذ فبراير/شباط الماضي لحث وتشجيع الجالية العربية على المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وتعمل الحملة -بحسب القائمين عليها بالتعاون مع حملة أخرى موازية تدعى "حملة الصوت المسلم"- على تزكية عدد من المرشحين المتعاطفين والمناصرين للقضية الفلسطينية للحشد والتصويت لصالحهم، حيث أعلنت الحملة عن دعمها حوالي 90 مرشحا بناء على مواقفهم من القضايا التي تهم الناخب العربي وتعبّر عن تطلعاته.

وفي حديث للجزيرة نت، يرى رئيس حملة الصوت العربي في الانتخابات البريطانية عدنان حميدان أن الحملة تهدف لإرسال رسالة واضحة لكل الطبقة السياسية البريطانية مفادها أن الجالية العربية لن تنسى من دعم قضاياها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ومن تلكأ في ذلك، وأن الناخب العربي سيستخدم حقه الديمقراطي وصوته الانتخابي لدعم السياسيين المناصرين لفلسطين ولمعاقبة من تخاذل عن التعبير عن موقف أخلاقي ولو بالامتناع عن التصويت.

وأشار حميدان، الناشط المدني الفلسطيني، إلى أن الجالية العربية بامتدادها الديمغرافي وثقلها السكاني في عدد من الدوائر الانتخابية قادرةٌ على التأثير والحسم في نتائج الانتخابات تلك هذه الدوائر التي يزيد عددها عن 100 من أصل 650 دائرة انتخابية في عموم بريطانيا.

ويضيف حميدان أن الحملة تهدف لإقناع الناخب العربي بأهمية الإدلاء بصوته القادر على دعم القضايا التي تهم هذه الجاليات وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والحرب على قطاع غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القضیة الفلسطینیة فی الانتخابات الحرب على قطاع غزة من الحرب عدد من

إقرأ أيضاً:

بريطانيا وإعلان الحرب على روسيا!

 

 

كيف نقرأ أو نستقرئ التصريح البريطاني عن استعدادها وجهوزيتها لمواجهة روسيا عسكرياً؟..
هذه المسألة وهذا التصريح تحديداً يمثل صلب وجوهر «التكتيك» الأمريكي العالمي، وبالتالي فإن الخلاف الأمريكي ـ الأوروبي برمته هو تكتيكي في توزع الأدوار ربطاً بالصراع مع روسيا والصين..
وكون هذا التصريح يأتي من بريطانيا فربما يراد أمريكياً دفع روسيا إلى حرب مع أوروبا وتصبح أمريكا التي استبقت لحجز دور الوسيط في المسألة الأوكرانية تكون حجزت دور الوسيط حتى في حالة الحرب التي تسعى لها بين روسيا وأوروبا..
هنا يبقى ويطرح السؤال حول ما إذا كان مثل هذا التصريح البريطاني يريد إشعال الحرب بين روسيا وأوروبا، أم أنه يراد به الضغط على روسيا لتقبل بحل في أوكرانيا كما تريده أو كما تراه أمريكا؟..
هذه الاحتمالات ترتبط بحقيقة أنه لا بريطانيا ولا حتى أوروبا مستعدة ولا قادرة على مواجهة روسيا عسكرياً، والأرجح أن أمريكا لا تريد حرباً عالمية أو لا تريد أن تكون طرفاً فيها في حال حدوثها، فماذا عن بريطانيا في حال حدوث حرب كهذه بدون شراكة أمريكية..
هل بريطانيا التي سارت لشراكة في الاتحاد الأوروبي ثم خرجت منه أو انسحبت قادرة على دفع الاتحاد الأوروبي إلى حرب مع روسيا ثم تسحب نفسها أو تنسحب منها وتلتحق بأمريكا في عدم المشاركة في هذه الحرب؟..
مجرد أن هذا التصريح البريطاني جاء مفاجئاً وخارج كل التوقعات فذلك يفتح المجال لكل الاحتمالات ولكل التوقعات..
النقطة التي يجمع عليها أكثر المحللين المحترفين، هي أن دخول بريطانيا الاتحاد الأوروبي ثم خروجها وانسحابها منه وكذلك هذا التصريح البريطاني المفاجئ هي من المواقف المرتبطة بالسياسات والتكتيكات والأهداف والألعاب الأمريكية، وهناك إقرار وقراءة عالمية تجمع على ذلك، والمستغرب وهو أن تشارك بريطانيا في حرب محتملة بدون مشاركة أمريكية فيما يبدو صعباً على بريطانيا أن تنسحب من حرب هي من أشعلتها كما الانسحاب من الاتحاد الأوروبي..
هذا التصريح الذي تزامن مع أخطر هجمة أوكرانية بالمسيرات وصلت إلى مطارات بل وقاذفات روسية يبدو أن هدفه حتى الآن هو الضغط على روسيا لتقبل بحل أمريكي وليس لفرض الشروط الأوروبية..
بمناسبة هذا التصريح البريطاني «المجلجل» يعنينا استرجاع تصريح الرئيس الأمريكي ترامب في قوله «أقول لبوتين لا تلعب بالنار»..
وكأن هذا التصريح الأمريكي يتلاقى مع التصريح البريطاني في الضغط على روسيا لتذعن لحل أمريكي، ولاحظوا أن التصريح البريطاني تحدث عن استعداد بريطانيا فقط لمواجهة روسيا عسكرياً ولم يتحدث لا عن أوروبا ولا عن الاتحاد الأوروبي وفي ظل وضع ارتباط بريطانيا بأمريكا أكثر منه بأوروبا أو الاتحاد الأوروبي، فهل دور الوسيط أمريكياً ودور التهديد البريطاني بالحرب مجرد توزع أدوار بين الطرفين وخارج أوروبا والاتحاد الأوروبي؟..
هل هدف التصريح البريطاني إزاحة أوروبا من دور ظلت ولازالت تطالب به، أم هدفه جرّ أوروبا والاتحاد الأوروبي إلى حرب لا يُعرف مدها ولا مداها ولا أبعادها ونتائجها وتداعياتها؟..
إلى أي حد أثرت أو تؤثر هجمة المسيرات على روسيا؟..
ذهاب روسيا إلى مفاوضات إسطنبول بعد مهاجمتها بالمسيرات لا يعني أنها لن ترد، ولكن روسيا تحتاج لدراسة مختلف المواقف بما فيها تصريحات أمريكا وبريطانيا..
كون هذه العملية استراتيجية أو مخطط لها فالرد لا بد أن يبنى عليها ويواجه منظورها ومناظيرها..
لي سؤال عارض وغريب لن أحصل على إجابة له وهو: ماذا سيقول ترامب لصديقه بوتين في أول اتصال أو تواصل بينهما بعد هجوم المسيرات، وهل سيقول له مثلاً هذه أوروبا التي تسعى لإطالة الحرب.. وكيف سيتحدث عن الاستثناء البريطاني في التصريحات؟..
هل سيقول له إن هدف التصريح البريطاني مجرد سحب الدور على أوروبا في ظل الفرحة بنجاح هجوم المسيرات على روسيا؟!!.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يستعرض مع غوتيريش تحضيرات مؤتمر تسوية القضية الفلسطينية
  • وزير الخارجية يبحث مع الأمين العام للأمم المتحدة التحضيرات لمؤتمر تسوية القضية الفلسطينية
  • وزير الخارجية يستعرض تحضيرات مؤتمر تسوية القضية الفلسطينية مع أمين عام الأمم المتحدة
  • ضمن مبادرات الناتو.. بريطانيا والسويد تضخان مئات الملايين الدولارات لدعم أوكرانيا
  • الرئيس السيسي: نؤكد رفض مصر محاولات تصفية القضية الفلسطينية أو التهجير.. وكامل الوزير: سعر تذكرة المونوريل أقل 50% من البنزين المستخدم في السيارة الشخصية| أخبار التوك شو
  • خلال زيارته لمصر.. وفد برلماني هندي رفيع يؤكد على دعم القضية الفلسطينية
  • بريطانيا وإعلان الحرب على روسيا!
  • مليارات تشيلسي تُشعل النزاع: بريطانيا تلوّح بالقضاء لمحاسبة رومان أبراموفيتش
  • الرئيس السيسي: نؤكد رفض مصر محاولات تصفية القضية الفلسطينية أو التهجير
  • المشير خليفة حفتر يستقبل “تيتيه” ويجدد دعمه لكل مبادرات حل الأزمة السياسية وإجراء الانتخابات